إبراهيم محمود
على الصعيد السياسي
-كسبَ الكرد المزيد من الأعداء والمتشككين في حقيقة ما يرمون إليه، بأساليب التعامل مع المتغيرات، والمسافة الهائلة بين طبيعة تفكيرهم الحسابي، وطبيعة تفكير المحيطين بهم هندسياً. لا بل إنهم خسروا نسبة معلومة ممن كانوا في عِدَاد الأصدقاء والمتعاطفين مع قضيتهم، جرّاء السياسة هذه بمفهومها الحسابي البسيط.
-أثبتوا، وبالعين المجردة، أنهم غير فالحين في هضم ما يجري من حولهم، وفي الخارج، وتحديد القوى المعادية والمخاصمة لهم، ليحسنوا التصرف في ضوئها، ولو بقدْر قليل من الخسائر. الخسائر كارثية، جهة المردود القيمي.
ذلك يعني، بأكثر من معنى، أنهم في معظمهم، يعتمدون على رصيدهم التحزبي الضيق، ويحاولون منافسة أو مجاراة، أو مجابهة أعدائهم الأكثر مرونة في سوق الرهانات الدولية على الأرض والمصير القومي بالذات .
-ازدادوا تشرذماً فيما بينهم، حيث إن اللقاءات ذات الطابع المكّوكي فيما بينهم، وسعْي كل طرف إلى إلقاء اللوم على الآخر، أو الأطراف الأخرى، وباسم تحزبي، تعني في الصميم، أنهم سجاليون، وليسوا أهل حوار، ويبثون عداء فيما بينهم، في ظهوراتهم المتلفزة اليومية، وهم بذلك يلفتون أنظار الآخرين إلى أنهم مازالوا بحاجة إلى قطْع أشواط بعيدة، ومعرفة أعمق بحقيقة الحوار، والخطورة الوضع، ليكونوا جديرين بالاعتراف بهم ممثّلي قضية.
-برز النقد الذاتي، إلى ساعته، العدو اللدود لهم في مجموعهم، فلم نعهد حتى الآن، في أيّ كان يعترف على الملأ، بوقوع أخطاء في ممارساته الحزبية، أو في التعاطي مع الأحداث، وما يعنيه مفهوم ” الرفاقية “، وهي الخطوة الأولى لتدشين أساس مدني للحوار، والتلاقي في خانة الشاغل المجتمعي والقومي الواحد .
بالطريقة هذه، وإذا استفدنا من الجاري طبياً، لن يكون في مقدور أي لقاح عيادي، إنقاذهم من علّتهم الكورونية سياسياً، بما أنهم الداء قبل أن يكونوا الدواء لما هم فيه وعليه .
على الصعيد الثقافي
-صعوبة الحديث عن ممارسة ثقافية لدى المعتبرين أهل الكلمة، بمفهومها الفكري، خصوصاً، حين نشهد استفحالاً لانتشار أسماء لم يكن لها أي حضور حتى الأمس القريب، وفي منابر مختلفة، وحتى القنوات التلفزيونية، وإطلاق الأحكام هنا وهناك، بمعززات جانبية ” محسوبيات ” دون أي خجل مما تتفوه به .
-اعتماد لغة السجال أو الإنشاء العاطفي وليس التحليل المنطلق من رؤية ملموسة لأمثلة عيانية، وتناولها بالنقد، بعيداً عن أي حكْم قيمي، وهذا يتمم النقطة الأولى، طالما أن ليس هناك من مساءلة عن حقيقة الجاري، وليس في ضوء الاعتبارات الفئوية، والتعزيزات الفئوية، أو التحرك في ظل هذا الطرف السياسي أو خلافه.
-الخلط الكبير والمريع، بين خطاب المكان والزمان، إذ لا أسهل من معرفة هذا الخراب الفكري، أو الثقافي والمعتبَر نقدياً، من قبل من كان معدَم الحضور في مكانه الأول ” ليعرَّف به مثقفاً وربما مفكراً، حيث أصبح خارجاً، ليطلق الكلام على عواهنه، دون أي مراجعة لما يقوم به، وما في ذلك من تشويش على الممارسة الثقافية الفعلية. فلا أكثرها إثارة للسخف، مما حل في أوربا منذ سنوات، أو عقود، وليفتح باسمه صفحة فيسبوكية، أو موقعاً، أو ينشر مقالات، حافلة بالضجيج، والتحدي الاستعراض، واعتبار نفسه محللاً سياسياً، أو مثقفاً كردياً مستقلاً، إلى درجة المزايدة على الذين نزفوا دماءهم، وعاشوا متاعب شتى حيث كانوا في منطقة التوترات والمخاطر. تُرى، أي قيمو بطولية، لمن ينزِل نقمته على جهة حزبية معينة، أو سياسية، أو يدّعي أنه خصم لدود للنظام في بلده، وما في ذلك من إيحاء على أنه المثال النادر في ذلك، وهو بعيد عن النظام وجغرافية النظام، وعن مدينته آلاف الأميال ؟
-ندرة ظهور مؤلفات ذات طابع تحليلي، تاريخي، سياسي، ونقدي، من قبل من علّمته تجربة الإقامة في ” المغترب “، على وقْع هذا الاستخفاف بمفهوم الثقافي، إنما، قبل كل شيء، هذا التسطيح لمفهوم الذات عموماً .
على صعيد عامة الناس
-تنامي اليأس والخيبة والملل في نفوس عامة الكرد، مما يحصل باسمهم، حتى الحزبيين منهم، إذ إنهم لا يصرّحون بيأسهم، كونهم في الخندق الإيديولوجي الذي يلزمهم بالصمت، أو التكتم على الانزلاقات الحاصلة في أوساطهم الحزبية.
-الشعور بأن كل ما يصلهم بالقضية، يقرب من الشعار، وليس الممارسة المسلكية الجدية، والتسلح بالصبر، بأن هناك ما يستحق النضال من أجله، والتشبث به، حيث الفقر يزداد، والجوع النفسي إلى الحياة يزداد، والغبن يتعمق .
-إن النزيف البشري الكردي اللافت، باسم الهجرة، إلى الخارج، شيباً وشباباً، ومن جهات كردستان كافة، ومواجهة المخاطر، ومآسي طريق البحث عن إقامة ” أجنبية ” تبث بعضاً من الراحة في نفس من استهلكته الشعارات، وهو الذي نسمع به عبر قنوات كردية ذاتها، وبطرق مختلفة، والتفكك العائلي الكردي، يعني كذلك، أن أي حديث عما هو كردستاني، وعن أن الكرد شعب طامح إلى الحرية، وأن لديه قضية يناضل من أجلها، حديث مثير للشجون.
أم ترانا، بحاجة إلى المزيد من لفت الأنظار عموماً، إلى أن كل ما يحيق بالكرد من مخاطر، ومن سوء أوضاع، سببه الأعداء الذين لا يكفّون عن بث روح التفرقة بين الكرد، وليس السؤال ما إذا كانت روح التفرقة هذه، متميّزة برصيد متجدد داخلهم، وبنسبة مخيفة، والأعداء يخصبونها؟
فأي مأمول بعد الذي أشيرَ إليه، يمكن انتظاره من هذا القادم الزمني الجديد: 2021 ؟
أي الكرد، كل عام قادم، وأنتم بقدْر أقل من المآسي الكردية-الكردية ؟