صالح بوزان
يحكى أنه عندما كان محمد الفاتح يقف بجيشه العرمرم على أبواب القسطنطينية, كان رجالات الدين المسيحي في حوار ساخن حول: هل الملائكة ذكور أم إناث؟ فدخل الغازي العثماني إلى المدينة ليحسم لهم حوارهم, ويحول القسطنطينية إلى إسلامبول.
يحكى أنه عندما كان محمد الفاتح يقف بجيشه العرمرم على أبواب القسطنطينية, كان رجالات الدين المسيحي في حوار ساخن حول: هل الملائكة ذكور أم إناث؟ فدخل الغازي العثماني إلى المدينة ليحسم لهم حوارهم, ويحول القسطنطينية إلى إسلامبول.
تذكرت هذه الحكاية (لا أدري مدى صحتها) وأنا أتابع منذ لا يقل عن شهرين في المواقع الكردية حول عقد مؤتمر كردي “جامع” أو تشكيل مرجعية كردية واحدة من أجل التعامل مع المعارضة السورية أو مع النظام.
إن النقاش حول هذا الموضوع رغم أهميته خرج عن الجدوى المرجو منه.
فقد تحول إلى اتهامات متبادلة فيما بين الأحزاب الكردية وبينها وبين الكتاب والمثقفين الكرد.
ولغة الاتهامات عادة تكون تعبيراً عن العجز أو عدم إدراك المسؤولية التاريخية أو التهرب منها.
هناك حقيقة يعرفها الجميع, وهي أن سبب تشرذم الأحزاب الكردية ليس أولوية مصالح الشعب الكردي في سوريا.
ومن يقرأ برامج وبيانات هذه الأحزاب يكتشف ذلك بسهولة.
أن هذه البرامج كلها تتشابه وإن اختلفت المصطلحات.
ولذلك يبحث الكثيرون من الكتاب والباحثين والمهتمين بالشأن الكردي السوري عن أسباب أخرى.
وتختلف التقديرات والاستنتاجات.
يبدو أن المشكلة ليست في الشعب الكردي السوري, ولا في جماهير هذه الأحزاب.
ومع إقراري بهذه الحقيقة لا أستطع الوصول إلى نتيجة مقنعة.
فما يجري على الساحة الكردية السورية غير معقول.
وهذا اللامعقول الكردي يتجلى في عدم فاعلية هؤلاء الذين يكررون بأنهم يمثلون الشعب الكردي السوري.
من يريد أن يؤمن الحق الكردي في سوريا المستقبل فالطريق واضح.
وقد بادرت إليها الشبيبة الكردية من خلال تنسيقياتها ومشاركتها بالمظاهرات السلمية.
ويبدو أن هؤلاء الشباب أظهروا وعياً لما يجري في سوريا أكثر منا جميعاً.
لقد جسدوا حقيقة نعرفها معرفياً, وهي أن المساهم في صنع التاريخ هو الوحيد الذي يحدد مساره.
أما من يناقش إلى أين يسير هذا التاريخ الذي يتكون, ويبحث عن مكان له فيه دون المساهمة في صنعه, هو للأسف يضع نفسه خارج هذا المسار إن اقر بذلك أم لم يقر.
نسمع هنا وهناك أقوالاً ساذجة, وتتضمن من ناحية أخرى تحريضاً مبطناً ضد الشباب الكرد الذين يساهمون في هذه الانتفاضات.
يجري الحديث بشكل ساخر أن هؤلاء هم “شباب فيسبوك” وأنهم يريدون جلب الدبابات والشبيحة إلى المدن الكردية, وأن هناك جهات تريد أن تجعل من الأكراد مقبض السكين (مثل كردي).
بل سمعنا أكثر من ذلك بأن هؤلاء الشباب يقبضون الأموال من الخارج, وقيل أيضاً أنهم عملاء أردوغان.
صحيح أن هذه الأقوال لم تصدر من جهة كردية معتبرة, ولكن سَيَرَانها بين الناس ليس من إبداعاتهم بكل تأكيد.
والمثل الروسي يقول في كل مزحة شيء من الحقيقة.
من يخرج إلى الشارع وهو يضع نصب عينيه قد لايرجع هو فوق هذه الاتهامات دون شك.
وبشكل متوازي يجري التشكيك بالمعارضة السورية، وأنها لم تقف مع الانتفاضة الكردية عام 2004 عندما بطش النظام بالأكراد.
وأن في تصريحات بعض أطرافها ما يكشف عن نوايا شوفينية لا تقل عن ممارسات حزب البعث تجاه الأكراد.
من قال أن جميع أطراف المعارضة أو بعضها تمثل هذا الحراك الجاري في سوريا.
كلهم يعلنون صراحة أن من يمثل الثورة هم الذين يقومون بها في الشارع, وما هم غير مؤيدين وداعمين.
إن الحقوق الكردية ليست موجودة في عقول هذا المعارض أو ذاك, بل هي هناك حيث يتظاهر الشباب السورييون سلمياً ويقدمون الدم من أجل مستقبل سوريا.
ومن يترصد لسرقة الثورة من أصحابها الحقيقيين, هم بالتأكيد سيسرقون الحق الكردي أيضاً.
وليس أمام الكردي سوى الوقوف مع الشبيبة السورية المنتفضة ضد هؤلاء اللصوص المتربصين.
إن الاعتراف بالحقيقة يحتم علينا الإقرار بأن الشعب العربي السوري لم ينفتح على الأكراد طيلة تاريخ سوريا الحديث كما هو الحال في هذه الأيام، والجميع يتكلمون عن الخصوصية الكردية في سوريا.
وللحقيقة أيضاً أن “مكرمة” النظام بتجنيس الأكراد ودعوة اللقاء مع أطراف كردية وإشراك بعضهم في مؤتمراته كان بفضل هذه الثورة السورية وليس تغييراً في أيديولوجية البعث.
الشعب الكردي في سوريا هو جزء من الشعب السوري.
هذا واقع لا يجوز القفز فوقه بأي حجة كانت.
بل من يحاول وضع سور بين الشعب الكردي السوري والشعب العربي السوري هو في الحقيقة يريد عزل الشعب الكردي وتحويله إلى مجرد أقلية لاجئة..
وليس صحيحاً من يقول أنني كردي قبل أن أكون سورياً.
هذا الكلام قد ينطبق على الأرمني.
لكنه لاينطبق على الكردي.
لأن الكردي يعيش على أرضه.
ولذلك فما يصيب عامة الشعب السوري يصيب الأكراد السوريين أيضاً
قد يعيش بعضنا في الخيال، ويصيغ لنفسه ما يشاء.
لكن الواقع هو الذي يعلمنا كيف نسير وليس الخيال.
وفي المنعطفات التاريخية للشعوب تظهر عبقرية قادتها وطلائعها الواعية, وتتجلى هذه العبقرية في إدراك الواقع والسير حسب معطياته.
نحن كأكراد, ليست قامشلي وعفرين وكوباني هي مدننا فقط, بل دمشق وحلب واللاذقية ودرعا وحمص وحماه وكل المدن السورية هي مدننا ولنا الحق أن نعيش فيها.
لقد قاتل أجدادنا ضد الفرنسيين من أجل سوريا الوطن وعلينا أن نسير على طريقهم.
ومن خلال السير في هذا الطريق نطالب بكامل حقنا في هذا الوطن العزيز.
صحيح أن دولة الاستقلال لم تكافئ الأكراد على تضحياتهم.
لكن الأكراد حينئذ كانوا أقل وعياً من الناحية القومية.
عندما يعيد التاريخ نفسه فالذنب فيك وليس في التاريخ.
أميل إلى الاعتقاد أن أحزابنا الكردية والعديد من مثقفينا (وبالطبع أنا واحد منهم) مازلنا غير قادرين على دراسة الواقع السورية الراهن كما يجب.
أو أن بعضنا لا يملك إرادته المستقلة.
وفي الحالتين ستكون النتيجة كارثية على الشعب الكردي السوري.
أرجو أن لا يفهمني أحد بأنني أشك بأي حزب كردي أو بنوايا أي كاتب أو مثقف.
كل ما أريد قوله أن لغة التشكيك والاتهامات سقطت من خلال الحراك السوري الراهن.
إن من يمثل الشعب الكردي السوري اليوم, ليس الأحزاب الكردية, وليس نحن المثقفون والكتاب.
بل هذه الشبيبة الكردية, بغض النظر عن عددها, التي تجسد على أرض الواقع تطلعات الشعب الكردي السوري.
لقد أدمجت فعلياً وليس لفظياً الحركة الوطنية الكردية مع الحركة الوطنية في عامة سوريا.
هذا الاندماج الذي ناضل من أجله خيرة المناضلين الكرد السوريين.
نعم, هؤلاء يمثلون الشعب الكردي السوري, لأن التمثيل ليس بالبيانات والخطابات والمقالات, بل بالتجسيد الفعلي على أرض الواقع.
فالشبيبة الكردية اتخذت خيارها.
وعلى الباقين أيضاً أن يعلنوا خياراتهم بدون هذا التباكي على الحق الكردي.
فقد تحول إلى اتهامات متبادلة فيما بين الأحزاب الكردية وبينها وبين الكتاب والمثقفين الكرد.
ولغة الاتهامات عادة تكون تعبيراً عن العجز أو عدم إدراك المسؤولية التاريخية أو التهرب منها.
هناك حقيقة يعرفها الجميع, وهي أن سبب تشرذم الأحزاب الكردية ليس أولوية مصالح الشعب الكردي في سوريا.
ومن يقرأ برامج وبيانات هذه الأحزاب يكتشف ذلك بسهولة.
أن هذه البرامج كلها تتشابه وإن اختلفت المصطلحات.
ولذلك يبحث الكثيرون من الكتاب والباحثين والمهتمين بالشأن الكردي السوري عن أسباب أخرى.
وتختلف التقديرات والاستنتاجات.
يبدو أن المشكلة ليست في الشعب الكردي السوري, ولا في جماهير هذه الأحزاب.
ومع إقراري بهذه الحقيقة لا أستطع الوصول إلى نتيجة مقنعة.
فما يجري على الساحة الكردية السورية غير معقول.
وهذا اللامعقول الكردي يتجلى في عدم فاعلية هؤلاء الذين يكررون بأنهم يمثلون الشعب الكردي السوري.
من يريد أن يؤمن الحق الكردي في سوريا المستقبل فالطريق واضح.
وقد بادرت إليها الشبيبة الكردية من خلال تنسيقياتها ومشاركتها بالمظاهرات السلمية.
ويبدو أن هؤلاء الشباب أظهروا وعياً لما يجري في سوريا أكثر منا جميعاً.
لقد جسدوا حقيقة نعرفها معرفياً, وهي أن المساهم في صنع التاريخ هو الوحيد الذي يحدد مساره.
أما من يناقش إلى أين يسير هذا التاريخ الذي يتكون, ويبحث عن مكان له فيه دون المساهمة في صنعه, هو للأسف يضع نفسه خارج هذا المسار إن اقر بذلك أم لم يقر.
نسمع هنا وهناك أقوالاً ساذجة, وتتضمن من ناحية أخرى تحريضاً مبطناً ضد الشباب الكرد الذين يساهمون في هذه الانتفاضات.
يجري الحديث بشكل ساخر أن هؤلاء هم “شباب فيسبوك” وأنهم يريدون جلب الدبابات والشبيحة إلى المدن الكردية, وأن هناك جهات تريد أن تجعل من الأكراد مقبض السكين (مثل كردي).
بل سمعنا أكثر من ذلك بأن هؤلاء الشباب يقبضون الأموال من الخارج, وقيل أيضاً أنهم عملاء أردوغان.
صحيح أن هذه الأقوال لم تصدر من جهة كردية معتبرة, ولكن سَيَرَانها بين الناس ليس من إبداعاتهم بكل تأكيد.
والمثل الروسي يقول في كل مزحة شيء من الحقيقة.
من يخرج إلى الشارع وهو يضع نصب عينيه قد لايرجع هو فوق هذه الاتهامات دون شك.
وبشكل متوازي يجري التشكيك بالمعارضة السورية، وأنها لم تقف مع الانتفاضة الكردية عام 2004 عندما بطش النظام بالأكراد.
وأن في تصريحات بعض أطرافها ما يكشف عن نوايا شوفينية لا تقل عن ممارسات حزب البعث تجاه الأكراد.
من قال أن جميع أطراف المعارضة أو بعضها تمثل هذا الحراك الجاري في سوريا.
كلهم يعلنون صراحة أن من يمثل الثورة هم الذين يقومون بها في الشارع, وما هم غير مؤيدين وداعمين.
إن الحقوق الكردية ليست موجودة في عقول هذا المعارض أو ذاك, بل هي هناك حيث يتظاهر الشباب السورييون سلمياً ويقدمون الدم من أجل مستقبل سوريا.
ومن يترصد لسرقة الثورة من أصحابها الحقيقيين, هم بالتأكيد سيسرقون الحق الكردي أيضاً.
وليس أمام الكردي سوى الوقوف مع الشبيبة السورية المنتفضة ضد هؤلاء اللصوص المتربصين.
إن الاعتراف بالحقيقة يحتم علينا الإقرار بأن الشعب العربي السوري لم ينفتح على الأكراد طيلة تاريخ سوريا الحديث كما هو الحال في هذه الأيام، والجميع يتكلمون عن الخصوصية الكردية في سوريا.
وللحقيقة أيضاً أن “مكرمة” النظام بتجنيس الأكراد ودعوة اللقاء مع أطراف كردية وإشراك بعضهم في مؤتمراته كان بفضل هذه الثورة السورية وليس تغييراً في أيديولوجية البعث.
الشعب الكردي في سوريا هو جزء من الشعب السوري.
هذا واقع لا يجوز القفز فوقه بأي حجة كانت.
بل من يحاول وضع سور بين الشعب الكردي السوري والشعب العربي السوري هو في الحقيقة يريد عزل الشعب الكردي وتحويله إلى مجرد أقلية لاجئة..
وليس صحيحاً من يقول أنني كردي قبل أن أكون سورياً.
هذا الكلام قد ينطبق على الأرمني.
لكنه لاينطبق على الكردي.
لأن الكردي يعيش على أرضه.
ولذلك فما يصيب عامة الشعب السوري يصيب الأكراد السوريين أيضاً
قد يعيش بعضنا في الخيال، ويصيغ لنفسه ما يشاء.
لكن الواقع هو الذي يعلمنا كيف نسير وليس الخيال.
وفي المنعطفات التاريخية للشعوب تظهر عبقرية قادتها وطلائعها الواعية, وتتجلى هذه العبقرية في إدراك الواقع والسير حسب معطياته.
نحن كأكراد, ليست قامشلي وعفرين وكوباني هي مدننا فقط, بل دمشق وحلب واللاذقية ودرعا وحمص وحماه وكل المدن السورية هي مدننا ولنا الحق أن نعيش فيها.
لقد قاتل أجدادنا ضد الفرنسيين من أجل سوريا الوطن وعلينا أن نسير على طريقهم.
ومن خلال السير في هذا الطريق نطالب بكامل حقنا في هذا الوطن العزيز.
صحيح أن دولة الاستقلال لم تكافئ الأكراد على تضحياتهم.
لكن الأكراد حينئذ كانوا أقل وعياً من الناحية القومية.
عندما يعيد التاريخ نفسه فالذنب فيك وليس في التاريخ.
أميل إلى الاعتقاد أن أحزابنا الكردية والعديد من مثقفينا (وبالطبع أنا واحد منهم) مازلنا غير قادرين على دراسة الواقع السورية الراهن كما يجب.
أو أن بعضنا لا يملك إرادته المستقلة.
وفي الحالتين ستكون النتيجة كارثية على الشعب الكردي السوري.
أرجو أن لا يفهمني أحد بأنني أشك بأي حزب كردي أو بنوايا أي كاتب أو مثقف.
كل ما أريد قوله أن لغة التشكيك والاتهامات سقطت من خلال الحراك السوري الراهن.
إن من يمثل الشعب الكردي السوري اليوم, ليس الأحزاب الكردية, وليس نحن المثقفون والكتاب.
بل هذه الشبيبة الكردية, بغض النظر عن عددها, التي تجسد على أرض الواقع تطلعات الشعب الكردي السوري.
لقد أدمجت فعلياً وليس لفظياً الحركة الوطنية الكردية مع الحركة الوطنية في عامة سوريا.
هذا الاندماج الذي ناضل من أجله خيرة المناضلين الكرد السوريين.
نعم, هؤلاء يمثلون الشعب الكردي السوري, لأن التمثيل ليس بالبيانات والخطابات والمقالات, بل بالتجسيد الفعلي على أرض الواقع.
فالشبيبة الكردية اتخذت خيارها.
وعلى الباقين أيضاً أن يعلنوا خياراتهم بدون هذا التباكي على الحق الكردي.
كل ما أخشاه أن يداهمنا المستقبل ونحن ما نزال نتناقش, مثل رجالات الدين في القسطنطينية, أمور المؤتمر الكردي الجامع.