نحن والأنكسى

تجمع الملاحظين: كاوار خضر
تأسس الأنكسي بُعيْد انطلاقة الثورة السورية بعدة أشهر، هللت له الجماهير واستقبلته بالورد، ولكن مع مرور الزمن فقد بريقه، وتناقصت الآمال المعقودة عليه، إلى أن صار كالأحزاب سمعة وصيتا. لم يكن بوسع قادته تجاوز الماضي، والتأقلم مع العهد الجديد المدشن من قبل الثورة السورية.
عدنا نحن بدورنا كمنتقدين ننهال عليه باتهاماتنا كما كنا ننهال على الأحزاب من قبله. وهذا غير مخالف للمألوف، كوننا عقدنا عليه آمالا كبيرة، وكانت النتيجة كالسابق، فلا ضير أن نعود إلى ما كنا عليه! لم نقصر، فأفرغنا كل طاقاتنا على الانتقاد غير المؤثر وحسب. ربما كان مآل الأنكسى واضحا لبعضنا؛ ولكنه لم يكن لمعظمنا، فالوقت الذي تواجد فيه الأنكسى غير الذي تواجدت فيه الأحزاب، إلا أن القيادة كانت نفسها، كما كنا نحن أيضا نفس أولئك الأشخاص. فمن كانوا قادة للأحزاب صاروا قادة للأنكسى؟ ومن منا كان منتقدا للأحزاب صار منتقدا للأنكسى؟
لم تتغير الأحزاب في شخص الأنكسى متبعا النهج القديم. ونحن معشر المنتقدين لم نتغير أيضا؛ حيث سرنا على نفس نهجنا القديم. رغم تغير الزمن، نصرّ نحن على انتقاداتنا، كما يصرّ الأنكسى على نهج أحزابه. يعجز الأنكسى عن أداء مهامه، ونحن نعجز عن إيجاد بديل عنه، فكلانا «في الهوى سوا»؟
لنكن علميين، وليس ديماغوجيين وغوغائيين، فأنكسى لم يغير ديمغرافيتنا، ولم يضحِّ باثني عشر ألف قتيل وخمس وعشرين ألف جريح ومعوق منا لأجندات الغير، لم يُخَسّرنا الأنكسى جزأين مهمين من أراضينا، كما لم يقْدم الأنكسى على خطف القاصرين والقاصرات أو تجنيدهم من أبنائنا وبناتنا. لم يجوّع الأنكسى شعبنا، ولم يصفِّ الأنكسى خصومه جسديا… 
كل ما لم يقوَ عليه الأنكسى أنه عجز عن تحقيق المطلوب؟ وبالمقابل بالكردية أجرمت الأداة بحقنا في كل ما مر معنا آنفا، ولم نتحرك حسب المطلوب؟ والحالة هذه، علينا أن نعترف أننا أضعف من الأنكسى؛ كوننا ننشغل به، وننسى هذه الأداة الجارّة علينا كل هذه المآسي والكوارث. ننسى عفرين وشرقي فرات، ونتجاهل القاصرين والقاصرات، ولا نشعر بآلام الثكالى وأحزان أمهات وآباء المخطوفين. لو أننا كنا أقوياء مثل انتقاداتنا، وكانت نفوسنا أبية كما هو تهجمنا؛ لما توقفت أقلامنا لحظة واحدة، على الأقل، في ذرف الدموع على هؤلاء كمشاركين لأحزان المنكوبين والثكالى والمعوقين والجرحى، والمهجرين والمقهورين بسبب هذه الأداة الهدامة. 
وأضعف الإيمان لانبرت قرائح شعرائنا وحناجر مغنينا مواسين اليتامى والثكالى والمنكوبين، ولكن أين منا كل هذا؟ أبعد كل هذا ندعي أننا وطنيون؟
rawendkurd3@gmail.com

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…