عندما تتغلب المآخذ على المصالح

 تجمع الملاحظين؛كاوار خضر 
طلع علينا الأستاذ صلاح بدر الدين، السياسي الكردي من غربي كردستان، بعدة مانيفستات كشفت عن حقائق؛ لو تحركت، على ضوئها، الأطراف الكردية؛ لكانت لمصلحة الجميع. ولكن ما زالت ذهنياتنا تنتمي إلى الوسط الكردي القديم، ربما إلى ما قبل الانتداب الفرنسي، لذا من الصعب تقبل المفيد إذا كان مصدره ممن لنا عليه مآخذ.
لسنا بصدد الدفاع عن الأستاذ بدر الدين -حيث حنكته السياسية لا جدال فيها- بقدر ما نسعى إلى تحقيق المفيد لقضيتنا. وما يكشف عنه الأستاذ الكريم، قريب جدا من المطبخ الدولي الذي يطبخ فيه مصير سوريا بمجمله. ولكن الوعود التي تتلقاها المحاوران من الجهات الدولية، أي القيّمين على وحدة الصف الكردي، وبهذا المستوى المتدني من المشرفين، لا يبشر بالمأمؤل أكثر منه إلى تحقيق مكاسب لتلك الجهات.
لا ندري إن كان الطرفان المتحاوران على دراية بما يجري من وراء الكواليس الدولية، أم أنهما يصدقان الوعود المعسولة من هؤلاء المشرفين.
فتركيا تستغل الخلافات بين المتصارعين على المنطقة، محققة مكاسب هامة لها. وهي تعادي روسيا، إلا أن المصالح تجمعهما فتتفقان، وكذلك تلتقي مع أميركا في الحد من النشاط الروسي إن كان في سوريا أو ليبيا، وحتى في أماكن أخرى غيرهما، رغم فقدان ثقتها بالعم يانكي منذ انقلاب تموز.
مسألة انسلاخ حزب الاتحاد الديمقراطي من فرعه الأم، لن تطمئن تركيا، وليست من مصلحة أميركا والغرب أن تفضل تنظيما قيادته إيرانية الولاء على دولة حليفة، بالأحرى شريكة مهمة. نحن أمام تنظيم! إيراني الولاء مقابل دولة حليفة، كيف يكون هذا؟
من المفيد أن يتأكد الوطنيون المحاورون من صدق المشرفين، ومدى حقيقة تمثيلهم، كي يكون بمقدورهم الإيفاء بوعودهم. والملفت للريبة والشك والسرية في هذه اللقاءات الحوارية، والخشية من إشراك عامة الشعب؛ وذلك بعقد مؤتمر شعبي عام ينتخب محاوريه.
الملاحظ أن توحيد الصف الكردي حاصل إن كان عاجلا أم آجلا؛ ولكن لمصلحة من سيكون المآل؟ هذا هو المقصود. كَلّفَنا داعش اثني عشر ألفا من القتلى، وخمسة وعشرين بين جريح ومعوق، ومن ثم وصمنا السيد ترامب بالمأجورين ونعتنا بأننا أشر من الذي ضحينا في محاربته بهذا العدد الهائل من الضحايا.
برغم كل الخلافات مع الأستاذ بدر الدين فهو محق فيما يطرح، ويشخص الواقع تشخيصا سليما. ليست من الوطنية معاندة طروحاته الواقعية؛ وإنما من الوطنية ألا تكون القضية ضحية لأجندات الغير. نعتقد لو تحقق ما يطرحه الأستاذ بدر الدين، وجرى الانتخابات ورشح نفسه، ستكون فرص نجاحه أقل من فرص نجاح المحاورين بكثير. لِمَ الخشية من تطبيق مما يطرح؟ أم هناك توصيات من أجندات بإهمال ما يدعو إليه؟
في كلتا الحالتين للمآخذ، في نفوسنا، دورها الفعال.
rawendkurd3@gmail.com

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف بعد أن قرأت خبر الدعوة إلى حفل توقيع الكتاب الثاني للباحث محمد جزاع، فرحت كثيراً، لأن أبا بوشكين يواصل العمل في مشروعه الذي أعرفه، وهو في مجال التوثيق للحركة السياسية الكردية في سوريا. بعد ساعات من نشر الخبر، وردتني رسالة من نجله بوشكين قال لي فيها: “نسختك من الكتاب في الطريق إليك”. لا أخفي أني سررت…

مع الإعلان عن موعد انعقاد مؤتمر وطني كردي في الثامن عشر من نيسان/أبريل 2025، في أعقاب التفاهمات الجارية بين حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) وأحزابه المتحالفة ضمن إطار منظومة “أحزاب الاتحاد الوطني الكردي”، والمجلس الوطني الكردي (ENKS)، فإننا في فعاليات المجتمع المدني والحركات القومية الكردية – من منظمات وشخصيات مستقلة – نتابع هذه التطورات باهتمام بالغ، لما لهذا الحدث من أثر…

فرحان كلش   قد تبدو احتمالية إعادة الحياة إلى هذا الممر السياسي – العسكري ضرباً من الخيال، ولكن ماذا نقول عن الابقاء على النبض في هذا الممر من خلال ترك العُقَد حية فيه، كجزء من فلسفة التدمير الجزئي الذي تتبعه اسرائيل وكذلك أميركا في مجمل صراعاتهما، فهي تُسقط أنظمة مثلاً وتُبقى على فكرة اللاحل منتعشة، لتأمين عناصر النهب والتأسيس لعوامل…

شفيق جانكير في زمن تتزاحم فيه الأصوات وتتلاشى المعايير، يبقى صوت الأستاذ إبراهيم اليوسف علامة فارقة في المشهد الثقافي والإعلامي الكردي، لا لبلاغة لغته فحسب، بل لما تحمله كلماته من وفاء نادر وموقف مبدئي لا يهادن. في يوم الصحافة الكردية، حين تمضي الكلمات عادة إلى الاحتفاء العابر، وقفت، عزيزي الاستاذ إبراهيم اليوسف، عند موقع متواضع في شكله، كبير بما يحمله…