توحيد صفوف المعارضة الكردية في سوريا

ياسر حسين

منذ بدء الاحتجاجات المطالبة برحيل نظام الرئيس السوري بشار الأسد في منتصف آذار/مارس الماضي تعالت الأصوات بين صفوف الرأي العام الكردي والمثقفين والمتابعين بضرورة توحيد صفوف الحركة الكردية في سوريا سواء ما يتعلق منها بالحزبية أو الشبابية وغيرهما نظرا للحاجة الملحة إلى تلك الخطوة في هذه المرحلة الحساسة والدقيقة من تاريخ سوريا.

ولا يخفى على أحد أن الكرد في سوريا وقع عليهم ظلم مزدوج منذ أن وصل حزب البعث إلى سدة الحكم في البلاد قبل نحو نصف قرن.
وكان الكردي عرضة مثله مثل المواطن العرب وغيرهما إلى قمع رأيه المعارض والزج به في السجون والتنكيل به لمجرد عدم مباركته لسياسات النظام الحاكم وفضلا عن تلك الممارسات وغيرها كان الكرد عرضة إلى التنكيل بهم لمجرد أنهم من أبناء قومية مغايرة للعربية وتمت مصادرة جميع حقوقهم القومية وتجريد عشرات الآلاف منهم من الجنسية السورية بموجب إحصاء استثنائي أجري في 24 ساعة في ستينيات القرن الماضي ليبدأ بعدها البعث بتعريب مناطق الكرد عبر مصادرة الأراضي الزراعية وتوزيعها على مواطنين عرب تم استقدامهم من محافظات أخرى وتغيير أسماء القرى والمدن وما إلى ذلك من سياسيات عنصرية.

وعملت السلطات الحاكمة في دمشق على تضييق الخناق على حركات المعارضة ومن ضمنها الحركة الكردية التي تأسس أولى أحزابها في خمسينيات القرن الماضي، لكن تلك الممارسات ساهمت بدرجة كبيرة في وقوع انقسام داخل صفوف الحزب الكردي، إلى أن وصل عدد الأحزاب الكردية في سوريا حاليا إلى أكثر من 14 حزبا وتجمعا سياسيا.

ولاشك أن المرحلة الحالية تختلف عما كان سائدا في سوريا قبل آذار الماضي وبدء مرحلة جديدة في الشرق الأوسط تحاكي تطلعات المواطنين للتخلص من أنظمة استبدادية لايزال البعض منها جاثم على صدور العباد على مدى عقود، وعليه فإن الأحزاب والتجمعات السياسية والشبابية الكردية يجب أن يرقى عملها إلى مصاف دقة المرحلة عبر توحيد صفوفها كي تكون قادرة على اتخاذ أية خطوة ربما تكون مصيرية بالنسبة للكرد في سوريا.

والمجلس الوطني الكردي الذي انبثق قبل أيام عن المؤتمر الوطني الكردي الذي انعقد في نهاية الأسبوع الماضي خطوة نوعية في الاتجاه الصحيح يجب ان يعمل الجميع على دعم المجلس والاصطفاف خلفه كإطار يجمع الكرد خلال هذه المرحلة الحساسة ولاسيما وأن المجلس انتخب مكتبا تنفيذيا يتألف من 45 شخصا من قادة الأحزاب ومستقلين.

لا يمكن لأي حزب أو تجمع سياسي في سوريا أن يعطي لنفسه الشرعي بأنه يمثل الرأي العام الكردي لأنه ببساطة شديدة لا توجد هناك إحصائيات وأرقام تبين حجم كل منها على الساحة الشعبية لكن ذلك لا يخفي وجود شخصيات سياسية بارزة من الأحزاب والمستقلين عملوا على مدى سنوات طويلة في ظل نظام يتسم بأنه يحكم البلاد والعباد بيد من حديد.

المرحلة الراهنة تحتاج إلى التخلص من الانتهازية والمصالح الشخصية والخلافات الشخصية المتراكمة على مدى سنوات والركون إلى المصلحة العامة من أجل عدم فسح المجال لأي كان للالتفاف على الحقوق المشروعة للشعب الكردي في سوريا والعمل على إزالة السياسات العنصرية السابقة المطبقة بحقه.

ويجب ان تعمل الأطراف المشكلة للمجلس الوطني الكردي إلى احتضان الأطراف الأخرى ليكون جامعا لمجمل القوى على الساحة وإعطاء دور حقيقي للشباب الذي ينشط بفعالية في الشارع عبر تنظيم احتجاجات مناهضة لنظام الحكم في سوريا.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد ابراهيم منذ أربعة عشر عامًا، كان الأطفال السوريون يعيشون في مدارسهم، في بيوتهم، في أحلامهم. كان الحلم بالغد أقرب إليهم من أي شيء آخر. وكانوا يطمحون لمستقبل قد يحمل لهم الأمل في بناء وطنهم، سوريا، بكل ما تعنيه هذه الكلمة من عزةٍ وكرامة. كان العلم هو السلاح الوحيد الذي يمكن أن يغير مجرى الحياة. لكن بعد ذلك، غيّرت الحرب…

اكرم حسين لطالما كان الكرد في قلب الجغرافيا الشرق أوسطية أحد أكثر الشعوب تعرضاً للتهميش والاضطهاد القومي، بالرغم من كونهم يشكلون ثاني أكبر قومية في المنطقة بعد العرب، ويملكون تاريخاً عريقاً وثقافة غنية ومطالب سياسية مشروعة في الاعتراف بهويتهم القومية وحقوقهم في الحكم الذاتي أو المشاركة العادلة في السلطة. في تركيا وإيران وسوريا والعراق، تكررت السياسات ذاتها: إنكار…

دلدار بدرخان لم يعد اليوم بالأمر الصعب أن تكشف افتراءات وأضاليل الجهات التي تحاول تزوير التاريخ وتشويه الحقائق كما كان في السابق، فما هي إلا كبسة زر لتحصل على كامل المعلومات حول أي موضوع أو مادة ترغب بمعرفته، ولم يعد الأمر يحتاج إلى مراجع وكتب ضخمة غالبيتها مشبوهة ومغلوطة، بل يكفي الاتصال بالإنترنت، ووجود هاتف بسيط في متناول اليد، وبرنامج…

بوتان زيباري في قلب النقاشات، كانت الأصوات تتعالى لتؤكد أن هذه الأرض، التي يسميها البعض “كوردستان سوريا” أو “غرب كردستان”، ليست ملكًا حصريًا لقومية واحدة، وإن كان للكورد فيها حق الدم والعرق والتاريخ. بل يجب أن يُبنى الإقليم المرتجى بروحٍ تعترف بجميع مكوناته من عرب وآشوريين وسريان وغيرهم، كي لا يقع البناء الجديد فريسة لمرض القوميات الذي مزق سوريا…