في ظل الحكم الكردي

 إبراهيم محمود
يشعر أغلب الكرد، أنّى وجِدوا في جهاتهم الكردستانية المسمّاة، إنما الأكثر تحديداً في ” الشمال الشرقي ” من سوريا، النسخة الأحدث من الترجمة الكردية الموجهة لجغرافية كردية تنحسر تباعاً، وفي جنوب كردستان، حيث نزيف الشباب الكردي وغير الشباب الكردي إلى الخارج هروباً من الواقع الذي يزداد تردياً، يشعر هؤلاء، بيأس متنام ٍ، ووعي مأساوي بالكردية التي يقال فيها الكثير، وهي تثقِل على كاهلهم، وهم يدركون أكثر فأكثر، أن المسألة ليست في تزايد ” مؤامرات ” الأعداء، وإنما في تزايد تعرّضهم للتهميش، والابتزاز النفسي شعاراتياً هنا وهناك.
هم في قرارة أنفسهم، خارج المعسوليات الإعلامية البخاخة، وجرعة المظلومية الضاغطة، على دراية تامة، بمفارقات الحكم الكردي، والكرد ينتقلون من فاقة إلى فاقة أشد إيلاماً من ذي قبل.
فهل قول الحقيقة يحيل المصرّح بها، وهو المسكون بكردية جارحة من هذا القبيل، إلى متجن، وإلى خانة ” الطابور الخامس ” الابتداع الذي يتجدد هنا، من قبل من استهلكوا الجماهير الكردية؟ حيث لا جماهير، بالمعنى الحرفي، الواقعي، الملموس، إلا على الورق، وهي في تقسيماتها التحزبية، وهي تشقى أكثر فأكثر، وثمة أصوات تنادي في ظل الحكم الكردي القائم، وبأياد كردية فاعلة ، وخارج نطاق الحكم الكردي، بطابعها الدعوي:
في ظل الحكم الكردي، حيث بات في مقدور الكردي أن يقيس حجم كرديته مدى صوت ٍ، ومدى قوة، ومدى مصداقية كردية، وأن ينكفئ على نفسه، وبه وجع مما يسمع ويرى. في ظل هذا الحكم، أصبح في مقدور الكردي أن يقول لنظيره الكردي، همساً، أو على انفراد، أو في مجالس خاصة، وهو يتلفت يمنة ويسرة تخوفاً، عما آل إليه وضع الكرد، أو تصريف الكردية، ولسان حاله يقول: إلى أين يمضي هؤلاء الذي لا يكفّون عن مناداتنا بلغة الشعارات، ونزداد ذلاً، إهانة، جوعاً، وفقراً في الداخل، وتناقص قيمة في الخارج ؟
في ظل الحكم الكردي الصرف، وليس بمشاركة لاكردية، بات في وسْع الكردي البسيط أن يقول محتجاً، وبلغته العادية: أهذه هي الكردية التي وعِدنا بها ؟
في ظل الحكم الكردي، يزداد تدخل المعتبَرين أعداء أعداء في في الفصل بين شهيق الكردي وزفيره، في أموره اليوميه: خبزه، طعامه، ملبسه، وحتى منامه، وأحلامه، بشكل متزايد .
وفي ظل الحكم الكردي، وما فيه من تحقيق نسبي لكردستان، إنما مع مفارقة موجعة مفجعة، من نسيان المتبقي من كردستان، وتشتت الكرد تحت وطأة الشعاراتية السياسية الكردية .
وفي ظل الحكم الكردي، يزيد جمع غفير، وقد حل في المهاجر مضطراً، في نسج الوهم الكردي، ناسياً أو متناسياً، ما كان لأجله خروجه القسري، وهو يرفع راياته، وينمّي تجمهراته، تعبيراً عن كردية، هو ذاته عانى منها، وهام على وجهه طويلاً، مستفزاً بسببها، ليصبح سنداً لمن آذوه، بلغة هتافاتية، وإنشاءات بلاغية هدّارة، دون اعتماد التروي، وعقلنة الواقع الذي ينتمي إليه .
وفي ظل الحكم الكردي، بات من الغباء الثقافي، وعلى أعلى مستوى، حين يعبّر الكردي عن فرحه بما تحقق، وهو يشهد في كل يوم، ما يندّمه على اليوم السابق، وقبل السابق، تجاه طغيان الغباء السياسي، والعته السياسي، والخزعبلات السياسية، والمكوكيات السياسية، ووجوه المعتبَرين سياسيين، وهي متلفزة، داخلين خارجين، خارجين داخلين، مصرّحين، ومبشّرين بجنة كردستان الموعودة، ومعظّمين للحدث، ومباركين للخطوة القائمة، وعلى مدار الساعة، وفي المقابل يزداد نزف الكردي كردياً، ويبحث الكرد في كثيرهم وقد ذاقوا مرارة الموعود كردياً عن جهة تقبل بهم، لاجئين، أو برسم اللجوء، ولو في خيم لا تقيم برداً ولا حراً، كما لو أن الكردية السبّاقة هي هذه، ودونما شعور بالخجل، أو مراعاة لإنسانهم الكردي .
وفي ظل الحكم الكردي، يزداد شعور الكردي وطأة، بمدى تلاشي الحلم الكردي، أو حب الكردي للكردي فعلياً، وحرص الكردي على الكردي فعلياً، وما في ذلك من سفور الذهنية الكردية الحاكمة، وهي تصرّح بما لديها، بعيداً عن أي تقدير لرد الفعل كردياً.
وفي ظل الحكم الكردي، وبالنسبة لي، وليس تمثيلاً لأي كان، وبعد هذا العمر الطويل نسبياً، بعد هذه المعاناة، في سياق عشرات الكتب، وآلاف المقالات وغيرها، حيث الشعور بعنف ظلم الكردي للكردي، ومن أعلى مستوى سياسي، ولامبالاة السياسي الكردي في أعلى مناصبه بما يقال أو يتردد هنا وهناك، وممن لديه ما ينير به عتمة الكردي بيتاً، ساحة، وشارعاً، ومناورة الكردي القيّم للكردي المضغوط عليه، وهو يبحث عن لقمة خبز فعلية، بالنسبة لي، كدت أشك فيما يقال عن حقيقة هذا الحكم الكردي، وكردستان تزداد تشرذماً، والكرد يزدادون انقساماً، وكدت أشك لكل ما تقدم، عما إذا كان هناك جهة سياسية، في أي مكان في العالم، وبمثل هذا الحضور المرئي، والجغرافية المعطاة صفة القومية، تستخف بأهلها، كما هو الجاري كردياً
أن أسمّى متحاملاً، أفضل لي بكثير من أن أكون مخدوعاً، وأنا أعيش الخراب الكردي يتفاقم!؟

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…