قولوا لنا الحقيقة..

طارق الحميد

كتبت من قبل مطالبا الجامعة العربية ببث اجتماعاتها الخاصة بسوريا، سواء كانت سرية أو خلافه، تلفزيونيا، وعلى الهواء مباشرة؛ فيجب أن يعرف العرب مواقف كل دولة عربية..

نريد أن نعرف من يؤيد آلة القتل الأسدية، ومن يقف ضدها.

الخميس الماضي التأم مجلس الجامعة الوزاري، وقيل فيه ما قيل تجاه سوريا، ومشكلتنا كإعلام أن البعض يسر لنا بما تم داخل أروقة الاجتماع ثم يحلفنا بأغلظ الأيمان بأن لا نفصح عما دار داخل الجامعة، وهذا خطأ وقصور، فالقضية ليست قضية تسجيل نقاط، دولة مقابل أخرى، أو وزير مقابل وزير، بل إننا أمام مستقبل المنطقة ككل.

فلماذا لا تبث لقاءات الجامعة على الهواء، لتتضح للمشاهد العربي مواقف كل دولة عربية، وعلى الملأ؟
حينها سيعرف الرأي العام العربي من الذي يقف بصف الطغاة في سوريا، ومن يقف ضدهم، فعندما يقول العراق، مثلا، إنه يسعى إلى الحل العربي، فلماذا لا يبث ذلك على الهواء ليطرح المواطن العربي سؤالا مشروعا، وهو: هل لو مارست الجامعة الحل العربي مع صدام حسين كنا سنرى هذا النظام العراقي والوجوه التي تمثله بالجامعة؟
ولو كانت جلسات الجامعة على الهواء لكان من الممكن للمواطن العربي أن يطرح تساؤلا بسيطا أيضا على الوفد الجزائري، ومفاده: ما قصتكم حينما وقفتم مع معمر القذافي، والآن تقفون مع الأسد وآلة القتل الوحشية بسوريا؟ ولو كانت جلسات جامعتنا على الهواء لسمع المواطنون العرب ما قاله سعود الفيصل وحمد بن جاسم ونبيل العربي، مقابل ما قالته الجزائر ولبنان، ليعرف الرأي العام العربي من يقف مع آلة القتل بسوريا، ومن الذي يقف مع الشعب السوري.

القضية ليست قضية عاطفة كما يعتقد البعض، بل إننا أمام أكثر من 4 آلاف قتيل سوري على يد النظام الأسدي، فكيف، مثلا، يلوم العراقيون، والأكراد تحديدا، العرب لأنهم لم يتدخلوا يوم ارتكب صدام مجزرة حلبجة، ويرضون اليوم بموقف وزير خارجيتهم؟ وكيف يمكن أن تشعر الجزائر بمعاناة السوريين؟ فهل المطلوب أن تصبح سوريا بلد المليون شهيد حتى يفيق بوتفليقة، الذي تقول بعض وسائل إعلامه إنه هاتف الأسد وطالبه بعدم التعنت أمام قرارات الجامعة..

فليت بوتفليقة طالب وزيره بعدم التعنت والسجال، من باب أولى!

وعليه فإن المطلوب من العرب اليوم هو أن يخرجوا لنا بلا رتوش، وأن يبثوا مناقشاتهم على الهواء، فقد مللنا من التجمل والتكاذب، فعلى كل دولة أن تتحمل مسؤوليتها، وذلك أنجع مما فعله الشيخ حمد بن جاسم والسيد نبيل العربي، حينما قررا عدم عقد المؤتمر الصحافي، فلماذا يتحمل بن جاسم والعربي تبعات من تصدوا لهم بالاجتماع، أي الجزائر ولبنان والعراق، ناهيك عن الاتصال الهاتفي بوليد المعلم، الذي تصدى له العربي، فلو كان اللقاء الوزاري على الهواء لعرفنا من يقف مع آلة القتل الأسدية، ومن يقف ضدها، وذلك أسلم وأفضل.

tariq@asharqalawsat.com

الشرق الأوسط

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

نظام مير محمدي * حوالي ظهر يوم السبت الموافق 26 أبريل (نيسان)، وقع انفجار هائل في ميناء رجائي بمدينة بندر عباس في محافظة هرمزغان، والذي يُعد أحد أهم وأكثر المراكز التجارية حساسية في إيران، مخلفًا أبعادًا واسعة من الخسائر البشرية والمادية. وبينما لم تُنشر حتى الآن، وبعد مرور أكثر من 24 ساعة، معلومات دقيقة وموثوقة حول السبب الرئيسي للانفجار وحجم…

خالد ابراهيم منذ أربعة عشر عامًا، كان الأطفال السوريون يعيشون في مدارسهم، في بيوتهم، في أحلامهم. كان الحلم بالغد أقرب إليهم من أي شيء آخر. وكانوا يطمحون لمستقبل قد يحمل لهم الأمل في بناء وطنهم، سوريا، بكل ما تعنيه هذه الكلمة من عزةٍ وكرامة. كان العلم هو السلاح الوحيد الذي يمكن أن يغير مجرى الحياة. لكن بعد ذلك، غيّرت الحرب…

اكرم حسين لطالما كان الكرد في قلب الجغرافيا الشرق أوسطية أحد أكثر الشعوب تعرضاً للتهميش والاضطهاد القومي، بالرغم من كونهم يشكلون ثاني أكبر قومية في المنطقة بعد العرب، ويملكون تاريخاً عريقاً وثقافة غنية ومطالب سياسية مشروعة في الاعتراف بهويتهم القومية وحقوقهم في الحكم الذاتي أو المشاركة العادلة في السلطة. في تركيا وإيران وسوريا والعراق، تكررت السياسات ذاتها: إنكار…

دلدار بدرخان لم يعد اليوم بالأمر الصعب أن تكشف افتراءات وأضاليل الجهات التي تحاول تزوير التاريخ وتشويه الحقائق كما كان في السابق، فما هي إلا كبسة زر لتحصل على كامل المعلومات حول أي موضوع أو مادة ترغب بمعرفته، ولم يعد الأمر يحتاج إلى مراجع وكتب ضخمة غالبيتها مشبوهة ومغلوطة، بل يكفي الاتصال بالإنترنت، ووجود هاتف بسيط في متناول اليد، وبرنامج…