التطبيع مع إسرائيل والموضوع الكردي

 عمر كوجري
أثار اتفاق تطبيع العلاقات بين اسرائيل ودولة الإمارات قبل أيام موجة من ردود الأفعال المتناقضة بين مؤيدين لهذا الاتفاق الذي وصفه البعض بالاتفاق الذي كان تحت الطاولة منذ زمن بعيد، والآن صار فوقها، ومعارضين له، ولكل أسبابه.
   فالمؤيدون يقولون نحن جماعة الواقع، وكل كلام “برمي اسرائيل في البحر” لم يعد له أي معنى ودور.. وصار لزاماً على العرب التطبيع مع اسرائيل وإقرار مبدأ دولتين اسرائيلية وفلسطينية تتجاوران في الحدود والمصالح والاقتصاد.
   والفريق المعارض يرى عبث اي اتفاق مع اسرائيل و باعتبارها دولة مارقة، تأسست على انقاض أرض فلسطينية، واغتصبت هذه الارض بقوة السلاح والقتل والتدمير، وبالتالي لا يمكن لهذه الدولة أن تكون يوما ما جارة مسالمة يمكن العيش والتعايش معها، والقبول بها.
  الاتفاق الذي وصفه بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي المخضرم بأنه يدشن حقبة جديدة من العلاقات بين تل أبيب والعالم العربي.
   وأبرز نقاط هذا الاتفاق، تطبيع العلاقات الدبلوماسية بشكل كامل، وتبادل السفارات والسفراء، وإطلاق رحلات جوية مباشرة بين أبو ظبي وتل أبيب، والاستثمار المباشر للإمارات في إسرائيل، والاستثمار في قطاعات الطاقة والمياه والرعاية الصحية والثقافة والبيئة.
   بعيداً عن مواقف الدول، ومنها غريبة حقاً كموقف الرئيس التركي اردوغان الذي صرح يوم الجمعة 14 الجاري إن تركيا تفكر بإغلاق سفارتها في أبو ظبي وتعليق العلاقات الدبلوماسية مع الإمارات العربية المتحدة بسبب اتفاقها على تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وبالمقابل تركيا لديها أوثق العلاقات مع تل ابيب.
   لكن شريحة واسعة من الكرد وخاصة كرد غرب كوردستان حللوا وحرموا، وأفتوا كما العادة خصوصاً على صفحاتهم الشخصية ونسجوا العديد من المواقف واهتموا بها دون ان يكون ذلك مطلوباً منهم . 
كما أن العديد من الأصوات أجمع تقريباً على فتح أفضل العلاقات مع إسرائيل بدعوى أن العرب يتسابقون للتطبيع فما بالنا نتناغم مع طروحات بعض الفصائل الفلسطينية المحسوبة على إيران وتستخدمهم لمصالحها، وترى في إسرائيل كياناً عدوانياً عنصرياً قاتلاً!! ووجود العديد من الفصائل الأخرى المعتدلة التي تجد مصلحتها في التطبيع مع اسرائيل.
بتصوري، وبعيداً عن هذه المواقف السياسية المتناقضة وغير المسؤولة، يمكن القول إن الكيان الاسرائيلي لم يخدم يوماً الشعب الكوردي وقضيته التحررية، وفي كل ثوراتهم خصوصاً تلك التي قادها الخالد الملا مصطفى بارزاني والى الآن، وتجلى  ذلك بوضوح أثناء قرار الاستفتاء في جنوب كوردستان، وكان يمكن لإسرائيل ان تستخدم نفوذها في أمريكا وأوروبا  لإقناعهم وتقديم كل اشكال الدعم للرئيس مسعود بارزاني في مشروعه التحرري، ولم تتخذ الحكومة الاسرائيلية أي موقف لصالح الاستفتاء إذا لم يكن العكس، كما أنها لم تحرك ساكناً ازاء موقف واشنطن غض الطرف عن جريمة تنظيم الحشد الشعبي الإرهابي واحتلال كركوك ومناطق عديدة كانت في دائرة جغرافيا كوردستان . وان الحكومة الاسرائيلية لم تبدي أي موقف مساند للشعب السوري وثورته ولكل المظالم التي لحقت به خلال سنوات طويلة ولم تتخذ اي موقف واضح من قضية شعبنا في غرب  كوردستان من احتلال عفرين من قبل ما يسمى بالجيش الوطني السوري المدعوم من انقرة، وكذلك الأمر في سري كانييه وكري سبي ومن كل الجرائم والانتهاكات التي يتعرض له شعبنا الكردي في هذه المناطق.
   ماذا يمكن  لشعبنا الكوردي في غرب كوردستان أن يقدم من أجل تطبيع العلاقات مع إسرائيل؟ كل ما يمكن قوله ان شعبنا يعيش في سوريا، وله الحق مع باقي المكونات أن يدعموا السلام والاستقرار في المنطقة بعيداً عن منطق الحروب والنزاعات، وهذا يمكن الحديث عنه بعد ان يتم إنهاء الأزمة المستفحلة في سوريا وبناء سوريا كدولة تكون لكل السوريين، وعندها لكل حادث حديث. 
———– 
زاوية العدسة – جريدة كوردستان – العدد / 638

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…