أظهرت المداولات والحوارات في القاهرة أن القيمين على المجلس الوطني السوري ليسوا بصدد اعادة الهيكلة بل يستندون الى أرضية لاتسمح – حسب وجهة نظرهم – بتغيير التوازن القائم بين الاتجاهات المسيطرة على زمام الأمور وخاصة جماعات الاسلام السياسي بكتلها الثلاث التي تتقاسم النفوذ مع مجموعات أخرى بينها كتلة السيد برهان غليون وتعتبر أن أي مساس بماهو قائم بمثابة اختراق للتوازن السائد وتعوض عنه بالدعوة الى ضم أفراد الى هيئات المجلس بحيث لايؤثرون على آلية القرار والضبط والربط ولذلك رسمت خطوطها الحمر التي لن تفسح المجال لأية صياغة جديدة لمجلسها الذي قام أساسا على قاعدة التسرع والاقصاء والتحكم الآيديولوجي بعيدا عن الأصول الديموقراطية والشفافية وبالرغم من التزام ممثلي المجلس أمام أمين عام الجامعة بالاستعداد للمضي في عملية التوحيد الا أنهم لم يكونوا صادقين فقد صرح بعضهم أنهم شكلوا لجنة تحضيرية من المجلس وصرح البعض الآخر أنها مناصفة بينهم وبين هيئة التنسيق – بغض النظر عن أسس التعاون بين الطرفين ومن يتنازل سياسيا لمن – ومن دون مشاركة الأطراف الأخرى مثل ” المبادرة الوطنية لتوحيد المعارضة السورية ” ومجموعة السيد هيثم المالح وكتلة المستقلين وكتل العشائر وتيار الشيخ عدنان العرعور وغيرها ولاأعتقد أن أية اعادة بناء للهيكلية لن تتم حقا وحقيقة من دون لجنة تحضيرية تمثل الجميع من دون استثناء وهو الشرط الأساسي لامكانية انبثاق كيان ديموقراطي جامع لكل أطياف المعارضة الوطنية السورية .
ان اصرار القيمين على المجلس بسلوك ذلك النهج الاقصائي لن يكون لصالح عملية التوحيد وسيدفع الأمور باتجاه تكريس واقع تعددية مراكز المعارضة السورية في الخارج والداخل بما في ذلك تنسيقيات الشباب ومجاميع الثورة السورية وفي الحالة هذه من الأفضل أن يسود التعاون والتنسيق والعمل المشترك والالتقاء حول المشتركات وهي كثيرة ومتشعبة وعدم محاولة مصادرة وجود الآخرأو الزعم والادعاء ” بالتمثيل الشرعي الوحيد ” وفي جميع الأحوال لن تكون هذه الصيغة غريبة على ثورتنا التي لم تندلع بقرار مركزي وتتسم باللامركزية والتعددية المناطقية والقيادية والتنسيق بين مجاميعها وليست مناقضة لبنية مجتمعنا السوري المتعدد المكونات والقوميات والأديان والمذاهب والسياسات وقد تدشن تجربة ناجحة خاصة في مجرى ثورات المنطقة .
مانأمله أن لاتنعكس الحالة الكردية الراهنة المتسمة بالشقاق والانقسام وتعدد الولاءات والسياسات سلبا على الثورة السورية خاصة بعد اقدام تسعة أحزاب على شق الصف الكردي وتكريس نوع من الانقسام العمودي والأفقي عن سابق اصرار لدى الاعلان عن ” المجلس الوطني الكردي ” بايعاز مباشر من السيد جلال الطالباني الذي يرتبط بعلاقات متينة مع رأس النظام السوري واعدا اياه اما بنقل ولاء الكرد السوريين الى النظام أو تحييدهم على أقل تقدير وهو من بدأ منذ أشهر بترتيب مصالحة بين أوساط حزب العمال الكردستاني – تركيا من جهة والنظام السوري من الجهة الأخرى نتج عنها انتقال قيادة التنظيم السوري لذلك الحزب الى سوريا علنا وممارسة أعمال لغير صالح الثورة السورية وهو من استمر في دفع ودعم حليفه – الحزب اليميني الكردي السوري – لتزعم الأحزاب الكردية السورية الأخرى والاعلان عن مجلسهم الذي لايرفع شعار اسقاط النظام ولايمانع في التحاور مع النظام علما أن المجلس المذكور لايجمع على موقف واحد وخطاب سياسي واحد وبود الرأي العام الكردي السوري ووطنييه ومثقفيه أن يعلموا أهداف السيد الطالباني بصورة واضحة بعد – يقظته – المفاجئة الأخيرة على الكرد السوريين واهتمامه الغريب على حين غرة هل من أجل دعم نظام الأسد اسوة بالموقف الرسمي العراقي ؟ هل هو استجابة للطلب الايراني ؟ هل في سبيل تحييد الكرد السوريين وهم ومنذ الأيام الأولى في الصفوف الأمامية للثورة وقدموا الشهداء من أجل التغيير الديموقراطي ومن مصلحتهم اسقاط نظام الاستبداد كما كان من مصلحة كرد العراق اسقاط نظام صدام ؟ هل من أجل استثمار الكرد السوريين لخدمة أجندة ليسوا مطلعين عليها ؟ انها تساؤلات مشروعة تجد لها مساحات واسعة في الساحة السياسية الكردية السورية .