قراءة في الوضع الراهن شرق الفرات

استهلال :
1- لا بد من التأكيد على ان تيار مستقبل كردستان سوريا ينتمي إلى خط سياسي , مدني , ديمقراطي ، حر, لديه تراكم في الخبرة السياسية , والثقافية ،ان كان على صعيد الوعي , أو على صعيد الممارسة , حيث لا سياسة واعية ومنتجة بدون ثقافة تمتلك حدا نسبيا من الوعي بالوجود , إنسانيا , وديمقراطيا , وتجسيده معرفيا , و ترجمته سياسيا ، وهو القاعدة الاساسية لأي عقل سياسي , قادر على انتاج خطاب سياسي منفتح ومتغير حسب اللحظة الراهنة ووقائعها العنيدة ، مع التأكيد بان الفكرة القومية الديمقراطية هي الجامع والضامن للوجود القومي الكردي , وعلى هذه القاعدة ينظر تيار مستقبل كردستان سوريا الى الثقافة القومية  كمخزون رمزي قابل للبناء بمستويات وطنية متعددة , يشكل الحق والعدل فيها , مرتكز الهوية القومية ، ولعل التجربة المريرة التي مرت بها الحركة الكردية والمعارضة السورية ككل ، من حيث الاستخدام المفرط للايديولوجيا ، والتخندق خلف متاريسها , والتضخم الانوي بها , في مواجهة الديمقراطية ورفض الاختلاف , هو ما أوصلنا إلى حالة من فقدان التوازن السياسي , وبالتالي فان المصلحة القومية والوطنية لشعبنا الكردي ، والية انتاج السلطة ،وتوزيعها ديمقراطيا ، في دولة وطنية حديثة قائمة على المواطنة المتساوية ، وفصل السلطات ، وحكم القانون ، واحترام  الحريات العامة والخاصة ، هي الناظم لسياسات وسلوك التيار . 
2- كل ما هو موجود من اطر وتنظيمات كردية سورية , هي محط احترام وتقدير , فلها توجهاتها السياسية ، وتعبيراتها المجتمعية , لكننا نختلف عن تلك الرؤى والتصورات السياسية في العديد من المسائل التي نعتقد بأنها حيوية ، وتمس نضالنا القومي والديمقراطي , وفي مقدمتها يأتي الانطلاق من خصوصية كل جزء ، وتكامله مع الاجزاء الاخرى في اطار استقلالية القرار الكردي السوري ، فالمجلس الوطني الكردي كاطار قومي واجتماعي ، يعبر عن التطلعات الوطنية والديمقراطية للشعب الكردي في سوريا ، وهذا لا يمنع العمل في اطار الوطنية السورية ، ومن اجل قضايا الحرية ، والديمقراطية ، وحقوق الانسان ، ومع محاولاتنا خرق الأفق المسدود ، والعبور إلى الفضاء المفتوح , وهدم التصوينات المجتمعية التي بناها حزب البعث, وما أوجده من ثقافة الخوف والتهميش والتبعية عبر استبداده الطويل , وتجاوز ذلك , سواء في الطرح السياسي  ، اوفي الممارسة النضالية اليومية- رغم حالة الضعف والوهن التي يعيشها التيار نتيجة حالات الطلاق – , فقد اعلن منذ التأسيس ، وبكل وضوح ، بأنه حالة وطنية معارضة للاستبداد البعثي ، واحتكاره للدولة والمجتمع والثروة والسلطة , وسيعمل بكل الوسائل السلمية والديمقراطية على إنهاء هذا الاحتكار , من هنا يؤكد التيار على معارضته للاستبداد أيا كان ، سواء كان كرديا او عربيا او دينيا او طائفيا ، وفي هذا السياق جاء انحيازه ، وانخراطه في  الثورة السورية منذ اليوم الاول ، ومعارضته لكل السلوكيات الاستبدادية والاقصائية والشمولية للأطراف الكردية ، سواء كانت حزبية او سلطوية . 
 
في الوضع السياسي :
في شمال شرق الفرات ، نرى ازدياداً في تعقيد المشهد على عدة مستويات، أهمّها  تعدد القوى العسكرية والأمنية الأجنبية والمحلية الموجودة ، وتضارب مصالحها ، فحتى اللحظة تخضع المنطقة للنفوذ الأميركي ، لكن وفق ترتيبات واتفاقيات عسكرية وأمنية واقتصادية متعددة ومؤقتة ، وبين فرقاء مختلفي المصالح، ، بالتالي نجد لكل من اللاعبين الدوليين والإقليميين مصالح خاصة ، وغالبًا متضاربة مع الأطراف الأخرى، فالدول ذات التأثير في تلك المنطقة هي الولايات المتحدة وروسيا وإيران وتركيا ، عبر الاتفاقيات التركية – الأميركية، والتركية – الروسية ، وهذه المصالح تؤدي احيانا الى خلق توترات ، وغياب الاستقرار المستدام الذي لن تصل اليه الى حين إيجاد توافق روسي – أميركي – تركي ، بخصوص إنهاء الوجود الإيراني ،و تتوازن هذه القوى في لعبة مكشوفة ، ومفتوحة على كل الاحتمالات ، وقد تشهد تراجيديا جديدة لن يكون الحسم فيها لأية قوى محلية او دولية ، مع الاحتفاظ بالخارطة الجيوسياسية التي تحفظ لجميع الاطراف الحد الادنى من الوجود، والتداخل في الغايات والاهداف ، في ظل اللقاءات القائمة بين قسد والولايات المتحدة الامريكية من جهة ، وبينها وبين العشائر العربية في دير الزور والحسكة والرقة ، فقد التقى مظلوم عبدي قائد قوات سوريا الديمقراطية وبفاصل زمني مع قائد القوات الروسية في سوريا ، ومع الجنرال فرانك ماكينزي قائد القيادة المركزية في الجيش الامريكي ، ليتبعها ثلاث لقاءات مع شيوخ وعشائر دير الزور لبحث التطورات في المنطقة ، والمستقبل الذي ستكون عليه في المرحلة المقبلة ، ويبدو بان هذه اللقاءات لها علاقة بالتطورات التي فرضتها عملية “نبع السلام” على الشريط الحدودي ، مما ادى الى احتلال سري كانيه وكري سبي من قبل تركيا ، وتوطين المجموعات المسلحة الموالية لها ، والتي ارتكبت جرائم حرب ، وعملت على اجراء تغيير ديمغرافي حقيقي ، ومارست النهب والسلب والخطف ومصادرة الممتلكات تحت حجج واهية ، وقد ادى كل ذلك الى تغيير خارطة النفوذ في جغرافية المنطقة ، و تحولت من نفوذ امريكي تام الى محاولة تقاسم المنطقة بين واشنطن وموسكو ، الا ان موسكو حاولت زيادة نفوذها من خلال العمل على تشكيل فصيل عسكري موالي لها في المنطقة لكنها فشلت ، الامر الذي دفعها الى الاستعانة بعناصر النظام للتضييق ومزاحمة الدوريات الامريكية، واستمرت روسيا في محاولة الضغط على قسد من خلال التلويح بعمليات عسكرية جديدة على محور عين عيسى – كوباني ، وممارسة ادوات مختلفة للضغط عليها لكسبها الى جانب النظام ، وضمها لقواته او التشكيك بالوجود الامريكي المؤقت.  
تحاول قسد ان تحمي نفسها عبر الحوار مع جميع الاطراف ، سواء امريكا او روسيا او نظام الاسد ، اوالدول العربية الاخرى ، او المجتمع المحلي بشكل براغماتي ، وتحقيق مصلحتها وفي هذا الاتجاه يأتي الحوار مع المجلس الوطني الكردي ، برعاية وضمان امريكي ، لتضييع هويتها كقوى تابعة لحزب العمال الكردستاني “الارهابي” كما تدعي تركيا ، واعطاء قسد شرعية المجلس تحت مظلة كردية “شاملة” لإشراكها في العملية السياسية ، واضعاف قوى النظام وحلفائه ، وتحييد تركيا التي تصر على ابعاد هذه القوات عن حدودها بحجة الامن القومي التركي ، وهو هدف كاذب ومخادع ، الغاية منه منع قيام “كيان” كردي او اية قوة عسكرية كردية قد تدفع مستقبلا الى اقامة وضع كردي ما ، بينما تهدف قسد من الحوار مع المجلس الوطني الكردي الى تحقيق 
جملة من الاهداف والغايات : 
– الحفاظ على ما تبقى من جغرافيا تحت سيطرتها ، بعد عمليتي “غصن الزيتون” و”نبع السلام”   – خلق نوع من الاستقرار المحلي بالوصول مع المجلس الوطني الكردي ، والذي انجز الشق السياسي الملزم منه ، والبدء بالمرحلة الثانية على ارضية اتفاقية دهوك ، كبوابة لاتفاق اوسع واشمل مع المعارضة السورية ، وجعل منطقة شرق الفرات منصة لتحقيق الاهداف الامريكية في منع التمدد الايراني ، ومحاربة داعش ، والضغط على النظام لتغيير سلوكه والامتثال لقرارات الشرعية الدولية ، كل ذلك يجري وسط استراتيجية امريكية غير واضحة المعالم حتى الان ، والتي تبدلت مؤخرا من الانسحاب الى اعادة التموضع . 
وقد عملت إدارة ترامب -التي ستنتهي ولايتها قريباً- إلى إضعاف نفوذ إيران في المنطقة، من خلال استهداف قاسم سليماني -الحاكم الفعلي للعراق وعرَّاب المليشيات الشيعية- وعبر استهداف الطيران الإسرائيلي للقوات الإيرانية المتواجدة في سوريا . 
– روسيا تحاول تنفيذ اتفاق بوتين – اردوغان  لعام 2019 حول “المنطقة الامنة” بالتنسيق بين قسد والقوات الروسية ، وتحاول في الوقت ذاته التنسيق بين النظام و”الادارة ” للوصول الى صيغة توافقية لإدارة المنطقة ، خاصة بعد تطبيق قانون قيصر وحاجة النظام الى النفط والموارد الاقتصادية الاخرى – تركيا تعمل على النفس الطويل لتطبيق استراتيجيتها، وتحتل الاراضي السورية وتقوي نفوذها في سوريا ، كي تعزز دورها في الحل السياسي عند تطبيق القرار الدولي 2254 ، ولا ننسى ان نشير هنا بانها تعادي قيام أي كينونة كردية ، وهي بذات الهدف تلتقي مع النظام وروسيا. في حين تشهد مناطق “الادارة الذاتية” استمرارا للفساد المعمم في كل مفاصلها ، و انحطاطاً للقضاء وأدواته التنفيذية ، وتعزيزاً لسلطة “الكادرو” الاستثنائية التي تحكم فوق القانون ، وتكرس خضوع الجميع لها ، اضافة الى  استمرار خطف القاصرات ، والتجنيد الاجباري ، وغياب اجهزة الرقابة ، واصدار قرارات جائرة ، كالقرار الصادر بخصوص املاك الغائب(المغترب) ، والذي يعد سابقة خطيرة ، لأنه لا يجوز استملاك الاملاك الخاصة للصالح العام الا بقانون ، وبتعويض عادل للمالك ، حيث ان وضع اليد على املاك الغائب (المغترب) بحجة الاستثمار، او الحماية ، وحرمانه من ريعها ، في حال تخلفه او ذويه عن الحضور خلال سنة ، ومنع توكيل الغير في الاستثمار او الادارة ، يعد تعديا صارخا على حق مصان في كافة الشرائع الوضعية والدينية .
ان تيار مستقبل كردستان سوريا يعبر عن رفضه الشديد لهذا القانون لأنه يتعارض مع حقوق الانسان و ينهي ما تبقى للمغترب من علاقة بارضه وشعبه وسيترتب عنه اثار وتداعيات كبيرة .
الوضع الاقتصادي: 
لا يخفى على أي متابع ، بأن السوريون يعيشون أسوأ أيامهم لجهة اوضاعهم المعيشية والاقتصادية ، فهم يفتقدون إلى الموارد والخدمات الأساسية الطبية والصحية والتعليمية ، رغم ان منظومة توزيع الثروة والدخل في سوريا لم تكن انسانية وعادلة يوماً قبل الثورة ، ولذلك كان اصحاب الاجر، والدخل المحدود مدفوعين للبحث عن سبل اضافية لتغطية نفقاتهم ، او حاجاتهم المتأكلة ، ليس عن طريق عمالة الاطفال او الممارسة اليومية فقط ، بل كان عليهم البحث عن مداخيل اضافية داخل عملهم الوظيفي ، وبذلك اصبحت الرشوة والفساد منهجا ملحاً ، وناجماً عن سوء توزيع الثروة ، مما ادى الى انهيار المنظومة الاخلاقية ، وخاصة لدى من يمتلكون ويتحكمون بتمركز الثروة وتوزيعها ، واستمرت هذه الحالة لا بل تعمقت اليوم هذه المنظومة ، وتجاوزت البعد اللا انساني ، امام حاجة الناس للطعام والشراب ، والفصائل الى السلاح والرواتب ، مما دفع الى  
 
سيطرة جماعة الاخوان المسلمين على المعارضة واسلمتها ، بحكم قربها من تركيا ، وامتلاكها المال والسلاح والخدمات ، اما في مناطق “الادارة الذاتية” فقد شهدت في بداية تشكلها استقراراً نسبياً ، الا ان الوضع الاقتصادي بات ضاغطاً، وتكاليف المعيشة اصبحت لا تطاق ، في ظل البطالة ، وانخفاض قيمة الليرة امام الدولار الامريكي ، وارتفاع اسعار السلع والنقل والدواء والمحروقات ، وتدني الخدمات ، وفقدان الماء والغاز وانقطاع الكهرباء، حيث ارتفعت نسبة وفيات الاطفال بسبب سوء التغذية ، وازدادت الجلطات القلبية والدماغية ، وانتشرت الامراض المزمنة ، والاورام الخبيثة لتسجل ارقاما قياسية ، وانتهت الروابط الاسرية وتفككت العائلة ، وتراجعت العملية التعليمية ، وازدادت حوادث القتل والاجرام ، وسادت ظاهرة البحث في القمامة عن الطعام من الصعب ان تقوم “الإدارة”  بمعالجة هذه المشاكل دفعة واحدة ، لان متوسط الدخل اللازم لعائلة مكونة من 5 اشخاص ولحاجات اساسية 8 من 13 حاجة هو 815000 ل.س شهريا ، اذاً هذه الصعوبة ناتجة عن معطيات الصراع ، والحرب التي جرت ، وتداعيات الواقع الاقتصادي والحصار الذي تعانيها ، لكنه في جانب اخر مرتبط بالمعطيات السياسية القائمة ، وخاصة فيما يتعلق بإنجاح التفاوض الكردي ، واعادة هيكلة “الادارة ” القائمة ، واشراك كل المكونات ومعالجة الفساد والهدر ، ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب ، والتخطيط ودعم المشروعات الصغيرة ، وتخفيف الضرائب عن السلع ، ودعم المواد الاساسية والمشاريع الانمائية الكبيرة ، وفتح المجال للاستثمار في المجال الغذائي ، وتقديم سلل غذائية للعائلات الفقيرة ، وذوي الدخل المحدود ، وتأمين فرص عمل للشباب مع الدفع باتجاه الحل السياسي في سوريا ، وبناء علاقات طبيعية مع دول الجوار. 
الوضع التعليمي :
بعد مرور اكثر من تسعة  أعوام على اندلاع الثورة السورية ، وتحولها  الى حرب اهلية مكشوفة ، أصبح النظام التعليمي في سوريا ككل ومناطق “الادارة الذاتية” في حالة يرثى لها . فقد أظهرت الأرقام الإحصائية ، أن قرابة ثلاثة ملايين طفل سوري، ممن اصبحوا في سن التعليم ، لم يلتحقوا بمقاعد الدراسة ، ويعود السبب في وجود هذه الوضعية الكارثية إلى تداعيات الحرب الأهلية المدمرة، التي جعلت قرابة 40% من المدارس في سوريا غير قابلة للاستخدام. فقد لحقت أضرار كبيرة  بهذه المدارس التي استخدمتها الجماعات المسلحة ، وتم قصفها من قبل الطائرات الروسية ، أو تم فيها ايواء من تهجّر أو فر من مناطقه ، بسبب احتدام القتال. أما في مناطق شمال شرق سوريا تعاني  المدارس الحكومية من الاكتظاظ الشديد ، ومن النقص الحاد من المدرسين، بعد ان فرضت “الادارة الذاتية ” منهاجا خاصا بها باللغات الثلاث الكردية والعربية والسريانية ، لا يحظى باي شرعية ، اواعتراف محلي او دولي ، ونتيجة لكل ذلك ، فان الطلاب في هذه المناطق باتوا متأخرين ، في تحصيلهم ، وتدني مستوياتهم ، بشكل مريع، وخاصة في مدارس “الادارة الذاتية “، لغياب الكادر المتخصص ، وخاصة في تدريس المواد العلمية ، وغياب وسائل الايضاح والتعليم ، وعدم قدرة الاهالي على توفير مستلزمات ابنائهم . فاغلب الطلاب الذين  في سن العاشرة من أعمارهم لا يجيدون القراءة ، وسجلت معدلات الأمية في هذه المناطق ارتفاعا كبيرا ، وقد دفع الدمار الذي لحق بالمدارس وضعف العملية التعليمية  الكثير من الاسر إلى مغادرة المنطقة باتجاه
الداخل السوري ، او اقليم كردستان واوربا . في حين اتجه العديد ممن بقوا خارج العملية التعليمية ،الى العمل في صفوف قسد او المجموعات الاخرى، لتامين  لقمة عيشهم ، والتعويض عما فاتهم ، من علم وجاه . لكن التداعيات الناجمة عن هذا الوضع  قاتمة، وتنذر بالخطر من انتشار الجهل ، والامية ، وعسكرة المجتمع .
وضع المخيمات:
في شمال شرق سوريا حيث مناطق سيطرة “الإدارة الذاتية“، لا يختلف الحال كثيرا عن باقي المخيّمات الموزّعة على الجغرافيا السورية ، إذ يوجد في هذه المناطق عدد من المخيمات تأوي عشرات الآلاف من السوريين الذي فروا من وطأة الحرب المستمرة منذ سنوات. 
يعاني سكان المخيمات في شمال شرق سوريا ، وضعا إنسانيا “مقلقا جدا” مع افتقاد مقومات الحياة، ونقص المياه وضعف الخدمات ، وخطر تفشي فيروس كورونا ، حيث يقدر عددهم بنحو 300 ألفًا في مخيمات شمال شرق سوريا، ما ينذر بوقوع كارثة إنسانية حقيقية في ظل استمرار اغلاق معبر اليعربية  الذي كان  يستخدم لإيصال المساعدات الطبية والانسانية إلى مناطق سيطرة “الادارة الذاتية” ، حيث كان يعتمد أكثر من 1.5 مليون شخص على  تلك المساعدات. يواجه سكان هذه المخيمات تحديات كبرى أهمها تأمين سبل عيشهم ، مع طول أمد وجودهم في هذه المخيمات، وغياب فرص العمل ، وقلة الدعم المادي والطبي ، والذي يقتصر على تقديم السلال الغذائية والخدمات العامة ، مع وجود بعض المبادرات المحدودة لبعض المنظمات ضمن هذه المخيمات. 
 الوضع الزراعي :
يبقى ان نقول بان وضع الفلاح في المنطقة في حالة يرثى لها ، نتيجة الغلاء ، وارتفاع تكاليف الانتاج ، وعدم توفر البذور والسماد ، وارتفاع اسعارها ، وهذا لا يتناسب مع قيمة المنتج المحلي الذي يكاد لا يغطي تكاليف انتاجه .مما اضطر الفلاح الى ترك الارض ، والتوجه صوب المدينة للبحث عن العمل .  
لا بد ان تقوم “الادارة الذاتية” على دعم الفلاح ، وتسهيل العملية الزراعية ، وتقديم الدعم اللازم والقروض المطلوبة ، اضافة الى رفد الفلاح والاليات الزراعية، بالمحروقات وبأسعار التكلفة وتشجيع التصدير ، وحماية الاسواق من البضائع الزراعية الاجنبية ، كي لا تؤدي الى انخفاض الاسعار، وخسارة الفلاح ، وتشرد عائلته في المدن والارياف لتتحول الى عمال او اجراء مياومين. في سياق ما سبق ، ومع التحركات المستمرة ، تتجه الأنظار باتفاق ما سيتمخض عن المفاوضات الكردية ، وإلى الآلية التي سيتم العمل بها ، لتحويل ما اتفق عليه الى استثمار سياسي، ولاسيما أن بيدرسون قد اعلن عن لقاء مرتقب للجنة الدستورية في الرابع والعشرين من الشهر الحالي.
جبهة الحرية والسلام :
أعلنت أربعة كيانات سورية معارضة، في 28-7-2020 عن تحالفها ضمن جبهة السلام والحرية ، وهي المنظمة الآثورية الديمقراطية، والمجلس الوطني الكردي، وتيار الغد السوري، والمجلس العربي في الجزيرة والفرات، وجاء في البيان التأسيسي للجبهة : أن جبهة السلام والحرية هي “إطار لتحالف سياسي بين عدد من القوى السياسية السورية التي تسعى إلى بناء نظام ديمقراطي تعددي لا مركزي ، يصون كرامة السوريين وحريتهم ، لا مكان فيه للإرهاب والتطرف والإقصاء 
بكلّ أشكاله وتجلياته ، تعمل وفقاً للمبادئ والأهداف التي تمّ تضمينها في الرؤية السياسية”. والجبهة منفتحة على “الحوار والعمل المشترك مع أطياف المعارضة السورية، وتدعم جهود كل قوى المعارضة الوطنية والأطراف الدولية والإقليمية الساعية لإنهاء معاناة السوريين عبر حلٍّ سياسي شامل وفق قرارات الشرعية الدولية”، وشدد البيان أن “قيام هذا التحالف لا يؤثّر على استمرار عضوية الأطراف المشكّلة لها في الأجسام والمؤسسات السياسية السورية المعارضة، بل يندرج عملها في إطار التكامل مع جهودهم”، وتابع البيان “تنطلق الجبهة من رؤية متقدّمة تحلّل الواقع الراهن السوري وتساهم في بناء القاعدة الدستورية لسورية الجديدة، وتأخذ بالاعتبار خصوصية كافة المكوّنات السورية وحقوقها القومية والديمقراطية، وصولاً إلى دولة المواطنة الحقة، دولة تتحقّق فيها الحرية والعدالة والمساواة بكل تجلياتها، منطلقين من مبدأ أنّ (سوريا وطن الجميع وتتسع للجميع)”. 
ان تيارمستقبل كردستان سوريا يرى أن ولادة الجبهة ، والاعلان عنها في هذا التوقيت، يصبّ في مصلحة الوطن ، ووحدة المعارضة ،ويقوّي أوراقها في العملية التفاوضية”.  
اخيرا لابد من الاشارة بان المنطقة تعيش في مرحلة صراع النفوذ، وقد تكون في آخر مراحلها ، أي مرحلة رسم وتثبيت الخطوط النهائية الممكنة بصورة مباشرة لكل دولة ، عبر تواجدها العسكري داخل سورية ، فكل دولة تحاول تحسين وتعزيز مواقع قواتها ، والقوات المحلية الموالية لها ضمن المنطقة التي هي فيها ، وفي بعض الحالات تحاول توسيع الرقعة الجغرافية لسيطرتها، لكن ما يجمع كل هذه القوى أنها تريد تحقيق ذلك بأقل قدر ممكن من قواتها البرية ، فجميعها في سباق لتهيئة وتجهيز قوى محلية تحت قيادتها ، لأنه لا توجد حتى الان اتفاقية لوقف إطلاق نار شامل ومستدام في سوريا، فكل التفاهمات هي مؤقتة، وعرضة للانهيار في أي وقت ، وقد شاهدنا ذلك في مراحل سابقة ، وبناء على ذلك يمكن القول : بأنه لا يوجد حل على الصعيد الوطني السوري ، يضمن الانتقال السياسي وينهي المقتلة السورية، إلا عبر تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2254 ، فهو القرار الأممي الذي توافقت عليه كل الدول ذات العلاقة بالوضع السوري، في الوقت الذي ينبغي أن لا يغيب عن اذهاننا ، بأن القوى الدولية والإقليمية متواجدة الان ، على الأراضي السورية بشكل مباشر، وليس عبر وكلائها المحليين فقط ، اذاً لا بد لنا -كسوريين- أن نعزز شراكاتنا مع الدول التي تتلاقى مصالحنا مع مصالحها بالحد الأقصى ، وفي هذا السياق تكتسب العلاقة مع الاشقاء في كردستان العراق اهميتها وضرورتها .  
قامشلو 8-8-2020  
تيار مستقبل كردستان سوريا 
الهيئة التنفيذية

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…