شادي حاجي
لاشك أن ماتعرض ويتعرض له الشعب الكردي في سوريا منذ عقود مضت وحتى بالأمس القريب والى يومنا هذا من مصائب وويلات ومآسي وكوارث في چيايه كرمينج وعفرين وكره سپي وسره كانيه جعله محكوماً بالتفاؤل والأمل والتصفيق لأي تقارب كردي كردي يحصل ونتيجة لذلك فمجرد اعلان البيان المشترك المؤرخ في 16/6/2020 بين المجلس الوطني الكردي وأحزاب الوحدة الوطنية الكردية الجميع سارع بمباركة الخطوة وتفاءل خيراً وعمت الفرحة بين الكرد في كل بقاع العالم .
ولكن عليكم أن تدركوا جيداً أن التفاؤل وحده لا يكفي والفرحة لن تكتمل مالم يقترن بالمزيد من الخطوات والقرارات الجريئة من القيادات الكردية التي تبدد كل المخاوف لدى الشعب الكردي وتؤكد للأعداء المتربصين بجدية وحدة المصير والموقف والقرار ، وعليكم وعلى قواعدكم وأنصاركم أيضاً أن تدركوا أن خطوة واحدة لن تعبد طريق الشعب الكردي في سوريا على الأرض وتثبت حقوقه في الدستور السوري, فقضيتنا قضية أرض وشعب مضطهد عانى الكثير ومحروم من أبسط الحقوق وليس قضية ارضاء هذا الحزب أو ذاك الحزب أوهذه المجموعة أو تلك كما أن فكرة واحدة لن تغير شيئاً في العقل,نحن بحاجة الى تتابع الخطوات الأساسية والجوهرية في مجمل عملية التفاوض التي تتناول أس وأصل القضية الكردية في سوريا بشجاعة ومسؤولية حقيقية أكبر والى الكثير من التفاني في العمل والتفكير وإنكار الذات والامتيازات الحزبية والذاتية فأمامنا صراع صعب وشاق وطويل حتى تعبد الطريق ونتمكن من صناعة المستحيل الذي سيغير حياتنا .
كفانا إنشغالاً بانقساماتنا وتشتتنا وصراعاتنا وتخويننا لبعض البعض وردنا على بعضنا البعض والرد على الرد التي لاتنتهي .
كفانا إنشغالاً بالمصالح والأجندات الحزبية والشخصية والتفكير بتوزيع الثروة والسلطة والحصص والمناصب الخاصة في هذه المرحلة الحساسة والخطيرة ، لنجعل ذلك خلفنا وننتهي منها ونتجاوزها وفي أسرع وقت ممكن .
لننشغل بما هو أهم وهو مصير الشعب وحقه في الحياة المهدد والمستهدف بشكل جدي ويومي من قبل طرفي الأزمة السورية ( النظام السوري والقسم الأكبر من المعارضةورموزها وفصائلها المسلحة ) ومن قبل أكثر من طرف اقليمي وعلى رأسها تركيا فالقضية باتت قضية شعب على المحك نكون أو لا نكون ، والوقت لم يعد يسمح بالانتظار أكثر لأن الثمن سيكون باهظاً .
كفانا إنشغالاً بتقديس أحزابنا ، فالأحزاب لم تكن في يوم من الأيام ومنذ ظهور أول تجربة حزبية في تاريخ البشرية تنظم بغية اختصار المسافات بين الطموح الحزبي والشخصي لقادتها ، وحجز مقاعد ومناصب لها هنا وهناك أو لكسب تأشيرة المرور الى ضفة تحقيق الأرباح السريعة أو الشهرة أو المكانة التي تؤمن لهم موقعاً محترماً في التراتيبة الاجتماعية ، وإضفاء الشرعية على وجودهم ، بل وجدت لتخدم الشعوب ، ولتلد مؤسسات وأجهزة تشريعية وتنفيذية تتوفر على المصداقية ، ولتكون أداة نضالية لأهداف نبيلة و قادرة على جعل الطريق سالكاً أمام الشعوب لتنال حقوقها ، وتقرر مصيرها وسيادتها على أراضيها وتحمي خصوصيتها وتحقق مصالحها وتحفظ كرامتها .
كفانا استهتاراً واستخفافاً بالعقل السياسي والثقافي والقانوني الكردي في سوريا عليكم أن تدركوا أن مفهوم الأحزاب ودورها تختلف من حيث الأنظمة والبرامج والأهداف السياسية والثقافية والاجتماعية والقانونية فيما اذا كانت هذه الأحزاب تأسست لخدمة الشعوب التي لها دول مستقلة ذات سيادة وأصحاب الديمقراطيات الراسخة وبين الشعوب المضطهدة المحتلة أوطانها ( الشعب الكردي في سوريا المضطهد بكافة أنواع وأشكال الاضطهاد والمحروم من أبسط الحقوق القومية والانسانية نموذجاً ) .
شادي حاجي – ألمانيا /18/6/2020