صلاح بدرالدين
لا يختلف اثنان حول الطبيعة الأمنية البوليسية للأنظمة الشمولية الاستبدادية الشرقية الحاكمة تحت البند الأحادي (فردا وعائلة وحزبا وطائفة وقوما ودينا) وقد يشكل نظاما حزب البعث في العراق سابقا وسوريا حتى الآن نموذجا شديد الوضوح يدرج في اطار سلطة منبثقة ومدارة من منظومة أمنية متكاملة انبثقت من عوامل موضوعية تعود الى طبيعة البنية الأساسية الفكرية والثقافية المتأثرة في جانب كبير منها بتجارب الأحزاب النازية والفاشية في أوروبا وتنظيماتها شبه العسكرية وشعاراتها الشوفينية المتطرفة ونظرتها الدونية تجاه الآخر القومي أو الديني وقيامها في أجواء الحذر والدعوات السرية ضمن الحلقات النخبوية المختارة لاعلاء شأن آيديولوجيا الأمة المتفوقة السائدة حسب رغباتها
ويبدو للمتتبع لتاريخ نشوء عدد من الأحزاب الشمولية في منطقتنا من قومية واسلامية واجتماعية ومن ضمنها حزب البعث يلحظ اقتران بناء المنظمات الحزبية بانشاء خلايا ومجموعات خاصة ذات طابع سري باسم “أمن الحزب أو أمن القائد والقيادة” أو لاستخدامها في إرهاب العدو والخصم بما في ذلك الاغتيال السياسي وماان تسلط على مقاليد الحكم عبر الانقلابات العسكرية المدعومة من الخارج والمداخل غير المشروعة مستخدما العنف المفرط الى حد ابادة الخصم المخالف كان مهيئا بالفطرة لبناء دولته الأمنية حسب مقاسه معتمدا أساسا أولوية انشاء أجهزة أمنية متعددة الوظائف في اطار صيانة نظامه والسهر على سلامته واستندت عقيدته العسكرية – الأمنية على مبدأ التعامل مع الداخل وليس الخارج ومواجهة أي تحرك شعبي معارض بالدرجة الأولى ومن ثم ادارة الصراع الخارجي عبر المعارك الاعلامية والمزايدات اللفظية مع اسرائل خدمة لحاجاته الداخلية وتحولت القضية الفلسطينية بكل عدالتها ومشروعيتها الى أداة للمتاجرة وأصبحت – المعركة المصيرية مع العدو الصهيوني – والعمل على توفير – التوازن الاستراتيجي مع العدو – وشعار لاصوت يعلو على صوت المعركة ذريعة لتضييق الخناق على الداخل وانتهاك الحريات وتطبيق الأحكام العرفية وقانون الطوارىء وممارسة القمع والاضطهاد ضد معارضيه .
المنظومة الأمنية الحاكمة في دمشق المكونة من شبكة مترابطة متداخلة متكاملة من أكثر من اثني عشر أجهزة امنية متعددة الوظائف والمهام والمجهزة بأحدث أنواع التكنولوجيا المعلوماتية ومراكز المراقبة (واشنطن تعلن قبل أيام أنها تحقق في استغلال الأسد لتكنولوجيا أميركية لمراقبة المعارضين) والمتمتعة بميزانيات خيالية وصلاحيات واسعة يمسك بخيوطها رأس النظام بصورة محكمة عبر العائلة ومؤسسة القصر الجمهوري هي – المنظومة – التي تستأثر بادارة السياسة الداخلية منذ مجيء حزب البعث وخاصة من عهد الأسد الأب وحتى الآن من الاقتصاد الى الادارة المحلية الى شؤون الأحزاب الى الأسعار والنقابات الى التعليم والتربية وحتى التموين وتسجيل أسماء الولادات واصدار وثائق السفر وكافة مناحي الحياة ومنذ الثمانينات شملت الهيمنة الأمنية وزارة الخارجية والعلاقات الخارجية بصورة عامة بما في ذلك الاتصالات مع ممثلي قوى المعارضة المتواجدة بسوريا من عراقيين ولبنانيين وفلسطينيين وأردنيين وتوانسة ومغاربة وخليجيين وأكراد وأتراك وتحولت بحسب منطق المنظومة الحاكمة قضايا تلك المعارضات الوطنية والديموقراطية وحتى الانسانية عبارة عن مسألة أمنية ليس الا يمكن لعنصر مخابرات أن يستجوب أعرق وأشجع مناضل وطني ويهينه ويطرده بلمح البصر أو يفرض عليه شروطا مذلة أو يسحب جواز سفره وينهي اقامته ويملي عليه مواقف في السياسة وهو جاهل شبه أمي .
بموازاة الحلول الأمنية الدموية التي تطبقها السلطة عمليا ضد الشعب عامة وحيال الانتفاضة الثورية السلمية خصوصا منذ سبعة أشهر يصاحبها خطاب دبلوماسي علني مغاير تماما لما يتم على أرض الواقع فانها تتعامل مع حلفائها – الممانعين – مثل ايران وحزب الله وحركة حماس – وبحسب تنسيق واتفاق مسبقين بنفس الطريقة المزدوجة قاعدتها الأساسية التواصل الأمني السري والتعاون ضمن خطط مرسومة مدروسة ليست للاعلان من ضمنها جوانب تسليحية ومالية ومعلوماتية وبشرية قتالية واعلامية سياسية وليس من الضروري وقد لايكون من المفيد لكل الأطراف أن يكون الخطاب السياسي لهؤلاء – الحلفاء – مشابها للخطاب السوري الرسمي بل يترك المجال لهامش واسع من التضليل الاعلامي وطرح المواقف الاشكالية التي يمكن تفسيرها بصور شتى على غرار ما يصدر من قادة حزب الله من تصريحات تدعو الى المصالحة وحقن الدماء أو ماصدر عن رئيس حماس حول وقوف حركته على الحياد وما صدر من الرئيس الايراني مؤخرا من تصريحات تدعو الى ” ادانة عمليات القتل والمجازر في سوريا سواء كان القتلى من قوات الأمن أو من الشعب والمعارضة والدعوة الى جلوس كافة الأطراف معا للتوصل الى تفاهم ..” وبذلك تحل الطريقة الأمنية بكل شبهاتها والتواءاتها وغموضها أسلوبا ونهجا ليس في ادارة الداخل بل في التعامل بين أنظمة الدول الشمولية ومجموعات الطائفية السياسية بدلا من القنوات الدبلوماسية الشرعية الشفافة والعلاقات المبنية من خلال المؤسسات المدنية المشتركة ولهذا فان أنظمة طهران ودمشق وصنعاء وقبلهما بغداد صدام وتونس بن علي وطرابلس القذافي فقدت الصدقية أمام العالم والرأي العام والهيئات الدولية ناهيك عن شعوبها ويمكن القول هنا أن انتفاضات – الربيع العربي – تستهدف أساسا المنظومات الأمنية الشمولية الوراثية االمتسلطة وهي تحالف (العائلة – الحزب الحاكم – المال – الأمن) من أجل انتزاع الحرية والكرامة ووقف كافة أشكال الاضطهاد والاستغلال وتحسين الحياة المعيشية للمقهورين وتوزيع الثروة بالعدل واعادة بناء دولة القانون التعددية الديموقراطية الحديثة.
أما بشأن الأحزاب والجماعات السياسية السورية التقليدية داخل البلاد وخارجها فلاشك أن مدة أربعين عاما كانت كفيلة لاستمالة العديد (ولاأقول كل) من قياداتها وشخصيات ” معارضة ” أخرى بواسطة العصا والجزرة نحو الحضن السلطوي مما خلفت النتيجة المخيبة في تردد تلك الأحزاب في الانخراط بانتفاضة الشباب بل الوقوف بالضد منها أغلب الأحيان والانحياز الى مشروع النظام ولو مواربة عبر القنوات الأمنية أو التواصل غير المعلن مع معاوني ومبعوثي رأس النظام ثم اعلان مواقف غامضة تجد في ثنايا تعبيراتها تلاعبا بالألفاظ والهدف منها تضليل الشعب وشباب الانتفاضة ومن حيث الجوهر تستبعد تلك المواقف اللامواقف أي اقتراب من شعار اسقاط النظام وتتمسك بالتغيير والاصلاح برعاية رأس النظام أي تبني نفس مشروعه الذي تنادي به ايران وروسيا والقسم الأكبر من الأنظمة العربية وكذلك تركيا وقطر وما نريد التأكيد عليه هنا هو خضوع العديد من قيادات الأحزاب والمنظمات السورية التقليدية في الداخل والخارج والموزعين في (مجالس وهيئات وإعلانات ومؤتمرات) لأساليب وإدارة وعقلية المنظومة الأمنية الحاكمة وهو أمر في غاية الخطورة .
أطراف كردية بالداخل والخارج ليست بمنأى عن الحالة الازدواجية المظلمة هذه وتسري عليها المعادلة ذاتها تراها تتفق مع السلطات الحاكمة ليلا حول الخطط والمشاريع وتبيع المواقف – المزايدة – حتى على شباب الانتفاضة نهارا وهناك حقيقتان ساطعتان في هذا السياق الأولى : أن الأطراف تلك لها ماض مثير للجدل في التعامل مع النظام بحسب شروطه منذ عقود وبالتالي تعودت على التفاعل مع طريقة ومتطلبات وأساليب المنظومة الأمنية التي خبرتها وحفظتها عن ظاهر قلب والثانية : أن تبدلا طرأ على شكل التعامل بسبب ضعف النظام واشتداد ضغط الانتفاضة الثورية والرأي العام العالمي وكذلك في سبيل الحفاظ على ماء وجه الأطراف بترك هامش لاباحة الكلام النقدي من قبيل رفض الحل الأمني وادانة القتل والمطالبة بالتغيير والاصلاح وحقوق الشعب الكردي في حين أن ماهو مطلوب قوميا ووطنيا وانسانيا لايخفى على أحد وهو الانضمام الى الانتفاضة وتعزيز صفوفها لتتمكن من اسقاط النظام الشمولي القاتل وادانة مجازره اليومية والتمسك باعادة بناء الدولة التعددية بدستور جديد يضمن حق الكرد بتقرير مصيرهم القومي والاداري في اطار سوريا الجديدة بعد استفتائهم بحرية .
المنظومة الأمنية الحاكمة في دمشق المكونة من شبكة مترابطة متداخلة متكاملة من أكثر من اثني عشر أجهزة امنية متعددة الوظائف والمهام والمجهزة بأحدث أنواع التكنولوجيا المعلوماتية ومراكز المراقبة (واشنطن تعلن قبل أيام أنها تحقق في استغلال الأسد لتكنولوجيا أميركية لمراقبة المعارضين) والمتمتعة بميزانيات خيالية وصلاحيات واسعة يمسك بخيوطها رأس النظام بصورة محكمة عبر العائلة ومؤسسة القصر الجمهوري هي – المنظومة – التي تستأثر بادارة السياسة الداخلية منذ مجيء حزب البعث وخاصة من عهد الأسد الأب وحتى الآن من الاقتصاد الى الادارة المحلية الى شؤون الأحزاب الى الأسعار والنقابات الى التعليم والتربية وحتى التموين وتسجيل أسماء الولادات واصدار وثائق السفر وكافة مناحي الحياة ومنذ الثمانينات شملت الهيمنة الأمنية وزارة الخارجية والعلاقات الخارجية بصورة عامة بما في ذلك الاتصالات مع ممثلي قوى المعارضة المتواجدة بسوريا من عراقيين ولبنانيين وفلسطينيين وأردنيين وتوانسة ومغاربة وخليجيين وأكراد وأتراك وتحولت بحسب منطق المنظومة الحاكمة قضايا تلك المعارضات الوطنية والديموقراطية وحتى الانسانية عبارة عن مسألة أمنية ليس الا يمكن لعنصر مخابرات أن يستجوب أعرق وأشجع مناضل وطني ويهينه ويطرده بلمح البصر أو يفرض عليه شروطا مذلة أو يسحب جواز سفره وينهي اقامته ويملي عليه مواقف في السياسة وهو جاهل شبه أمي .
بموازاة الحلول الأمنية الدموية التي تطبقها السلطة عمليا ضد الشعب عامة وحيال الانتفاضة الثورية السلمية خصوصا منذ سبعة أشهر يصاحبها خطاب دبلوماسي علني مغاير تماما لما يتم على أرض الواقع فانها تتعامل مع حلفائها – الممانعين – مثل ايران وحزب الله وحركة حماس – وبحسب تنسيق واتفاق مسبقين بنفس الطريقة المزدوجة قاعدتها الأساسية التواصل الأمني السري والتعاون ضمن خطط مرسومة مدروسة ليست للاعلان من ضمنها جوانب تسليحية ومالية ومعلوماتية وبشرية قتالية واعلامية سياسية وليس من الضروري وقد لايكون من المفيد لكل الأطراف أن يكون الخطاب السياسي لهؤلاء – الحلفاء – مشابها للخطاب السوري الرسمي بل يترك المجال لهامش واسع من التضليل الاعلامي وطرح المواقف الاشكالية التي يمكن تفسيرها بصور شتى على غرار ما يصدر من قادة حزب الله من تصريحات تدعو الى المصالحة وحقن الدماء أو ماصدر عن رئيس حماس حول وقوف حركته على الحياد وما صدر من الرئيس الايراني مؤخرا من تصريحات تدعو الى ” ادانة عمليات القتل والمجازر في سوريا سواء كان القتلى من قوات الأمن أو من الشعب والمعارضة والدعوة الى جلوس كافة الأطراف معا للتوصل الى تفاهم ..” وبذلك تحل الطريقة الأمنية بكل شبهاتها والتواءاتها وغموضها أسلوبا ونهجا ليس في ادارة الداخل بل في التعامل بين أنظمة الدول الشمولية ومجموعات الطائفية السياسية بدلا من القنوات الدبلوماسية الشرعية الشفافة والعلاقات المبنية من خلال المؤسسات المدنية المشتركة ولهذا فان أنظمة طهران ودمشق وصنعاء وقبلهما بغداد صدام وتونس بن علي وطرابلس القذافي فقدت الصدقية أمام العالم والرأي العام والهيئات الدولية ناهيك عن شعوبها ويمكن القول هنا أن انتفاضات – الربيع العربي – تستهدف أساسا المنظومات الأمنية الشمولية الوراثية االمتسلطة وهي تحالف (العائلة – الحزب الحاكم – المال – الأمن) من أجل انتزاع الحرية والكرامة ووقف كافة أشكال الاضطهاد والاستغلال وتحسين الحياة المعيشية للمقهورين وتوزيع الثروة بالعدل واعادة بناء دولة القانون التعددية الديموقراطية الحديثة.
أما بشأن الأحزاب والجماعات السياسية السورية التقليدية داخل البلاد وخارجها فلاشك أن مدة أربعين عاما كانت كفيلة لاستمالة العديد (ولاأقول كل) من قياداتها وشخصيات ” معارضة ” أخرى بواسطة العصا والجزرة نحو الحضن السلطوي مما خلفت النتيجة المخيبة في تردد تلك الأحزاب في الانخراط بانتفاضة الشباب بل الوقوف بالضد منها أغلب الأحيان والانحياز الى مشروع النظام ولو مواربة عبر القنوات الأمنية أو التواصل غير المعلن مع معاوني ومبعوثي رأس النظام ثم اعلان مواقف غامضة تجد في ثنايا تعبيراتها تلاعبا بالألفاظ والهدف منها تضليل الشعب وشباب الانتفاضة ومن حيث الجوهر تستبعد تلك المواقف اللامواقف أي اقتراب من شعار اسقاط النظام وتتمسك بالتغيير والاصلاح برعاية رأس النظام أي تبني نفس مشروعه الذي تنادي به ايران وروسيا والقسم الأكبر من الأنظمة العربية وكذلك تركيا وقطر وما نريد التأكيد عليه هنا هو خضوع العديد من قيادات الأحزاب والمنظمات السورية التقليدية في الداخل والخارج والموزعين في (مجالس وهيئات وإعلانات ومؤتمرات) لأساليب وإدارة وعقلية المنظومة الأمنية الحاكمة وهو أمر في غاية الخطورة .
أطراف كردية بالداخل والخارج ليست بمنأى عن الحالة الازدواجية المظلمة هذه وتسري عليها المعادلة ذاتها تراها تتفق مع السلطات الحاكمة ليلا حول الخطط والمشاريع وتبيع المواقف – المزايدة – حتى على شباب الانتفاضة نهارا وهناك حقيقتان ساطعتان في هذا السياق الأولى : أن الأطراف تلك لها ماض مثير للجدل في التعامل مع النظام بحسب شروطه منذ عقود وبالتالي تعودت على التفاعل مع طريقة ومتطلبات وأساليب المنظومة الأمنية التي خبرتها وحفظتها عن ظاهر قلب والثانية : أن تبدلا طرأ على شكل التعامل بسبب ضعف النظام واشتداد ضغط الانتفاضة الثورية والرأي العام العالمي وكذلك في سبيل الحفاظ على ماء وجه الأطراف بترك هامش لاباحة الكلام النقدي من قبيل رفض الحل الأمني وادانة القتل والمطالبة بالتغيير والاصلاح وحقوق الشعب الكردي في حين أن ماهو مطلوب قوميا ووطنيا وانسانيا لايخفى على أحد وهو الانضمام الى الانتفاضة وتعزيز صفوفها لتتمكن من اسقاط النظام الشمولي القاتل وادانة مجازره اليومية والتمسك باعادة بناء الدولة التعددية بدستور جديد يضمن حق الكرد بتقرير مصيرهم القومي والاداري في اطار سوريا الجديدة بعد استفتائهم بحرية .