بيان صادر عن مكتب العلاقات العامة لتيار المستقبل الكوردي في سورية

عقد مكتب العلاقات العامة اجتماعه الاعتيادي مستعرضا معطيات الواقع الراهن , وما يتوقع من مخاضات داخلية وإقليمية بحكم الأزمات البنيوية التي تتحكم بمسار النظام الأمني السوري , ومحاولاته الحثيثة إعادة دوره الإقليمي وضمان استمرارية وجوده , مع استمرارية في قمع الداخل وإخضاعه امنيا وإفقاره اقتصاديا , فقد باتت الأسعار ترتفع باطراد والمجاعة تتعمم باتساع , وليس هناك من هاجس للسلطة سوى كم الأفواه وهدر الكرامة الإنسانية , ولعل استهداف إعلان دمشق بعد مؤتمره الوطني الأول , يشكل منعطف مفصلي في تاريخ المعارضة السورية , من حيث أن الحملة الأمنية ترافقت مع تكريس شرعية الشحن والتعبئة الإيديولوجية للاستبداد ذاته.
أن من أولى الركائز التي أنهاها النظام الأمني في سوريا , هي منظومة الركائز القيمية , الأخلاقية والسياسية والثقافية , وهي نواظم توجه سلوك الناس , وتدميرها يدفع إلى الضياع والفوضى , والبحث في الانسجام الخاص والفردي وتسويره وجعله افتراضيا بأنه يمثل معيارا اجتماعيا وسياسيا , والخروج عليه , خروج على الحالة الوطنية , وهو ما لمسناه في تسويغ الحملة الأمنية , أو في حملات الاستجداء المرافقة ؟ ونعتقد بان النظام الأمني وبفعل عطالته حيال سائر قضايا المجتمع , يمتلك ميزة إعادة إنتاج ذاته القمعية ومهمته الأساسية في عدائه للمجتمع , وكلما وجد أن هناك مخاضا أو تعبيرا مدنيا , يسارع إلى سياسة القهر والبطش ليعيد الأمور إلى نصابها في التغييب والإلغاء , فقد عمل طويلا وبمختلف أساليب الهدر والقمع على منع وجود أي شرعية ثابتة لأي معارضة حتى ولو كانت في حدودها الدنيا , فهو يخشى أي وجود شرعي لتعبيرات المجتمع , فكيف بالمعارضة , ونعتقد بان هذا الأمر , بنيوي ويرتبط ببنية النظام الأمني ورؤيته للمجتمع وللحراك السياسي والاجتماعي فيه , وهو ما يفسر حملة الاعتقالات الأخيرة ضد قيادة إعلان دمشق .
أن التحدي الذي أحس به النظام واستوجب هذه الموجة من القمع والعسف والاعتقال , يتجسد في قدرة البعض من تعبيرات المجتمع السوري على احترام الذات , والإحساس بالآدمية والإنسانية والاستعداد للتضحية من اجلها , وهو فعل تعتبره منظومة العقل الأمني أهم تحدي تواجهه ويتطلب القضاء عليه وإنهاءه , وإعادة بعض الرعية إلى الحظيرة , بطون فارغة لا ترتوي ولا تشبع , وعقول جامدة تعتز بعطالتها وتدافع عن قيودها , بل وتسوغ لديمومة الراهن الاستبدادي , على أرضية إما تهويمات خارجية تتجدد من أيام الحرب الباردة وما تلاها من تكريس للنظم الشمولية , أو معزوفة الاستقرار الأمني المحض .
أن التباين في الرأي مع أي جهة أو إطار سياسي , أمر طبيعي فيما لو تعلمنا منهجية ممارسة الاختلاف , وانطلقنا من ثقافة الاختلاف , لكن جعل التباين عداء , مسار مختلف , يرتبط بسوية الوعي والثقافة الناظمة له , فنحن نختلف مع الإعلان في أمور عدة , منها ما يتعلق بمفهوم الدولة المدنية وفصل الدين عن الدولة , ومنها ما يتعلق بالوجود القومي الكوردي في سوريا , كشعب يعيش على أرضه , وشريك كامل الشراكة في سورية المعاصرة , لكن هذا التباين والاختلاف , لا نجده مانعا في الاصطفاف إلى جانب إعلان دمشق في وجه حملات القمع والتنكيل التي يتعرض لها , بل نعتبر بأننا جميعا مستهدفون , والرسالة الأمنية موجهة للمجتمع ككل , فأي اعتقال سياسي , هو اعتقال لنا , للعقل , للثقافة , للرأي الحر , للمجتمع المدني , وتسويغ الاعتقال بحجة الخلاف السياسي هو تسويغ للاستبداد والشمولية .
أننا نعتبر بان الحلقة الأضعف في إعلان دمشق هي الكتلة الكوردية الموجودة فيه , والتي لم تحسم أمرها من مسالة التغيير الديمقراطي , وإصلاح النظام لنفسه , ولا زال الكثير من تلك القوى يراهن على النظام في إصلاح استبداده , ناهيك عن أنها قبلت بالتنازل عن وجودها القومي لشعب يعيش على أرضه , واختزال ذلك بقضية عادية تحتاج إلى حل ديمقراطي مثلها مثل قضية التنمية والمياه والمرأة و…..الخ , وبدون أن يتم الاعتراف بالتعدد القومي في سورية , لا نجد لذلك معنى .


وبخصوص وضع الحركة الحزبية الكوردية , فقد وجد الاجتماع بأنها تمر في منعطف حساس واستراتيجي , يستوجب إعادة الاصطفاف وترتيب آخر لقواها وأطرها , يجسد الرؤية المشتركة والتوجهات العملية , كما ويعيد تركيبها بما يتوافق مع تحديد الأولويات النضالية , فما هو قائم من اطر تحالفيه , بات لا ينسجم , لا مع المرحلة الحرجة التي تمر بها سورية , ولا مع تطورات وتداعيات الحالة الكوردية , داخليا وإقليميا ودوليا , ونجد بان الاصطفافات أو محاولات الاصطفاف التي تجري من وراء الكواليس , حالة صحية تجسد التقارب السياسي والفكري بين قوى متنوعة , لكنها موجودة في أمكنة متعددة , ومن المناسب إعادة ترتيبها وفق توجهاتها السياسية وموقفها من النظام الأمني ورؤيتها لثنائية التغيير والإصلاح , وفي هذا السياق نعتبر أي بيان رباعي أو خماسي يعبر عن مشروع سياسي قادم يتم التأسيس له وعلى مراحل متعددة .
كما أكد الاجتماع على أن الخيار الذي يجسد إرادة المقاومة لسياسة النظام وقمعه , يتجسد في ضرورة تطوير لجنة التنسيق وبعض الفصائل الأخرى المقتنعة بمواجهة النظام وتطوير آلياتها النضالية ,  باتجاه اتحاد سياسي , مدني الأسلوب , سلمي الفعل الميداني , وهو ما نجده يعكس المصلحة القومية الكوردية من جهة , ويؤطر الفعل العملي والسياسي في أي حراك مجتمعي عام نحو التغيير الديمقراطي المنشود في سورية .
1-2-2008

مكتب العلاقات العامة

تيار المستقبل الكوردي في سورية

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

بوتان زيباري   يا سوريا، يا رعشة التاريخ حين يختلج على شَفَة المصير، ويا لُغزَ الهوية حين تُذبح على مذبح الشرعية، ما بين سراديب القهر وأعمدة الطموح المتداعية. أنتي ليستِ وطناً فقط، بل أسطورةٌ تمشي على أطرافِ الجراح، تهمس للحاضر بلغةٍ من دمٍ، وتُنادي المستقبل بنداءٍ مختنقٍ بين الركام. أيُّ قدرٍ هذا الذي يجعل من أرض العقيق محرابًا للدم، ومن…

نتابع، في الشبكة الكردية لحقوق الإنسان والمنظمات الحقوقية الكردية في سوريا، بقلق بالغ تصاعد حالات اختطاف الأطفال القُصَّر، خاصة الفتيات، من قبل ما تُسمى بـ”منظمة جوانين شورشكر” أو “الشبيبة الثورية”. حيث يُنتزع هؤلاء الأطفال من أحضان عائلاتهم ويُخفَون في أماكن مجهولة، دون تقديم أية معلومات لأسرهم عن مصيرهم. لقد حصلنا على قوائم بأسماء عدد من القاصرين والقاصرات الذين تم اختطافهم…

إبراهيم اليوسف   مرت مئة يوم منذ سقوط النظام، وشهدت البلاد تحولًا سريعًا- يشبه ما يحدث في الخيال العلمي- وكأنها عاشتها على مدى قرن بل قرون. هذه الفترة القصيرة كانت مليئة بالأحداث الجسيمة التي بدت وكأنها تحولات تاريخية، رغم قصر الوقت. ومع كل هذه التغيرات، تبقى الحقيقة المرة أن السوريين يواجهون تحديات أكبر من أي وقت مضى. بدأت المرحلة الجديدة…

نظام مير محمدي*   في خطبته التي ألقاها الولي الفقيه علي خامنئي بمناسبة عيد الفطر قال وهو يشير الى التهديدات المحدقة بالنظام الإيراني: “يهددوننا بالشر. لسنا على يقين بأن الشر سيأتي من الخارج، ولكن إن حصل، فسيتلقون ضربة قاسية. وإذا سعوا لإشعال الفتنة في الداخل، فإن الشعب الإيراني سيتولى الرد”، وفي کلامه هذا الکثير من الضبابية وعدم الوضوح لأن…