قمة الفشل العربي في عاصمة (الثقافة العربية)

فرحان مرعي

لمدة شهرين وأكثر ووليد المعلم وزير خارجية النظام السوري ينتقل مكوكياً بين الدول العربية ويتوسل الملوك والأمراء وقادة العرب لإقناعهم للحضور إلى دمشق للمشاركة في أعمال القمة العربية وعلى اثر هذه الدعوات اجتمعت قادة العرب في قمم مصغرة ، ثنائية، ثلاثية ، إقليمية ، سعودية مصرية و أردنية، خليجية، لاتخاذ مواقف موحدة بشأن الحضور ، والكل في الحقيقة كانوا مترددين ، وتشعبت الآراء ، حول تأجيل القمة أو نقلها لدولة أخرى، والسبب هو إن الدولة المضيفة علاقاتها سيئة مع معظم الدول العربية وهي المشكلة في هذه العلاقات، وليست الحل
مثل العلاقات مع  السعودية، مصر، الأردن، العراق، لبنان، فلسطين، وبعبارة صريحة ،هي الدولة المعرقلة  للعلاقات العربية -العربية والمخربة للأوضاع الداخلية في العراق ولبنان وفلسطين ،
في النتيجة إن معظم رؤساء العرب لم يحضروا ومن حضر جاء من باب رفع العتب وكان التمثيل بشكل عام هزيل وضعيف ولذلك بدت القمة فاشلة قبل انعقادها وفاشلة بامتياز وبكل المعايير والمقاييس رغم التطبيل والتذمير الذي أحدثه أجهزة النظام السورية المختلفة بان القمة ناجحة قبل انعقادها.


وفي تحليل بسيط وبالاستناد إلى الوضع العربي العام والعلاقات العربية- العربية كان يمكن إن نستنتج سلفاً بان القمة فاشلة وان مجرد انعقادها مؤشر على فشلها لان القضايا المطروحة على القمة من الصعب حلها ضمن الظروف الحالية من العلاقات العربية القائمة وبسبب جملة من القضايا العربية المعقدة والتي هي كبيرة بحيث لن يستطيع المجتمعون على حلها، مثل الاقتتال الداخلي في فلسطين والعراق والصومال والسودان والأزمة السياسية في لبنان والأوضاع الداخلية السيئة في جميع الدول العربية وخاصة في مجالات حقوق الإنسان والحريات والتنمية , وبالعكس لو لم تنعقد القمة لكان ذلك مؤشر ايجابي على إن الدول العربية متفقة وبصراحة على إنها لا تسطيع إن تقدم حلولاً لمجمل القضايا المطروحة الداخلية والخارجية والإقليمية ومن الأفضل عليها إن تتريث إلى حين  ووقت مناسب آخر .

ولم يبقى للنظام أمام الفشل المتوقع للقمة سوى الحرص على بعض مظاهر البروتوكول والمراسيم ومظاهر الفخفخة والأبهة وإعطاء صورة جميلة للعاصمة دمشق، وفي الحقيقة تحولت العاصمة قبيل انعقاد القمة إلى ورشة عمل دائمة لتنظيف وتبليط الشوارع وتبييض المنازل وزرع الشجر على جانبي الطرقات المؤدية إلى المطار وقصر المؤتمرات ,,, ولكن هل من الممكن إن ينخدع المؤتمرون بهذه المظاهر وتخفى عليهم عورات النظام الداخلية والخارجية ؟؟؟ إذا كان النظام يريد فعلاً أعطاء صورة جميلة لدمشق- عاصمة الثقافة العربية- عليها إن تقوم في بادرة حسن نية بتبييض السجون والإفراج عن المعتقلين السياسيين والمثقفين وسجناء الرأي والضمير وإلغاء الأحكام العرفية وإنهاء حالة الطوارئ والقيام بتنمية حقيقية في البلاد ومكافحة الفساد وتحسين علاقاتها العربية وإنهاء تدخلها في شؤونهم الداخلية وتحسين صورتها في مجال حقوق الإنسان  ووو الخ الخ عند ذلك ستتوافق الصورة الخارجية البراقة مع الصورة الجوانية ، ولكن بدلاً من هذا ، بدلاً من الالتفات إلى مصالح الناس قام النظام قبيل انعقاد القمة بتدشين المؤتمر بالدم فقتل أكراد أبرياء عزل وهم يعبرون عن فرحتهم بطريقتهم الخاصة بعيد نوروز أنهم قاموا بجريمتهم تلك عن سابق إصرار وترصد وكأنهم بهذه الجريمة النكراء يبعثون برسائل إلى شعبهم والقادة العرب القادمون إلى القمة- مؤكدين- انه لا تغيير ولا تحول في سياسة النظام  وان القمة محطة عبور روتينية  لن تقدم ولن تؤخر .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في عالم السياسة، كما في الحياة اليومية عندما نقود آلية ونسير في الشوارع والطرقات ، ويصادفنا منعطف اونسعى إلى العودة لاي سبب ، هناك من يلتزم المسار بهدوء ، وهناك من “يكوّع” فجأة عند أول منعطف دون سابق إنذار. فالتكويع مصطلح شعبي مشتق من سلوك السائق الذي ينحرف بشكل مفاجئ دون إعطاء إشارة، لكنه في السياسة يكتسب…

إبراهيم اليوسف توطئة واستعادة: لا تظهر الحقائق كما هي، في الأزمنة والمراحل العصيبةٍ، بل تُدارُ-عادة- وعلى ضوء التجربة، بمنطق المؤامرة والتضليل، إذ أنه بعد زيارتنا لأوروبا عام 2004، أخذ التهديد ضدنا: الشهيد مشعل التمو وأنا طابعًا أكثر خبثًا، وأكثر استهدافًا وإجراماً إرهابياً. لم أكن ممن يعلن عن ذلك سريعاً، بل كنت أتحين التوقيت المناسب، حين يزول الخطر وتنجلي…

خوشناف سليمان ديبو بعد غياب امتدّ ثلاثة وأربعين عاماً، زرتُ أخيراً مسقط رأسي في “روجآفاي كُردستان”. كانت زيارة أشبه بلقاءٍ بين ذاكرة قديمة وواقع بدا كأن الزمن مرّ بجانبه دون أن يلامسه. خلال هذه السنوات الطويلة، تبدّلت الخرائط وتغيّرت الأمكنة والوجوه؛ ومع ذلك، ظلت الشوارع والأزقة والمباني على حالها كما كانت، بل بدت أشد قتامة وكآبة. البيوت هي ذاتها،…

اكرم حسين في المشهد السياسي الكردي السوري، الذي يتسم غالباً بالحذر والتردد في الإقرار بالأخطاء، تأتي رسالة عضو الهيئة الرئاسية للمجلس الوطني الكردي، السيد سليمان أوسو، حيث نشرها على صفحته الشخصية ، بعد انعقاد “كونفرانس وحدة الصف والموقف الكردي “، كموقف إيجابي ، يستحق التقدير. فقد حملت رسالته اعتذاراً صريحاً لمجموعة واسعة من المثقفين والأكاديميين والشخصيات الوطنية ومنظمات المجتمع المدني،…