وأظهرت فحوى اللقاء ان الأسد يعول على دعم الأتراك و حتى الأمريكان من أجل منع الضغوط من الوصول إلى نقطة اللا عودة.
لأن بقاء النظام هو مصلحة لتركيا كما هو مصلحة للغرب و الولايات المتحدة الأمريكية.
و اقتنع وزير الخارجية التركي بوجهة نظر الأسد، و وعد بإبلاغها إلى الحكومة التركية و التي بدورها سوف تتباحث مع الإدارة الأمريكية و تحاول إقناعها بها.
الرأي العربي يكشف فحوى لقاء الأسد ـ أوغلو
أبلغ مصدر مطلع في العاصمة الأمريكية واشنطن الرأي العربي بفحوى لقاء الرئيس السوري بشار الأسد و وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو، الذي تم في دمشق يوم الثلاثاء الماضي، كما نقله الجانب التركي إلى الجانب الأمريكي.
حيث أن التنسيق بين الطرفين كان قائما قبل الزيارة و بعدها.
و ذكر المصدر أن أجواء الزيارة في بدايتها كانت باردة، حيث قام نائب وزير الخارجية السوري باستقبال الوزير التركي على غير العادة.
و عندما اجتمع أوغلو مع الأسد أخبره بأن تركيا و تشاركها الكثير من الدول لم تعد تحتمل الضغط الإعلامي و السياسي الناشئ عن حجم القتلى و الجرحى الكبيرين منذ بداية شهر رمضان، و أن استمرار الحملة العسكرية التي يشنها الجيش السوري يضع الحكومة التركية في حرج كبير أمام رأيها العام، و كذلك الأمر بالنسبة للدول العربية و خصوصا دول الخليج و مصر، والعالم الغربي و خصوصا الولايات المتحدة الأمريكية.
و أوضح بأن استمرار الحل الأمني سوف يؤدي بالضرورة إلى تجاوز العقبة الروسية و الصينية، و أن تركيا لا تستطيع أن تواجه قرار يصدر من الأمم المتحدة، و بالتالي فهي سوف تكون ملزمة بتطبيقه.
بدأ الرئيس الأسد بالحديث مع الوزير أوغلو عن العلاقات السورية ـ التركية و أهميتها للجانبين و أخبره بأن مصلحة تركيا مرتبطة بالنظام القائم، و أن البديل للنظام هو الفوضى و هي بالتأكيد لن تخدم تركيا و مصالحها.
ثم أعاد الرئيس الأسد تأكيده على وجود جماعات مسلحة متمردة تريد الخروج عن سلطة الدولة.
و لا يمكن للنظام أن يتسامح في هذه النقطة، و أي حديث عن إصلاح لا يمكن أن يكون ذو جدوى إلا بعد تطهير الساحة السورية من هذه الجماعات.
ثم بعد ذلك يمكن أن يجري النظام إصلاحات تنسجم مع بعض ما تطلبه تركيا.
عند ذلك أبدى الوزير أوغلو عدم ثقته بنجاعة الحل الأمني، و أخبر الأسد بأن الحل الأمني المتبع منذ خمسة أشهر لم يؤد إلى نتيجة ملموسة، بل بالعكس فإن حجم الاحتجاجات زاد أفقيا و عموديا، حيث ازداد عدد المحتجين و اتسع نطاق الاحتجاجات.
و اقترح أوغلو أن تقوم تركيا بوساطة ما بين النظام و جماعات المعارضة و الهدف تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم بعض فصائل المعارضة، لعل ذلك يؤدي إلى تراجع الاحتجاجات، أو حتى تقسيم المعارضة.
اعترض الأسد على استنتاج أوغلو بأن الحل الأمني لم يؤدي إلى نتيجة، و أكد له بأن الصورة الإعلامية التي تقوم بها وسائل إعلامية معادية لسوريا ليست دقيقة.
و ضرب له مثال منطقة حوران حيث تراجعت أعمال الشغب بنسبة لا تقل على 80% كما ذكر، و كذلك ينطبق الأمر على منطقة الساحل.
لذلك كان لابد من الضربة الأخيرة الحاسمة التي سوف توقف الاحتجاجات بنسبة كبيرة و هذه هي التي بدأت قبيل شهر رمضان، و لن تبقى بعد نهايتها إلا مناطق قليلة سوف يتم التعامل معها فيما بعد.
رد أوغلو مستفسرا عن المدة التي سوف تستغرقها العملية العسكرية الجارية حتى تحقق الهدف المرجو منها.
فأجابه الرئيس السوري أن القادة العسكريين و الأمنيين يتوقعون أن يستطيعوا ضرب الحركة الاحتجاجية في مقتل خلال فترة لا تتجاوز الأسبوعين.
ثم أوضح أوغلو بأن هذه العملية سوف تكون لها تكلفة سياسية باهظة، و خصوصا مع تزايد أعداد القتلى.
فأكد الأسد أنه مدرك لحجم التكلفة السياسية وخصوصا مع الضغط الإعلامي الذي تمارسه قنوات عربية و أجنبية، و لكنه مستعد لدفع هذه التكلفة، و التعامل مع الآثار السلبية فيما بعد و عندما تنتهي الأزمة.
لأن التوقف أو التراجع في هذه اللحظة يعني الانتحار السياسي، لأنه سوف يزيد من أعمال الشغب و يعطي رسالة خاطئة إلى الإرهابيين (كما أسماهم)، مما يؤدي إلى تعقد الأزمة أكثر.
و مع ذلك فإن الأسد يعول على دعم الأتراك و حتى الأمريكان من أجل منع الضغوط من الوصول إلى نقطة اللا عودة.
لأن بقاء النظام هو مصلحة لتركيا كما هو مصلحة للغرب و الولايات المتحدة الأمريكية، و أكد أنه عندما تنتهي هذه العملية فإن النظام مستعد لدراسة المقترحات التركية للإصلاح بجدية.
اقتنع وزير الخارجية التركي بوجهة نظر الأسد، و وعد بإبلاغها إلى الحكومة التركية و التي بدورها سوف تتباحث مع الإدارة الأمريكية و تحاول إقناعها بها.
و لكنه لن يعد الأسد بوقف الحملة الإعلامية أو الضغوط السياسية، و لكن تركيا ستكون حريصة على عدم تجاوز هذه الضغوط حد معين.
أخيرا طلب أوغلو أن يمنحه الأسد شيئا ملموسا يستطيع من خلاله أن يواجه الإعلام و حتى لا تبدو الزيارة و كأنها لم تؤدي إلى شيء.
و بالفعل اتفق الطرفان على سحب الدبابات من مدينة حماة، على أن تعلن سوريا ذلك عندما يتصل بها الجانب التركي ليبلغها موافقة الحكومة على هذا الاتفاق.
و هذا بالفعل ما تم بعد ذلك.
الرأي العربي