المثقَََََف الطرطوريزمي…..!!!

خليل كالو

    المثقف (بكسر القاف) اسم مبالغة فاعل لغة وهو الذي ينتج الثقافة و يبتكر الأفكار ويغير المفاهيم ويبني الشخصية ويقول للخطأ (لا) في عينه وفي كل الظروف حتى وإن فقد الكثير من أسباب راحته في هذا المسعى وهو عكس المثقف (بفتح القاف) اسم مبالغة مفعول به لغة والذي يتلقى الثقافة وتجري عليه عملية الثثقيف وعندما يخرج من دائرته خلسة ويلبس ثوب المثقف  يكون كل هدفه المنفعة المعنوية والمادية ومن هذه الماركة المطرطرة كثيرون في الشارع الكردي ويكثرون في الكلام باسم الثقافة والمثقفين على حساب القضايا الاجتماعية ومصير الخلق وهم بلا فعل في العمل الثقافي والمعرفي يبتزون الشأن المجتمعي وهو لا يصلحون لشيء سوى الإنتاج المادي والإدارة الخاصة لأعمالهم  Ji pelpelê pêve nakin .

فليس كل من حمل شهادة جامعية أو كان طبيبا أو مهندسا أو كتب مقالة رأي أو قصيدة شعر ركيكة قد أصبح مثقفا بالمعنى الحقيقي للمثقف كما ينبغي ويستوفي شروط التوصيف ويستطيع خوض العمل المجتمعي والنهضوي الفكري بل هو فقط ومن ثم فقط متثاقف لا غير في أفضل الأحوال على خلاف سلوك المثقف الأصيل باعتباره صاحب رسالة تاريخية وله غاية نبيلة يترك بصمات واضحة على جدار زمن وجوه حينما يعبر من خلال نتاجه الفكري والثقافي والمعرفي عن آلام ومشاكل مجتمعه و يقوم بعملية التنوير وإيجاد الحلول المنطقية لمشاكله ومشاغله ويسعى مع الفئات الأخرى للبناء والتقدم .

المثقف رأس الحربة في أي مجتمع وليس السياسي كما يظن الكثير من الكرد و المتثقافين وعامة الناس.

فالسياسي في طبعه التخريب ومفتعل للحروب يعيش على الخلافات والتناقضات ويجلب الويلات والدمار للشعوب وفي أكثر الأحيان هو سبب بؤس وشقاء الرعية فأي نظرة سريعة وخاطفة من إنسان عاقل على ما حوله والتاريخ سوف يكتشف هذه الحقيقة من تلقاء ذاته على عكس المثقف الذي هو باني الشخصية والدليل الهادي وبوصلة التقدم ومغير الأفكار ومحدث المجتمعات.

فمنذ الأزل كانت الثقافة والمثقف وجهان لأمر واحد لا وجود لأحدهم بدون الآخر فالمثقف بلا ثقافة وإنتاج ثقافي ومعرفي وتفاعل اجتماعي لا معنى له ولا ثقافة حقيقية ومنتجة أصلا بدون مثقف وموضوع اجتماعي وكل ما سيكون خلاف ذلك هو كلام فارغ لا يؤسس لشيء سوى للأمية المقننة والمقنعة كما هو مثقفو (طراطير) السياسة الآن الذين أوصلوا بالكرد إلى مؤخرة الشعوب على كل المستويات وحتى هذه المؤخرة لا شبيه لها ولم تسبقها أي مؤخرة على مر التاريخ كما يقول الكرد : Mala nokê , dido dane bi yekê , ew yek jî ne weke ya xelkê  فكل هذا كان من صنع  السياسي الكردي البائس والمتثاقف معه من أصحاب الفكر والثقافة الطرطوريزمية.

وإلا كيف لأحدهم أو أي عاقل يمكنه تفسير ما هو عليه الكرد من تشتت وتبعثر وضعف في البنيان العام فحتى القبائل والشعوب البدائية التي انفصلت قريبا من عائلة جده القرد في الغابات الإفريقية الآن هم بأفضل حال منا نحن الكرد.

فمن هو المسئول ولماذا لا يتجرأ إلى قول الصدق والحقيقة ليثبت أنه ابن أبيه والشعور بالذنب وانتقاد الذات على ما قام به هو أو غيره من فعل الموبقات والكبائر منذ عقود ويستظل بالعقلية الخشبية والإرث البالي وثقافة أنا الديك تحتل وجدانهم وحراكهم وهم يتقدمون الصفوف .

  المثقف الحقيقي هو ضمير الأمة وصوت الحق وغاية الغايات يحرض المجتمع على ثقافة الإنجاز لا التطفل والإقصاء حتى وإن دفع ثمن أفكاره حياته أو أضاع  كل عمره من أجل الحقيقة فكل قائد كاريزما وحركة مفصلية واكتشاف وتطور في البنيان والإنسان على مر التاريخ  كان نتاج العقول النيرة والجريئة ولم يكن يوما من الأيام للمثقف الطرطور (المتثاقف) والتابع  Benikê dûv hebanê  من دور وتأثير في صنع أي تغيير بل كان دوما محل نقد وتوبيخ وإدانة على سلوكه ومواقفه ورؤيته الضبابية بسبب قبوله الذل والخنوع ممن حوله من ماركة السياسي الكركوزي والبدائي.

فما حال الكرد كان وكائن الآن سببه الأساسي هو تزاوج الثقافة الطرطوريزمية مع سلوك السياسي الكركوزي فخلقوا جميعا معا مجتمعا متفككا قشمري الثقافة والفكر والسلوك بلا معنى في كله وأفراده مستهلكون لا ينتجون إلا ثقافة العبودية فيدير الواحد منهم ظهره للقدر وينتهج سلوكيات ذات فعل تدميري له قوة عطالة كبيرة يفتت المجمع ويجهز على ما تبقى من الإرث النضالي والتاريخي للكرد بتفرده ونفاقه وشقاقه لصالح نفوس مريضة عصابية وجدوا أن الساحة  فارغة ليس فيها من رقيب أو حسيب فتمادوا إلى حد الزنا يفعل ما يشاء دون رادع والمثقف الطرطور يتفرج وكأن الأمر لا يعنيه خوفا على مصالحه والآن بعد أن فرجت الأحوال على دماء الآخرين خرج من جحره كالفأر منتهزا الفرصة ليقول ها أنا ذا ولكن لا تنسى يا طرطور بأنك كنت متواريا في أيام العجاف ولك سجل ذاتي مخجل وعلى هامان يا فرعون.

 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لقد شهدت البشرية تحوُّلاً جذرياً في طرق توثيقها للحياة والأحداث، حيث أصبحت الصورة والفيديو- ولأول وهلة- الوسيلتين الرئيسيتين لنقل الواقع وتخليده، على حساب الكلمة المكتوبة. يبدو أن هذا التحول يحمل في طياته نذر موت تدريجي للتوثيق الكتابي، الذي ظل لقرون طويلة الحاضن الأمين للمعرفة والأحداث والوجدان الإنساني. لكن، هل يمكننا التخلي عن الكتابة تماماً؟ هل يمكننا أن ننعيها،…

ا. د. قاسم المندلاوي الكورد في شمال شرق سوريا يعيشون في مناطقهم ولا يشكلون اي تهديد او خطر لا على تركيا ولا على اي طرف آخر، وليس لديهم نية عدوانية تجاه اي احد ، انهم دعاة للسلام في كوردستان والمنطقة والعالم .. ويزيد نفوسهم في سوريا اكثر من 4 مليون نسمة عاشو في دهاليز الظلم و الاضطهاد ومرارة الاحزان…

د. منصور الشمري لا يُمكن فصل تاريخ التنظيمات المتطرفة عن التحولات الكبرى في أنظمة التواصل، فهي مرتبطة بأدوات هذا النظام، ليس فقط من حيث قدرتها على الانتشار واستقطاب الأتباع، بل كذلك من جهة هويتها وطبيعتها الفكرية. وهذا ما تشهد عليه التحولات الكبرى في تاريخ الآيديولوجيات المتطرفة؛ إذ ارتبطت الأفكار المتطرفة في بداياتها بالجماعات الصغرى والضيقة ذات الطبيعة السرية والتكوين المسلح،…

بوتان زيباري في قلب جبال كردستان الشاهقة، حيث تتشابك القمم مع الغيوم وتعزف الوديان أنشودة الحرية الأبدية، تتصارع القضية الكردية بين أمل يتجدد ويأس يتسلل إلى زوايا الذاكرة الجمعية. ليست القضية الكردية مجرد حكاية عن أرض وهوية، بل هي ملحمة إنسانية مكتوبة بمداد الدماء ودموع الأمهات، وحروفها نُقشت على صخور الزمن بقلم الصمود. ولكن، كما هي عادة الروايات الكبرى،…