صلاح بدرالدين
في خضم التجاذبات الكلامية الحامية بين عناصر ومكونات الأزمة في كركوك والسيل المتموج من المزايدات والمبالغات التي تتفنن باخراجها فضائيات عربية شهيرة ومشهودة لها باثارة الفتن القومية والدينية والمذهبية بالترافق مع اجترار حفنة متقاعدة من المثقفين العرب القادمين من خلفيات يسارية سابقة من التي تنجذب في أكثر المناسبات نحو الأفق القومي الضيق لفكر قوميتها السائدة لمقولاتها التي ثبت خطلها للمرة الألف بسبب بعدها عن أدنى قواعد التحليل العلمي – التاريخي عندما يتعلق الأمر بتفسير مبدأ حق تقرير المصير الكردي وكل مايتعلق به من مسائل مثل قضية كركوك
في خضم التجاذبات الكلامية الحامية بين عناصر ومكونات الأزمة في كركوك والسيل المتموج من المزايدات والمبالغات التي تتفنن باخراجها فضائيات عربية شهيرة ومشهودة لها باثارة الفتن القومية والدينية والمذهبية بالترافق مع اجترار حفنة متقاعدة من المثقفين العرب القادمين من خلفيات يسارية سابقة من التي تنجذب في أكثر المناسبات نحو الأفق القومي الضيق لفكر قوميتها السائدة لمقولاتها التي ثبت خطلها للمرة الألف بسبب بعدها عن أدنى قواعد التحليل العلمي – التاريخي عندما يتعلق الأمر بتفسير مبدأ حق تقرير المصير الكردي وكل مايتعلق به من مسائل مثل قضية كركوك
حيث تقتصر دعواتها على مطالبة الضحية بمزيد من التنازلات “من أجل المصلحة العامة !” (المختلف على تفسيرها أصلا) أو الترهيب برفض الجوار العراقي لأية حقوق كردية كما كان يحلو للرئيس المخلوع صدام حسين ترداده أمام زائريه كذريعة لقمع الارادة الكردية في العراق من الصعب اذا لم يكن مستحيلا في ظل هكذا أجواء اقناع القاريء العربي والمتابع وغالبية النخب الثقافية من شتى القوميات بصدقية أي طرح حول قضايا الخلاف المثيرة للجدل وما أكثرها في منطقتنا مثل قضية كركوك التي من الملاحظ أنها بأمس الحاجة الى اعادة تعريفها تاريخيا وراهنا بموضوعية أولا والبحث عن أفضل السبل لايجاد الحلول لها عبر المناقشات والحوارالسلمي والتوافق على الأسس والمبادىء.
بدون الدخول في الجدل الدائر حول مراحل وجوانب وتحولات تاريخ كركوك أو صبغتها القومية الغالبة كردية أو تركمانية أو عربية منذ الحقبة العثمانية وحتى الآن أو النقاش حول كردستانيتها جغرافيا علينا التسليم بحقيقة أن هذه المدينة والعديد من المدن والمناطق والبلدات والقرى في العراق وكذلك في سورية قد تعرضت الى عمليات التغيير الديموغرافي القسري على حساب تهجير وحرمان سكانها الأصليين من الكرد في جميع الحالات والتركمان أيضا في حالة كركوك وذلك حسب برامج وخطط مدروسة من جانب حزب البعث الذي حكم في العراق لعقود ومازال حاكما في سوريا تمشيا مع آيديولوجيته القومية العنصرية الرافضة للآخر القومي والمتورط في تنظيم مخططات التعريب والتهجير الجماعي وفي حالات عديدة الابادة الجماعية كما أظهرت الوثائق والدلائل الدامغة التي اطلع عليها الملايين والدراسات الصادرة عن مؤسسات البعث الحزبية والحكومية والأمنية والتي كانت سرية وكذلك المقابر الجماعية مما يلقي ذلك المسؤولية التاريخية والأخلاقية على عاتق الجميع من مثقفين ومكونات ومنظمات مجتمع مدني من أجل التسليم بحصول تلك المآسي والكوارث والانتهاكات وعدم السكوت عليها والعمل على ازالة آثارها وتصحيحها واعادة الحقوق المسلوبة الى أصحابها حسب ارادتهم دون التحجج بفذلكات – الأمر الواقع – أو – التقادم – لأن الكل مجمع على تناول الوضع منذ مرحلة حكم حزب البعث السيء الصيت الذي قرر العراقييون ” اجتثاثه تنظيما وفكرا وسياسة ونهجا ومؤسسات وممارسات ” وأن لايطال أبعد من ذلك رغم وجود مخالفات وانتهاكات سابقة وهي تعتبر مدة زمنية قصيرة في حياة الشعوب والدول مما يعني أن المادة الدستورية رقم 140 بخصوص تطبيع الأوضاع في كركوك من كل جوانبه لم يأت من فراغ بل يستند الى حيثيات ووقائع داخلية وطنية ملموسة لابد من تطبيقها على أكمل وجه.
القرار رقم 24 الصادر بأغلبية بسيطة في جلسة سرية مخالفة للدستور في 22 تموز المنصرم كان بمثابة التفاف على المادة الدستورية 140 وحصيلة مؤثرات خارجية (سورية – ايرانية – تركية) تجمع على أهداف ومصالح مشتركة معروفة قد تكون مرحلية وبعبارة أخرى كانت العملية التي أطلق الكثيرون عليها صفة المؤامرة رغبة خارجية في وجه الارادة الوطنية جمعت البعثي والارهابي والاسلامي السياسي والمذهبي المعروفين الآن لدى العراقيين بجماعة 22 تموز بمخططات أجهزة نظم الاستبداد في دمشق وطهران وأنقرة ومن الواضح أن المحرك الرئيسي كان نظام الأسد الذي حمل معه المشروع وبالذات ملف كركوك في زيارته الأخيرة الى كل من ايران وتركيا مع ترويج أوساطه الاعلامية لفكرة التحالف الثلاثي لمواجهة الكرد أو احيائه من جديد حيث كان قائما منذ بداية تسعينات القرن الماضي بمبادرة من الأسد الأب وهنا يظهر كيف يقتدي الخلف بالسلف خاصة اذا تعلق الأمر بالكرد وقضاياهم العادلة.
راهنية اثارة القضية – الكركوكية – اذا صح التعبير وقرار تأزيمها من جانب الأطراف المشار اليها – وهي بطبيعتها تأزيمية ممانعة – رأت في تعقيدها فرصة لكسب الوقت من أجل تنفيذ أجندتها توحي بأنها تحمل أكثر من ملف وتواجه جملة من التحديات ومنها:
– مسألة مآل عملية التغيير الديموقراطي في العراق بعد اجتياز منتصف الطريق وتحقيق العديد من الخطوات على الصعد الدستورية والسياسية والاقتصادية وملامسة مهام بناء الدولة التعددية الفدرالية الحديثة ولاشك أن جميع المكونات القومية والمذهبية العراقية تساهم في انجاز مهام وشروط التغيير .
– تطرح أزمة كركوك تحديات خاصة أمام القيادة الكردية ومؤسسات الاقليم (البرلمان – الرئاسة والحكومة) حول مدى قدرتها على الاستجابة العملية للحقوق القومية المشروعة للتركمان والكلدان والآشوريين والعرب والأرمن من سكان كردستان الأصليين وايجاد أطر ادارية رسمية لممارستها خاصة وأن مشروع دستور الاقليم – الذي سيصادق عليه قريبا – ينص بوضوح على أن كردستان ليس خيارا عنصريا ولايقتصر على الكرد وحدهم بل موطن جميع هذه القوميات ولها حق تقرير المصير ومن شأن ذلك ازالة المخاوف والتمهيد لتمسك تلك القوميات بالانتماء الكردستاني دون تردد والانخراط في تحمل المسؤوليات والتحول الى شركاء حقيقيين في السلطة والثروة في الاقليم على قاعدة الدستور والقوانين والمصالح المتبادلة والصداقة التاريخية والمصير الواحد.
– مصير الحل الفدرالي للمسالة القومية عامة والكردية على وجه الخصوص في بلد متعدد القوميات والأديان والمذاهب مثل العراق الذي يمكن أن يتحول نموذجا كمثال ناجح في بلدان أخرى تعاني من ثقل قضايا الشعوب والقوميات التي تتعرض للاضطهاد القومي والتفرقة العنصرية وتدفع نحو أعمال العنف والاقتتال .
– مدى صدقية وجدارة الأفكار والمواقف السياسية للقوى والمكونات العراقية السائدة وخاصة في العراق العربي (من اسلامية وطائفية سياسية وقومية اصولية وليبرالية) في انجاز المهام الوطنية والديموقراطية بما في ذلك بناء الدولة الحديثة وحل المسألة القومية وتحقيق العدل والمساواة رغم أن تسلسل الأحداث الأخيرة بعد مفاجأة جماعة 22 تموز ومخططاتها في كركوك لاتبشر بالخير حيث قام البعض – وأشدد على البعض – من – حلفاء – الكرد في كل من الائتلاف الشيعي والحزب الاسلامي على التنكر للالتزامات بدفع مباشر من الجوار الاقليمي وتخلى هذا البعض عن الوعود والعهود المنصوص عليها في الاتفاقيات الاستراتيجية وبروتوكولات التعاون المشترك مع التحالف الكردستاني.
بدون الدخول في الجدل الدائر حول مراحل وجوانب وتحولات تاريخ كركوك أو صبغتها القومية الغالبة كردية أو تركمانية أو عربية منذ الحقبة العثمانية وحتى الآن أو النقاش حول كردستانيتها جغرافيا علينا التسليم بحقيقة أن هذه المدينة والعديد من المدن والمناطق والبلدات والقرى في العراق وكذلك في سورية قد تعرضت الى عمليات التغيير الديموغرافي القسري على حساب تهجير وحرمان سكانها الأصليين من الكرد في جميع الحالات والتركمان أيضا في حالة كركوك وذلك حسب برامج وخطط مدروسة من جانب حزب البعث الذي حكم في العراق لعقود ومازال حاكما في سوريا تمشيا مع آيديولوجيته القومية العنصرية الرافضة للآخر القومي والمتورط في تنظيم مخططات التعريب والتهجير الجماعي وفي حالات عديدة الابادة الجماعية كما أظهرت الوثائق والدلائل الدامغة التي اطلع عليها الملايين والدراسات الصادرة عن مؤسسات البعث الحزبية والحكومية والأمنية والتي كانت سرية وكذلك المقابر الجماعية مما يلقي ذلك المسؤولية التاريخية والأخلاقية على عاتق الجميع من مثقفين ومكونات ومنظمات مجتمع مدني من أجل التسليم بحصول تلك المآسي والكوارث والانتهاكات وعدم السكوت عليها والعمل على ازالة آثارها وتصحيحها واعادة الحقوق المسلوبة الى أصحابها حسب ارادتهم دون التحجج بفذلكات – الأمر الواقع – أو – التقادم – لأن الكل مجمع على تناول الوضع منذ مرحلة حكم حزب البعث السيء الصيت الذي قرر العراقييون ” اجتثاثه تنظيما وفكرا وسياسة ونهجا ومؤسسات وممارسات ” وأن لايطال أبعد من ذلك رغم وجود مخالفات وانتهاكات سابقة وهي تعتبر مدة زمنية قصيرة في حياة الشعوب والدول مما يعني أن المادة الدستورية رقم 140 بخصوص تطبيع الأوضاع في كركوك من كل جوانبه لم يأت من فراغ بل يستند الى حيثيات ووقائع داخلية وطنية ملموسة لابد من تطبيقها على أكمل وجه.
القرار رقم 24 الصادر بأغلبية بسيطة في جلسة سرية مخالفة للدستور في 22 تموز المنصرم كان بمثابة التفاف على المادة الدستورية 140 وحصيلة مؤثرات خارجية (سورية – ايرانية – تركية) تجمع على أهداف ومصالح مشتركة معروفة قد تكون مرحلية وبعبارة أخرى كانت العملية التي أطلق الكثيرون عليها صفة المؤامرة رغبة خارجية في وجه الارادة الوطنية جمعت البعثي والارهابي والاسلامي السياسي والمذهبي المعروفين الآن لدى العراقيين بجماعة 22 تموز بمخططات أجهزة نظم الاستبداد في دمشق وطهران وأنقرة ومن الواضح أن المحرك الرئيسي كان نظام الأسد الذي حمل معه المشروع وبالذات ملف كركوك في زيارته الأخيرة الى كل من ايران وتركيا مع ترويج أوساطه الاعلامية لفكرة التحالف الثلاثي لمواجهة الكرد أو احيائه من جديد حيث كان قائما منذ بداية تسعينات القرن الماضي بمبادرة من الأسد الأب وهنا يظهر كيف يقتدي الخلف بالسلف خاصة اذا تعلق الأمر بالكرد وقضاياهم العادلة.
راهنية اثارة القضية – الكركوكية – اذا صح التعبير وقرار تأزيمها من جانب الأطراف المشار اليها – وهي بطبيعتها تأزيمية ممانعة – رأت في تعقيدها فرصة لكسب الوقت من أجل تنفيذ أجندتها توحي بأنها تحمل أكثر من ملف وتواجه جملة من التحديات ومنها:
– مسألة مآل عملية التغيير الديموقراطي في العراق بعد اجتياز منتصف الطريق وتحقيق العديد من الخطوات على الصعد الدستورية والسياسية والاقتصادية وملامسة مهام بناء الدولة التعددية الفدرالية الحديثة ولاشك أن جميع المكونات القومية والمذهبية العراقية تساهم في انجاز مهام وشروط التغيير .
– تطرح أزمة كركوك تحديات خاصة أمام القيادة الكردية ومؤسسات الاقليم (البرلمان – الرئاسة والحكومة) حول مدى قدرتها على الاستجابة العملية للحقوق القومية المشروعة للتركمان والكلدان والآشوريين والعرب والأرمن من سكان كردستان الأصليين وايجاد أطر ادارية رسمية لممارستها خاصة وأن مشروع دستور الاقليم – الذي سيصادق عليه قريبا – ينص بوضوح على أن كردستان ليس خيارا عنصريا ولايقتصر على الكرد وحدهم بل موطن جميع هذه القوميات ولها حق تقرير المصير ومن شأن ذلك ازالة المخاوف والتمهيد لتمسك تلك القوميات بالانتماء الكردستاني دون تردد والانخراط في تحمل المسؤوليات والتحول الى شركاء حقيقيين في السلطة والثروة في الاقليم على قاعدة الدستور والقوانين والمصالح المتبادلة والصداقة التاريخية والمصير الواحد.
– مصير الحل الفدرالي للمسالة القومية عامة والكردية على وجه الخصوص في بلد متعدد القوميات والأديان والمذاهب مثل العراق الذي يمكن أن يتحول نموذجا كمثال ناجح في بلدان أخرى تعاني من ثقل قضايا الشعوب والقوميات التي تتعرض للاضطهاد القومي والتفرقة العنصرية وتدفع نحو أعمال العنف والاقتتال .
– مدى صدقية وجدارة الأفكار والمواقف السياسية للقوى والمكونات العراقية السائدة وخاصة في العراق العربي (من اسلامية وطائفية سياسية وقومية اصولية وليبرالية) في انجاز المهام الوطنية والديموقراطية بما في ذلك بناء الدولة الحديثة وحل المسألة القومية وتحقيق العدل والمساواة رغم أن تسلسل الأحداث الأخيرة بعد مفاجأة جماعة 22 تموز ومخططاتها في كركوك لاتبشر بالخير حيث قام البعض – وأشدد على البعض – من – حلفاء – الكرد في كل من الائتلاف الشيعي والحزب الاسلامي على التنكر للالتزامات بدفع مباشر من الجوار الاقليمي وتخلى هذا البعض عن الوعود والعهود المنصوص عليها في الاتفاقيات الاستراتيجية وبروتوكولات التعاون المشترك مع التحالف الكردستاني.
من الواضح أن هناك عددا من المشاريع والخطط بشأن أزمة كركوك منها ما ترمي الى الابقاء على الوضع القائم بكل توتراته أو اقرار ربط المدينة بالمركز الفدرالي بغداد بصورة استثنائية ويقف من وراء ذلك مجموعات سياسية بلكنة مذهبية عربية وتركمانية من غير السكان الأصليين ومن أخطر الخيارات الدعوة الى اعتبار كركوك مدينة ومحافظة اقليما مستقلا اسوة باقليم كردستان والمشروع كما يظهر يحظى برضى اقليمي من دول الجوار ورغبة تركية جامحة ظهرت من خلال العمل لترويجه عبر الاعلام ومن خلال أقلام محسوبة على الأجهزة التركية الأمنية الهدف منه الاساءة الى الكرد وتجزئة كردستان العراق بحدوده التاريخية المعروفة والتمهيد لاثارة الفتنة والصراع بين الكرد انفسهم على المديين المتوسط والبعيد اذا تم تنفيذه أما المشروع الأكثر واقعية ومشروعية وجاذبية على الصعيد الوطني فهو كردستانية كركوك بوضع ترتيبات ادارية معينة في المدينة تبرز الوجود التركماني وفي المحافظة كطابع كردي مع المشاركة الفعلية من جانب الكلدان والآشوريين والعرب من السكان الأصليين ولاشك أن المشروع يستند بالأساس على التوافق الكردي التركماني الغالب في المحافظة أولا هذان المكونان يحملان قضايا لم تنجز بعد ذات صفة قومية بعكس العرب على سبيل المثال لأنهم اجتازوا مرحلة التحرر القومي منذ عقود واللذان عانا الأمرين من التهجير والحرمان والتغيير القسري للقومية والطرد عنوة من أرض الآباء والأجداد ومن ثم الاتفاق مع المكونات الأخرى هذا بالاضافة الا أن المكان الأمثل الوحيد لحل قضية التركمان القومية كمكون يأتي في المرتبة الثانية بالاقليم بعد الكرد وكذلك الكلدان والآشوريين هو كردستان وليس بغداد أو الأنبار أو البصرة.