جبن الضعيف استجداء ومجاملة

تجمع الملاحظين: كاوار خضر
رغم رفع بعضنا الصوت عاليا في وجه أداة المقتسم أمثال الأستاذ حسين جلبي، والأستاذ جان كرد، إلا إنها غير كافي التأثير. بالمقابل كتابات خجولة، من غالبيتنا، بأسلوب دفنه التقادم كمواجهة لها ولأمثالها. ذلك النمط الذي تلاشى منذ اندلاع الثورة السورية، وأنابت عنه لعلعة الرصاص ودماء الشهداء لتنتج مؤتمرات جنيف وسوتشي، مدعومة بقرارات الأمم المتحدة هنا، والوساطة التركية الفاشلة هناك. وبقينا نحن الكرد وحدنا خائفين من المواجهة المسلحة للنظام. رغم معاناتنا مما تعانيه الثورة السورية من تشرد، وقتل ودمار، وتهجير… 
مع إخفاق الثورة السورية أمام النظام، لكنها تتحلى بشجاعة المقاومة وتقديم الشهداء… هذا ما لم نتشرف به بحجة نبذ «الاقتتال الأخوي»؟ 
سؤال يطرح نفسه هل ندرك ما هي الأخوة؟ 
فالواقع العملي يشي أننا نتجاهل معنى الأخوة؛ بل أوسع منها معنى القرابة بمبرر منطق الضعيف المتغبن.
ونعلم جميعا إنها أداة المقتسم بامتياز، كما لم يخفِ المقتسم ذلك، لا عنا ولا عن غيرنا، ابتداء من بشار مرورا ببثينة شعبان وانتهاء برياض حجاب، وغيره ممن كانوا من أركان النظام يوما… مع كل هذا نتجاهل إنها المقتسم ذاته، بزي الكردي الوكيل. الخوف الذي رسخه النظام فينا أيام جبروته يدفعنا للاحتجاج والتخفي وراء «الاقتتال الأخوي»! يا للشجاعة! كيف نخفي جبننا بأمثال هذه الحجج المفضوحة. إنها لتسذج مكشوف، حتى الطفل الصغير يشعر به.
يعاني الشعب السوري من بطش النظام، لكنه لا يأبه به، بل يثبت للعالم أجمع إن دماءه إن هدرت كالأنهار فهي عن كرامة شجاع، وعن نفس أبية لا ترضى الذل والهوان مفضلا جميع الكوارث والموت على الذل والمهانة، والمجاملة المهينة. هجر أكثر من نصف سكانه، وضحى بأكثر من مليون شهيد كيلا يقول عنه التاريخ إنه كان جبانا متقاعسا. يتحمل بطش راكبي ثورته، ومختطفيها، مع ذلك يأبى أن يقال عنه أنه جبان أو يحتج بـ«الاقتتال الأخوي». فيشهد له العدو قبل الصديق ذلك، ويتحدث عن إباء نفسه وعزتها وكرامتها كل العالم… هذا كاف أن يفتخر به أجياله القادمة؛ مثلما يفتخر أجيال الفيتناميين اليوم بإباء أجدادهم، ويحظون بإعجاب الشعوب بتضحياتهم دفاعا عن كرامتهم، ولم يشك أحد إن الفيتناميون أخطأوا عندما قاتلوا أخوة لهم قبلوا أن يكونوا أداة للغازي الغاصب.
سيخفض أحفادنا رؤوسهم أمام التاريخ غدا بسبب حجتنا عن هذا الـ«اقتتال الأخوي»، وسيكون مثال فيتنام عصا تهوي عليهم لتخاذل أجدادهم جبنا بمبرر لم يحتج به أحد سوى الجبان المتسذج. نحن عار عليهم، وعلى من سبقونا في مواقع البطولة والإباء والشجاعة من أجدادنا…
rawendkurd3@gmail.com

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…

شادي حاجي في عالم يتزايد فيه الاضطراب، وتتصاعد فيه موجات النزوح القسري نتيجة الحروب والاضطهاد، تظلّ المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) طوق النجاة الأخير لملايين البشر الباحثين عن الأمان. فمنظمة نشأت بعد الحرب العالمية الثانية أصبحت اليوم إحدى أهم المؤسسات الإنسانية المعنية بحماية المهدَّدين في حياتهم وحقوقهم. كيف تعالج المفوضية طلبات اللجوء؟ ورغم أن الدول هي التي تمنح…

  نظام مير محمدي * شهد البرلمان الأوروبي يوم العاشر من ديسمبر/كانون الأول، الموافق لليوم العالمي لحقوق الإنسان، انعقاد مؤتمرين متتاليين رفيعي المستوى، تمحورا حول الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في إيران وضرورة محاسبة النظام الحاكم. وكانت السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، المتحدث الرئيسي في كلا الاجتماعين. في الجلسة الثانية، التي أدارها السيد ستروآن ستيفنسون،…

المهندس باسل قس نصر الله بدأت قصة قانون قيصر عندما انشقّ المصوّر العسكري السوري “فريد المذهّان” عام 2013 — والذي عُرف لاحقاً باسم “قيصر” — ومعه المهندس المدني أسامة عثمان والمعروف بلقب “سامي”، حيث نفذ المذهان أضخم عملية تسريب للصور من أجهزة الأمن ومعتقلات نظام الأسد، شملت هذه الصور آلاف المعتقلين بعد قتلهم تحت التعذيب وتعاون الإثنان في عملية…