بهزاد عجمو
منذ عقود ونحن الكورد نتابع ونحاول فهم السياسة الخارجية الأمريكية لما لها من تأثير و انعكاسات على قضيتنا الكوردية ، نحاول في البداية الاطلاع على آراء المحللين السياسين الأمريكيين من خلال الصحف و الكتب المترجمة فكان لهم آراء متعددة ، رأي يقول: بأن القرارات تُتَخذ بعد التوافق بين البيت الأبيض ووزارة الخارجية و المخابرات المركزية و البنتاغون و الكونغرس ووسائل الإعلام و رأي ثان يقول :إن السياسة الخارجية الأمريكية تحدد من قبل رؤساء الشركات العملاقة العابرة للقارات و الإدارة الأمريكية تنفذها تلبية لتحقيق المصالح الاقتصادية لهذه الشركات ، و هناك رأي ثالث يقول : إن السياسة الخارجية الأمريكية و خاصة في الشرق الأوسط القرارات تتخذ في تل أبيب و تصدر في واشنطن ، و لاحظنا تناغما جلياً وواضحاً منقطع النظير بين إدارة ترامب و إسرائيل .
فترامب قد أتى ليضيف شيئاً جديداً لنهج المحافظين الجدد ألا و هو الشعبوية و رفع شعار أمريكا أولاً ، و لكن بعد ذلك بدأت تتبلور ظاهرة الترامبية التي من أهم أسسها :
أولاً : يجب أن يكون هناك قطب يتحكم بالعالم ورفع شعار أمريكا أولاً و الوقوف في وجه أي قطب آخر سواء أكانت الصين أو روسيا أو حتى الاتحاد الأوربي .
ثانياً : هذه الظاهرة تركز على حالة التزاوج بين مصالح الشركات العابرة للقارات ز مصالح إسرائيل .
ثالثاً : إسرائيل يجب أن تكون أقوى دولة في الشرق الأوسط و منع أية دولة من امتلاك السلاح النووي غير إسرائيل و جر الدول العربية تباعاً لعقد اتفاقيات تطبيع معها .
رابعاً : إضعاف إيران و قصقصة أجنحتها ولكن ليس لدرجة القضاء عليها لتكون بعبعاً تهدد دول الخليج و ذلك لابتزاز هذه الدول و إضعافها اقتصادياً و مالياً و لدفعها إلى الارتماء في حضن إسرائيل .
خامساً : دعم الأنظمة الدكتاتورية في الشرق الأوسط بشرط أن تدور في فلك إسرائيل و أمريكا.
سادساً : أما إستراتيجيتهم بالنسبة إلى القضية الكوردية و الكورد بشكل عام فأنهم يعتبرونهم عبارة عن بندقية مأجورة وورقة ضغط و بيدق يحركونهم عند الحاجة ( هذه ليست وجهة نظر الجمهوريين فحسب بل الديمقراطيين أيضاً ) و ترك الكورد لمصيرهم المجهول عندما لا يكون هناك حاجة إليهم و عدم إعطائهم أية ضمانات لحقوقهم القومية المشروعة ، لأن أمريكا أو بالأحرى إسرائيل لا تريد تقسيم المنطقة و لا أن يكون هناك وطن مستقل للكورد ، بل أن يكون الشرق الأوسط كما هو الآن رازحة تحت نير أنظمة أوتوقراطية ( فردية ) و ظهرت نواياهم الخبيثة بعد عملية الاستفتاء التي جرت في إقليم كوردستان .
هذه هي الخطوط العريضة لهذه الظاهرة الترامبية ، و هذه الظاهرة لن تزول بعدم نجاح ترامب في الانتخابات بل ستبقى ربما لعقود من السنين رغم أنها أحدثت شرخاً في المجتمع الأمريكي بين العرق الأبيض الذين هم من أصول أوربية و بين الأقليات الأخرى وهذه نقطة سلبية تُسَجل على ترامب بأنه لم يستطع استقطاب المكونات الأخرى من المجتمع الأمريكي ، و لكن الترامبية ستكون من الآن فصاعداً نداً قوياً للحزب الديمقراطي و رقماً صعباً و ربما تتحول إلى كرة ثلج و خاصة بعد دخول بايدن إلى البيت الأبيض و محاولة تكملة خطة إدارة أوباما و الوقوع في نفس الأخطاء و خاصة بالنسبة للاتفاق النووي مع إيران ،و أن إيران تنفست الصعداء عندما نجح بايدن في الانتخابات الأمريكية لأمها قد أحدثت اختراقاً واضحاً في إدارة أوباما عن طريق اللوبي الإيراني في الحزب الديمقراطي و أعتقد بأن هناك عملية فساد كبرى في عملية عقد الصفقة السابقة يشترك فيها ( أوباما و بايدن و جون كيري ) ، و أنهم قبضوا بضع مليارات من الدولارات من تحت الطاولة من أجل الإفراج عن مئة و عشرين مليار دولار و تسليمها لإيران.
ولازال هناك مئة مليار دولار لإيران مجمدة في البنوك الأمريكية فهل ستستمر إدارة بايدن في هذه اللعبة أم سيكون للترامبيين رأي آخر و سينشرون غسيل بايدن و أوباما الوسخ و سيقلبون الطاولة عليهم و على إيران ، هذا ما سنعرفه في قادم الأيام .