إن ما ورد في العدد /365/ من نشرة “قاسيون” بقلم مُحَمَّد العبد الله تحت عنوان (وساطة برسم الاستثمار) حول المصافحة العلنية بين السيد الرئيس جلال طالباني رئيس جمهورية العراق، والسيد باراك بوساطة السيد الرئيس محمود عباس، الرئيس الفلسطيني، في اجتماع أحزاب الاشتراكية الدولية في اليونان، يعد تجنياً سافراً، وبأسلوب رخيص بحق الرئيسين المناضلين جلال طالباني ومسعود بارزاني، وبحق حزبيهما الشقيقين اللذين يمثلان الشعب الكردي في كردستان العراق، حيث يعدان بنضالهما ضد أعتى دكتاتور في العصر الحديث، في طليعة حركات التحرر في العالم، وقد عمد نضالهما بدماء شهداء حلبجه وخورمال والأنفال، والمقابر الجماعية، والهجرة المليونية، ولم يتهمهم حتى المجرم صدام كما فعل صاحب المقال.
وكذلك حال الرئيس المناضل محمود عباس الذي يصفه الكاتب بـ”الوسيط /السمسار الذي أصبح بكل بساطة يمرر المشروع الصهيوني الإمبريالي في المنطقة” ، كما يدعي الكاتب.
وهنا لسنا بصدد الدفاع عن الاشتراكية الدولية أو أحزابها التي يصفها الكاتب بـ”أنها تحولت في غالبيتها إلى أدوات مأجورة تقوم بدور الوكيل المحلي لتنفيذ المشروع الإمبريالي” مع تحفظنا الشديد على عبارة “الأدوات المأجورة”!.
لكن الملفت أن الكاتب لا يقف عند حدود الموقف من تلك المصافحة، بل يتعداها بخيال خصب “شارحاً كيف أن “تطور العلاقات بين قيادات الحزبين المتسلطين على حكم شمال العراق، مع حكومات العدو الصهيوني المتعاقبة ليست سرية ومكتومة”..
ثم يتحدث عن “تاريخ ارتباط الحركة الكردية الانفصالية المسلحة بالمخابرات الإسرائيلية –الموساد-” ويسترسل “لن نتوقف كثيراً عند الصفة الرئاسية للطالباني التي جاءت كمكرمة احتلالية أسبغتها عليه قوات الغزو نتيجة الخدمات الواسعة التي قدمها –ومازال- للمحتل”..
ثم يتابع بأن “تلك المصافحة بين الرجلين جاءت متساوقة ومنسجمة مع تطور العلاقات بين الحكومة الانفصالية و(قيادتي) حزبيها في شمال العراق، وكيان العدو الصهيوني، فهذه الحكومة فتحت أراضيها لنشاط الآلاف من عناصر الموساد”…
إن تاريخ النضال الكردي عموماً، ونضال الحركة التحررية الكردية في كردستان العراق، وقادتها جميعاً ضد الطغاة والمستبدين من الحكام، تاريخ نضالي مشرف، دفاعاً عن حقوق وكرامة ووجود شعب أبى أن يستكين للظلم والطغيان، وهذا الهرم النضالي لا يهزه سيل الاتهامات الرخيصة وبالأسلوب السوقي الذي اتبعه الكاتب، والذي عهدناه من أمثاله وأمثال عطوان وبكري وزكار و..
و..
ممن أعمتهم عصبيتهم القومية ومصالحهم الشخصية، فصاروا لسان حال الأنظمة الاستبدادية التي لن تبخل بدورها عليهم بـ”مكرمات” مما تنهبه وتسرقه من قوت الشعب! ولكن المؤسف هنا –وفي هذه المرحلة- أن تصدر هذه الاتهامات على صفحات صحيفة “قاسيون”!.
إن ما ورد في المقال يقطر حقداً وكراهية للقيادات الكردية، والحزبين الكرديين الممثلين الشرعيين للشعب الكردي في كردستان العراق، حيث تبيّن أن الكاتب لا يعترف بالتجربة السياسية العراقية المعمدة بالدماء والآلام خلال سنين طويلة من النضال خاضته قياداتها ومن ورائها الشعب الرافض للدكتاتورية، ولا يعترف برئاسة مام جلال للجمهورية العراقية، ولا بإقليم كردستان العراق برئاسة الأخ مسعود بارزاني، ولا حتى بالدستور العراقي الذي اجمع عليه كل القوى المؤتلفة..
ومن خلال ذلك ودون أن يقدم لنا حضرته رؤية أو بديلاً سياسياً، لأنه لا يستطيع أن يخفي أيضاً تباكيه على النظام البائد الذي أجرم بحق شعب العراق –عرباً وكرداً وآشوريين وتركمان- وجلب الويلات والدمار الذي يريد الكاتب إلصاقها بقيادات الحركة التحررية الكردية، متجاهلاً مجازر النظام والمقابر الجماعية، وكأنه يراهن حتى على أيتام صدام،وبقايا البعث الإرهابيين، ويدعي بأن هؤلاء القادة لا يمثلون شعبهم، ولا ندري ما هي معايير تمثيل الشعب في نظر الكاتب، أهي المزاودات والخطب الطنانة والشعارات الجوفاء على أنقاض شعب فقدَ كل شيء بما فيه كرامته، كما كان يفعل صدام “بطل العروبة وأمل الأمة والقائد المؤمن”!! وتحقيق الأمن والاستقرار الذي يعني من النظام على حساب قتل الشعب، وتجويعه، وسلب حرياته!!
أما ما يتعلق بالمصافحة العلنية التي وصفها الكاتب بالمؤامرة والخيانة، فيبدو أنه نسي بأن الخيار العربي عموماً والسوري خصوصاً هو خيار السلام؛ أي اليد الممدودة، والكاتب يدرك ذلك ولكنه يريدها مصافحة سرية من تحت الطاولة، وبوساطات مشبوهة وغير مباشرة كما هي الآن “الوساطة التركية”، فهذه مشروعة في شرعة الكاتب، وكان الأجدى به ان يتحدث عن صدقية هذا الوسيط الذي سلب اللواء، ولكنه –وللأسف- لا يتجرأ حتى على الإشارة، مجرد الإشارة إلى ذلك..
بل كان الأولى به أن يأخذه حماسه وغيرته إلى الشارع دفاعاً عن لقمة عيش المواطن المغلوب على أمره، ويضرب ولو مثلاً واحداً في التضحية بدل أن ينَظِّر ويخوِّن ليتقرب وينال الرضا، ويتهرب من الاستحقاقات الداخلية الملحّة، ويتغاضى عن جيوش الجياع والعبيد من حوله بسبب سياسات النظام اللامسؤولة والفساد الإداري المستفحل.
ولكن هيهات! فهو –وببساطة- يعمل تحت سقف النظام، وضمن الأطر المسموحة له، وليس تحت سقف الوطن الذي يعني مصلحة الجميع، فهذا الخطاب الموازي لخطاب النظام الاستبدادي، بل يفوقه حتى في وصف الحركة التحررية الكردية بالانفصالية، وتشجيعه المبطن للإرهاب من أجل نسف العملية السياسية في العراق برمته، إنه مؤشر خطير، ولا ندري من أي خلفية “بدون تخوين” انطلق الكاتب، أهي عصبية قومية، أم دينية تكفيرية، أم نتيجة حسابات واعتبارات أخرى؟!
ومن الجدير بالذكر أن “قاسيون” تتبع للجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين التي يرأسها السيد الدكتور قدري بن فؤاد بن قدري بن جميل باشا.
ولعل من المفارقات أن يكون هذا الشخص حفيدَ المرحوم قدري جميل باشا الذي كان أحد قادة ثورة الشيخ سعيد بيران عام 1925، ولجأ بعد فشلها إلى سوريا..
فشتان ..
شتّان ما بين هذا وذاك!؟!.
—–
نشرة يكيتي العدد (160)
وهنا لسنا بصدد الدفاع عن الاشتراكية الدولية أو أحزابها التي يصفها الكاتب بـ”أنها تحولت في غالبيتها إلى أدوات مأجورة تقوم بدور الوكيل المحلي لتنفيذ المشروع الإمبريالي” مع تحفظنا الشديد على عبارة “الأدوات المأجورة”!.
لكن الملفت أن الكاتب لا يقف عند حدود الموقف من تلك المصافحة، بل يتعداها بخيال خصب “شارحاً كيف أن “تطور العلاقات بين قيادات الحزبين المتسلطين على حكم شمال العراق، مع حكومات العدو الصهيوني المتعاقبة ليست سرية ومكتومة”..
ثم يتحدث عن “تاريخ ارتباط الحركة الكردية الانفصالية المسلحة بالمخابرات الإسرائيلية –الموساد-” ويسترسل “لن نتوقف كثيراً عند الصفة الرئاسية للطالباني التي جاءت كمكرمة احتلالية أسبغتها عليه قوات الغزو نتيجة الخدمات الواسعة التي قدمها –ومازال- للمحتل”..
ثم يتابع بأن “تلك المصافحة بين الرجلين جاءت متساوقة ومنسجمة مع تطور العلاقات بين الحكومة الانفصالية و(قيادتي) حزبيها في شمال العراق، وكيان العدو الصهيوني، فهذه الحكومة فتحت أراضيها لنشاط الآلاف من عناصر الموساد”…
إن تاريخ النضال الكردي عموماً، ونضال الحركة التحررية الكردية في كردستان العراق، وقادتها جميعاً ضد الطغاة والمستبدين من الحكام، تاريخ نضالي مشرف، دفاعاً عن حقوق وكرامة ووجود شعب أبى أن يستكين للظلم والطغيان، وهذا الهرم النضالي لا يهزه سيل الاتهامات الرخيصة وبالأسلوب السوقي الذي اتبعه الكاتب، والذي عهدناه من أمثاله وأمثال عطوان وبكري وزكار و..
و..
ممن أعمتهم عصبيتهم القومية ومصالحهم الشخصية، فصاروا لسان حال الأنظمة الاستبدادية التي لن تبخل بدورها عليهم بـ”مكرمات” مما تنهبه وتسرقه من قوت الشعب! ولكن المؤسف هنا –وفي هذه المرحلة- أن تصدر هذه الاتهامات على صفحات صحيفة “قاسيون”!.
إن ما ورد في المقال يقطر حقداً وكراهية للقيادات الكردية، والحزبين الكرديين الممثلين الشرعيين للشعب الكردي في كردستان العراق، حيث تبيّن أن الكاتب لا يعترف بالتجربة السياسية العراقية المعمدة بالدماء والآلام خلال سنين طويلة من النضال خاضته قياداتها ومن ورائها الشعب الرافض للدكتاتورية، ولا يعترف برئاسة مام جلال للجمهورية العراقية، ولا بإقليم كردستان العراق برئاسة الأخ مسعود بارزاني، ولا حتى بالدستور العراقي الذي اجمع عليه كل القوى المؤتلفة..
ومن خلال ذلك ودون أن يقدم لنا حضرته رؤية أو بديلاً سياسياً، لأنه لا يستطيع أن يخفي أيضاً تباكيه على النظام البائد الذي أجرم بحق شعب العراق –عرباً وكرداً وآشوريين وتركمان- وجلب الويلات والدمار الذي يريد الكاتب إلصاقها بقيادات الحركة التحررية الكردية، متجاهلاً مجازر النظام والمقابر الجماعية، وكأنه يراهن حتى على أيتام صدام،وبقايا البعث الإرهابيين، ويدعي بأن هؤلاء القادة لا يمثلون شعبهم، ولا ندري ما هي معايير تمثيل الشعب في نظر الكاتب، أهي المزاودات والخطب الطنانة والشعارات الجوفاء على أنقاض شعب فقدَ كل شيء بما فيه كرامته، كما كان يفعل صدام “بطل العروبة وأمل الأمة والقائد المؤمن”!! وتحقيق الأمن والاستقرار الذي يعني من النظام على حساب قتل الشعب، وتجويعه، وسلب حرياته!!
أما ما يتعلق بالمصافحة العلنية التي وصفها الكاتب بالمؤامرة والخيانة، فيبدو أنه نسي بأن الخيار العربي عموماً والسوري خصوصاً هو خيار السلام؛ أي اليد الممدودة، والكاتب يدرك ذلك ولكنه يريدها مصافحة سرية من تحت الطاولة، وبوساطات مشبوهة وغير مباشرة كما هي الآن “الوساطة التركية”، فهذه مشروعة في شرعة الكاتب، وكان الأجدى به ان يتحدث عن صدقية هذا الوسيط الذي سلب اللواء، ولكنه –وللأسف- لا يتجرأ حتى على الإشارة، مجرد الإشارة إلى ذلك..
بل كان الأولى به أن يأخذه حماسه وغيرته إلى الشارع دفاعاً عن لقمة عيش المواطن المغلوب على أمره، ويضرب ولو مثلاً واحداً في التضحية بدل أن ينَظِّر ويخوِّن ليتقرب وينال الرضا، ويتهرب من الاستحقاقات الداخلية الملحّة، ويتغاضى عن جيوش الجياع والعبيد من حوله بسبب سياسات النظام اللامسؤولة والفساد الإداري المستفحل.
ولكن هيهات! فهو –وببساطة- يعمل تحت سقف النظام، وضمن الأطر المسموحة له، وليس تحت سقف الوطن الذي يعني مصلحة الجميع، فهذا الخطاب الموازي لخطاب النظام الاستبدادي، بل يفوقه حتى في وصف الحركة التحررية الكردية بالانفصالية، وتشجيعه المبطن للإرهاب من أجل نسف العملية السياسية في العراق برمته، إنه مؤشر خطير، ولا ندري من أي خلفية “بدون تخوين” انطلق الكاتب، أهي عصبية قومية، أم دينية تكفيرية، أم نتيجة حسابات واعتبارات أخرى؟!
ومن الجدير بالذكر أن “قاسيون” تتبع للجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين التي يرأسها السيد الدكتور قدري بن فؤاد بن قدري بن جميل باشا.
ولعل من المفارقات أن يكون هذا الشخص حفيدَ المرحوم قدري جميل باشا الذي كان أحد قادة ثورة الشيخ سعيد بيران عام 1925، ولجأ بعد فشلها إلى سوريا..
فشتان ..
شتّان ما بين هذا وذاك!؟!.
—–
نشرة يكيتي العدد (160)