ماهية العلاقة بين الثقافة والسياسة..!

  دهام حسن

يتواصل الجدل حول ماهية العلاقة بين الثقافة والسياسة، وسيظل العراك يأخذ حيزا من الجدل في الحقلين الثقافي والسياسي، لا تخبو ناره، فإحداهما لا بد أن تستحضر الأخرى، لا كنقيضين، بل لما بينهما من علاقات شائكة، حيث تتداخل مجالاتهما، وتتشابكان في الممارسة العملية، وإن اختلفتا في الرؤية والأسلوب، بل ربما تعاكستا في النظر والتحليل، فلكل من السياسي والمثقف نظرته وخطابه وأدواته..
إن الثقافة تتميز عادة بحيوية الحركة، والانفتاح، والتحاور، وتجاوز الواقع المعيش، واستشراف المستقبل، بخلاف السياسة، التي كثيرا ما ترى في الثبات على الموقف ولو كان خاطئا، وتكريس الواقع القائم، ولجم العقل المفكر، وقمع المخالف، كل هذا في جعبة السياسي في سبيل الحفاظ على النظم بشكلها القائم، تلك النظم المؤطرة بسياج العنف غالبا، فضلا عن أساليب المخاتلة والأنانية، فالسياسي الحاكم لا يروق له سوى الثقافة الامتثالية، السياسة المتماشية مع توجهات السلطة السياسية…
 إن سريان هذا العراك، أو ما يوهم بالتضاد ظاهريا بين الثقافة والسياسة فعل سلبي، ينشئ مناخات غير صحية، يقوض ماهية الثقافة وحيويتها، فالثقافة  تزدهر أساسا على  مناخات من الحرية، وعلى التنوع، لكي تكتسب الغنى، وتزداد نموا باضطراد، إذ لا بد من إقامة علاقة جدل وحوار بين الطرفين، أو الحقلين، الثقافي والسياسي، حتى لا نعيش في فراغ ثقافي، أو في ثقافة ملاحقة من قبل السلطة الاستبدادية، بل لابد أن تأخذ  العلاقة منحى من التفاعل، يعود بالجدوى على الطرفين…
إن المثقف يسعى لتجاوز الواقع المعيش، والتطلع نحو الأفضل، سواء أكان الواقع حسنا أم سيئا.؟ فالركود والإيهام، ليسا من طبيعة الثقافة، والقول بأن كل شيء حسن وعلى ما يرام، غير لائق كرداء ثقافي يتدثر به بعض السياسيين، وما عاد  التجميل بالمساحيق ينطلي على ذائقة وباصرة أحد، ولا يتلاءم بالأساس مع كينونة الثقافة المشرئبة أبدا نحو نشدان حالات أكثر كمالا..
 إن السياسة الاستبدادية للسياسي الحاكم، تؤدي إلى عقم وجفاف المجتمع، لينتهي به إلى ما يشبه الخواء الثقافي، إلى الخراب، إلى حقل بور، فتصور اليوم  كيف تكون حال الثقافة في أفغانستان، بعد  أن مرت بمناخات من الفقر وفي أجواء من الاستبداد الطويل، فالفكر الذي لا يستجيب لمقتضيات الحياة، جراء قمع السياسة الحاكمة له، لا بد له أن ينكفئ على نفسه ويتكلس إن لم ينته، إن النظم الاستبدادية تتخوف من الثقافة حينما تستحوذ على أذهان الجماهير، وتتحول إلى قوة مادية، لها التأثير في التحولات الجارية؛  فقد نقل عن لويس السادس عشر في سجنه قوله، بعد أن رأى نتيجة أعمال فولتير وروسو، واستقطابهما للناس بالضد من النظام الملكي، قال: لقد دمر هذان الرجلان فرنسا، وهو كان يقصد بالتدمير، هو تدمير النظام الملكي في فرنسا..
المثقف كثيرا ما ينخرط في العمل الحزبي اليومي، فيفقد بالتالي كثيرا من جاذبيته واستقلاليته، ووجدنا فيهم من حوربوا من داخل أحزابهم بسبب مخالفتهم لتزمت القائد أو القيادة، أو عدم قدرتهم الاستمرار في الإطار الضيق للحزب، وعدم امتثاله الأعمى لإرادتهم وتوجهاتهم، فيتضايق السياسي القائد لفلسفة المثقف التابع، وهنا يكون الفصام بين السياسي والمثقف، لهذا فالأخير يريد أن يتابع دوره خارج التنظيم، وإما.! فلا بد من الانصياع الأعمى بالنسبة للمثقف، وهنا المقصود بالمثقف الانتهازي… وطبعا هناك حالات أخرى، قد لا تكون بهذه الحدية، إن أحابيل السياسة، تشبك المثقف الحزبي بمسارات  وتكتيكات، من الصعوبة التوالف بين المثقف المفكر والسياسي غير المثقف في داخل التنظيم الواحد، وهذا الأخير كثيرا ما يقود المثقف، ويرسم له خطط العمل،  بخواء فكره وإدارته التنظيمية الفجة…
المثقف الحزبي لا يتحمل الصراعات الواهية داخل الحزب, المثقف كمفكر يهتدي بالعلم، ويتابع التغيرات في حقول الفكر، لكي يواكب التجديد، بعكس السياسي المثقف الذي ربما تربطه المصلحة السياسية فلا يغامر في البحث والتجديد، وهنا يحضرني قول الإمام الغزالي : السلامة في الاتباع والخطر في البحث، وهو لو حاول التظاهر بالبحث ولاجتهاد فلسوف يغشى عمله طابع الركون، المثقف استراتيجي أكثر مما هو سياسي تكتيكي، المثقف رصيده نتاجه الإبداعي، والسياسي سواء أكان مثقفا أم لا، فسلاحه سلطته الحزبية أو السياسية..

لهذا فالتناقض والتنافس سيظل قائما بين المثقف والسياسي، مع الإقرار بأن السياسة لا يمكن لها أن تستغني عن الثقافة….

ألا ترون معي وكأننا نتكلم عن المثقف المثالي النموذجي، وهذا بالحقيقة ما قصدته، ولم أقصد به المثقف النرجسي الذي يعيش في برجه العاجي كالبهيمة يدير ظهره لآلام البشر، ولا يعر باله لما يجري، بل تراه يتفلسف على الجميع، وهو بهذا الموقف يخدم السلطة دون أن يدري، ولو لم يرد ذلك..
يتميز دور المثقف بالتنوير، فهو وحده القادر على قراءة الواقع، وسعيه الدائب لتجاوزه، وترجمة أفكاره بالممارسة والعمل، لما يتمتع بميزتين، الخلفية المعرفية، وسلاح النقد، والمثقف بالتالي شاء أم أبى، يجد نفسه أمام خيارين، إما ممالأة سياسة السلطة القائمة، وهذا لن يتم ولو ارتمت فئة منهم في أحضانها، والسبات على أفكارهم دون إثارة أية ضجة ضد السلطة الحاكمة، وكما هو معلوم فمن المستحيل تأطير المثقفين في دارة واحدة مغلقة..

أما الخيار الثاني فهو الوقوف إلى جانب الشعوب وهذا هو التطلب اللازم والمستوجب من المثقف، وعليه بالتالي النهوض به، مهما ثقلت به كواهله..
لا  شك إن السلطة تعمد عادة على تنميط الثقافة، على شكل كتب مدرسية، لا تغني ولا تسمن، والرقابة العامة على الشوارد منها، وقصقصة بعض البرامج في وسائل الإعلام المختلفة، كما أنها تعمل على تسليع الثقافة، باستمالة المثقف، وشراء  بضاعته، واستهلاكها في المكاتب بعد (تشذيبها) وهنا لا يفوتنا من التذكير بالمثقف، فهو إما أن يلتزم بسياسة الدولة، أو أن يكون في الضفة الأخرى من الالتزام  بقضايا الشعب، كما قلنا قبل قليل…
علينا هنا أن لا نفهم التزام المثقف بإطاره الضيق، أي أنه منتظم في خلية حزبية، يأتمر بمنهج الحزب، ويخضع لقيادته السياسية، وهذا ما عرف عن المثقف الشيوعي الاشتراكي، الالتزام بالواقعية الاشتراكية، وفق السياسة التي تنهجها تلك القيادة، دون أن يكون له الحق في الاجتهاد ومخالفة الترسيمة التي يضعها القائد أو القيادة، فالالتزام ليس بالضرورة أن يكون التزاما حزبيا، سواء أكان ماركسيا، أم قوميا، أم دينيا.؟ بل ينبغي أن يكون الالتزام بقضايا الوطن، والانحياز للطبقات الكادحة الفقيرة، التي تستغل من قبل ملوك الاستغلال، والاستثمار، وأباطرة المال، المثقف الملتزم هو المثقف العضوي في الجماعة، هو ذلك الإنسان الملتزم بقضايا الحرية والعدالة، الملتزم بالقضايا الإنسانية والوطنية، هو المثقف الذي مكانه أبدا خارج أبنية السلطة…هذا هو برأيي معنى الالتزام…
يتوجب على السياسي أن يتعامل مع السياسة كفكر، ويبني إستراتيجيته النضالية على أساس ذلك، لكن اعتماده في الغالب يقوم على التكتيك، الذي كثيرا ما يضلل صاحبه، وما تصدر عن السياسيين من أفكار ثقافية، هي بمثابة ردات فعل آنية، فسرعان ما يعزفون عنها، بسبب المسكون الأيديولوجي والتاريخ النضالي المديد، ودون تحليل موضوعي للواقع وأخذه بالحسبان، ودون التنبه للتفاعل والتلاقح بين الفكر العربي والفكر الغربي، الذي تمخض عن ولادة أو كينونة جديدة في الفكر، لكن الحاكم السياسي يظل يعيش في الماضي، وهنا لا بأس من التذكير بكلام أدونيس: إن جسدنا يعيش في عالم حديث، وفكرنا يعيش في عالم قديم….
إن الصراع سيظل قائما بين الحاكم والمثقف، فالأول بوصفه سلطة سياسية، والآخر كونه سلطة معرفية؛ فهذا سلاحه السيف، وذاك سلاحه المعرفة والقلم، والحاكم بالتالي يحاول احتكار الثقافة، وتدجين المثقفين، فلا يعجبه سوى الثقافة الامتثالية كما قلنا، لهذا فهو يسعى لإشاعة ثقافة الخوف، وشراء الذمم، ولا يسمح بالاختلاف في الرأي والتنوع، وإن سمح به، فلن يكون إلا في حيز ضيق دون تأثير، وقد تتطوع شريحة دونية للقيام بهذه المهمة، وهي لا تجيد سوى لغة النفاق، وحمل المباخر بتعبير أحدهم، مثل هذه الفئة همها الانخراط في سلك الدولة اشتهاء لمنصب يدر له ما يدر..

لهذا فكثيرا ما تخلع السلطة السياسية المستبدة ألقابا على المثقفين العضويين، فتعتبرهم نخبويين ويوتوبيين، ويفتقدون بالتالي الانضباط والغيرية…
علينا هنا أن ننوه من أن إشكالية المثقف ليست مع السياسي بشكل عام، بل مع السياسي غير الديمقراطي، فلا ينبغي أن يفرض السياسي نفسه كطرف على المثقف ، فلا بد من ثقافة الحوار، وغلبة الجانب المعرفي على الجانب الحزبي، والاعتراف بحق الآخر المختلف، فثقافة الحوار لا يمكن أن تجود بها إحدى القوى بمفردها، إذ لا بد أن ينطلق أوسع حركة حوار من المجتمع بكافة مكوناته، دون أن يحتكرها طرف دون آخر، لا بد من التعددية في الرأي، لأن من مضامين التعددية حرية الرأي، ولا يمكن فهم التعددية بمعزل عن الديمقراطية..ولا بأس من التنويه بمأثور فولتير إذ يقول : (أخالفك في الرأي، ولكنني أقاتل دفاعا عن حريتك في التعبير عن رأيك) فلا بد إذن من الإشادة بفضيلة التعددية، التي سوف تنتج قوى الاعتدال، وفي ظل المجتمع المدني، فتلك القوى من المؤمل أن تضبط آليات الصراع المدمرة، فالتعددية تؤسس للصراع السلمي، أو فلنقل بلغة ملطفة، بالمنافسة والمزاحمة السلمية، دون سيطرة أو تدمير..
أحيانا تكون معاناة المثقف المنضوي تحت لواء حزب ما مزدوجة، فهو يكتوي فضلا عن نار استبداد النظام، بنار السلطة الحزبية، فكثيرا ما وجدنا نحن الشيوعيين وجوب  الولاء القسري من قبل المثقفين لسلطة الحزب السياسية، وأردنا منهم ثقافة امتثالية، أكثر منها اجتهادا وفكرا، كثيرا ما كان الحزب يجّمل الواقع السياسي في حين أن المثقف كان يرى خلاف ذلك، فيقوم بتعرية هذا الواقع… حتى الحزب السياسي وهو خارج السلطة، كان لا يسمح ــ  كما عهدناه ــ  بالتنوع في الرؤى، ولا بالحوار الجدي لاستمزاج الآراء، مع غياب الديمقراطية في المؤسسات الحزبية، وانتشار ظاهرة عبادة الفرد؛ لهذا فمثل هذا الخوف ينسحب على المثقفين في الأحزاب حتى لو لم تكن بيدها مقاليد الحكم، فالسلطة هي السلطة وإن اختلفت درجات تعسفها…
كثيرا ما نسمع عن الانتقادات الفاترة اليوم، من جانب رفاقنا وأصدقائنا، والحقيقة أن مثل هذا النقد هو موجه بالأساس إلى حقبة ما، ماضية ، وهذا ما اعتدنا عليه، أما الحاضر فدائما بألف خير، وهو فوق النقد؛ ومتى أصبح الحاضر بعد حقبة ماضيا، يمكن حينها نقده كمرحلة سالفة، وفي مثل هذا النقد الفاتر شيء من إعفاء الذات من الخطايا والمسؤولية ماضيا وراهنا أولا، وإرضاء للسلطة الحاكمة ثانيا، لأن هكذا نقد، كثيرا ما يكون استئناسا بتوجهات السلطة الحاكمة، فعند وجود الحزب تحت خيمة السلطة حينها يخف النقد وقد يغيب بعد أن يتشابك الحزب السياسي مع السلطة  في أواصر وروابط عديدة، ومتى غاب أو انتفى النقد الذاتي، فمعنى هذا إن الحزب بنشاطه راضيا عن نفسه، وبالتالي فالواقع أيضا بألف خير…
 إن على الحزب أي حزب كان، لكي يكون منسجما مع نهجه، أن يقوم باستعراض سياسته، يراجعها، ويستذكر نقاط الضعف فيها، وحالات الأخطاء، لكي يتجاوزها، كما يتوجب عليه أن يضغط على النظام القائم أي نظام كان، لأن هناك مئات، بل آلاف القضايا التي بحاجة إلى التناول والمعالجة، ناهيك عن الانتهاكات عند بعض النظم… كما ينبغي على الحزب أن يتقبل من المثقفين نقدهم، وأن ينشره بصحافته، واجتماعاته الحزبية، ويتدارسها الرفاق بمكاتبهم ومؤسساتهم، فنقد الماضي وحده لا يكفي، عندما يكون الحاضر أيضا مأزوما بمرآة المثقفين، وفيه من الأخطاء ما لا يمكن نفيه أو تجميله…
إن المثقف كونه يمتلك قدرا من المعرفة، فهو في نشاطاته البحثية، ومعالجاته الفكرية، سواء شاء أم أبى يمارس السياسة…لأنه في معالجاته لا بد له أن يناصر اتجاها، ويعادي اتجاها آخر مناقضا للاتجاه الأول، فضلا من أنه يتناول المسائل بموضوعية، وهو عادة يتوسل العلم، والمعرفة المتاحة، مستأنسا بالتنوع الثقافي المتاح له، والتي تيسرها تجارب الشعوب والدول…

رغم كل ما يحدق بالمثقف، نقول مع علي حرب على المثقف أن يمارس سلطته المعرفية، ويسعى لصوغ الأفكار في أتون المعركة، ويتفاعل عضويا مع المجتمع، ودائما يعود لمراجعة نفسه، ليبقى في علاقة نقدية مع ذاته… فإذا كانت السياسة الاستبدادية تحاول إفراغ كل التنظيمات من مضامينها النضالية، وتهميشها، وإبقاءها في هياكل تنظيمية خاوية دون محتوى فاعل ومؤثر، فهي أيضا تسعى لضبط المثقفين، وحصر نشاطهم في اتجاه معين، هو خدمة السلطة، لكن المثقف العضوي الملتحم مع الجماهير سيقاوم المغريات، ولن يهادن السلطة، لأنه يناصر الحقيقة بقلمه، فلا بد للسيف أن يثلم، والحقيقة لا بد لها أن تظهر وتنتصر في النهاية….

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…