تصريح ناطق باسم المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردي في سوريا -البارتي – حول تعميم وزير الدفاع السوري

منذ عقود والسلطات السورية تسعى جاهدة إلى تشويه سمعة الشعب الكردي في سوريا بكل الوسائل ، والعمل على نشر ثقافة معادية لهذا الشعب في أوساط الرأي العام السوري تحت اسم (الخطر الكردي المزعوم) تلك السياسة لم تكن نابعة يوماً من الأيام عن حر ص النظام على الوحدة الوطنية ، وتقوية سوريا وموقعها ودورها بل كانت ترمي إلى سياسة (فرق تسد) بين مكونات المجتمع السوري لإضعاف الجبهة الداخلية السورية ، وبالتالي توفير الأرضية لإحكام قبضتها الأمنية على كل مفاصل الحياة السورية.
لم تكتف هذه السلطة بمحاربة الشعب الكردي في سوريا خاصة في العقد الأخير ، بل باتت محاربة القضية الكردية في باقي أجزاء كردستان جزءاً من استراتيجيتها ، خاصة الفيدرالية في كردستان العراق.
ورغم محاولات النظام الشكلية بالتودد إلى الشعب الكردي وقضيته ، والوعود المتكررة بحل بعض القضايا والتي كانت تتناقض تماماً مع سلوكه الفعلي تجاه هذه الشعب ، جاء هذا التعميم الأخير من السيد وزير الدفاع على كافة قطعات الجيش ليكشف بشكل لا لبس فيه أن النظام قد وضع الشعب الكردي وقضيته في خانة الأعداء حيث جاء في التعميم أن (رئيس جهاز الموساد الإسرائيلي قد زار شمال العراق مؤخراً ونزل في استراحة رئيس حكومة إقليم كردستان العراق واجتمع مع عناصر مجموعات الموساد العاملة في شمال العراق وقام بتزويد عناصر مجموعات الموساد بهواتف خلوية مرتبطة بقمرالتجسس الإسرائيلي ، وقد تم إدخالها للقطرعن طريق حزبي يكيتي والاتحاد الديمقراطي) ويدعو التعميم قادة الجيش إلى (عدم قبول أية أجهزة هاتف خلوية كهدايا).
إن التوقف عند هذا التعميم يقودنا إلى الاستنتاجات التالية :
1- رغم النفي المتكرر للمسؤولين في كردستان العراق بعدم وجود أية عناصر رسمية للموساد في الإقليم وابدوا استعدادهم للتعاون مع أية جهة للكشف عن شبكات الموساد، إلا أن السلطات السورية تصر على وجودهم هناك ، ورغم قناعتنا المطلقة بأن الخبر عار عن الصحة ، ولكن لنفترض أن ذلك حصل فكيف وصل رئيس الموساد إلى إقليم كردستان ؟ لابد أنه وصل إما عن طريق أحد حلفاء سوريا (إيران – تركيا) أو عن طريق أشقائها في الأردن ، وقد حصل سابقاً أن قصفت الطائرات الإسرائيلية سوريا عن طريق استخدام أراضي حلفاء السلطة (أي عن طريق تركيا) الدولة الغاصبة للواء اسكندرون وحقوق سوريا في مياهي دجلة والفرات ، ونعتقد أن السلطة ترمي إلى دق إسفين العداوة بين الشعبين العربي والكردي بعد أن وصلت العلاقات الأخوية بينهما إلى آفاق أفضل.
2- إن النظام بعد أن أدرك فشل سياساته في دق اسفين من الخلافات بين مكونات المجتمع السوري وخاصة بين المكونين الرئيسيين (العرب والكرد) هذا الفشل الذي تجلى بشكل كبير في نجاح ممثلي جميع مكونات الشعب السوري بمختلف تياراته الفكرية والسياسية إلى صياغة معارضة حقيقية للنظام داخل الوطن والذي تجسد في إعلان دمشق والذي أفشل سياسة التفرقة بين مختلف المكونات السورية التي انتهجها النظام خلال عقود ، وكرس سياسة التعايش والتآخي ووحدة المصير ، لذلك كان لابد للنظام من المضي بخطوات أخرى ، وزج جميع طاقاته لتكريس التفرقة ، فجاء التعميم كحلقة من حلقات سياسة (فرق تسد) وذلك عبر التشكيك بوطنية وإخلاص المكون الكردي ، هذا الشعب الذي أثبت على الدوام عمق انتمائه الوطني ودفاعه عن أرض الوطن ، والتاريخ السوري شاهد على ذلك .
3- إن هذا التعميم يؤكد بشكل لا لبس فيه اختراق الموساد الإسرائيلي للجيش السوري عبر بعض كبار ضباطه ، وإن انتشار الفساد المنظم في مختلف مؤسسات ودوائر الدولة ، واعتماد السلطة بشكل رئيسي على شبكة من الفاسدين لابد أن يصل في النهاية حتى إلى القطاعات الاستراتيجية والتي يعتبر الجيش إحداها.
4- قد يكون هناك نوايا مبيتة لدى السلطة للتحضير لمرحلة جديدة من العنف والإجراءات الشوفينية ضد الشعب الكردي والتي لابد أن تحتاج إلى مبررات لتنفيذ هذه الإجراءات بعد أن فشلت سياساتها في إقناع الشعب السوري وقواه الوطنية لمحاربة هذا الشعب ، وبعد أن فشلت في خلق نوع من العداوة بين مختلف مكونات الشعب السوري ، فجاءت بهذا التعميم والذي يعتبر ورقة النظام الأخيرة لاستخدامها ضد الشعب الكردي ، هذه الورقة التي تسعى إلى العزف على وتر المشاعر الوطنية العامة والمعادية لإسرائيل لاستغلالها ضد الكرد ، ونعتقد أن الشعب السوري قد أدرك هذه اللعبة من زمن بعيد ، وهو يدرك أكثر من غيره حجم المعاناة الشاملة للشعب السوري من قبل السلطة تحت شعار معاداة إسرائيل
5- إن المعلومات الخطيرة التي تدعيها السلطة ، والواردة في التعميم تقع في خانة السرية التامة ، وإن نشرها بهذا الشكل وتعميمها الواسع ينزع عنها صفة السرية ، وبالتالي ينزع عنها صفة الصدقية بشكل كامل ، ويضعها في خانة الدعايات المختلقة والتي لابد أن تسبق أي فعل على الأرض ، والتي ترمي إلى تأليب الرأي العام السوري ضد الشعب الكردي .


ومن هنا فإن بوادر أفعال معادية للشعب الكردي قد تلوح في الأفق قريباً ، وأياً كانت مواقف السلطة ودعاياتها المغرضة ، فإن الشعب الكردي في سوريا ماض ومستمر بكل عزم وتصميم في التلاحم الكفاحي مع مختلف مكونات الشعب السوري ، ومختلف قواه الوطنية الديمقراطية من أجل إنجاز مهمة التغيير الديمقراطي السلمي في سوريا ، وإن هذه الدعايات المضللة لم تعد تنطلي على أبناء شعبنا السوري، ولا يستطيع أحد التشكيك في عمق وطنية الشعب الكردي .
في 23/1/2008
ناطق باسم المكتب السياســـي
للحزب الديمقراطي الكردي
   في سوريا

    – البارتي – 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…