سوريا بخير.. !!

    م .

بافي ژيـــن
bavejin@hotmail.com

أوشكت ثورة الكرامة, الولوج في شهرها السادس, وهي تزداد ألقاً وإصراراً المضي قدماً, في تحقيق المبتغى, والانعتاق من ظلمات الاستبداد, والسير نحو فجر الحرية؛ حيث المواطنة الحقة, والمساواة التامة, والعدالة الاجتماعية, تحت سقف دولة القانون, ودستور جديد, يكفل للكل السوري, خصوصيته القومية, والطبقية, والطائفية, والمذهبية, ولاغرو بأن الوصول إلى هذه الغايات النبيلة؛ في ظل الحكم الجائر, يتطلب تضحيات جسام, من أجل رفعة الوطن وعلو شأنه.

ما يندى له الجبين, أن تتمادى السلطات السورية في غيها وطغيانها, ضد شعبها الأعزل, وزج كل صنوف الأسلحة في ساحات المدن والأرياف, لقمع الحركة الاحتجاجية السلمية, التي تهدف الخلاص من نظام الحزب الفاسد, والشخص الواحد, هذا النظام الذي كرس وجوده بقانون القوة, قي حكم البلاد, ومصير العباد, وفرض نفسه عنوة, وفي غفلة من الزمن, قائداً للدولة والمجتمع, أنه القائد الذي لم تهزه فاجعة حمزة الخطيب وثامر محمد و…., كما لم يرف له جفن, لأنين المعذبين في طول البلاد وعرضه, هذا الأنين الذي مزق جدار الخوف, وأعلن عن حضوره, ثورة مباركة على خارطة الوطن, وغض الطرف والسمع عن زغاريد الثكلى في مواكب الشهداء, وقد تعرضوا لشتى صنوف التعذيب والتشويه, على أيدي القتلة من أزلامه ومريديه (كأنّ في آذانهم صممٌ) .

 
 
 إن الحديث عن الإصلاحات, وما سمي بالحوار الوطني, وتعديلات دستورية, وانتخابات حرة, عقب عشرات الآلاف من الجرحى, والقتلى والمفقودين والمهجّرين والمعتقلين, من خيرة أبناء الشعب السوري, لم يعد مجدياً, ولا يرتقِي إلى الطموح المنشود, ولن تثبط من عزيمة المتظاهرين العزل تحت أزيز الرصاص, وآلة القمع تفتك بأجسادهم الغضة, كما أن العزلة العربية والإقليمية والدولية المرتقية – سياسياً واقتصادياً- والتي أمست ملامحها تلوح في الأفق, سيضع النظام أمام المزيد من الإرباك السياسي والمالي ويفتح الباب على مصراعيه, لتراجع قادة بعض الجيش, والمسؤولين, الكبار في سلك الدولة عن مواقفهم  ومواقعهم من الأزمة الراهنة في البلاد, وذلك تحسباً من المحاسبة وقبل فوات أوان التوبة, وهو ما سيضفي زخماً للثوار وبعداَ جديداً لانتصار ثورتهم السلمية, ويعجِّل في إزاحة الدكتاتورية, ودفعها إلى حافة الهاوية .


 
  قد لا يدرك النظام السوري, أن دموع القهر, عندما تغرورق في مآقي الرجال, ليس دلالة ضعف واستكانة؛ وإنما هي تعبير بليغ على قوة التصميم وإنجاز المنشود, وما أن بلغ الدمار والقتل والتشريد إلى حد التفاقم؛ فلم يبق ما يشفع للنظام السوري, ولم يعد أمامه كثير من الخيارات أو الفرص, للفوز بطوق النجاة, وعليه أن يلملم ما تبقى من أوراقه ومتاعه, ويستعد للرحيل على وقع طبول الثوار, أو البحث عن آلية ناجعة للخروج من دوامة عنف الدولة المنظم, والبحث الجدي في نقل السلطة إلى الممثلين الحقيقيين للشعب السوري, وبإشراف وضمانات دولية, يخرج الوطن من عنق الزجاجة ويريح المواطن من جحيم الاستبداد,حينها فقط تصح مقولة (سوريا بخير).

 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

قطع الاعناق لا قطع الارزاق يا حكام بغداد الكراما. د. قاسم المندلاوي سبق و كتبنا عن هذه المشكلة وتحت عنوان رواتب موظفي اقليم كوردستان .. الى اين ؟؟ ونشرت بتاريخ 2 / 5 / 2025 في شفق نيوز ، وفي صوت كوردستان بتاريخ 3 / 5 / 2025 ، وفي صوت العراق بتاريخ 4 / 5 / 2025 ، ونظرا…

بنكین محمد في كل مرحلة يمرّ بها شعبٌ يبحث عن خلاصه، يخرج من الظلال نوعٌ جديد من الدخلاء: أشخاصٌ بلا قيمة، بلا وعي، بلا تاريخ، لكنهم يصرّون بكل خفة على الجلوس في المقدمة… وكأنّ الصف الأول سيمنحهم ما حُرموا منه طوال حياتهم: احترام الناس. إنهم أولئك الذين نحاول تجنّب الكتابة عنهم، ليس احتراماً لهم—فهم لا يستحقون الاحترام—بل لأن القرب منهم…

خالد حسو إن مسيرة الشعب الكوردي هي مسيرة نضال طويلة ومستمرة، لم تتوقف يومًا رغم الظروف الصعبة والتحديات المتراكمة، لأنها تنبع من إرادة راسخة ووعي عميق بحقوق مشروعة طال السعي إليها. ولا يمكن لهذه المسيرة أن تبلغ غايتها إلا بتحقيق الحرية الكاملة وترسيخ مبادئ العدالة والمساواة بين جميع أفراد المجتمع، بعيدًا عن أي شكل من أشكال التمييز القومي أو الديني…

مسلم شيخ حسن – كوباني يصادف الثامن من كانون الأول لحظة فارقة في التاريخ السوري الحديث. ففي مثل هذا اليوم قبل اثني عشر شهرًا انهار حكم عائلة الأسد بعد أربعة وخمسين عاماً من الدكتاتورية التي أثقلت كاهل البلاد ودفعت الشعب السوري إلى عقود من القمع والحرمان وانتهاك الحقوق الأساسية. كان سقوط النظام حدثاً انتظره السوريون لعقود إذ تحولت سوريا…