خالص مسور
لابد في البداية من تعريف للدولة، يمكن معه تحديد مفهوم الدولة، ومغزاها ودورها في حماية الإنسان وصيانة ممتلكاته من التجاوزات والإعتداءات الداخلية والخارجية، ومنع إهدار كرامته وحريته وروحه وراحته.
فالدولة في أبسط تعريف لها هي: سلطة سياسية، لها أرض محددة، وشعب معين، ولها علم واحد، وقوانين محددة، ودستور واحد.
فالدولة في أبسط تعريف لها هي: سلطة سياسية، لها أرض محددة، وشعب معين، ولها علم واحد، وقوانين محددة، ودستور واحد.
ولكن لامراء في أن الدولة ظاهرة تاريخية ولكنها ليست أزلية، بمعنى أنها لم تكن موجودة عندما كان الإنسان يعيش في مرحلة المشاعيات البدائية، حيث كان رئيس القبيلة هو الذي ينوب مناب الدولة، في فض المازعات ومعاقبة الجناة والقتلة، وفي تقسيم الأرزاق ولحوم الطرائد البرية بين أتباعه ورعيته بكل دقة وعدل، يفوق بكثير ماتدعيه أحزاب العدالة والتنمية في أيامنا هذه.
ومع تقدم الزمن بدأت الدولة بالتشكل فارضة نفسها بقوة واقتدارحينما دخل الإنسان في مرحلة الملكية الخاصة وتمايزالذات عن الطبيعة، حيث احتاج مالك الأرض وجامعي الأموال إلى من يحافظ لهم على مافي أيديهم من أملاك وثروات من تجاوزات العبيد والمحتاجين والفقراء، أي كان لابد من وجود قوة قاهرة تحمي الغني من الفقير، فكان نشوء الدولة القمعية وقوانينها التي وضعها الاغنياء أنفسهم لصون ممتلكاتهم ومصالحهم الذاتية، وإجبار الفقراء على الخضوع والإنحناء أمام سطوة أرباب العمل والمال.
وهكذا نشأت الدولة لصالح الطبقات العليا الأرستقراطية ومايكنزون من ذهب وفضة، وعن طريقها أيضاً كان يعاد العبد الآبق إلى سيده مكرهاً ذلولاً حيث أضحى العبد قوة اقتصادية أساسية في المجتمع العبودي وعلى اكتافه بنيت منشآت الري والعمائر الضخمة في كل من بلاد سومرومصر.
واستمرت الدولة في تطورها من حيث موقعها وقوانينها ودورها القمعي والتسلطي لا على شعوبها فحسب بل على الشعوب الأخرى أيضاً، وخاصة في مرحلة المستعمرات في القرن التاسع عشر وما بعد، وفيها ظهر ما يدعى بالدول القومية في أوربا بشكل خاص، ولكنها مع الأسف كانت الدول القومية في أوربا – آنذاك- كانت مرافقة في أفكارها وطروحاتها للعنصرية وتغييب الآخر المختلف، مما أدى إلى تناحرات عسكرية وتسابق على المستعمرات والبحث المستميت عن أماكن لائقة لها تحت الشمس، هكذا بدأت فصول من النهب والسلب وصراعات وحروب عالمية ومحلية تكاد لاتنتهي حتى يومنا هذا.
وقد تسابقت تلك الدول القومية على المستعمرات وبدأت عصور مأساوية مظلمة من الإستعمار الطويل، حيث استعمرت شعوب وقوميات مستضعفة بأكملها، على أيدي شعوب أخرى أكثر تقدماً وتملك التقنية والمال وجيوش نظامية مدربة، فكان لابد والحال هذه أن تنتفض هذه القوميات المستبعدة وتحررنفسها من نير العبودية والظلم، وتنشيء لها دولتها المستقلة وتعيد إليها اعتبارها وحريتها وكرامتها.
فبدأت الإنتفاضات وحركات التحر والنضال ضد المستعمر وأذنابه لإجلائه عن أرضها وامتلاك ثرواتها.
وفي هذه المرحلة مرحلة التحررمن الإستعمارفي بلد محتل او مغتصب، لابد من المناداة بالقومية لجمع الشمل وتوحيد الصفوف خلف قائد تاريخي ليقود شعبه نحو الحرية والنصر، أي أن القومية والمناداة بها ضرورة تقتضيها مصلحة الشعب المجزأ والمشتت في فترة زمنية يمكن تحديدها بفترة الصراع والنضال ضد الغاصب والمحتل، وليصار إلى نشرالوعي القومي بين مكونات الشعب المكافح من أجل نيل الحرية، وتوجيه طاقاته نحو طرد المحتل والدخيل.
ومهما كان الامر، فلايمكننا أن نصف هذه المرحلة القومية بالعنصرية، مثلها مثل ما جرى في أوربا في القرن التاسع عشر، حيث سمي هذا العصر بعصر القوميات عن جدارة واستحقاق.
ولكن لم يلبث أن اصبحت القومية في أوربا مرادفة للعنصرية مع ظهور الدولة النازية الهتلرية والفاشية الموسولينية.
ولهذا لانرى اليوم في أوربا من ينادي بالقومية الفرنسية، أو الإيطالية، أو الألمانية مثلاً، كما كان في العهود السابقة.
ولكننا نقول: وبعد طرد الأجنبي المحتل وتشكيل الدولة الوطنية من قبل الشعب، أو بالأحرى الدولة التي تعترف بكل مكونات الدولة الفتية بشعوبها وقومياتها وأقلياتها…الخ.
عندها ستنتفي الحاجة إلى ما يدعى بالدولة القومية، وستحل محلها الدولة الوطنية بكل أطيافها الأثنوغرافية.
وكما قلنا سابقاً فما نقصده بالدولة القومية، هي تلك الدولة المتحررة وذات المكون القومي البوليفوني المتعدد، ولكن تتحكم بها على الدوام قومية سائدة وقوميات أخرى مسودة، رغم أن هذه القوميات تكون قد ناضلت معها ضد الغاصب والإستعمار ردحاً طويلاً من الزمن، كما هو الحال مع الكثير من الدول القومية في الشرق الأوسط وفي الوطن العربي عموماً ومنها سورية على سبيل المثال.
حيث نعلم بان الدولة هي أداة قمع كما يقول (ماركس)، تشكلت حينما احناج الرأسماليون لقمع الطبقات الفقيرة وتسخيرها في خدمة مصالحها الرأسمالية ومراكمة الثروات في جيوبها وبنوكها.
ونقول: بأن الإستمرار في المناداة بالقومية الواحدة في وطن متحررهو في الوقت ذاته، تهميش للقوميات الأخرى في البلد المعني نفسه، لا بل يمكن القوق بأنها العنصرية بعينها، أي ستكون هذه الدولة استمراراً لحالة أخرى من الإستلاب والقمع من قبل قومية سائدة ضد القوميات المتعايشة معها في الموطن الواحد وعلى الأرض الواحدة.
وحيث لاتخلو معظم الدول في العالم من قوميات وشعوب تعيش متجاورة ومتآخية ساهمت في بناء هذا الوطن مع بعضها على مر التاريخ.
ولهذا فإن أي تهميش للأقليات والشعوب الاخرى ضمن الدولة الوطنية المتحررة يعتبر افتئاتاً وتجاوزاً على حقوقها القومية، أو هونوع من ممارسة العنصرية القومية ليس إلا…!.
لكن استطاعت أوربا حل هذه الظاهرة والمشكلة الإجتماعية- السياسية، عن طريق الدولة الوطنية بدلاً من القومية.
والدولة الوطنية أكثر رقياً وتطوراً وإنسانية من الدولة القومية بما لايقاس، ففي الدولة الوطنية ستكون الشعوب والأقليات سواسية كأسنان المشط، لاتمايز بين أفرادها من حيث الجنس، أو اللون، أو العرق، حيث لاسيد ولا مسود ولاقومية سائدة ولا أخرى مسودة أومستضعفة، فأفراد هذه الدولة كلهم متساوون أمام القانون، والمواطن الصالح فيها هو الأكثرتقدمة وعطاء، والأفضل هو الذي يقدم الأكثر لهذا الوطن.
ولهذا نرى أن امراة من أصل عربي، تتولى وزارة الدفاع في دولة أوربية كفرنسا تتخذ المسارالوطني نهجاً شرعياً لها، لأنها دولة وطنية بحكم العادة، بينما لايحق للأكراد أن يتولوا حتى إدارات المدارس إن لم يكونوا من حزب السلطة في الدول القومية الشرق أوسطية.
وهنا تكمن المفارقة بين الدولة الوطنية والقومية بأجلى مظاهرها، وبهذا الشكل تتحول الدولة القومية إلى عامل للتشتت، وتصبح عائقاً جدياً أمام التلاحم الوطني، ومسببة بذلك شرخاً سياسياً واجتماعياً وحتى اقتصادياً بين أبناء الموطن الواحد.
فحيثما توجد الدولة القومية توجد إلى جانبها قومية سائدة تقمع حقوق مواطنيها من الأقليات والشعوب الأخرى التي تعيش بين ظهرانيها والأقل منها عدداً، لا بل وتحاول طمس تراثها الإنساني ومنعها من التكلم حتى بلغتها والعمل على محوها من الوجود، كما هو الحال في دولة العسكر في تركيا، رغم ما يظهر لنا نوعاً من الديموقراطية المبتورة فيها.
ومع تقدم الزمن بدأت الدولة بالتشكل فارضة نفسها بقوة واقتدارحينما دخل الإنسان في مرحلة الملكية الخاصة وتمايزالذات عن الطبيعة، حيث احتاج مالك الأرض وجامعي الأموال إلى من يحافظ لهم على مافي أيديهم من أملاك وثروات من تجاوزات العبيد والمحتاجين والفقراء، أي كان لابد من وجود قوة قاهرة تحمي الغني من الفقير، فكان نشوء الدولة القمعية وقوانينها التي وضعها الاغنياء أنفسهم لصون ممتلكاتهم ومصالحهم الذاتية، وإجبار الفقراء على الخضوع والإنحناء أمام سطوة أرباب العمل والمال.
وهكذا نشأت الدولة لصالح الطبقات العليا الأرستقراطية ومايكنزون من ذهب وفضة، وعن طريقها أيضاً كان يعاد العبد الآبق إلى سيده مكرهاً ذلولاً حيث أضحى العبد قوة اقتصادية أساسية في المجتمع العبودي وعلى اكتافه بنيت منشآت الري والعمائر الضخمة في كل من بلاد سومرومصر.
واستمرت الدولة في تطورها من حيث موقعها وقوانينها ودورها القمعي والتسلطي لا على شعوبها فحسب بل على الشعوب الأخرى أيضاً، وخاصة في مرحلة المستعمرات في القرن التاسع عشر وما بعد، وفيها ظهر ما يدعى بالدول القومية في أوربا بشكل خاص، ولكنها مع الأسف كانت الدول القومية في أوربا – آنذاك- كانت مرافقة في أفكارها وطروحاتها للعنصرية وتغييب الآخر المختلف، مما أدى إلى تناحرات عسكرية وتسابق على المستعمرات والبحث المستميت عن أماكن لائقة لها تحت الشمس، هكذا بدأت فصول من النهب والسلب وصراعات وحروب عالمية ومحلية تكاد لاتنتهي حتى يومنا هذا.
وقد تسابقت تلك الدول القومية على المستعمرات وبدأت عصور مأساوية مظلمة من الإستعمار الطويل، حيث استعمرت شعوب وقوميات مستضعفة بأكملها، على أيدي شعوب أخرى أكثر تقدماً وتملك التقنية والمال وجيوش نظامية مدربة، فكان لابد والحال هذه أن تنتفض هذه القوميات المستبعدة وتحررنفسها من نير العبودية والظلم، وتنشيء لها دولتها المستقلة وتعيد إليها اعتبارها وحريتها وكرامتها.
فبدأت الإنتفاضات وحركات التحر والنضال ضد المستعمر وأذنابه لإجلائه عن أرضها وامتلاك ثرواتها.
وفي هذه المرحلة مرحلة التحررمن الإستعمارفي بلد محتل او مغتصب، لابد من المناداة بالقومية لجمع الشمل وتوحيد الصفوف خلف قائد تاريخي ليقود شعبه نحو الحرية والنصر، أي أن القومية والمناداة بها ضرورة تقتضيها مصلحة الشعب المجزأ والمشتت في فترة زمنية يمكن تحديدها بفترة الصراع والنضال ضد الغاصب والمحتل، وليصار إلى نشرالوعي القومي بين مكونات الشعب المكافح من أجل نيل الحرية، وتوجيه طاقاته نحو طرد المحتل والدخيل.
ومهما كان الامر، فلايمكننا أن نصف هذه المرحلة القومية بالعنصرية، مثلها مثل ما جرى في أوربا في القرن التاسع عشر، حيث سمي هذا العصر بعصر القوميات عن جدارة واستحقاق.
ولكن لم يلبث أن اصبحت القومية في أوربا مرادفة للعنصرية مع ظهور الدولة النازية الهتلرية والفاشية الموسولينية.
ولهذا لانرى اليوم في أوربا من ينادي بالقومية الفرنسية، أو الإيطالية، أو الألمانية مثلاً، كما كان في العهود السابقة.
ولكننا نقول: وبعد طرد الأجنبي المحتل وتشكيل الدولة الوطنية من قبل الشعب، أو بالأحرى الدولة التي تعترف بكل مكونات الدولة الفتية بشعوبها وقومياتها وأقلياتها…الخ.
عندها ستنتفي الحاجة إلى ما يدعى بالدولة القومية، وستحل محلها الدولة الوطنية بكل أطيافها الأثنوغرافية.
وكما قلنا سابقاً فما نقصده بالدولة القومية، هي تلك الدولة المتحررة وذات المكون القومي البوليفوني المتعدد، ولكن تتحكم بها على الدوام قومية سائدة وقوميات أخرى مسودة، رغم أن هذه القوميات تكون قد ناضلت معها ضد الغاصب والإستعمار ردحاً طويلاً من الزمن، كما هو الحال مع الكثير من الدول القومية في الشرق الأوسط وفي الوطن العربي عموماً ومنها سورية على سبيل المثال.
حيث نعلم بان الدولة هي أداة قمع كما يقول (ماركس)، تشكلت حينما احناج الرأسماليون لقمع الطبقات الفقيرة وتسخيرها في خدمة مصالحها الرأسمالية ومراكمة الثروات في جيوبها وبنوكها.
ونقول: بأن الإستمرار في المناداة بالقومية الواحدة في وطن متحررهو في الوقت ذاته، تهميش للقوميات الأخرى في البلد المعني نفسه، لا بل يمكن القوق بأنها العنصرية بعينها، أي ستكون هذه الدولة استمراراً لحالة أخرى من الإستلاب والقمع من قبل قومية سائدة ضد القوميات المتعايشة معها في الموطن الواحد وعلى الأرض الواحدة.
وحيث لاتخلو معظم الدول في العالم من قوميات وشعوب تعيش متجاورة ومتآخية ساهمت في بناء هذا الوطن مع بعضها على مر التاريخ.
ولهذا فإن أي تهميش للأقليات والشعوب الاخرى ضمن الدولة الوطنية المتحررة يعتبر افتئاتاً وتجاوزاً على حقوقها القومية، أو هونوع من ممارسة العنصرية القومية ليس إلا…!.
لكن استطاعت أوربا حل هذه الظاهرة والمشكلة الإجتماعية- السياسية، عن طريق الدولة الوطنية بدلاً من القومية.
والدولة الوطنية أكثر رقياً وتطوراً وإنسانية من الدولة القومية بما لايقاس، ففي الدولة الوطنية ستكون الشعوب والأقليات سواسية كأسنان المشط، لاتمايز بين أفرادها من حيث الجنس، أو اللون، أو العرق، حيث لاسيد ولا مسود ولاقومية سائدة ولا أخرى مسودة أومستضعفة، فأفراد هذه الدولة كلهم متساوون أمام القانون، والمواطن الصالح فيها هو الأكثرتقدمة وعطاء، والأفضل هو الذي يقدم الأكثر لهذا الوطن.
ولهذا نرى أن امراة من أصل عربي، تتولى وزارة الدفاع في دولة أوربية كفرنسا تتخذ المسارالوطني نهجاً شرعياً لها، لأنها دولة وطنية بحكم العادة، بينما لايحق للأكراد أن يتولوا حتى إدارات المدارس إن لم يكونوا من حزب السلطة في الدول القومية الشرق أوسطية.
وهنا تكمن المفارقة بين الدولة الوطنية والقومية بأجلى مظاهرها، وبهذا الشكل تتحول الدولة القومية إلى عامل للتشتت، وتصبح عائقاً جدياً أمام التلاحم الوطني، ومسببة بذلك شرخاً سياسياً واجتماعياً وحتى اقتصادياً بين أبناء الموطن الواحد.
فحيثما توجد الدولة القومية توجد إلى جانبها قومية سائدة تقمع حقوق مواطنيها من الأقليات والشعوب الأخرى التي تعيش بين ظهرانيها والأقل منها عدداً، لا بل وتحاول طمس تراثها الإنساني ومنعها من التكلم حتى بلغتها والعمل على محوها من الوجود، كما هو الحال في دولة العسكر في تركيا، رغم ما يظهر لنا نوعاً من الديموقراطية المبتورة فيها.
ولهذا أعتقد أن الدولة القومية، هي في طريقها إلى الإنحسار في المناطق القليلة الباقية في العالم، حيث لم يبق منها سوى دول قومية قليلة في الوطن العربي بشكل خاص، وستحل محلها كما حدثت في أوربا الدولة الوطنية الديموقراطية حكماً، وهي الأكثر إنسانية وتناسباً مع متطلبات العصر وتطلعات الشعوب، وعلينا أن ندرك بأن عصر القوميات العنصرية قد ولى، وستصبح تلك القوميات ضمن الدولة الوطنية أكثر تآلفاً وانسجاماً فيما بينها، وسيبزغ شمس التآخي والتقدم، وبناء الاوطان والرفاهية، وتحقيق إنسانية الإنسان في كل مكان من العالم.