ارتدادات التقارب الكردي

فدوى حسين
وحدة الصف الكردي كان ولا يزال محور أي نقاش سياسي يخص كردستان سوريا،  فتشرذم الأحزاب الكردية، وتكاثرها المتواصل والمستمر، وارتباط الأطراف الكردية بجهات وأنظمة لم ولن تحقق لهم أي هدف، وتفرد طرف واحد بالعمل، ومنع الطرف الآخر من أن يكون شريكا فاعلا على الأرض. عاد بالكوارث والمصائب على المنطقة وأهلها. توالى تساقط المدن، وتشرد أهلها بدءا من (كوباني مرورا بعفرين، كري سبي، سري كانيه ….) وإفراغ المنطقة من أهلها وتوطين المستقدمين إليها دورهم وأرضهم،  وتعرض من بقي منهم للقتل والسبي والخطف والسلب والنهب.  كل هذا واكثر نتج عن هذه الخلافات القائمة، والوقوع في الأخطاء والتنازلات المستمرة ، لهذا كانت لمبادرة توحيد الصف الكردي التي أطلقها قائد قوات سورية الديمقراطية السيد مظلوم عبدي،  وبدعم مباشر من رئيس إقليم كردستان العراق السيد نيجرفان البارزاني، ورعاية السيد مسعود البارزاني، وإشراف أمريكي وفرنسي، ضرورة ملحة من أجل إشراك كافة القوى في العملية السياسية، وتوحيد الرؤى والخطاب السياسي،  من خلال تشكيل مرجعية سياسية، وإدارة مشتركة.
وما أن بدأت اللقاءات بين الأطراف الكردية تحت إشراف وليم روبك المبعوث الأمريكي، و الإعلان المبدئي عن توافقات تؤسس لمرحلة تالية  من الحوارات،  بغية الوصول إلى صيغة نهائية ترضي كافة الأطراف والتوقيع عليها.  حتى بدأت بيانات الخزي والعار تتوالى ودعوات لرص الصفوف وتشكيل جبهة الصمود والتصدي والدعوة للنفير العام لمواجهة هذا التقارب ونتائجه الكارثية على سوريا العروبة أرض البعث. بيانات ودعوات، أطلقتها عقول يغزوها صدأ الشوفينية، وبعث البعث، وتصوير هذا التقارب وكأنه يهدد الأمن والسلم الدوليين، وسبيل لاستعباد باقي مكونات المنطقة ، والدعوة لحشد الطاقات ، وتشكيل قوة عربية في المنطقة،  لردع الكرد واعتبارهم مهاجرين ،إرهابيين ،انفصاليين،  يحاولون احتلال الأرض، واغتصاب حقوق أصحابها. بيانات ودعوات يمثل أصحابها وجه المعارضة القميء المولود من رحم النظام،  رحب وهلل للغازي العثماني ، وقاتل تحت رايته، بل و فارت نخوته العربية ليجاهد مع قوات السلطان العثماني لتحرير الأراضي الليبية ، في حين ترفرف أعلام اسرائيلية، إيرانية ، روسيا،  تركيا ، أمريكيا في أرضه ووطنه.
لهؤلاء المناضلين والمثقفين ودعاة الحق والحرية نقول: لم يكن الكرد يوما دعاة حرب واقتتال، ولا دعاة انفصال وإن كان من حقهم.
الإدارة الذاتية بقيادة حزب الاتحاد الديمقراطي ومنذ تأسيسها لم تطرح مشاريع قومية بل رفعت بدلا عنه شعار أخوة الشعوب والإدارة  التي تسيطر على المنطقة وتديرها يتشارك فيها الكرد والعرب والسريان. كما ان أن المجلس الوطني الكردي  والذي لا زال جزءا من الائتلاف السوري المعارض، لم يطرح أي مشاريع انفصالية وإن كانت الدعوة لنظام فدرالي سياسي فيها، فهي لحفظ الحقوق القومية والثقافية والسياسية لمكونات المنطقة ضمن مشروع وطني سوري. ولكن تبقى دوما أي خطوة،  أو تحرك،  يسعى فيها الكرد لنيل حقوقهم المغتصبة من الأنظمة الحاكمة كابوسا يقض مضاجعهم، ويدحض زيف ادعاءاتهم بالأخوة والتشاركية في المصير، وهذا ما شاهدناه وما تعرض له إقليم كردستان العراق لمجرد إجراء الاستفتاء على حق تقرير مصيره، وما تلاها من حصار واحتلال كركوك ،ومحاولة إجهاض تجربة الاقليم الناجحة . وما أن تم الإعلان عن دعم قيادة الإقليم للتقارب الكردي ، ووحدة صفه حتى  بدأت التحركات الايرانية والتركية داخل حدود الاقليم بحجة ملاحقة الإرهاب،  لتصبح القرى والبلدات الحدودية في مرمى الضربات التركية والايرانية وقتل ابنائها وبث الرعب فيهم.
الاتفاق الكردي والذي يعول عليه الكثيرون في تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة ، رغم تشكيك البعض بصدقه، ونجاحة،  مستندين إلى خطوات سابقة لم تنجز،  ومحاولات باءت بالفشل،  وتملص من الاتفاقات المبرمة. 
هل سيستكمل طريقه ملبيا  نداءات الشارع الكردي وينصف المتفائلين به ويكون صفعة لكل فكر شوفيني إقصائي.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

كفاح محمود منذ تأسيس كثير من دول الشرق الأوسط خاصة تلك التي أُسّست نتيجة اتفاقية سايكس بيكو وخرائطها المفروضة بمبضع بريطاني فرنسي تركي، والأنظمة التي تكوّنت على إثرها عانت وما تزال تعاني من عقدة مركّبة بين هوية الدولة وأزمة نُخَبِها السياسية والثقافية ومفهوم المواطنة والانتماء، ومن أبرز ظواهرها التغييرات الدموية في الأنظمة السياسية التي حكمتها منذ منتصف القرن الماضي وحتى…

بدعوة من لجان تنسيق مشروع حراك ” بزاف ” لاعادة بناء الحركة الكردية السورية ، التامت الندوة الافتراضية الموسعة الثانية ليلة الثالث والعشرين من الشهر الجاري بمشاركة نحو أربعين شخصية وطنية مستقلة ، من بنات وأبناء شعبنا الكردي السوري ، من الداخل وبلدان الشتات ، ومن مختلف الفئات الاجتماعية ، وناشطي المجتمع المدني ، الذين تحاوروا بكل حرية ، وابدوا…

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….