استمرار العنف … نحو المجهول

  افتتاحية جريدة الوحـدة*

يجمع معظم السوريين على اختلاف انتماءاتهم ومواقعهم وكذلك المراقبون وأوساط هامة من المجتمع الدولي، بأن الإفراج الفوري عن جميع المواطنين المعتقلين على خلفية التظاهرات السلمية المشروعة التي شملت العديد من المناطق والمدن وخصوصاً محافظة درعا الجريحة ، وفك الحصار عنها سريعاً ، تزامناً مع إلغاء التعامل بلغة الضرب والقتل بحق أي إنسان – مواطن أعزل ، مهما كان رأيه وفكره ، يشكل ضرورة وبداية لابد منها لتغليب إرادة ومسعى التوجه نحو المعقول ، بغية فتح صفحة جديدة تريح الضمير الوطني – الإنساني وتخدم الصالح العام في الحاضر والمستقبل ، وذلك بدل اعتماد أساليب القمع وسلوك العنف في سياق ركون السلطات إلى ترجيح الحل الأمني – العسكري واستمراره الذي يحمل الجميع باتجاه المجهول أو النفق المظلم إن جاز التعبير.
إن تصعيد حملات الاعتقال الكيفي – العشوائي بحق المئات من المواطنين الأبرياء العزل من مختلف المدن والمناطق السورية والتي شملت في الآونة الأخيرة اعتقال شخصيات وطنية بارزة كالسيدين عمر قشاش /84 سنة/ وفهمي اليوسف في حلب والسادة حسن عبد العظيم وجورج صبرا ومن قبلهما فائز سارة في دمشق والأستاذ عبد الله الخليل في الرقة والمربي عبد القادر الخزنوي وكثيرين غيرهم في القامشلي وغيرها … تشير إلى مدى استهتار السلطة بحياة وكرامة المواطن ، كما ترمز إلى وتيرة التشدد والحدية جراء حجم الهواجس والهلع حيال تظاهرات سلمية تنبذ العنف وامتهان كرامة وحرية المواطن ، وترفع عاليةً راية الإخاء والوحدة الوطنية تحت شعار (واحد واحد الشعب السوري واحد ) … فالأزمة البنيوية المركبة والشاملة التي تعيشها البلاد في ظل سياسات الحزب الواحد منذ عقود والاحتقان الذي تشهده سوريا اليوم لا يجوز ولا يمكن تناوله ومعالجته بلغة الأوامر والتعليمات الفوقية – الأمنية والعسكرية بل والحق يقال بأن الحكمة والعقل السياسي المنفتح ولغة الحوار الوطني الشامل والإصغاء إلى الرأي والرأي الآخر ورؤية معطيات الوضعين الإقليمي – العربي والدولي هو المدخل السليم والصحيح للخروج من الأزمة وليس التوتير والدفع نحو مخاطر المجهول.

*- الجريدة المركزية لحزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا – يكيتي – العدد (213) نيسان 2011

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…