أمجد عثمان
لا يكف المدقق الإملائي العربي في برنامج “المايكرو سوفت وورد” عن تنبيهي بخطٍ أحمرٍ مسننٍ ممتدٍ تحت كلمة “آزادي” كلما وردت في موضعٍ ما من صفحاته الرحبة، وهو –أي المدقق- يجعلني دائم القلق والحذر لكثرة الخطوط الحمراء التي تلاحقني تارةً حين أنطق “آزادي” وأخرى لأني أبارك “نوروز” وكلما تحدثت عن حبي لـ “ولات”، ولم يدرك هذا المدقق بعد كم أنا “سه ر هشك” وعنيد.
لا يكف المدقق الإملائي العربي في برنامج “المايكرو سوفت وورد” عن تنبيهي بخطٍ أحمرٍ مسننٍ ممتدٍ تحت كلمة “آزادي” كلما وردت في موضعٍ ما من صفحاته الرحبة، وهو –أي المدقق- يجعلني دائم القلق والحذر لكثرة الخطوط الحمراء التي تلاحقني تارةً حين أنطق “آزادي” وأخرى لأني أبارك “نوروز” وكلما تحدثت عن حبي لـ “ولات”، ولم يدرك هذا المدقق بعد كم أنا “سه ر هشك” وعنيد.
أن أتنصل من القول بأن تلك الخطوط الحمراء الكثيرة تربك مظهر النص فهذا لن يكون بالأمر المقبول، وهي –الخطوط الحمراء- دون شك فيها منافع في جانبها الوظيفي حيث تسهل محاصرتك للخطأ الإملائي حيثما كان فتتلافاه، لكنها تصبح إثماً وتزيد توتير النص، حينما تتعدى الخطأ الإملائي ومظهر النص إلى مضامينه وتشكيلاته الطبيعية المترادفة جنباً إلى جنب عبر مفرداتٍ عديدة ومتنوعة لا يفصل بينها سوى مسافة ما بين كتفين متراصتين.
وذات المشكلة تنسحب على معظم المدققين على اختلاف مهامهم وعناوينهم الوظيفية، فـ “آزادي” مفردةٌ كردية تعني الحرية، وتكون أسفل قوس المحكمة إثارةً للنعرات (الطائفية)، ولا داعي للاستغراب فلكي تكون متهماً بإثارة النعرات الطائفية يكفي أن تكون كردياً أو آشورياً أو أرمنياً وأن تعتز بذلك، حينها عليك أن تتقبل خطوط المدقق الإملائي الحمراء وإذا أردت إضافتها للقاموس عليك أن تلجأ في سعيك هذا إلى كل الوسائل والسبل السلمية المتاحة.
لكن قوم المدققين الذين مرّ ذكرهم وذاع صيتهم جميعاً لم يكونوا يوماً في وارد الاقتناع بأن يُقدم أهالي حمص ودرعا وبانياس ودير الزور وغيرهم على إثارة النعرات الوطنية بخروجهم للتظاهر والمطالبة بالآزادي لسوريا، في جمعةٍ سميت بآزادي.
دوما كنا كأكراد سوريين نُسأل عن الثقافة الكردية، وكان السؤال يبطن دوماً بإساءاتٍ عن قصد أو دونه، هل توجد ثقافة كردية؟!
لا شعب بدون ثقافة، والشعب الذي يعرف الحرية لاشك هو شعب حي، ولا بد أن ثقافته أصيلة متجددة، ورغم أن لغته حوصرت ولا تزال، مدة قرنٍ من الزمن، تحت طائلة الحجز والعزل والتهميش، إلا أنها وبعد مئة عامٍ من الإطراق قررت إلقاء الدرس الأول في اللغة الكردية، وعنوان الدرس كان “الحرية” كان “آزادي“.
هذا الإنجاز يسجل لحراك الشباب الكرد الذي استجاب للفزعة الوطنية ويرجع أيضاً إلى صحوة السوريين عامةً نحو الحس الوطني المسؤول والبعيد عن تلك المعتقدات (الخالدة) حول الهوية الوطنية الأحادية.
لقد أقر الشباب السوري في جمعة أزادي بفكرة التعدد القومي في سوريا، هذا الإقرار الذي طالما حاولت الحركة السياسية الكردية في سوريا طوال عقود أن تنتزعه من السلطة ومن بعض أطراف المعارضة الممانعين على حد سواء، وفي أحسن الأحوال كان يتم الإقرار بوجود الكرد في سوريا كضيوفٍ مكرمين وفي أحسنها وأفضلها أُقر بوجود الكرد برتبة ضيوف شرف، لكن الأكراد ليسوا ضيوفاً شرفيين، وإنما أكرادٌ سوريين، لهم حقوقٌ قومية وعليهم واجبات والتزامات وطنية.
لن أجد حرجاً بعد اليوم في استبدالي كلمة الحرية بكلمة آزادي في أي مقالٍ أكتبه، فآزادي اليوم باتت أثبت من الوشم في الوجدان السوري، ولم يبق في سوريا جاهلاً بما تعنيه، مخيراً كان أم مسيراً، بسهولة سيفهمني كل سوريٍ مثلي، إذا ما قلت له تعيش آزادي أو تحيا الآزادية أو مبروك عليك آزاديتك.
خطوط المدقق الإملائي الحمراء لن توتر النص السوري بعد اليوم، فـ “آزادي” والحق يقال ليست في القاموس العربي، ليست كلمةً عربية، لكنها اليوم ورغم كل الخطوط المسننة دخلت المعجم السوري.
….
نوروز : العيد القومي عند الكرد
– ولات : الوطن
– سه ر هشك : عنيد
Amjad_ib@hotmail.com
لكن قوم المدققين الذين مرّ ذكرهم وذاع صيتهم جميعاً لم يكونوا يوماً في وارد الاقتناع بأن يُقدم أهالي حمص ودرعا وبانياس ودير الزور وغيرهم على إثارة النعرات الوطنية بخروجهم للتظاهر والمطالبة بالآزادي لسوريا، في جمعةٍ سميت بآزادي.
دوما كنا كأكراد سوريين نُسأل عن الثقافة الكردية، وكان السؤال يبطن دوماً بإساءاتٍ عن قصد أو دونه، هل توجد ثقافة كردية؟!
لا شعب بدون ثقافة، والشعب الذي يعرف الحرية لاشك هو شعب حي، ولا بد أن ثقافته أصيلة متجددة، ورغم أن لغته حوصرت ولا تزال، مدة قرنٍ من الزمن، تحت طائلة الحجز والعزل والتهميش، إلا أنها وبعد مئة عامٍ من الإطراق قررت إلقاء الدرس الأول في اللغة الكردية، وعنوان الدرس كان “الحرية” كان “آزادي“.
هذا الإنجاز يسجل لحراك الشباب الكرد الذي استجاب للفزعة الوطنية ويرجع أيضاً إلى صحوة السوريين عامةً نحو الحس الوطني المسؤول والبعيد عن تلك المعتقدات (الخالدة) حول الهوية الوطنية الأحادية.
لقد أقر الشباب السوري في جمعة أزادي بفكرة التعدد القومي في سوريا، هذا الإقرار الذي طالما حاولت الحركة السياسية الكردية في سوريا طوال عقود أن تنتزعه من السلطة ومن بعض أطراف المعارضة الممانعين على حد سواء، وفي أحسن الأحوال كان يتم الإقرار بوجود الكرد في سوريا كضيوفٍ مكرمين وفي أحسنها وأفضلها أُقر بوجود الكرد برتبة ضيوف شرف، لكن الأكراد ليسوا ضيوفاً شرفيين، وإنما أكرادٌ سوريين، لهم حقوقٌ قومية وعليهم واجبات والتزامات وطنية.
لن أجد حرجاً بعد اليوم في استبدالي كلمة الحرية بكلمة آزادي في أي مقالٍ أكتبه، فآزادي اليوم باتت أثبت من الوشم في الوجدان السوري، ولم يبق في سوريا جاهلاً بما تعنيه، مخيراً كان أم مسيراً، بسهولة سيفهمني كل سوريٍ مثلي، إذا ما قلت له تعيش آزادي أو تحيا الآزادية أو مبروك عليك آزاديتك.
خطوط المدقق الإملائي الحمراء لن توتر النص السوري بعد اليوم، فـ “آزادي” والحق يقال ليست في القاموس العربي، ليست كلمةً عربية، لكنها اليوم ورغم كل الخطوط المسننة دخلت المعجم السوري.
….
نوروز : العيد القومي عند الكرد
– ولات : الوطن
– سه ر هشك : عنيد
Amjad_ib@hotmail.com
إيلاف..