كوردستان سوريا حاضرة فيزيائياً غائبة سياسياً

 عبدالعزيز قاسم
يوم أمس 25 سبتمبر بعد الظهيرة نظمت من قبل اتحاد الجمعيات الكردستانية في ألمانيا احتفالا بمناسبة الذكرى الثالثة للاستفتاء التاريخي على استقلال إقليم كوردستان (الجنوبية) بقرار من الأحزاب الكردستانية بقيادة زعيم الأمة الكردية كاك مسعود بارزاني.
جرى الاحتفال في صالة للأعراس في مدينة قريبة من مونستر في مقاطعة (نورد راين فيستفالن) الألمانية وبحضور السيد طاهر هورامي مسؤول مكتب البارزاني للجاليات الكردية وكذلك حضر بعض مسؤولي الأحزاب الكردية ومثقفون وكتاب وفنانون من مختلف أجزاء كوردستان وسط اتخاذ المزيد من الإجراءات الصحية للوقاية من وباء كورونا ولهذا اقتصر الحضور على الدعوات الخاصة فقط.
كل التقدير والشكر لجهود القائمين على إحياء هذه المناسبة القومية التاريخية التي تكتسب أهمية سياسية وقومية مصيرية وتاريخية لتطور إقليم كوردستان من حكومة فيدرالية الى دولة لشعب يزيد تعداده عن خمسين مليون، فالمناسبة أصبحت وثيقة سياسية وتاريخية للشعب الكردي كله.
ما شد انتباهي هو قيام الجهة التي نظّمت الحفل (الفيدراسيون)، بدعوة أربعة شخصيات سياسية وثقافية من أجزاء كوردستان الأربعة لإلقاء كلماتٍ بهذا اليوم التاريخي، ويمكن القول: إنّ دعوتهم بهذا الشكل شيء جميل وبادرة قيمة، وكنت أتمنى أن يكون بينهم شخصية من كوردستان الحمراء (قفقاسيا). وفي سردياتهم السياسية والتاريخية تحدث كلّ منهم عن التطور الفكر القومي وظهور الحركات القومية في الجزء الذي ينتمي إليه، فكانت الأجزاء الشمالية والشرقية والجنوبية من كوردستان حاضرة بقوة في كلماتهم، وبخاصة الانتفاضات ذات الطابع القومي التحرري (ثورات بارزان، ثورة سمكو شكاكي، انتفاضة آرارات، ومملكة كوردستان (السليمانية) جمهورية كوردستان (مهاباد)، ثورة أيلول المجيدة … حتى الى يوم إعلان الرئيس مسعود بارزاني بتحديد 25 سبتمر 2017 موعدا للاستفتاء على استقلال كوردستان. وكان من الأفضل أن يتحدث السّيد الذي كان يمثل غرب كوردستان عن التطور القومي والفكري ومراحل النضال السياسي في ذلك الجزء،  ويلقي الضوء على أبرز مراحل التطور الفكري والقومي في كوردستان سوريا على نفس سياق مداخلات أقرانه، لكنه تجاهل  المحطات النضالية والثقافية لشعبنا في كوردستان سوريا وبخاصة أن الساحة الكردية في سوريا هي ساحة ساخنة الآن، وتمر قضيتنا في لحظات تاريخية ومصيرية في وقتنا الراهن، وربما تأتي بعد كوردستان الجنوبية من حيث أحداثها، ولها أهمية قصوى بسبب تقاطعاتها مع الأزمة السورية، والتفاعلات الدولية والاقليمية معها. ولكنه تنحّى جانبا ليتحدث عن بعض محطات الدستور العراقي ورغم أهمية مناقشة الزاوية القانونية والدستورية وهو كان موفقا في إيضاحات هذه الزاوية علماً أنه وحسب معرفتي ليس رجل قانون ولهذا يمكن القول بأن القضية الكردية في سوريا كانت غائبة رغم الحضور الفيزيائي، ورغم المشاركة الضعيفة عامة في الاحتفال بسبب كورونا، كانت الجالية الكردية (السورية) الاكثر حضوراً، ولم يبخل الكُرد من كردستان سوريا في المحطات السابقة، حيث كان لهم الزخم الكبير في احتفالات الاستفتاء قبل ثلاث سنوات، على سبيل المثال.
كل شبر من أرض كردستان عزيزة وغالية، والتنوع اللهجوي والديني والعشائري عزيز وغالٍ، وهنا وأنا بصفتي مواطن من غرب كوردستان اولاً وككاتب وسياسي كردي ثانيا، أطالب فقط إنصاف غربي كوردستان أسوة بشمالها وجنوبها وشرقها، ويفضّل أن يعبّر مَنْ يمثّله عن الحقائق الموضوعية والتاريخية عنه في أي محفل كردي حتى ولو في احتفال صغير.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…