الإحتلال والقانون الدولي الإنساني

: المحامي عبدالرحمن نجار
 1- ماهو الإحتلال ؟
– تنص المادة 42 من لائحة لاهاي لعام 1907على مايلي : تعتبر أرض الدولة محتلة حين تصبح تحت السلطة الفعلية لجيش العدو .
– وتنص المادة 2 المشتركة من إتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949على أن هذه الإتفاقيات تسري على أرض، يتم إحتلالها أثناء عمليات عدائية دولية . كما تسري أيضاً في الحالات التي لا يواجه فيها إحتلال أرض دولة ما أي مقاومة مسلحة .
ينظم شرعية أي إحتلال معين ميثاق الأمم المتحدة والقانون المعروف بأسم قانون مسوغات الحرب .
فحين ترقى حالة في الواقع إلى مستوى الإحتلال، يصبح قانون الإحتلال واجب التطبيق سواء اعتبر الإحتلال شرعياً أم لا .
ولافرق في هذاالمجال، إن حظي الإحتلال بموافقة مجلس الأمن وما هو هدفه أوهل سمي في الواقع إجتياحاً أم تحريراً، أو إدارة أوإحتلالاً .
ولما كان قانون الإحتلال مرفوعاً في الأساس بإعتبارات إنسانية، فإن الحقائق على الأرض وحدها هي التي تحدد طريقة تطبيقه .
2- متى يكون قانون الإحتلال واجب التطبيق؟:
تصبح قواعد القانون الدولي الإنساني ذات الصلة بالأراضي المحتلة واجبة التطبيق عندما تقع أرض ما تحت السيطرة الفعلية لقوات مسلحة أجنبية معادية حتى لو لم يواجه الإحتلال أية مقاومة مسلحة ولم يكن هناك قتال .
3- أهم المبادئ التي تحكم الإحتلال :
واجبات سلطة الإحتلال محددة بشكل أساسي في لائحة لاهاي لعام 1907 المواد (42,56)، وإتفاقية جنيف الرابعة، المواد (27,34) و(47,78) بالإضافة إلى بعض أحكام البروتوكول الإضافي الأول والقانون الدولي الإنساني العرفي .
ولايمكن للإتفاقيات المبرمة بين سلطة الإحتلال والسلطات المحلية حرمان سكان الأرض المحتلة من الحماية التي يوفرها القانون الدولي الإنساني،(المادة 47 من إتفاقية جنيف الرابعة)، ولايجوز للأشخاص المحميين أنفسهم التنازل عن حقوقهم في أي ظرف من الظروف (المادة 8 من إتفاقية جنيف) .
تنص القواعد الرئيسية للقانون المعمول به في حالة الإحتلال على مايلي :
أ- لا يكتسب المحتل سيادة على الأرض .
ب- الإحتلال ليس إلا حالة مؤقتة، وتنحصرحقوق المحتل في حدود تلك الفترة .
ج- يجب على سلطة الإحتلال إحترام القوانين النافذة في الأرض المحتلة مالم تشكل تهديداً لأمنها أوعائقاً لتطبيق القانون الدولي للإحتلال .
د- يجب على القوة المحتلة إتخاذ تدابيرلإستعادة وضمان النظام والسلامة العامة بقدر الإمكان .
5- يجب على القوة المحتلة إستخدام جميع الوسائل المتاحة لها لضمان كفاية معايير النظافة الصحية والصحة العامة بالإضافة إلى الإمداد بالغذاء والرعاية الطبية للسكان الواقعين تحت الإحتلال .
– لا يجوز إجبارالسكان في المنطقة المحتلة على الخدمة بالقوات المسلحة لسلطة الإحتلال .
– تحظرعمليات النقل الجماعية أو الفردية للسكان من الأرض المحتلة أو داخلها .
– تحظر عمليات نقل السكان المدنيين التابعين لسلطة الإحتلال إلى الأرض المحتلة بغض النظرعن كون هذا النقل قسرياً أوطوعياً .
– يحظر العقاب الجماعي .
– يحظر أخذ الرهائن .
– تحظر تدابيرالإقتصاص من الأشخاص المحميين وممتلكاتهم .
– تحظر مصادرة الممتلكات الخاصة بواسطة المحتل .
– يحظر تدميرممتلكات العدو أو الإستيلاء عليها مالم يكن هذا التدمير أمراً تستدعيه الضرورة العسكرية المطلقة أثناء مباشرة الأعمال العدائية .
– يحظر تدمير الممتلكات الثقافية .
– يحصل الأشخاص المتهمون بفعل إجرامي على إجراءات تحترم الضمانات القضائية المعترف بها دولياً (مثلاً : يجب إخطارهم بسبب إحتجازهم، وتوجيه تهم محددة لهم وإخضاعهم لمحاكمة عادلة في أسرع وقت ممكن .
– يجب السماح لموظفي الحركة الدولية للصليب الأحمروالهلال الأحمربتنفيذ أنشطتهم الإنسانية .
ويجب منح اللجنة الدولية على وجه الخصوص إمكانية الوصول إلى جميع الأشخاص المحميين أينما كانوا، وسواءً كانوا محرومين من حريتهم أم لا.
4- ماهي الحقوق الممنوحة لسلطة الإحتلال فيما يتعلق بالممتلكات والمواردالطبيعية في الأرض المحتلة؟ .
الممتلكات الخاصة :
– لايجوز للمحتل مصادرة الممتلكات الخاصة .
– لايجوز لدولة الإحتلال الإستيلاء على أغذية أوإمدادات طبية مما هو موجود في الأراضي المحتلة إلا لحاجة قوات الإحتلال وأفراد الإدارة (أي ليس لغرض التصدير خارج الأرض المحتلة وليس لمصلحة أي شخص خارج الأفراد المحتلين مالم يكن هذاالأمر ضرورياً لمصلحة السكان المدنيين في الإعتبار(المادة 55 من إتفاقية جنيف الرابعة) .
الممتلكات العامة :
– يجوز لسلطات الإحتلال الإستيلاء على أي ممتلكات منقولة تخص الدولة يمكن أن تستخدم للعمليات العسكرية (المادة53 من لائحة لاهاي) .
– لايجوزأن تستحوذ سلطة الإحتلال على الممتلكات العامة المنقولة في الأرض المحتلة نظراً لكونها تدير هذه الممتلكات لفترة مؤقتة .
ورهناً بالقيود المتعلقة بإستغلال هذه الممتلكات واستعمالها، يجوزللمحتل إستعمال الممتلكات العامة بما في ذلك الموارد الطبيعية، ولكن ينبغي عليه حماية قيمتها الرأسمالية طبقاً لقانون الإنتفاع (المادة 55 من لائحة لاهاي) .
5- متى ينتهي الإحتلال :
الطريقة الطبيعة لإنتهاء الإحتلال هي إنسحاب القوة المحتلة من الأرض أو دفعها إلى الخروج منها .
إلا أن استمرار وجود قوات أجنبية لا يعني بالضرورة استمرارإحتلال .
إن نقل السلطة إلى حكومة محلية تعيد تأسيس الممارسة الكاملة والحرة للسيادة ينهي حالة الآحتلال بشكل طبيعي، إذا وافقت الحكومة على استمرار وجود القوات الأجنبية على أرضها .
إلا أن قانون الإحتلال يصبح واجب التطبيق من جديد إذا تغيير الموقف على الأرض، أي إذا أصبحت الأرض مرةً أخرى واقعة تحت السلطة الفعلية لجيش العدو(المادة 42 لائحة لاهاي)، بمعنى آخر تحت سيطرة قوات أجنبية بدون موافقة السلطات المحلية .
6- وضع الأشخاص المحرومين من حريتهم أثناء الإحتلال وبعد إنتهاء؟
أسرى الحرب هم أفراد القوات المسلحة والميليشيات المرافقة للشروط المحددة في إتفاقية جنيف الثالثة (المادة 4) وهم يتمتعون بالحقوق الممنوحة في الإتفاقية .
هذا وتحمي إتفاقية (جنيف الرابعة) كل الأشخاص الآخرين الموجودين في الأراضي المحتلة (إتفاقية جنيف4) بخلاف عدد محدود جداً من الإستثناءات مثل رعايا القوة المحتلة أوحلفائها .
ومع ذلك لايجوزبأي حال من الأحوال معاملة الأشخاص المحرومين من حريتهم لأسباب تتعلق بحالة الإحتلال على نحو يقع خارج الحد الأدنى من المعايير العرفية المكفولة في (المادة 75من البروتوكول الأول) .
يجب إطلاق سراح أسرى الحرب والمحتجزين من المدنيين دون تأخير فور إنتهاء العمليات العدائية .
إلا أنه يجوزالإبقاء على حجزالمهتمين بجرم يستوجب توجيه الإتهام إلى أن تنتهي الإجراءات القضائية الجنائية أو ينتهي تنفيذ العقوبة (المادة 119 (5) من الإتفاقية الثالثة، والمادة 133(2) من الإتفاقية الرابعة) .
ويبقى جميع المعتقلين مجميين بموجب المادة 5 (1) من إتفاقية جنيف الثالثة، والمادة 6 (4) من الإتفاقية الرابعة) .
7- الأساس الذي ترتكز إليه أنشطة اللجنة الدولية لصالح الأشخاص المحرومين من حريتهم أثناءالإحتلال وبعده .
تملك اللجنة الدولية للصليب الأحمر حقاً قانونياً في زيارة أي شخص يلقى القبض عليها على صلة بنزاع دولي مسلح بما في ذلك حالات الإحتلال، وذلك بموجب إتفاقيات جنيف وبروتوكوليها الإضافيين (المادة 9,126 من إتفاقية جنيف الثالثة، والمادتان 10,134من إتفاقية جنيف الرابعة، والمادة 81 من البروتوكول الإضافي الأول) .
في حال استمرار العنف بعد إنتهاء الإحتلال، يمكن لأنشطة الحماية التي تقوم بها اللجنة الدولية أن تستند إلى الأسس القانونية التالية :
– في النزاعات المسلحة غير الدولية، تستند اللجنة الدولية في أنشطتها الخاصة بالإحتجاز إلى المادة الثالثة المشتركة في ما بين اتفاقيات جنيف الأربعة والبروتوكول الإضافي الثاني حيث يكون واجب التطبيق ) .
وتنص المادة الثالثة على حق اللجنة الدولية في عرض خدماتها على الأطراف المتحاربة بهدف تنفيذ أعمال الإغاثة وزيارة المحتجزين لأسباب تتعلق بالنزاع .
وفي حالات العنف الداخلي الأخرى التي لاترقى إلى النزاع المسلح، يجوز للجنة الدولية عرض خدماتها على أساس حق المبادرة الواردة في النظام الأساسي للحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر (المادتان 5 (2)(د) و(5) (3) .
فرنسا : 2020/10/14

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…