عبدالقادر بدرالدين
في السبعينات من القرن المنصرم, استطاع كورد العراق الظفر بالحكم الذاتي, بقيادة الخالد مصطفى البارزاني, الذي كان وسيبقى معلما تاريخيا من معالم ثورة ايلول المجيدة, حيث سطرت ولأول مرة في التاريخ الكوردي الحديث, خارطة سياسية حقيقية للوجود الكوردي على كوكب الارض, واضحت فيما بعد اساسا متينا وقاعدة راسخة في تقرير مصير الكورد الى فضاءات اوسع وارحب مثلما هو حاصل اليوم في تثبيت الفيدرالية المؤسساتية المتجزرة في الاعماق.
هذا الرجل العظيم اي البارزاني, لم يهدأ له البال ولا استقر له الحال, رغم عظمة المخاطر والصعوبات في ترسيخ طموحات كورد العراق, بل التفت كعادته الحسنة, الى الاجزاء الاخرى, دون تردد او تأخير في اتمام مهامه القومية, كقائد للأمة الكوردية, وبدأت منذ اللحظة طمأنة الاجزاء الاخرى المشاركة المباشرة في همومهم وقضاياهم المصيرية, وفعلا بدأت المسيرة من الاجزاء الثلاثة تؤم نحو مشارب بارزان, لترتوي من آياتها الصادقة ونسائمها العذبة, حيث شد الكورد في سوريا رحالهم, يمنة ويسرة وبينهما من الوطنيين المستقلين الى -ناوبردان- للسمع والطاعة لهذا القائد العظيم.
نتج عن المؤتمر الوطني الاول لكورد سوريا, الالتزام الوطني والقومي في اتمام عملية الوحدة والاتحاد بين الطرفين المتخاصمين حينئذ (اليمين-اليسار) وذلك تحت اشراف قيادة وطنية مرحلية منتخبة للأنتقال الى الهدف المنشود في ترتيب البيت الكوردي السوري من جديد, والعودة الى منظومة “البارتي” التأسيسي.
لست هنا في صدد مناقشة الاسباب التي آلت اليه العملية الوحدوية المتعثرة وعدم دمج الجناحين, وغياب الضاغط الاساسي في دفع العملية الموعودة, ولكنني اود القول, بان المشروع لم ينجز والمسيرة لم تكتمل بعد, للأسباب الآتية:
اولا- عدم استجابة الطرفين من اليمين واليسار في حل عقديهما او اعلان وفاتهما, وذلك يعود الى جدية الحالة السياسية الاختلافية بينهما, وعلى شرعية اسباب وجودهما في المجتمع الكوردي, والتي حصلت في الخامس من آب عام 1965, حيث كانت صحية ولها مبرراتها الوجودية ومن ثم استمراريتهما الى وقتنا الحاضر, وتأثيرهما المباشر في صنع القرار السياسي الكوردي.
ثانيا- المشرفون على عملية الوحدة, مع التقدير والامتنان لنضالاتهم, لم يكونوا في مقام الحدث, من حيث الوعي والخبرة السياسية.
ثالثا- بعد العجز التام في اتمام المهمة, وفك الحجز عن التنظيمين وعودتهما مجددا الى العمل الحزبي وبنشاط اكبر, اعلنت القيادة المرحلية تنظيما ثالثا باسم (الحزب الديمقراطي الكوردي في سوري”البارتي”) وهذا يدعونا مجددا الى الاستنتاجات التالية:
آ- غياب القائد مصطفى البارزاني, وهو المشرع الاول لهذا المشروع القومي عن الساحة العراقية والكوردستانية, نتيجة خيانة العهود من قبل القيادة العراقية وتآمرها البغيض بحقه, بمؤازرة اطراف اقليمية ودولية معروفة, ومن ثم جعل المشروع في خبر كان.
ب- غياب القيادة المرحلية المؤقتة, وايداعهم السجن من قبل النظام السوري في عام1973, والتي اوكلت على نفسها الدور المطلوب في تأسيس البارتي من جديد.
هذين الحدثين الرهيبين, ادا الى تفكك “البارتي” بكل اسف وعزله عن العملية السياسية, وبات قاب قوسين او ادنى من حجمه التنظيمي والحزبي, نتيجة ظروف قاسية حلت به, وبالاضافة الى تدخلات اطراف كوردستانية والتي كانت بالاساس بالضد من هذا المشروع, وبايعاذ مباشر من دمشق للقضاء على هذه البادرة الوطنية التاريخية.
لم تتوقف الامور الى هذا الحد, بل طالت الانشقاقات الى البارتي نفسه, وتشظت نحو التقسيم والتفكك كمثيلاتها, ولم يبق اثرا يذكر للعهد الذي وقع في ناوبردان وعلى يد البارزاني الخالد تحديدا.
الصديق العزيز:
كان وما يزال, للبارزاني ونهجه الوقع الكبير على الذاكرة الكوردية القومية والسياسية في آن معا, وكان رائدا في رفع راية الحرية في مواجهة الدكتاتوريات المتعاقبة في المنطقة, وحين التذكير بمحاسنه التي لا تعد ولا تحصى, تتقدمها بانوراما من الثورات والانتفاضات التي قادها بكل جدارة, وعشقه الدائم لهم, وكان يؤمن من خلال مسيرته الطويلة بان الانسان لا قيمة له خارج هذا الحراك, بقي صامدا الى النهاية, ولم يلق السلاح, ولم يترك الجبل وحيدا, ولم يتخل عن البيشمركة لحظة واحدة, نحن الكورد في سوريا, نعشق البارزاني في نهجه الذي علمنا معاني الكوردياتي, والصبر, والصمود والتضحية, ترعرعنا على تعاليمه القومية والانسانية, ومن دون ذلك سيلفظنا البشر والحجر والشجر.
اعتقد ان الدور المطلوب للبارتي في هذه الايام المشهودة في تاريخ سوريا, كبير وهام في قيادة الثورة, ولكنني اود في هذه المناسبة ان احاور سكرتير البارتي حول بعض المسائل التي اثارها في عدد من مقالاته في الآونة الاخيرة و هو الآتي:
– كلمات الاصلاح و التغيير والاسقاط اخوات في الهدف, هذه الثلاثة اخذت مساحة واسعة في الثورة السورية الراهنة, وهذا دليل عافيتها ومسيرتها السلمية عبر هذه الشهور الخمسة, فهي بمثابة خطوات متدرجة وعلمية ثابتة من تطورها, من مرحلة الى اخرى, ومن بقعة ضوء الى مساحة اكبر واوسع, هذا النظام الشمولي كمثيلاتها لا تتحمل حتى لمسة الاصلاح, ونتذكر سويا كيف هوت الامبراطورية السوفياتية في اول خطوة من اصلاحها على يد الطيب الذكر -غورباتشوف- وبدأت كما رأينا جميعا بالانهيار والاسقاط النهائي.
– منذ اكثر من ثمانية عقود, تحديدا من تاريخ انطلاقة “خويبون” عام 1927 وحتى اللحظة, لم تستطع الحركات الكوردية السلمية في غرب كوردستان, قومية كانت ام ثقافية, تأمين او نزع اي حق قومي للشعب الكوردي, بل على العكس تماما, تمت محاصرة تطلعات الانسان الكوردي عبر تطبيق المشاريع العنصرية بحقه, ومحاولة انصهاره واقصاءه وابعاده حتى من الحقوق الانسانية والمدنية.
واليوم تتعالى بعض الاصوات الخجولة في تحديد السقف المطلبي لكورد سوريا, بالحكم الذاتي تارة والفيدرالية تارة اخرى, وهنا نصبح امام اسئلة محرجة وفي غاية الصعوبة للعثور على اجوبتهم المفترضة, اين الآليات التي بامكانها رفع وحماية هذه المطاليب؟ ما هي الوسائل المتوفرة لتكون عونا وسندا في خدمة هذه الاهداف النبيلة؟ أليست اكلاف ثورة ايلول المجيدة في سبيل الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي لكوردستان مئات بل آلاف الشهداء؟, هل الهروب الى الامام, وترك الشارع الكوردي وحيدا من جانبكم يصب في خدمة شعار الفيدرالية؟ اليس من الافضل والاجدى ان نتفاعل مع الثورة السورية والتي سبقتكم في عناقها مع القوى الكوردية الفاعلة؟
– نعلم جميعا, ان هناك ثوابت في النضال الكوردي السوري, وهي بمثابة استراتيجيات العمل النضالي, وهي على سبيل المثال- التفاعل القومي الوطني, ولا يمكن التلاعب بها مطلقا او الفصل بين المسارين, او المساهمة في العمل على الخلل او التقصير في حق ايهما على حساب الآخر, والجميع يعتقد, ان الثورة السورية الراهنة هي حراك سوري من الدرجة الاولى, لاتعني فئة وتقصي فئة اخرى, بل تعنينا جميعا, اذا كنا فعلا ملتزمين بثوابتنا القومية والوطنية.
– المعارضة السورية بكل اطيافها, تشكو من العجز الفكري والوطني, وهناك امراض مزمنة فتكت بنا جميعا, جراء سياسة البعث الاقصائي والانغلاق السياسي على مدى خمسة عقود خلت, وناضلت الحركة الكوردية في هذه المدة العسيرة في تمتين روابط العمل السياسي مع عدد كبير من المعارضين السوريين, وشاركت معها والى الآن الهم السوري من خلال المؤتمرات والتحالفات الوطنية والتي محل فخر واعتزاز لنا جميعا.
– اجل, تأسيس حركة وطنية كوردية من المهام العاجلة, وستكون بالتأكيد مطلبا وطنيا قبل ان يكون كورديا في مواجهة كافة التحديات التي تعترض مسيرتنا النبيلة, ولكن الاقدام على هذه الخطوة تتطلب اولا العمل الجاد والمسؤول في الشروع الى الحوار الكوردي-الكوردي على قاعدة الشفافية والصراحة التامة في جملة من القضايا التي اخذت مكانها في الصدارة, واولها دعم الثورة السورية وتنسيقياتها الشبابية, وعلينا ان نقر بان الحركة الوطنية الكوردية لا تشمل فقط مجموعة الاحزاب الموجودة ال -11- بل هناك قوى فاعلة واساسية, وبدونها لا تكتمل صورة اي مشروع وطني كوردي, وايضا قطع الطريق نهائيا امام النظام ومحاولاته الخبيثة للنيل من المكون الكوردي واستمالة موقفه وفصله عن الشأن السوري العام, وان الحياد لا يلبي مصالحنا الاستراتيجية, وعلينا جميعا ان نساهم في اسكات بعض الاصوات النشازة التي تصدر من هنا او هناك وتدعي بهتانا بان الكورد على مسافة واحدة من النظام والمعارضة السورية!! هؤلاء اختاروا طريق السلامة لانفسهم حتى لا يصطدموا مع النظام ويتعرضوا للأذى, وباتوا جزءا من السلطة, ويرون ما يراه النظام وسياساته.
وفي الختام, ما زلت متفائلا, ان البارتي سيأخذ دوره المطلوب من جديد, وسيعيد في بناء العلاقة مع شعبه والالتصاق به وايضا سيحسن اليه الاستماع والتحدث بلغته, ولا ضير في قراءة الاحداث من جديد ومراجعة الذات بقوة وشجاعة.
ولكم مني كل التقدير والاحترام.
نتج عن المؤتمر الوطني الاول لكورد سوريا, الالتزام الوطني والقومي في اتمام عملية الوحدة والاتحاد بين الطرفين المتخاصمين حينئذ (اليمين-اليسار) وذلك تحت اشراف قيادة وطنية مرحلية منتخبة للأنتقال الى الهدف المنشود في ترتيب البيت الكوردي السوري من جديد, والعودة الى منظومة “البارتي” التأسيسي.
لست هنا في صدد مناقشة الاسباب التي آلت اليه العملية الوحدوية المتعثرة وعدم دمج الجناحين, وغياب الضاغط الاساسي في دفع العملية الموعودة, ولكنني اود القول, بان المشروع لم ينجز والمسيرة لم تكتمل بعد, للأسباب الآتية:
اولا- عدم استجابة الطرفين من اليمين واليسار في حل عقديهما او اعلان وفاتهما, وذلك يعود الى جدية الحالة السياسية الاختلافية بينهما, وعلى شرعية اسباب وجودهما في المجتمع الكوردي, والتي حصلت في الخامس من آب عام 1965, حيث كانت صحية ولها مبرراتها الوجودية ومن ثم استمراريتهما الى وقتنا الحاضر, وتأثيرهما المباشر في صنع القرار السياسي الكوردي.
ثانيا- المشرفون على عملية الوحدة, مع التقدير والامتنان لنضالاتهم, لم يكونوا في مقام الحدث, من حيث الوعي والخبرة السياسية.
ثالثا- بعد العجز التام في اتمام المهمة, وفك الحجز عن التنظيمين وعودتهما مجددا الى العمل الحزبي وبنشاط اكبر, اعلنت القيادة المرحلية تنظيما ثالثا باسم (الحزب الديمقراطي الكوردي في سوري”البارتي”) وهذا يدعونا مجددا الى الاستنتاجات التالية:
آ- غياب القائد مصطفى البارزاني, وهو المشرع الاول لهذا المشروع القومي عن الساحة العراقية والكوردستانية, نتيجة خيانة العهود من قبل القيادة العراقية وتآمرها البغيض بحقه, بمؤازرة اطراف اقليمية ودولية معروفة, ومن ثم جعل المشروع في خبر كان.
ب- غياب القيادة المرحلية المؤقتة, وايداعهم السجن من قبل النظام السوري في عام1973, والتي اوكلت على نفسها الدور المطلوب في تأسيس البارتي من جديد.
هذين الحدثين الرهيبين, ادا الى تفكك “البارتي” بكل اسف وعزله عن العملية السياسية, وبات قاب قوسين او ادنى من حجمه التنظيمي والحزبي, نتيجة ظروف قاسية حلت به, وبالاضافة الى تدخلات اطراف كوردستانية والتي كانت بالاساس بالضد من هذا المشروع, وبايعاذ مباشر من دمشق للقضاء على هذه البادرة الوطنية التاريخية.
لم تتوقف الامور الى هذا الحد, بل طالت الانشقاقات الى البارتي نفسه, وتشظت نحو التقسيم والتفكك كمثيلاتها, ولم يبق اثرا يذكر للعهد الذي وقع في ناوبردان وعلى يد البارزاني الخالد تحديدا.
الصديق العزيز:
كان وما يزال, للبارزاني ونهجه الوقع الكبير على الذاكرة الكوردية القومية والسياسية في آن معا, وكان رائدا في رفع راية الحرية في مواجهة الدكتاتوريات المتعاقبة في المنطقة, وحين التذكير بمحاسنه التي لا تعد ولا تحصى, تتقدمها بانوراما من الثورات والانتفاضات التي قادها بكل جدارة, وعشقه الدائم لهم, وكان يؤمن من خلال مسيرته الطويلة بان الانسان لا قيمة له خارج هذا الحراك, بقي صامدا الى النهاية, ولم يلق السلاح, ولم يترك الجبل وحيدا, ولم يتخل عن البيشمركة لحظة واحدة, نحن الكورد في سوريا, نعشق البارزاني في نهجه الذي علمنا معاني الكوردياتي, والصبر, والصمود والتضحية, ترعرعنا على تعاليمه القومية والانسانية, ومن دون ذلك سيلفظنا البشر والحجر والشجر.
اعتقد ان الدور المطلوب للبارتي في هذه الايام المشهودة في تاريخ سوريا, كبير وهام في قيادة الثورة, ولكنني اود في هذه المناسبة ان احاور سكرتير البارتي حول بعض المسائل التي اثارها في عدد من مقالاته في الآونة الاخيرة و هو الآتي:
– كلمات الاصلاح و التغيير والاسقاط اخوات في الهدف, هذه الثلاثة اخذت مساحة واسعة في الثورة السورية الراهنة, وهذا دليل عافيتها ومسيرتها السلمية عبر هذه الشهور الخمسة, فهي بمثابة خطوات متدرجة وعلمية ثابتة من تطورها, من مرحلة الى اخرى, ومن بقعة ضوء الى مساحة اكبر واوسع, هذا النظام الشمولي كمثيلاتها لا تتحمل حتى لمسة الاصلاح, ونتذكر سويا كيف هوت الامبراطورية السوفياتية في اول خطوة من اصلاحها على يد الطيب الذكر -غورباتشوف- وبدأت كما رأينا جميعا بالانهيار والاسقاط النهائي.
– منذ اكثر من ثمانية عقود, تحديدا من تاريخ انطلاقة “خويبون” عام 1927 وحتى اللحظة, لم تستطع الحركات الكوردية السلمية في غرب كوردستان, قومية كانت ام ثقافية, تأمين او نزع اي حق قومي للشعب الكوردي, بل على العكس تماما, تمت محاصرة تطلعات الانسان الكوردي عبر تطبيق المشاريع العنصرية بحقه, ومحاولة انصهاره واقصاءه وابعاده حتى من الحقوق الانسانية والمدنية.
واليوم تتعالى بعض الاصوات الخجولة في تحديد السقف المطلبي لكورد سوريا, بالحكم الذاتي تارة والفيدرالية تارة اخرى, وهنا نصبح امام اسئلة محرجة وفي غاية الصعوبة للعثور على اجوبتهم المفترضة, اين الآليات التي بامكانها رفع وحماية هذه المطاليب؟ ما هي الوسائل المتوفرة لتكون عونا وسندا في خدمة هذه الاهداف النبيلة؟ أليست اكلاف ثورة ايلول المجيدة في سبيل الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي لكوردستان مئات بل آلاف الشهداء؟, هل الهروب الى الامام, وترك الشارع الكوردي وحيدا من جانبكم يصب في خدمة شعار الفيدرالية؟ اليس من الافضل والاجدى ان نتفاعل مع الثورة السورية والتي سبقتكم في عناقها مع القوى الكوردية الفاعلة؟
– نعلم جميعا, ان هناك ثوابت في النضال الكوردي السوري, وهي بمثابة استراتيجيات العمل النضالي, وهي على سبيل المثال- التفاعل القومي الوطني, ولا يمكن التلاعب بها مطلقا او الفصل بين المسارين, او المساهمة في العمل على الخلل او التقصير في حق ايهما على حساب الآخر, والجميع يعتقد, ان الثورة السورية الراهنة هي حراك سوري من الدرجة الاولى, لاتعني فئة وتقصي فئة اخرى, بل تعنينا جميعا, اذا كنا فعلا ملتزمين بثوابتنا القومية والوطنية.
– المعارضة السورية بكل اطيافها, تشكو من العجز الفكري والوطني, وهناك امراض مزمنة فتكت بنا جميعا, جراء سياسة البعث الاقصائي والانغلاق السياسي على مدى خمسة عقود خلت, وناضلت الحركة الكوردية في هذه المدة العسيرة في تمتين روابط العمل السياسي مع عدد كبير من المعارضين السوريين, وشاركت معها والى الآن الهم السوري من خلال المؤتمرات والتحالفات الوطنية والتي محل فخر واعتزاز لنا جميعا.
– اجل, تأسيس حركة وطنية كوردية من المهام العاجلة, وستكون بالتأكيد مطلبا وطنيا قبل ان يكون كورديا في مواجهة كافة التحديات التي تعترض مسيرتنا النبيلة, ولكن الاقدام على هذه الخطوة تتطلب اولا العمل الجاد والمسؤول في الشروع الى الحوار الكوردي-الكوردي على قاعدة الشفافية والصراحة التامة في جملة من القضايا التي اخذت مكانها في الصدارة, واولها دعم الثورة السورية وتنسيقياتها الشبابية, وعلينا ان نقر بان الحركة الوطنية الكوردية لا تشمل فقط مجموعة الاحزاب الموجودة ال -11- بل هناك قوى فاعلة واساسية, وبدونها لا تكتمل صورة اي مشروع وطني كوردي, وايضا قطع الطريق نهائيا امام النظام ومحاولاته الخبيثة للنيل من المكون الكوردي واستمالة موقفه وفصله عن الشأن السوري العام, وان الحياد لا يلبي مصالحنا الاستراتيجية, وعلينا جميعا ان نساهم في اسكات بعض الاصوات النشازة التي تصدر من هنا او هناك وتدعي بهتانا بان الكورد على مسافة واحدة من النظام والمعارضة السورية!! هؤلاء اختاروا طريق السلامة لانفسهم حتى لا يصطدموا مع النظام ويتعرضوا للأذى, وباتوا جزءا من السلطة, ويرون ما يراه النظام وسياساته.
وفي الختام, ما زلت متفائلا, ان البارتي سيأخذ دوره المطلوب من جديد, وسيعيد في بناء العلاقة مع شعبه والالتصاق به وايضا سيحسن اليه الاستماع والتحدث بلغته, ولا ضير في قراءة الاحداث من جديد ومراجعة الذات بقوة وشجاعة.
ولكم مني كل التقدير والاحترام.