عضو اللجنة السياسية لحزب يكيتي الكردي في سورية
ذكرتني رواية هذه المسرحية بما نحن عليه الآن حيث النظام يعيش في وادٍ و يعشعش في جسده الفساد و المفسدين و الشعب السوري و التحركات الجماهيرية الثورية ذات الطابع السلمي الديمقراطي في العالم العربي في وادٍ آخر و بدأت قلاع الأنظمة الدكتاتورية و الشمولية و الأمنية تنهار واحدة تلو الأخرى (تونس , مصر) و أنظمة أخرى تقاوم بضراوة بغية الحفاظ على وجودها و مكتسباتها التاريخية /ليبيا , اليمن , البحرين / وأنظمة أخرى باتت تدرك حراجة ما هم فيه وتحاول جاهدة مواكبة هذه التحولات الكبيرة وتبدأ بعملية إصلاح و تصحيح ما أمكن في محاولة منها لتجنب السقوط المريع مثلما حصل لأقرانهم الآخرين /المغرب, الأردن, الجزائر, العراق/ وهناك أنظمة تدفع الرشوة السياسية بسخاء أملاً منها في إسكات الأفواه المطالبة بالحرية و الكرامة /السعودية ,عمان ,……./
أما في سورية فلا يزال النظام يعتمد على الأساليب التقليدية التي عفى عليها الدهر باستخدامه وسائل القمع الأمني المفرط و المحاكم الاستثنائية و فتح أبواب السجون على مصراعيها أمام أصحاب الرأي المخالف مستغلاً حالة جليد الخوف المتراكم منذ نصف قرن لدى الشعب السوري وكذلك استغلال الشعارات القومية و الوطنية التي لم يعد أحد يريد سماعها و أضحت خاوية من كل مضامينها النبيلة التي كانت قبل عقود من الزمن و من الواضح اليوم ان جليد الخوف الأمني لدى الشعب السوري بدأ بالذوبان التدريجي و إن كان ببطء لكن بقوة و ما حصل من تحركات جماهيرية ضاغطة منذ أيام في دمشق و القامشلي و درعا وحمص وبانياس ودير الزور ما هو إلاَ إنذار بقرب ذوبان الثلج وحدوث سيول وفيضانات مستقبلية لا قدرة للنظام على مواجهتها بوسائله التقليدية المعتادة /القمع الأمني , المحاكم الاستثنائية وكليشات التهم الجاهزة/ مثل (النيل من هيبة الدولة – إثارة الشغب ……) و ما يقصد به النظام النيل من هيبة الأجهزة الأمنية وهنا تبدو الصورة واضحة في اختزال الدولة بالأجهزة الأمنية لأنه لايوجد في سورية من يرغب أو يعمل على النيل من هيبة الدولة /كوطن و جغرافية/ لكن بالتأكيد هناك جهود حثيثة وقوية للنيل من هيبة الأجهزة الأمنية لكسر جليد الخوف الأمني المتراكم.
لأن رياح الحرية و الديمقراطية عاتية و قادمة بقوة و سوف تشمل جميع الدول العربية ولن تكون سوريا استثناءً للقاعدة بل تعتبر مثالاً نموذجياً للقاعدة , خاصة إذا علمنا أن العالم أصبح صغيراً جداً بحجم كمبيوتر أو جهاز خليوي و إن الوسائل الإعلامية المتطورة في يد كل مواطن و في كل بيت بحيث لم يعد يسمح لأي نظام استبدادي بممارسة قمعه دون حسيب أو رقيب , كذلك لم يعد بمقدور الحليف الخارجي و مهما كان قوياً أن يقف في وجه تطلعات الشعوب المطالبة بالحرية و العدالة و المساواة, وخير مثال على ذلك تخلي أمريكا و إسرائيل عن حليفهم القوي في المنطقة/ حسني مبارك/ و أُرغموا على تأييد ثورة الشباب و الحرية للشعب المصري و تركوا مبارك وحيداً لقدره المحتوم /المحاكمة العادلة له ولطاقمه/.
كما أن مفهوم السيادة الوطنية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية بدأت هي الأخرى تتهاوى أمام هدير الشعوب الطامحة للحرية و أرغمت جامعة الدول العربية و لأول مرة في تاريخها على سحب اعترافها بالنظام الليبي و الطلب من الأمم المتحدة بالتدخل لصالح الشعب الليبي الثائر و على إثره اتخذ مجلس الأمن القرار/1973/ في 17/3/2011 بالتدخل عسكرياً و المساهمة في إسقاط نظام القذافي لصالح الشعب وفق البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة , كما إن الرئيس اليمني بدأ يتهاوى أمام ضربات الجماهير و يستعد للرحيل أيضاً.
وإذا كانت هذه هي اللوحة السياسية اليوم فما على النظام إلاَ أن يترك كل سياساته و ممارساته السابقة و يبدأ باتخاذ القرارات الملائمة للمرحلة و للظرف السياسي الجديد وقد ذكرتُ بعضاً منها في مقالي السابق /النظام السوري و الخيار الاستراتيجي /و ان يذيل كل قرار او إجراء بعبارة (ينفذ قبل أن يذوب الثلج).