بشار أمين: من يقتل أبناء سوريا دون مبرر أو ذنب, فإنما يبرر قتل الفلسطينيين

  في إطار التغطية الإعلامية المستمرة منذ العشرين من آذار لفضائية شبكة الأخبار العربية (ANN), بصدد قتل ثلاثة مواطنين كورد من قبل أجهزة أمن النظام السوري في مدينة قامشلي, واستضافتها لمسؤولي الأحزاب الكوردية والعربية المعارضة للنظام السوري, وفي برنامجها اليومي (الطريق إلى الحرية في ديار الشام السورية), اتصل مقدم البرنامج في مساء يوم السبت 23-3-2008, بالأستاذ بشار أمين عضو اللجنة السياسية لحزب آزادي, ليسلط الضوء على ما يرتكبه النظام السوري من مجازر ضد أبناء سوريا من الأشقاء الكورد في المناطق الكوردية, ولشرح مواقف الكورد عما يجري هناك في الوطن.

مقدم البرنامج: الأستاذ بشار أمين, لقد تحدث ضيفنا خليل, قبلك وقال: إن هذه التصرفات هي علامات إفلاس النظام, ووصف هذا الإفلاس بالتاجر الذي يعود لدفاتره القديمة, لعله ينقذ ما يمكن إنقاذه, لكن هيهات كما قال, هل تشاطره الرأي, وبماذا تؤكد, أو بماذا تدعم مثل هذا الرأي؟

بشار أمين: أستاذ حسن, أحييك وأحيي ضيوفك الكرام, وكل مشاهدي منبركم الحر هذا, الذي أسعدنا بتضامنه مع شعبنا الكوردي في محنته هذه, لأن معاناة الشعب الكوردي هي قضية وطنية سورية (بلا شك) بامتياز, لاسيما وأن النظام وان كان مستبداً, فإنه عادلٌ إلى حدٍ ما, في توزيع ظلمه على سائر ألوان الطيف السوري؛ وهنا تحضرني ملاحظة أحد الأصدقاء العرب, وكان قد خرج لتوه من السجن, بعد ان أمضى سنين طوال في المعتقل؛ سألني: هل مازلتم تصفون النظام بالعنصري والشوفيني, فقلت: أجل, ظننت أنه قد تراجع عن مواقفه السياسية, لكنه أضاف وقال: أنصحكم بالبحث عن صفة أخرى للنظام, فلو كان عنصرياً لسلمنا نحن العرب من بطشه وظلمه.

في الحقيقة أن هذا الكلام جدير بالتقدير والاحترام.

أستاذ حسن, أقول وكما تعلمون, بأن وضعنا نحن أبناء الشعب الكوردي, يمتد لعقود مع هذا النظام, الذي عمل باستمرار على إسكات صوتنا, ومارس بحقنا سياسة الصهر والتعريب, وجرد مئات الآلاف من جنسيتهم السورية, وطبق بحق شعبنا مشروع الحزام العربي, وشرد الآلاف من أبناءنا إلى ضواحي المدن الكبيرة, ليتحولوا بكفاءاتهم وشهاداتهم إلى عمال مطاعم وفنادق ومقاهي, ناهيك عن الذين تشردوا إلى ديار الغربة في خارج البلد, خارج حدود سوريا, لكن ورغم ذلك, بقي هذا الشعب صامد ولم يستكين, بل ازداد إصراراً, وكلٌ في موقع عمله, على مواصلة العمل والنشاط والنضال من أجل شعبه؛ ولم يتوانى هذا النظام عن سجنه, وانتهاك حقوقه, وممارسة القمع وكم الأفواه؛ وقد بدأ بالقتل, ففي عام 1986 قتلوا سليمان آدي في يوم 21آذار, وعلى إثرها أصبح نوروز بفضل دماء الشهيد سليمان آدي, يوم عطلة رسمية في جميع أنحاء سوريا؛ وبدؤوا بعد ذلك في يومي 12/13- آذار 2004, وكما تعلمون, بقتل ثلاثين كوردياً آخر, ولم يستكين هذا الشعب ولم يستسلم, وعلى إثرها عمت الانتفاضة سائر المناطق والمدن الكوردية وأماكن التواجد الكوردي احتجاجاً على قيام النظام بقتل أبناءنا, ولإيقاف مسلسل القتل والاعتقال, هذا الشعب أعلن رفضه للذل والخذلان, وكسب تأييد الشارع السوري من العرب والسريان, وامتدت حملة التضامن مع قضيته ومحنته إلى باقي أجزاء كوردستان, لتتخذ قضيتنا بعداً كوردياً وكوردستانياً ودولياً.

هذا النظام باعتقادي لا يضطهد الشعب الكوردي فحسب, إنه لا يقبل الوجه الآخر, يقبل الوجه الآخر, بمعنى الأنا, أي على مقاسه, لا يقبل الوجه الآخر, كرأي مختلف عنه, يقبل الوجه الآخر بشرط أن يكون نسخة عنه ومتطابقة مع مواقفه وسياساته, لا يقبل الوجه الآخر, بمعنى رأيٍ آخر.

اليوم هذا النظام, يُجوعْ الشعب السوري بأسره, عرباً, كورداً, سرياناً, إسلاماً, مسيحيين, إزديين, كل الأديان بطوائفهم, وكل القوى السياسية, هذه السجون, أقول هذه السجون ملئ بالمساجين ومعتقلي الرأي, معتقلين بسبب مواقفهم السياسية.
أقول هذا النظام, لا يخدم نفسه, دعوه يفعل ما يشاء, فبممارساته وبطشه, إنما يوحدنا في المحنة, ويوحدنا في العمل والنضال, ويوحدنا لتصعيد نشاطنا؛ أنا أشاطر المتحدث, أن النظام يبحث عن أوراقه القديمة, أشاطره إنه بهذه الممارسات, يعلن عن إفلاسه.

حقيقةً أقول: نحن أمام وضعٍ جديد, نحن بحاجة إلى لغة الحوار, التي لا يفهمها الآخر (وأقصد النظام), هذا النظام لا يفهم سوى لغة الحديد والنار, من يقتل أبناء الشعب السوري دون مبرر أو ذنبٍ اقترفوه, فإنما يبرر من يقتل الفلسطينيين العزل في فلسطين, ومن ينكر على الآخرين حقوقهم, معنى ذلك يبرر للآخرين (الإسرائيليين) استلاب حقوق الفلسطينيين, ويبرر استلاب الأراضي العربية, ويبرر  استلاب حقوق العرب في مواقع الاستلاب, أقول أن هذا النظام بدأ يتضعضع, ولا يعرف ماذا يفعل, إنه يقوينا حقاً, دعوه يفعل ما يشاء, وشبابنا يزدادون قوةً وعزماً ونشاطاً وإصراراً على العمل والنضال, يرفض الخذلان, يأبى الذل والهوان؛ نحن بحاجة إلى لغة الإنسان, والذي يتجسد في العقل والحوار, هذه اللغة التي تمارسها السلطة لا تصلح مع الإنسان, بل مع الكائنات الأخرى, ولا أود التحدث والدخول إلى مستويات متدنية.

أقول: إذا كان يُجوعْ هذا الشعب, وإذا كانت القضية الفلسطينية في جانب والقضايا الأخرى في جانبٍ آخر, فماذا يفعل الآن هذا النظام, وماذا فاعلٌ في المستقبل.

إنني لا أقول أن دماء شهداءنا رخيصة, لا ..

قطعاً لا, دماء شهداءنا حينما نتذكرهم, تعتصر قلوبنا وأجسادنا ألماً لفقدانهم, لكن أقول دماء شهداءنا غدت منارةً لنا, إن هؤلاء الشهداء باستشهادهم يصنعون الحياة, ويروون شجرة حرية شعبهم بدمائهم, شجرة حريتنا بحاجة إلى سقاية, فرووها بدمائهم الطاهرة والغالية, إن شجرة الحرية لا ترتوي إلا بالدماء, ونحن كشعب لا نستفز..

لا نستفز قطعاً, ولا أحد بمقدوره أن يضلنا عن سبيلنا, فنحن أناس, نحن شعبٌ نرفع رايات السلام, نحن مسالمين, نحن ننشد الديمقراطية, نحن ننشد المساواة.

ثقافتنا ليست على حساب الثقافة العربية, ولا على حساب الثقافة السريانية, ولا الثقافات الآخرين على حساب ثقافتنا, ولا حقوق شعبنا على حساب حقوق العرب والسريان؛ سنبقى متعلقين بالتآخي الكوردي- العربي, سنبقى متعلقين بالتضامن والتكاتف مع أطياف اللون السوري, نحن سوريون قبل أية اعتبارات أخرى, وسنظل ندافع عن سوريا, ونضحي من أجلها, لتكون دولة ديمقراطية, تعددية, سنظل هكذا.

أستاذ حسن, لا أحد يستطيع أن يثنينا عن مواقفنا, نحن بصدور عارية استقبلنا الرصاصات, لم نكن نحمل سكيناً أو خنجراً, ولم نطلق من جانبنا حتى الآن رصاصة واحدة, قطعاً لا نملك السلاح نحن, نحن لا نملك السلاح؛ نحن نحاور, نحن نناقش, ولا اعتبار لدينا سوى مصلحة الوطن وحقوق شعبنا, وليس على حساب أحد.

 

أستاذ حسن..

دولة سوريا, استقلت قبل اليابان بست سنوات, ويابان اليوم تنافس أوروبا وأمريكا في كافة المجالات التكنولوجية والصناعية, يابان اليوم تشارك تلك الدول في تصدير العولمة, ونحن في سوريا, على الرغم من توفر عوامل التطور والتقدم, إلى الآن لا نفهم العولمة ومعانيها, لم نستوعب معنى التطور, لا زلنا ..

لا زلنا نعيش حياة تداخل تشكيلة الرعة والزراعة, أين تقدمنا, ومن المسؤول عن هذا التخلف؛ نحن لسنا هواة سجون وإراقة الدماء, نحن هواة الحرية والديمقراطية.

 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…