عند استفحال فيروس كورونا…

 إبراهيم محمود
من خلال متابعتي لما يجري في العالم ” كورونياً “، أرى أن هناك تحدّياً رهيباً سوف يشهده العالم أجمع، وبنِسَب مختلفة. وهذا يدفع بي إلى القول بأن هناك مساريْن: مسار التصعيد والانتشار لفيروس كورونا حيث يصيب العالم أجمع، ودون استثناء، وفي الحالة هذه، سوف تكون الضحايا ما لا يمكن حصره ” ربما بالملايين ” وما في ذلك من تطبيق قانون الطبيعة، ضمن إطار ” البقاء للأقوى “، أو من يلقى عناية خاصة، وهذه تشكّل نسبة محدودة، في نطاق من سيلقون عناية مركَّزة عبر علاقات خاصة، وما في ذلك من تناقص لعدد السكان في العالم أجمع. ومسار المعالجة الطبية، وهوما يتمناه الجميع، وينتظره الجميع، أي تعطى اللقاحات للجميع، دون استثناء هذه المرة، وما يتطلبه ذلك من تكاليف، وإرهاق لميزانية الدول، حيث إن البشرين ستشهد نِسَباً من العوز والفاقة، تغيّر في نظام العلاقات بين الدول نفسها، وما في ذلك إعادة ترتيب للعلاقات بصيغة جديدة.
وليس هناك ما يخفّف من وطأة المخاوف، في انتظار العلاج المناسب، إذ إن كل ما قيل عن علاج محتمل ” لقاح الملاريا- التهاب الرئة، مثلاً “، ليس واعداً بصيغته حتى الآن، حيث إنه يستحيل طبياً معالجة وباء مسبّبه فيروس ” كائن مجهري إلى أبعد الحدود “، من لقاح معالج وباء مسبّبه جرثومي، مثلاً، وهذا يتطلب النظر المخبري، مع إجراء تجارب سريرية  أو ” كلينيكية “، في زمن معلوم، وعدد كاف، يقيم روابط بين مجموعة أوبئة وأدويتها، وما إذا كان هناك دواء/ لقاح مركَّب، ومع مراعاة مركَّزة لطبيعة فيروس كورونا ذي القدرة الهائلة في التحول والانقسام، وإلا لأمكن ضبطه، وحصره، وإيجاد الدواء المناسب له، فيكون لدينا تحد صيني، أميركي، إيطالي، ألماني، إسباني، إيراني، جهة الفيروس، من خلال ما هو مثار عن طبيعة لاطبيعة هذا الفيروس الهائل المجهرية، أي القادر على الإصابة أو العدوى، جرّاء مجهريته غير المسبوقة، وهو ما يعقّد التعامل معه، باعتماد أجهزة شديدة الدقة ” ميتا مجهرية: ذكية صناعياً “…
ودون أن ننسى، أن استمرار فيروس كورونا في الانتشار، مع تزايد ضغوط من الجهات المختصة بملازمة البيوت، وبالتوازي مع تنامي مظاهر الجوع والبلبلة، يؤدي إلى انفجارات اجتماعية، وربما صِدامات دموية، ولن تستطيع أي آلة سلطوية مهما أعطِيتْ جبروتاً صد النفوس اليائسة، والأفواه الجائعة، ومن قبل مئات الألوف من العائلات هنا وهناك، وهي تخرج إلى الشارع تحت وطأة شعورها بالقهر والهدر الاجتماعيين وطغيان الجوع بالمقابل، ومن لهم صلة به كذلك، حيث إن النصائح أو الإرشادات حينها لن تلقى آذاناً صاغية طبعاً. وهذا ما ينبغي أن تأخذ به الدول والحكومات علماً، ومنذ الآن. أي ما يجعل من جائحة الجوع بتداعياته الاجتماعية، أكثر عنفاً وتدميراً من جائحة كورونا.
هذا ليس تهديداً، وإنما التصور المحتمل والمفترض لما يمكن أن يحصل، أو ما ينبغي على الحكومات والدول، وضْعه في حسابها ، كما تقدَّم قوله!

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…

نظام مير محمدي* عادةً ما تواجه الأنظمة الديكتاتورية في مراحلها الأخيرة سلسلةً من الأزمات المعقدة والمتنوعة. هذه الأزمات، الناجمة عن عقود من القمع والفساد المنهجي وسوء الإدارة الاقتصادية والعزلة الدولية، تؤدي إلى تفاقم المشكلات بدلاً من حلها. وكل قرارٍ يتخذ لحل مشكلة ما يؤدي إلى نشوء أزمات جديدة أو يزيد من حدة الأزمات القائمة. وهكذا يغرق النظام في دائرة…