رأي الديمقراطي: الانتهازيون بين الانتفاع والدعوة الى الاجماع

لقد برزت الدعوة الى الاجماع الكردي في سوريا ، مع بروز ظاهرة الانشقاق والتشرذم بين صفوف الحركة الكردية في سوريا في اواسط الستينات من القرن المنصرم ، وقد كان الداعون الى هذا الاجماع ينقسمون الى اتجاهين متناقضتين ، وكثيرا ما تم الخلط بينهما بقصد او بدونه، ونرى من الضروري الفرز والتمييز بينهما.

اتجاه راى في الاجماع الكردي ضرورة لابد من العمل من اجل انجازها ، لان في ذلك هيبة للحركة امام الخصوم وكسب لاحترام الاصدقاء ، وراى هذا الاتجاه بان ذلك لايتحقق الا بتجاوز المهاترات والانانيات الحزبية والشخصية الضيقة الى جانب التنبه لاحابيل ومؤامرات خصوم الشعب الكردي وحركة السياسية في سوريا ، ومن هنا سعى بكل جهده من اجل فتح الابواب للحوار والتحاور للجم حالات الانشقاق من جهة ، ومن جهة اخرى محاولة فتح القنوات الممكنة من اجل لملمة الشراذم والمجموعات المنشطرة برامسيوميا ، سواء بإلتئامها ضمن اطر مشتركة او بإدماجها في احزاب موجودة فعليا على الساحة الكردية في سوريا ، وان الواقع الراهن الذي تعيشه الحركة الكردية يؤكد على نجاح هذا الاتجاه في هذا المجال ، اذ ان الجسم الاساسي للحركة الكردية في سوريا بات ينضوي ضمن اطار (الهيئة المشنركة) للتحالف الذي يضم اربعة احزاب، والجبهة التي تضم ثلاثة، وهذا الاتجاه يسعى برؤية مشتركة نحو عقد مؤتمر كردي لاختيار مرجعية كردية واعتماد برنامج سياسي ينظم توجهات الحركة ويبلور اهدافها وطموحاتها وفقا للظروف والامكانات الواقعية للشعب الكردي في سوريا بعيدا عن المزاودة والشعارات البراقة ، وبذلك استطاع ان يطرح قضيته بموقف مشترك على الساحة الوطنية ، ولعل اعلان دمشق يعكس ذلك ..

واتجاه آخر هو الذي تعامل بانتهازية مع هذا الشعار كـ(كلمة حق يراد بها باطلا) ، فاستمر في تفريخ المجموعات والشلل التنظيمية تحت مسميات مختلفة متدثرا نظريا بغطاء الاجماع الكردي والشعارات المزاودة والاستمرار في افتعال المهاترات والمعارك الاتهامية ، ولكنه عمليا يقف ضد اي جهد اومحاولة باتجاه توحيد الصف الكردي ، فظل خارج كل اطار او تجمع يخطو بصدق نحو هذا الاجماع المنشود ، تسيطر عليه الانانيات الحزبية والامراض التنظيمية والنفسية ، ناهيك عن انخراط البعض من هذه الفئة بوعي او بدونه في ما تخطط له الجهات الشوفينية ، ولعل الاحداث الاخيرة والتفاعلات التي رافقتها كشفت عن هوية هؤلاء الذين تطوعوا مجانا لتنفيذ مافشلت في تحقيقه السلطات الشوفينية وذلك بمحاولة دفع المجتمع الكردي نحو المصيدة ، وهم في ذلك يتفاعلون مع السياسة كتجارة وانتفاع لاكتضحية ونضال ..

الخلاصة ان هناك خلط بين من يمارس الاجماع بما هو ممكن ، وبين من يبتغي من دعوته اليها كمجرد انتفاع متذرعا بها كشماعة وهو مقتنع في قرارة نفسه بانه يطالب بالمستحيل من اجل نسف ما هو موجود فعليا من اجماع نسبي ..

 

dimoqrati.com

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…