إعلان ب ك ك إلغاء وقف إطلاق النار قرار خارج سياق التغيير في المنطقة

زيور العمر

أليس غريباً, خاصة في هذه المرحلة العصيبة و الحساسة من تاريخ المنطقة, أن يعلن حزب العمال الكردستاني إلغاء وقف إطلاق النار من جانب واحد, مع العلم أن جميع إعلانات وقف إطلاق النار في السابق كانت أيضاً من جانب و احد و لم يتجاوب معها الدولة التركية إيجابياً و لا مرة واحدة ؟ ألا ترى و تشاهد قيادة العمال الكردستاني حالة الغليان و الفوران التي تعيشها شعوب المنطقة , و الإنتصارات التاريخية التي حققتها حتى الآن , و بصورة سلمية , في كل من تونس و مصر , و التنازلات التي قدمتها حكومات اليمن و البحرين و سلطنة عمان و الجزائر و غيرها من أنظمة الإستبداد لشعوبها بغية إعادة الهدوء و الطمأنينة الى مضاجع أصنامها و أوثانها؟
لماذا لا تعلن قيادة العمال الكردستاني, بدلا من إعلان وقف إطلاق النار, مرحلة جديدة من المقاومة الشعبية السلمية , إسوة بباقي شعوب المنطقة , و هي تملك من الإمكانات و الطاقات و الأموال ما يكفي لمد هذه المقاومة الشعبية بالدعم و المساندة الضرورية إذا ما تحقق لها فرصة البدء و الإنطلاق ؟ إحتاجت شعوب تونس و مصر الى شهور و أعوام بالإعتماد على موقع التواصل الإجتماعي فيسبوك من أجل النزول الى الشوارع و الأزقة و الميادين , و تالياً إسقاط أنظمة مبارك و بن علي , بينما يمتلك العمال الكردستاني فضائية يشاهدها و يتابع برامجها و نداءاتها الملايين من أبناء الشعب الكردي في كردستان الشمالية و على مدار الثانية و ليست الساعة , فلماذا لا يستعملها من أجل دعوة الشعب الكردي الى الإنتفاضة الشعبية الشاملة في كل مدن و بلدات و قرى كردستان ؟ ألم يقل السيد أوجلان أنه لو قامت مظاهرة مليونية في مدينة آمد (دياربكر) على غرار المظاهرات المليونية في ميدان التحرير في مصر لتم حل القضية الكردية في تركيا ؟ و السؤال : لماذا لا تتم هذه الدعوة ؟ أليس حري بنا أن نثبت في ساحات الوغى و ميادين الفعل للعالم , بدلاً من صفحات الإنترنت , أن أردوغان كاذب و منافق عندما يدافع عن مطالب المحتجين و المتظاهرين في مصر , داعياً الرئيس المصري للإستسلام لإرادة شعبه المطالب بالحرية و الديمقراطية ؟ أين الملايين من أنصار حزب العمال الكردستاني , ليست في كردستان فحسب و إنما في المتروبولات التركية أيضاً, مع العلم أن عدد الكرد في إسطنبول يساوي عداد سكان ليبيا ؟ أين هي البلدات و المحافظات و المراكز التي إستولى عليها حزب المجتمع الديمقراطي في الإنتخابات الأخيرة ؟
لا شك أن العديد من المهتمين سيشاطرونني الرأي و القناعة حول أهمية الأسئلة السابقة , و ضرورة التوجه الى قيادة حزب العمال الكردستاني , و كل من يدافع عن خطه الإيديولوجي و السياسي , و مناقشة أسباب عدم تفاعل قيادته حتى الآن مع المتغيرات الإقليمية التي جسدتها إرادة الشعوب و تضحياتها في سبيل الحرية و الديمقراطية, خاصة و أن التجارب الحالية أثبت أن إنتفاضة شعبية قادرة على حسم نضالات طويلة الآمد بأقل الخسائر.


فطالما أن حزب العمال الكردستاني يطالب بحل ديمقراطي للقضية الكردية في تركيا يسمح بإدارة ديمقراطية ذاتية للشعب الكردي في مناطقه التاريخية , و ليس بإقامة دولة كردية مستقلة كما كان في السابق, فإن الإنتفاضة الشعبية ينسجم مع السياق السياسي للحل , و يتماشى  مع الأجواء الإقليمية و عواصفها , و يمتلك فرصة الحصول على الدعم و المساندة الدولية, و تشكل فرصة من جهة أخرى لوضع حكومة أردوغان على محك المصداقية و صدق المواقف .


من هنا فإن قرار إلغاء وقف إطلاق النار من حزب العمال الكردستاني , هو قرار خاطئ من حيث التوقيت و الظروف لأنه يأتي خارج سياق التغيير في المنطقة.

فكان الأجدى بالحزب أن يدعو في أسرع وقت ممكن الى الإنتفاضة الشعبية من أجل الحقوق القومية الديمقراطية للشعب الكردي في سوريا و ليس من أجل شئ أخر.

06/03/2011

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين لطالما كان الكرد في قلب الجغرافيا الشرق أوسطية أحد أكثر الشعوب تعرضاً للتهميش والاضطهاد القومي، بالرغم من كونهم يشكلون ثاني أكبر قومية في المنطقة بعد العرب، ويملكون تاريخاً عريقاً وثقافة غنية ومطالب سياسية مشروعة في الاعتراف بهويتهم القومية وحقوقهم في الحكم الذاتي أو المشاركة العادلة في السلطة. في تركيا وإيران وسوريا والعراق، تكررت السياسات ذاتها: إنكار…

دلدار بدرخان لم يعد اليوم بالأمر الصعب أن تكشف افتراءات وأضاليل الجهات التي تحاول تزوير التاريخ وتشويه الحقائق كما كان في السابق، فما هي إلا كبسة زر لتحصل على كامل المعلومات حول أي موضوع أو مادة ترغب بمعرفته، ولم يعد الأمر يحتاج إلى مراجع وكتب ضخمة غالبيتها مشبوهة ومغلوطة، بل يكفي الاتصال بالإنترنت، ووجود هاتف بسيط في متناول اليد، وبرنامج…

بوتان زيباري في قلب النقاشات، كانت الأصوات تتعالى لتؤكد أن هذه الأرض، التي يسميها البعض “كوردستان سوريا” أو “غرب كردستان”، ليست ملكًا حصريًا لقومية واحدة، وإن كان للكورد فيها حق الدم والعرق والتاريخ. بل يجب أن يُبنى الإقليم المرتجى بروحٍ تعترف بجميع مكوناته من عرب وآشوريين وسريان وغيرهم، كي لا يقع البناء الجديد فريسة لمرض القوميات الذي مزق سوريا…

عبدالباقي اليوسف بصفتي فاعلاً في الحراك السياسي ومتابعًا لتطورات الحركة الوطنية الكوردية على مدى عقود، واطلاعي العميق على برامج وأهداف مختلف الأحزاب الكوردية في سوريا، ومشاركتي في بعضها وأساليب نضالها، أؤكد أنه لم يدعُ أي حزب أو حركة كوردية قط إلى تقسيم سوريا. لقد استرعى انتباهي البيان الصادر عن الرئاسة السورية تعقيبًا على المؤتمر الوطني الأخير الذي عقدته الحركة في…