الوفاق: في البدايةً حبذا لو تقدم لنا نبذة عن حياتك النضالية ضمن مسيرة الحركة السياسية ؟.
لقد واكبت الحركة الكردية في سوريا منذ أواخر الستينيات من القرن الماضي أي في عام 1968 من خلال إنضمامي الى صفوف الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا ، حينها كان أسم الحزب (الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا) وفيما مضى في أواسط السبعينيات تغير اسم الحزب الى (التقدمي) ، وكوني من أهالي كوباني كان مجال عملي الحزبي في منطقتي حصراً مع مجموعة من رفاقي الذين كانوا يناضلون سراً داخل المجتمع .
وبما ان عملي الخاص كان يعتمد على التنقلات الكثيرة وهي أعمال تجارية ، فكنت أعمل حيثما وجدت (سوريا – لبنان – بلغاريا) وأخيراً كردستان العراق وفي المجالين التنظيمي والعلاقاتي ، وطوال مراحل ومناطق عملي كنت أعتمد على نفسي وأصرف من أموالي الخاصة دون أن أقدم فواتير صرفيات ، إلا ما ندر ، قد تكون مصاريف للمناسبات الخاصة وما شابه ، اما تنقلاتي الخاصة كنت أعتمد على نفسي الى هذه الساعة ، ولم اقبض في حياتي راتباً أو مساعدة من الحزب .
لان وضعي كان ميسوراً فأنا كنت أساعد وأغطي في بعض الحالات مصاريف تعجز منظمتنا من تغطيتها وحتى بعضاً من مصاريف مكتبنا في السليمانية في غياب صلاح درويش ولم أقدم له يوماً من الايام فاتورة مصاريف لانني كنت أفكر دائماً بأنه يجب علي أن أغطي مصاريف عملي الحزبي من وارداتي الخاصة وإلا سأكون ضعيفاً أمام الخصم.
أعتقد أن هذا جانب ذا أهمية كبيرة في حياة أي مناضل ، ولكن مع الأسف ، الكثير من المناضلين الشرفاء لا يستطيعون ذلك لعدم تمكنهم ، نظراً لوضعهم المادي الذي لا يساعدهم ، لكن هناك بعضاً من الرفاق لو لم يروا في الحزب فوائد مادية قد يهربون الى أمكنة قد لا يصدق فهذه هي الحياة علمتنا كثيراً وما زلنا جاهلين في مخابئه …ولا أحب التطرق نحو ظروف الاعتقالات والملاحقات ، ذلك أمر عادي …
الوفاق : في الآونة الاخيرة ، قرأنا على المواقع الالكترونية خبر عن تأسيس حركة الاصلاح ضمن الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا ، برأيكم ما هي الاسباب التي أدت الى ظهور هذه الحركة ضمن حزبكم ؟.
أحمد قاسم : إن حركة الاصلاح التي سمعتموها وتسمعونها الان ليست وليدة صدفة أو مزاج عدد من الاشخاص او نتيجة خلافات شخصية بين عدد من القياديين ، بل هي ولادة طبيعية و في مرحلة تاريخية ذات أهمية بالغة بالنسبة لحركتنا الكردية بشكل عام وحزبنا بشكل خاص .
لماذا حزبنا ؟ لاننا نملك تجربة تاريخية قوامها خمسون عاماً ، وتراكمات من الانجازات والانتكاسات قوامها العشرات من السنين حيث كونت عبئاً ثقيلاً على كاهلنا ونحن وصلنا الى ما وصلت إليه اليوم في أسوأ حالاتنا منذ التأسيس ، عندما أقول في أسوأ حالاتنا لا أبالغ بذلك قطعاً ، عندما أرى أن القيم النضالية بات من المحرمات التكلم عنها وأن المناضل الحقيقي منزوياً في زوايا انتكاساته المجتمعية وكأس نخبهم يرفع في فنادق خمس نجوم أو في أقبية مظلمة للتوقيع على صك نهاية حياتهم، من هنا تبدأ الانفجار ، ليعلن القهر عن نفسه بأبسط اللغات وينتج فكراً وثقافة جديدة ومتجددة.
إن الاعلان عن حركتنا ، جاءت في ظروف موضوعية حساسة ولا يخفى عليكم بأن نواة حركتنا بدأت كتيار داخل الحزب منذ عام 2000 وتطور ذلك التيار مع تطور المرحلة حيث واكبت الأزمات المتلاحقة وكان في عراك دائم مع المختلف والمهزوم داخل الحزب وفي كافة الاجتماعات الدورية والكونفرانسات والمؤتمرات ، إلا أن الظروف لم تساعده لإصلاح ما يراه مناسباً لاختلاف القوة والموازين بعد أن وقف سكرتير الحزب بالضد علنياً خلال مؤتمرنا الثاني عشر عام 2006 .
ليستثمر كل طاقاته ضد تيار الاصلاح والبدء بتصفيته فرداً فرداً ومن القيادة نزولاً الى القاعدة دون توقف.
جراء ذلك افتقدنا عديداً من مواقعنا القيادية التي استأثر بها سكرتير الحزب عن طريق استعمال المال أو التهديد والتخويف فكان الاستسلام من نصيب البعض والتمرد من البعض الاخر.
الوفاق : كونكم ممثل حركة الإصلاح في أقليم كردستان كيف أستقبلت الحركة الكردستانية بما فيه الاتحاد الوطني الكردستاني – الحليف لكم – هذه الحركة ؟.
أحمد قاسم : بداية ، أستقبل غالبية الاحزاب الكردية نبأ اعلان حركتنا بايجابية ، أعتقد انها كانت نتيجة لموقفهم من حميد درويش سكرتير حزبنا الذي لم يرحم أحداً ولم ينجو من أذيته أحد بسبب أو بغير سبب ، لكن تعاملهم وعلاقاتهم بحركتنا أخذت جانباً من الإهمال بعد أن تأكدوا بأن حركتنا ليست حركة إنشقاقية بل أنها حركة إصلاحية في إطار الحزب إستناداً الى المشروع المقدم الى سكرتير الحزب.
أما الأحزاب الكردستانية الأخرى تأسفوا كثيراً على أوضاعنا الداخلية ، إنهم غير راضين عن الانشقاق ونحن عاهدناهم على أننا لن ننشق وسنحاول إصلاح الحزب إن أمكن ولكن مع الأسف الشديد أن حميد درويش يدفعنا نحو ذلك الذي لم نرضى أن نوصل إليه وسنحاول التصدي لألاعيبه المختلفة قدر المستطاع .
فيما يخص الاتحاد الوطني الكردستاني الحليف ، إنهم لم يتدخلوا قطعاً في أمورنا الداخلية وهم أيضاً في الموقع المتأسف ويتمنون لحزبنا الخير ، علاقاتنا جيدة ، ونحن من جانبنا نتدارك خصوصيتهم ونحترم موقفهم الذي وقفوا عليه ، علماً أننا زودناهم بالعديد من الرسائل للاطلاع عليه وإن الباب مفتوح أمامهم من جانبنا على الأقل لتقديم أية بادرة خير ، لكننا لم نرى الجواب الكافي باعتقادنا .
الوفاق : برأيكم هل التوقيت مناسب لظهور حركة كهذه ، في هذه الفترة بالذات ؟.
أحمد فاسم : إنني أكدت على ذلك ، بأن حركتنا في حقيقتها كانت تياراً داخل الحزب ولكنها كانت غير معلنة .
إلا أن الظروف التي طرأت على الحزب مؤخراً فرضت نفسها علينا على أن نعلن من خلال وضع جملة من الحقائق أمام جماهيرنا في وقت أن أصواتنا كانت تخمد داخل الحزب وأن الحقائق تتغير عن طريق افتراءات وادعاءات لا أساس لها من الصحة ، والأهم من ذلك إننا عندما اصطدمنا بانهيار التحالف الديمقراطي والتجميد العمدي لأنشطة إعلان دمشق بُعيد اعتقالات القيادات ، رأينا حزبنا معزولاً بشكل كامل عن حركتنا السياسية وإن الجماهير أصبحت تنظر إلينا بعين الشك فما كان أمامنا إلا أن نعلن موقفنا علانية ، ومع ذلك سننشر رؤانا بطريقة ممنهجة عن طريق الإعلام وسنزود كافة المواقع الالكترونية ذلك ونتمنى ان تستفيد منها حركتنا السياسية أيضاً ، كما أعتقد أن الفترة الزمنية باتت لصالح أية حركة إصلاحية في وقت باتت حركتنا السياسية عبئاً ثقيلاً على كاهل مجتمعنا الكردي بشكل عام ، ولا أريد الدخول في التفاصيل ، كما أعتقد أن كل من له شأن في قضيتنا القومية والوطنية السورية يطالب الإصلاح داخل حركتنا ، ولذلك ، أعتقد أن الزمن قد يكون متأخراً بعض الشيء.
الوفاق : إن ظهور حركة إصلاح ضمن حزبكم ، حسب اعتقادنا سابقة فريدة من نوعها ، هل يمكنكم إصلاح ما ترونه ضمن الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا ، مع العلم أن الأستاذ حميد درويش مهيمن على كافة مفاصل الحزب ؟.
أحمد قاسم : اعتقد أن ظهور حركتنا بشكلها المعلن قد ترونها سابقة فريدة ، لماذا ؟ لأن ذلك لم يحصل من قبلنا .
إلا أن جوهر ذلك بدأت منذ الانشقاق الاول في الحزب عام 1965 وأصبحت سابقة فيما بعد على أنه لا يستطيع تيارين مختلفين داخل الحزب الواحد التعايش ، فيستوجب الانشقاق لذلك كنا نحن من يعلن لأول مرة حركة إصلاحية داخل الحزب الواحد وبهذا الحجم ، وأعتقد لن تكون الأخير .
نتمنى أن تكون تجربة للغير ويستفاد من واقعنا بما هو صالح لحركتنا وشعبنا .
أما ما يخص الأستاذ حميد درويش ، فلا نكنُّ له عداوة شخصية فان القضية تمس كرامة وقضية شعبنا فلا نساوم عليه أبداً ونحن نعلم مدى خطورة مسيرتنا التي اتخذناها بملىء إرادتنا ، وإن العمل السياسي الذي لا يخصبها التفكير بمصائر البشر والوطن والمواطن ، هي سياسة خليعة لا تستحق أن نحترمها ، وإننا على ثقة بأن صحة ما بدأناه ، وما نحن قائمون به لا رجعة عنه لانها تمس حياة أمة تنتظر منا شيئاً …
كما نحن لا نستهتر بإمكانيات حميد درويش وتجاربه طوال نصف قرن من الزمان ، ولكنه مهما حاول لا يستطيع التستر على الفساد الذي وقعوا فيه هو ومَن مِن حوله من المفسدين والزمن كفيل بمحاسبتهم وبعد ذلك يأتي قول شعبنا الحاسم.
الوفاق: رؤيتكم المستقبلية لحركة التحرر الكردي في سوريا؟.
أحمد قاسم: إنني متفائل للمستقبل ، متفائل ليس لحسن أداء حركتنا السياسية ، بل إنها للظروف التي تتحسن يوماً بعد يوم تنتصر فيها الحق على الباطل وما دمنا على الحق فسينهزم الباطل من أمامنا وستتحسن الظروف أكثر فأكثر وخذ العبرة من العراق اليوم والمستوى الذي وصل إليه شعبنا الكردي في ذلك الجزء من كردستان ، هل كنا نحلم بذلك وخصوصاً بعد عملية الأنفال والضربة الكيميائية لمدينة حلبجة عام 1988 ومن ثم تفريغ كردستان من البشر …..
الوفاق : كلمتكم الاخيرة ؟.
وشكراً لكم .