وطــن برســم البيــع، واللـي مـا يشـتري يتفـرج

ديـــار ســــليمان

هـذا العام 2008، رغم أنه لم يـزل بعــد في نصفــه الأول إلا أن المؤكــد أنـه سـيُسجل في ســفر الأمـة الكـوردية كماركـة مـسجلة بأسم كـورد سـوريا تحت عنــوان عام النكبـة و النكسـة و الوكسـة… والخـير لقـدام.
ففـي هذا العام الذي لم يـزل كما ذكـرت في شـوطه الأول يتـم الآن تنفيـذ المرحلـة الأهم من وعـد بلفـور العرب (طلب هـلال): إن حكـومة صاحب السـيادة ترغب بتطـويب جميــع الأراضي المشـاع الموروثـة أو المكتسبة من أونكـل العـرب سايكس ـ و بيكـو والتي هي عبـارة عن شـريط حدودي واقع شمالي سوريا و ذلك بأسم ورثتهمـا الشـرعيين المغمــورين و غير المغمـورين بتعاطـف و ميـــاه حكومة الجمهورية العربية السورية،

و رغم أن هذه الأرض قد أصبحت مثـلها مثل خرقـة باليـة في مهـب الريـح بعد أن تم حلبهـا و سـلبها كل ما تملك من خــيرات و دكهــا بقنابــل الإفقــار الذكيـة و الغبيـة من العيـار الثقيـل فتحولـت بالنتيجـة الى أراضٍ بـور خاصـة بعد أن تم غسلهـا بالجفـاف و عصرهـا و نشـرها على الأســلاك الشائكـة للحـدود المشـتركة مع تركيـا، و رغم ذلك فـأن الشعب الصحـراوي العديـــم الأرض يتعطـف و يتنـازل ويقبـل بهذه (العطيــة) من الأوصـياء على ذلك الأرث الذي هو (أرضٍ بـلا شـعب).
و في هذا العـام الممـيز إزدهـرت زراعـة البيانـات و صناعـة الخيـم و تم إفتتـاح سـوق تجـاري للمضاربـة بالأسـهم خاص بقسـائم المـازوت يتفـوق في نشاطه على أسـواق الذهب و البتـرول، هذه النشـاطات (الإقتصـادية) تشكل الى جانب مسـح الأحذيـة المهـترئة أصـلآ و بيـع بطاقـات اليانصيب الوطني الخاسرة دائمـآ الدعـامات الخمـس لإقتـصـاد محلـي متطـور في الجزيـرة السورية يعمـل و يلـتزم بمعايـير إقتصـاد السـوق والتي تتم بتخطيـط و دعـم قـوي أو برضــا من لـدن الحكومـة السورية الرشيدة ممـا يبشـر بخـيرٍ وفـير كون العمليـة الاقتصاديـة تتم عملآ بالمبـدأ الحزبي: بيـان قـوي..

إقتصـاد أقـوى، وبيـان دسـم ينتـج مواطـنآ موفـور الصحـة، لكـل ذلك  كان محصـول المناشـدات و الهجمات المتبادلة و البيانات و التصريحات و لله الحمد و الشكر وفـيرآ حتى أنه شـكل أزمـة إدارية و إرباكـآ إذ عجـزت كل الأكيـاس المخصصـة للقمـح و الشـعير و العـدس و التـبن عن تلبيـة متطلبات الإنتـاج الذي لم يحـقق فقط إكتفـاءً ذاتيـآ بل فائضآ للتصـدير، وبما أن الحكومة الحكيمـة تراهـن على عدم قـدوم الشـتاء لهذا العام و يصدقها المواطنون فقد كانت بورصة القسائم هي الأكثر نشاطـآ في هذا الصيف (فعلآ ذكاء حكومي خارق، قسائم مازوت في عز الصيف!) أما في حال قدوم الشتاء فهناك حلـول لمثـل هذه الحالة الطارئة في بلـد الطـوارئ، إذ سـيتم توزيع قسائم الثلـج الوطني على المواطنين البردانين و سيتم إفتتـاح بورصـة لبيع أسهم الثلج!.


وقد أدت الحركة (الإقتصـادية) النشطـة إلى إزدهـار حركة السياحة و بشكل خاص الى خارج الإقليم حيث قام الكثيرين بحـزم خيمهـم و الانضمـام الى قوافل الهائمين على وجوههم في رحلة الصيف على أن يلحقهم البقيـة في رحلة الشتاء، و بذلك سيتم إحياء رحلات الصيف و الشتاء و لمـرة واحـدة .

 
و في هذا العام الثعلـب يحاصـر القُــن و يسيل لعابـه هو يؤمــل النفـس بخــيرٍ وفــير خاصـة أن أول الغـيث قد ظهــر: شــظايا لحـم متطايرة من الداخل بشـكلٍ فوضـوي الى جميـع الإتجاهـات نتيجـة عمليـات إنتحاريــة بينيـة منهــكة، إذ حتى الدجاجـات نبتت لها أعرافـآ (و تديّكــت) فأصابهــا العقـم (و تعطلـت لغـة الكـلام) و راحت تتصايـح و تعـزف (لحــن الخلـــود) على طريقتهـا فتتناقـــر ويتطاير ريشهـا (و تتخرمـش سـمعتها) في معركـة (اللاغالـب..

الكـل مغلـوب).


و في هذا العام كتب لاجـئ أو نـازح أو منكـوب أو منكـوس أو متعـوس كـوردي على خيمتـه: لسـنا غجـرآ، مع احـترامنا الكـبير للغجــر…!
و فيـه سـيضطر للكتابـة: لا نعمـل في الدعـــارة مع احــترامنا الكبيـر للداعــرات…!
و سـيضطر للشـرح و للتوضيـح والكتابـة و التوسـل ليـلآ نهـارآ، مـستعملآ جميع الوسـائل: أن إفهمـوني، إننـي هـارب فقــط الى الأمــام، أو سـيتحـجج: اننـي أبحـث فقـط عن غيـومٍ تائهـة، و قـد يبـح دون ذلك صـوته و تجـف عيـونه و أقلامـه فيتعـب و يمـل، إذ المؤكـد أن كل يـوم لن يشهـد سـقوط شـيء مـا (علبـة أو كرتونــة) من سـيارة عابـرة يتلقفهـــا كعصفـورٍ ليقدمهـا لصغـاره الذين يمـد كل منهم منقـاره الأصفـر عبر شقـوق الخيمـة.
 كل ذلك و البعض يصـمم على لعـب دور (تاكسي الغـرام) في توصيـلات رخيصة لن تصـل الى غاياتها، فالعواصف الهوجاء التي أثارها هذا البعض حولـه و حول من يريد إيصاله إلينا لن يكتب لها النجاح لأن الاطارات التي يستعملها قد اهـترئت، و قد تحولـت عواصفه الى أعاصـير أخذته مع (أسياده) الى غير رجعة، و رغم محاولاته الخائبة بوضع (إنجازاته) المجهرية على قمة جبل الثلج و دحرجتها الى ان تصل الى اسفل الوادي و قد تورمت نتيجة ما أحاطها من ثلوج إلا أن الشمس ما تلبث أن تشرق و تذيب كرة الثلج و تظهر الحقيقة كما يعرفها العارفون.


تبقى المشكلة التي ليس لها حل هي رغيف الخـبز، هل من حل يا ترى؟
 
  30.05.2008

diarseleman@hotmail.de

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…