حسين جلبي
قيل و لا زال الكثير عن إيجاد مرجعية ما للشعب الكردي في سوريا، كانت المرجعية الكردية العتيدة من ضمن أحلام (عصر) ما قبل الثورة السورية، و يبدو أن هذا الحلم لا زال مستمراً، لا بل إزداد نهر تفسيراتها تدفقاً بعيد إنطلاق الثورة، لقد أصبحت (الكل في الكل) و سيدة المشهد كردياً، و سيستمر حتماً الكلام عنها في عصور لاحقة بعد إنتصارها ـ إنتصار الثورة و ليس المرجعية ـ أيضاً.
الكل يدلي بدلوه في موضوع المرجعية و يفتي فيها، الثورة السورية تحتل قلب الحدث العالمي، و ثورة أخرى كردية موازية تفجرت على هامش هذه الثورة هي ثورة المرجعية تحتل قلب الحدث الكردي.
يفترض أن يكون المشهد على إمتداد سوريا كما يلي: الثورة السورية بتفاصيلها أولاً، و كل ما عدا ذلك ليس سوى ترف سياسي يجري اللجوء إليه في أوقات الفراغ، هذا إذا تركت الثورة بعضه، لكن المشهد يبدو كردياً بصورة مقلوبة: ميدان اللعب الحقيقي يتركز على الهامش و الثورة و شؤونها هي آخر الإهتمامات، لا بل أن أعاصير المرجعية دفعت بها إلى الهامش لتحتل مكانها لكن من خلال أحاديث السمر التي (نتسلى بها) عنها رغماً عنا منذ زمنٍ طويل، رغم أن (ربيع المرجعية) قد تفجر كهزة إرتدادية نجمت عن زلزال الثورة.
لا أعلم لماذا هذا الأصرار المرضي على توحيد مصدر القرار الكردي و الكل يعلم أن ذلك لن يحدث أبداً، ثمة كلمة سحرية هي التنازل لم و لن يعرفها القاموس السياسي الكردي، لا أحد يتنازل لغيره عن أي شئ، حتى لو كان الثمن بقاء القطار متوقفاً على قارعة الطريق نتيجة محاولة كل طرف السير به في إتجاه معاكس لغيره، لا أحد يرخي قدمه لكي يسير القطار المتوقف في إتجاه واحد، كان ذلك واضحاً على مدى تاريخ الحراك الكردي السوري خلال العقود الماضية.
لم تفشل المحاولات المتواضعة لتوحيد القرار الكردي فحسب، بل إنتجت المزيد من الأحقاد و الصراعات و الإنقسامات، رغم أن تلك المحاولات كان بعضها في عز الخطر الداهم الذي كانت تواجهه القضية الكردية في سوريا حيث ملامح التصفية تبدو في الأفق، إذ كان المفترض و الحال كذلك أن ينسى الأطراف خلافاتهم نتيجة الخطر الوجودي الداهم، فكيف بالمسألة الآن و قد إرتخت القبضة الحديدية بحيث بات هناك جدداً إنفتحت أمامهم آفاق الماراثون الكلامي.
لنفترض جدلاً أننا إستيقظنا ذات صباح و لم نجد متظاهراً واحداَ في كل شوارع سوريا، و قد عادت رايات الدكتاتورية ترفرف مجدداً على أحلام السوريين، و عادت دكاكين المخابرات تحصي على السوريين أنفاسهم بحيث يعود مجدداً كل حرفٍ بترخيص، أين سيصرف حينها الوقت الذي أهدر على المرجعية و كم سيساوي أصحابها في ميزان القوى مقابل النظام؟ و ما قيمة المرجعية الكردية في حال إفترضنا إنها ستنجز في نهاية المطاف؟ و هل ستستطيع مواجهة السلطة حينذاك و كم من الوقت ستصمد موحدة؟
لو صرف جزءٌ من الوقت المهدور على المرجعية في أمور التحشيد و الدعم للثورة السورية لكان ذلك أكثر جدوى، فلتعتبر الثورة السورية مرجعية و سقفاً يتم العمل تحته، و لتعتبر شعارات الثورة في الحرية و حقوق الإنسان برنامج عمل يسير عليه الجميع، و ليتذكر الجميع أنهم ما كان ليسمع بهم لولا هذه الثورة، ما كان أحدٌ ليجرؤ على رفع صوته و عقد الندوات بهذا الشكل العلني في كل مكان، و ما كان ليرفع الحظر عن إعادة الجنسية إلى المنزوعة عنهم، و هو كان أول الغيث في إنجازات الثورة، ثم تبعته قطرات أخرى لعل أبرزها رفض رؤساء الأحزاب الكردية لقاء رئيس الجمهورية و الحوار معه، و هي جُرأة ما كانت قبل الثورة ليمتلكها مواطنٌ سوري في مواجهة أصغر عنصر أمني في فرع مخابراتي هامشي.
يفترض أن يكون المشهد على إمتداد سوريا كما يلي: الثورة السورية بتفاصيلها أولاً، و كل ما عدا ذلك ليس سوى ترف سياسي يجري اللجوء إليه في أوقات الفراغ، هذا إذا تركت الثورة بعضه، لكن المشهد يبدو كردياً بصورة مقلوبة: ميدان اللعب الحقيقي يتركز على الهامش و الثورة و شؤونها هي آخر الإهتمامات، لا بل أن أعاصير المرجعية دفعت بها إلى الهامش لتحتل مكانها لكن من خلال أحاديث السمر التي (نتسلى بها) عنها رغماً عنا منذ زمنٍ طويل، رغم أن (ربيع المرجعية) قد تفجر كهزة إرتدادية نجمت عن زلزال الثورة.
لا أعلم لماذا هذا الأصرار المرضي على توحيد مصدر القرار الكردي و الكل يعلم أن ذلك لن يحدث أبداً، ثمة كلمة سحرية هي التنازل لم و لن يعرفها القاموس السياسي الكردي، لا أحد يتنازل لغيره عن أي شئ، حتى لو كان الثمن بقاء القطار متوقفاً على قارعة الطريق نتيجة محاولة كل طرف السير به في إتجاه معاكس لغيره، لا أحد يرخي قدمه لكي يسير القطار المتوقف في إتجاه واحد، كان ذلك واضحاً على مدى تاريخ الحراك الكردي السوري خلال العقود الماضية.
لم تفشل المحاولات المتواضعة لتوحيد القرار الكردي فحسب، بل إنتجت المزيد من الأحقاد و الصراعات و الإنقسامات، رغم أن تلك المحاولات كان بعضها في عز الخطر الداهم الذي كانت تواجهه القضية الكردية في سوريا حيث ملامح التصفية تبدو في الأفق، إذ كان المفترض و الحال كذلك أن ينسى الأطراف خلافاتهم نتيجة الخطر الوجودي الداهم، فكيف بالمسألة الآن و قد إرتخت القبضة الحديدية بحيث بات هناك جدداً إنفتحت أمامهم آفاق الماراثون الكلامي.
لنفترض جدلاً أننا إستيقظنا ذات صباح و لم نجد متظاهراً واحداَ في كل شوارع سوريا، و قد عادت رايات الدكتاتورية ترفرف مجدداً على أحلام السوريين، و عادت دكاكين المخابرات تحصي على السوريين أنفاسهم بحيث يعود مجدداً كل حرفٍ بترخيص، أين سيصرف حينها الوقت الذي أهدر على المرجعية و كم سيساوي أصحابها في ميزان القوى مقابل النظام؟ و ما قيمة المرجعية الكردية في حال إفترضنا إنها ستنجز في نهاية المطاف؟ و هل ستستطيع مواجهة السلطة حينذاك و كم من الوقت ستصمد موحدة؟
لو صرف جزءٌ من الوقت المهدور على المرجعية في أمور التحشيد و الدعم للثورة السورية لكان ذلك أكثر جدوى، فلتعتبر الثورة السورية مرجعية و سقفاً يتم العمل تحته، و لتعتبر شعارات الثورة في الحرية و حقوق الإنسان برنامج عمل يسير عليه الجميع، و ليتذكر الجميع أنهم ما كان ليسمع بهم لولا هذه الثورة، ما كان أحدٌ ليجرؤ على رفع صوته و عقد الندوات بهذا الشكل العلني في كل مكان، و ما كان ليرفع الحظر عن إعادة الجنسية إلى المنزوعة عنهم، و هو كان أول الغيث في إنجازات الثورة، ثم تبعته قطرات أخرى لعل أبرزها رفض رؤساء الأحزاب الكردية لقاء رئيس الجمهورية و الحوار معه، و هي جُرأة ما كانت قبل الثورة ليمتلكها مواطنٌ سوري في مواجهة أصغر عنصر أمني في فرع مخابراتي هامشي.
المرجعية الكردية معادلة مستحيلة الحل، ليعمل كلٌ من خلال الموقع الذي هو فيه، هذا إذا كان يرغب في العمل حقاً، إذ لا شئ يدل على أن إرتداء ثوب المرجعية سيغير من واقع الحال كثيراً.