آزادي …رافعة نضالية بامتياز

عبدالرحمن آﭙو

في الفاتح من صيف عام سبعةٍ وخمسين وتسعمائة وألف تمّ الإعلان عن ميلاد التاريخ السياسي الكوردي الفعلي في كوردستان سوريا, نتيجة للمراحل الزمنية الصعبة المؤلمة التي مرّت بها الأمة الكوردية, وبالأخص, ما كانت تشهدها الساحة السورية من أوضاع سياسية سيئة, وصعبة, من انقلاباتٍ سريعة في الحكم, والتأثيرات السلبية على الوضع الكوردي, ممّا حدا بمجموعةٍ من الشبان المثقفين الكورد إلى الإعلان عن حافظةٍ سياسيةٍ كوردية, تكون بمستوى الأوضاع العامة في البلاد, وملبياً لطموحات وآمال شعبٍ لم ينل من الاستقلال (1741946 ) شيئاً, خاصة وأنه ضحّى بالكثير من دماء أبناءه في سبيل استقلال سوريا, أتى انبثاق الحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا, وعبر شعاره القومي الشهير (تحرير وتوحيد كوردستان)  ليشكّل رافداً مهمّاّ إلى جانب الأحزاب التحررية الكوردية في الأجزاء الأخرى من كوردستان, ومدرسة نضالية مهمة مكملة لتضاف إلى صفوف حركة التحرّر الكوردستانية في سبيل تحقيق الأهداف القومية للشعب الكوردي المجزأ وطنه بين (سوريا- تركية – العراق – إيران) دون إرادته,…
وقد استطاع هذا الحزب استقطاب الغالبية العظمى من جماهير الشعب الكوردي للسير قدماً باتجاه تحقيق الطموحات القومية للشعب الكوردي, لقد تبين وبشكل جلي ما تضمرها القوى التي ظهرت على الساحة السورية آنذاك (من قومية عربية يمينية, وشيوعية, وأحزاب صغيرة متأرجحة بين اليسار واليمين, وتيار ناصري عروبي…) واتخاذها الموقف السلبي تجاه قضايا الأقليات القومية ضمن ما يسمّى بالوطن العربي..وقد سادت تلك الذهنية والعقلية الضيقة لدن تلك القوى إلى الآن, وقد رافقت برامج البعض منها, حتى أدى بها الأمر, وخاصةً التي وصلت إلى سدّة الحكم عبر انقلابات عسكرية (حزب البعث في العراق و سوريا) إلى مجابهة إرادة الشعب الكوردي في العراق وسوريا بالحديد والنار, إلاّ أنّ إرادة الشعب الكوردي بقيت صامدة ومكافحة عبر أدواتها النضالية, واستطاعت حركة التحرّر الكوردية, وبجدارة الحفاظ على الهوية القومية للشعب الكوردي وإيصال الصوت الكوردي إلى منابر عالمية, لتأكد وباستمرار عن مدى عدالة القضية الكوردية خاصةً في كوردستان سوريا, إلا ّ أنّ النظام البعثي الشوفييني  حاول أكثر من مرّة الانقضاض على الحركة التحررية الكوردية وثني ذراع إرادة الشعب الكوردي المسالم,…ورصد أموالاً من ميزانية الدولة الدفاعية لهذا الغرض, وساهم في أكثر من انشقاق بشكلٍ غير مباشر, إنّ السرد الواقعي والتاريخي لواقع الحركة التحررية الكوردية في الفترة السابقة, والآن يضعنا أمام اعتبارين :

  • إنّ الحركة التحررية الكوردية منذ نشوئها وحتى مرحلة الانشقاق الأوّل (1965 ( وما نتج عنه من صراع داخليٍ كوردي- كوردي امتد إلى الآن ولكن بأشكالٍ أخرى, حافظت على الوجود والهوية الكوردية والتي  حاولت السلطة القمعية مرارا العمل على صهر القومية الكوردية في بوتقة القومية العربية, وفق آلياتٍ ممنهجة.
  • استطاعت الحركة التحررية الكوردية في مرحلة الانتفاضة الكوردية المجيدة ( 2004 ) ردم الهوة بينها وبين جماهير الشعب الكوردي, واستطاعت أن تتفهم واقعها أكثر, وخاصةً بعد التضحيات الجسام وسقوط

 العشرات من الشباب الكورد شهداء على درب الحرية, واعتقال الآلاف منهم من قبل أجهزة النظام البعثي الشوفيني ووضعهم في غياهب السجون, وعملت الحركة التحررية الكوردية على إعادة اللحمة بينها وبين جماهير شعبنا المناضلة تمهيداً لمرحلة نضالية جديدة في تاريخ كوردستان – سوريا.

وأعلنت وخاصةً (النهج الوطني الديمقراطي) التزامها بخيار الوحدة والاتحاد كخيارٍ استراتيجي, والعمل على إنشاء المرجعية الكوردية, بأي شكلٍ من الأشكال.

والوقوف في وجه مخططات السلطة, وفضح سياساتها العدائية تجاه الشعب الكوردي والتي تحاول إعادة عقارب الساعة الكوردية إلى الوراء, وإرجاع الحالة الكوردية إلى قمقم السلطة.

                        
…وكنتيجة للوقائع الآنفة الذكر وكضرورة نضالية أملتها الحالة الكوردية الجديدة, وخاصةً بعد الانتفاضة الآذارية,…  أتت انطلاقة (آزادي ) في (2152005 ) كعربون وفاء لدماء العشرات من الشباب الكورد, ولرفد النضال التحرري الكوردي القوة, والديمومة , بمزيد من الإصرار, والتمسّك..بقضية الشعب الكوردي, كقضية أرض وشعب, له كلّ الحق في تقرير مصيره بنفسه, والنضال من أجل تثبيت جانبه الدستوري, والاعتراف بالشعب الكوردي كثاني قومية, وكشريك حقيقي في البلاد, ولمدّ جسور التعاون بين كلّ الأطراف الكوردية, والكوردستانية, على طريق نهج (الكوردايتي), مع احترام خصوصية كلّ طرف, وليكون متمّماً, وحالةً فاعلة في تجسيد النضال العملي السياسي الكوردي, وكعامل دعمٍ ومساند لنضالات الشعب الكوردي في كافة أجزاء كوردستان, وخاصةً التجربة الديمقراطية في كوردستان – العراق بقيادة الأخ الرئيس (مسعود البارزاني)  ومن هنا فإنّ هذه الأداة ( آزادي) تحمل في طياتها عوامل الديمومة, والاستمرارية, بما تمتلكها من مخزونٍ فكريٍ عريق, وإرثٍ نضاليٍ زاخر, وحوامل فولاذية, وهي الوعاء النضالي الحقيقي للطاقات الثقافية, والجريئة, والمشروع السياسي الآني والمستقبلي الكوردي, وبما تتحلىّ بها القيادة السياسية لحزب آزادي من حكمةٍ, وحنكةٍ في ميدان العمل السياسي الكوردي, وبما يتحلّى به أيضاً رفاق الحزب, من جرأةٍ, وإخلاصٍ, لقضيتهم القومية, ولمشروعهم السياسي (آزادي) كتجربة وحدوية رائدة, في تاريخ الحركة الكوردية منذ ميلادها (1461957  ), وتعتبر آزادي الخلاصة الفعلية, والاستمرارية العملية لكونفرانس الخامس من آب (1965) المدرسة النضالية في تاريخ النضالي الكوردي,

ومن هنا يمكننا القول : بأنّ آزادي هو رافعة نضالية, والملبّي الفعلي لأماني وطموحات شعبنا الكوردي على طريق الحرية, والانعتاق.

    462008

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لقد كان حلم السوريين أن يتوقف نهر الدم الذي فاض وارتفع عداده ومستواه، تدريجياً، طيلة العقود الأخيرة، أن يُفتح باب السجون لا ليُستبدل معتقل بآخر، بل ليُبيّض كل مظلوم مكانه، أن يتحول الوطن من ساحة للبطش إلى حضن للكرامة. لقد كان الأمل كبيراً في أن تؤول الأمور إلى دولة ديمقراطية، تُبنى على قواعد العدالة والحرية والكرامة، لكن هذا…

صالح جانكو حينما يتوهم القائمون على سلطة الأمر الواقع المؤقتة بأنهم قد شكلوا دولة من خلال هذه الهيكلية الكرتونية، بل الكاريكاتورية المضحكة المبكية المتمثلة في تلك الحكومة التي تم تفصيلها وفقاً لرغبة وتوجهات ( رئيس الدولة المؤقت للمرحلة الانتقالية)وعلى مقاسه والذي احتكر كل المناصب والسلطات و الوزارات السيادية لنفسه ولجماعته من هيئة تحرير الشام ، أما باقي الوزارات تم تسليمها…

خالد جميل محمد جسّدت مؤسسة البارزاني الخيرية تلك القاعدة التي تنصّ على أن العمل هو ما يَمنحُ الأقوالَ قيمتَها لا العكس؛ فقد أثبتت للكُرد وغير الكُرد أنها خيرُ حضن للمحتاجين إلى المساعدات والمعونات والرعاية المادية والمعنوية، ومن ذلك أنها كانت في مقدمة الجهات التي استقبلَت كُرْدَ رۆژاڤایێ کُردستان (كُردستان سوريا)، فعلاً وقولاً، وقدّمت لهم الكثير مما كانوا يحتاجونه في أحلك…

ريزان شيخموس بعد سقوط نظام بشار الأسد، تدخل سوريا فصلًا جديدًا من تاريخها المعاصر، عنوانه الانتقال نحو دولة عادلة تتّسع لكلّ مكوّناتها، وتؤسّس لعقد اجتماعي جديد يعكس تطلعات السوريين وآلامهم وتضحياتهم. ومع تشكيل إدارة انتقالية، يُفتح الباب أمام كتابة دستور يُعبّر عن التعدد القومي والديني والثقافي في سوريا، ويضمن مشاركة الجميع في صياغة مستقبل البلاد، لا كضيوف على مائدة الوطن،…