د/ خالد محمد أبوالحسن
في هذه الحلقة سوف نتحدث عن أصول بعض الأمم الإسلامية و مدى التقارب بين تلك الأصول و أحسب أنه حتى لو غاب هذا التقارب فهناك تقارب جغرافي بين هذه الأمم خلق جواً من التقارب البيئي و الاجتماعي كان سبباً في تآلف هذه الأمم, و قبل أن نحكم على هذا التقارب علينا أن نرجع إلى جذور كل أمة من هذه الأمم
أصول بعض الأمم الإسلامية
أولا: الأمة الكردية
أثبتت الدراسات و البحوث أن الأكراد من الشعوب التي تنتمي إلى الأصل الآري.[1]
بيد أن هذا الاعتقاد كان مجال تشكيك من بعض المؤرخين الذين أوردوا كثيراً من الآراء حول أصل الأكراد.
يقول المؤرخ الإغريقي “كزينوفون” (400 ق.م): “كان هناك أقوام أطلق عليهم اسم “الكردوخيون” و كانوا يعيشون في مناطق كردستان” و كان الاعتقاد السائد أنهم أجداد الأكراد، على أن أبحاث بعض المستشرقين أثبتت غير ذلك، حيث ذكر المستشرق “نولدكي” – في كتابه عن الأكراد – أن لفظة كردي ليست من صيغة “كردو” التي تعني “قوياً كالبطل” و قد أيده في ذلك المستشرقان “هارتمان” و “ويسباخ”.[2]
و يرى هؤلاء أن الأكراد ينتمون إلى “السرتيين” الذين كانوا يسكنون بلاد “ميديا” الصغرى و بلاد “برسيس”، و نفوا تماما أن يكون الكردوخيون أجداداً للأكراد، و قد أيد ذلك العالم “ليهمان بوت” الذي قال بأن الكردوخيون هم أجداد الجورجيين، كما أن بعض العلماء كانوا يعتقدون أن الكلدان هم أجداد الأكراد، و قد كانوا يسكنون بابل.[3]
أما العالم “مينورسكي” فقد كان صاحب نظرية في هذا المضمار حيث ذكر في مؤتمر عقد في “بروكسل” عام 1938م، أن الأكراد ينحدرون من “البختانيين” و قد ذكر المؤرخ الإغريقي هيرودوت أن البختانيين كانوا يشكلون مع الأرمن السبط الثالث عشر من إمبراطورية الفرس، و يعتمد “مينورسكي” في إثباته هذا على أن اللغة الكردية بكل لهجاتها هي إيرانية أو قريبة من الإيرانية.[4]
و قد أثبت بعض المؤرخين و جود علاقة عرق بين الأكراد و الإيرانيين من ناحية و الأكراد و العرب من ناحية أخرى.
علاقة الأصل الكردي بالأصل الإيراني
إذا صح لدينا أن كلمة “الكرج” هي نفسها كلمة “الكرد” فإننا يمكن أن نعتبر الفرس و الكرد أمة أمة واحدة, فالقاضي أبو القاسم بن صاعد الأندلسي قد وضع الكرد ضمن الأمة الأولى التي تتشكل من الكرد و الفرس[5]
أما العلامة أمير شرف خان بدليسي فقد ذكر فى كتابه “شرفنامه” أن الأكراد كانوا يسكنون إيران و أنهم ذوي قربى بالإيرانيين, و يستدل على ذلك بالقصة التي يرويها الأكراد عن أنفسهم و التي جاء فيها: أن الطاغية الإيراني “زهاق” كان قد أصابه مرض شديد يقال أنه نبت له أفعى على كل كتف و لم يستطع الأطباء شفاءه فنصحه إبليس أن يستخدم مرهماً من دماغ أحد الشباب, فكان يأخذ ذلك المرهم من دماغي شابين في كل يوم و كان القائم على هذا الأمر من رجاله يرأف بحال الشباب فيأخذه من دماغ شاب واحد و دماغ خروف و يهرب الشاب الآخر, ولما كثر عدد الهاربين من هذا الطاغية كونوا شعباً سمي بالشعب الكردي.[6]
أما العلامة مار فيؤكد على أن الأكراد من أصل إيراني, مفسراً ذلك بكون اللغة الكردية من أصل إيراني.[7]
علاقة الأصل الكردي بالأصل العربي
يقول المسعودي: ” إن لغة الأكراد الأصلية لم تكن سوى اللغة العربية”[8]
و يكفى أن نقول إن عدداً كبيراً من القبائل الكردية ينحدر من أصل عربي بل إن قبائل كردية كبيرة تنحدر من أصل عربي, وهذا ما أكده المسعودي في كتابه مروج الذهب و معدن الجوهر”[9].
أما حديث الأكراد أنفسهم عن علاقتهم بالأصول العربية فإن المؤرخ الكردي “عمر ميران” قد لخص هذه المسألة قائلاً:
وهناك نقطه حساسة ومهمة وقد تثير الكثير من اللغط و هي أن هناك الكثير من من العوائل بل والعشائر الكردية و التي تعد من القبائل ذات التأثير في المجتمع الكردي, هذه العشائر هي من أصل عربي و من تلك العشائر على سبيل المثال لا الحصر (البرزنجية والطالبانية).
إن هذه العشائر قد قدمت إلى المنطقة لأغراض مختلفة و منها الإرشاد و التوعية الدينية, و بمرور الزمن أصبحت هذه العشائر كرديه (استكردت), فلو كان الإسلام أو العرب هم كما يتم وصفهم الآن (بالعنصرية و الشوفينية) فهل كانوا يسمحون بأن تستكرد قبائلهم و تتغير قوميتهم و لغتهم ؟؟؟[10]
و عليه, فإن حجم العلاقات الكردية بالأمم الإسلامية لا يقف عند هذا الحد بل يتعداه إلى حدود تماسك الجوار والعلاقات التي أوجدها المناخ الجغرافي، ولا شك أن المناخ الإسلامي كان و لا يزال يمثل الركيزة الأساسية لتلك العلاقات.
وفى الحلقة القادمة نحاول أن نكمل ما بدأناه من بحث عن أصول الأمم الإسلامية.
د/ خالد محمد أبوالحسن
مدرس اللغة التركية بآداب سوهاج
مصر
يقول المؤرخ الإغريقي “كزينوفون” (400 ق.م): “كان هناك أقوام أطلق عليهم اسم “الكردوخيون” و كانوا يعيشون في مناطق كردستان” و كان الاعتقاد السائد أنهم أجداد الأكراد، على أن أبحاث بعض المستشرقين أثبتت غير ذلك، حيث ذكر المستشرق “نولدكي” – في كتابه عن الأكراد – أن لفظة كردي ليست من صيغة “كردو” التي تعني “قوياً كالبطل” و قد أيده في ذلك المستشرقان “هارتمان” و “ويسباخ”.[2]
و يرى هؤلاء أن الأكراد ينتمون إلى “السرتيين” الذين كانوا يسكنون بلاد “ميديا” الصغرى و بلاد “برسيس”، و نفوا تماما أن يكون الكردوخيون أجداداً للأكراد، و قد أيد ذلك العالم “ليهمان بوت” الذي قال بأن الكردوخيون هم أجداد الجورجيين، كما أن بعض العلماء كانوا يعتقدون أن الكلدان هم أجداد الأكراد، و قد كانوا يسكنون بابل.[3]
أما العالم “مينورسكي” فقد كان صاحب نظرية في هذا المضمار حيث ذكر في مؤتمر عقد في “بروكسل” عام 1938م، أن الأكراد ينحدرون من “البختانيين” و قد ذكر المؤرخ الإغريقي هيرودوت أن البختانيين كانوا يشكلون مع الأرمن السبط الثالث عشر من إمبراطورية الفرس، و يعتمد “مينورسكي” في إثباته هذا على أن اللغة الكردية بكل لهجاتها هي إيرانية أو قريبة من الإيرانية.[4]
و قد أثبت بعض المؤرخين و جود علاقة عرق بين الأكراد و الإيرانيين من ناحية و الأكراد و العرب من ناحية أخرى.
علاقة الأصل الكردي بالأصل الإيراني
إذا صح لدينا أن كلمة “الكرج” هي نفسها كلمة “الكرد” فإننا يمكن أن نعتبر الفرس و الكرد أمة أمة واحدة, فالقاضي أبو القاسم بن صاعد الأندلسي قد وضع الكرد ضمن الأمة الأولى التي تتشكل من الكرد و الفرس[5]
أما العلامة أمير شرف خان بدليسي فقد ذكر فى كتابه “شرفنامه” أن الأكراد كانوا يسكنون إيران و أنهم ذوي قربى بالإيرانيين, و يستدل على ذلك بالقصة التي يرويها الأكراد عن أنفسهم و التي جاء فيها: أن الطاغية الإيراني “زهاق” كان قد أصابه مرض شديد يقال أنه نبت له أفعى على كل كتف و لم يستطع الأطباء شفاءه فنصحه إبليس أن يستخدم مرهماً من دماغ أحد الشباب, فكان يأخذ ذلك المرهم من دماغي شابين في كل يوم و كان القائم على هذا الأمر من رجاله يرأف بحال الشباب فيأخذه من دماغ شاب واحد و دماغ خروف و يهرب الشاب الآخر, ولما كثر عدد الهاربين من هذا الطاغية كونوا شعباً سمي بالشعب الكردي.[6]
أما العلامة مار فيؤكد على أن الأكراد من أصل إيراني, مفسراً ذلك بكون اللغة الكردية من أصل إيراني.[7]
علاقة الأصل الكردي بالأصل العربي
يقول المسعودي: ” إن لغة الأكراد الأصلية لم تكن سوى اللغة العربية”[8]
و يكفى أن نقول إن عدداً كبيراً من القبائل الكردية ينحدر من أصل عربي بل إن قبائل كردية كبيرة تنحدر من أصل عربي, وهذا ما أكده المسعودي في كتابه مروج الذهب و معدن الجوهر”[9].
أما حديث الأكراد أنفسهم عن علاقتهم بالأصول العربية فإن المؤرخ الكردي “عمر ميران” قد لخص هذه المسألة قائلاً:
وهناك نقطه حساسة ومهمة وقد تثير الكثير من اللغط و هي أن هناك الكثير من من العوائل بل والعشائر الكردية و التي تعد من القبائل ذات التأثير في المجتمع الكردي, هذه العشائر هي من أصل عربي و من تلك العشائر على سبيل المثال لا الحصر (البرزنجية والطالبانية).
إن هذه العشائر قد قدمت إلى المنطقة لأغراض مختلفة و منها الإرشاد و التوعية الدينية, و بمرور الزمن أصبحت هذه العشائر كرديه (استكردت), فلو كان الإسلام أو العرب هم كما يتم وصفهم الآن (بالعنصرية و الشوفينية) فهل كانوا يسمحون بأن تستكرد قبائلهم و تتغير قوميتهم و لغتهم ؟؟؟[10]
و عليه, فإن حجم العلاقات الكردية بالأمم الإسلامية لا يقف عند هذا الحد بل يتعداه إلى حدود تماسك الجوار والعلاقات التي أوجدها المناخ الجغرافي، ولا شك أن المناخ الإسلامي كان و لا يزال يمثل الركيزة الأساسية لتلك العلاقات.
وفى الحلقة القادمة نحاول أن نكمل ما بدأناه من بحث عن أصول الأمم الإسلامية.
د/ خالد محمد أبوالحسن
مدرس اللغة التركية بآداب سوهاج
مصر
[1]– أحمد تاج الدين، المرجع السابق، ص، 15.
[2]– باسيل نكتين، المرجع السابق، ص، 20.
[4] – المرجع السابق، ص، 23.
[5] – القاضى أبو القاسم صاعد بن أحمد بن صاعد الأندلسى, كتاب طبقات الأمم, نشره و ذيله بالحواشي: الاب لويس شيخو اليسوعي, المطبعة الكاثوليكية, بيروت 1912, ص, 5.
[6]– باسيل نكتين, المرجع السابق , ص, 25.
[7] – المرجع السابق, ص, 24- 25.
[8] – المرجع السابق, ص, 25.
[10]– عمر ميران, مؤرخ يكشف حقائق خطيرة عن تاريخ الأكراد, مقال ب”وكالة العراق برس للأنباء, 28- 4 – 2008.
و انظر:
و انظر:
Available online:
كلنا أكراد, كلنا عرب, كلنا أتراك, كلنا فرس, كلنا …… , كلنا مسلمون (الحلقة الأولى)