رسائل كورونا للبشر .. كفى هرولة أيها الانسان

صالح جعفر
المرحلة التي وصلت اليها البشرية اليوم هي اعقد وأصعب مرحلة من تاريخها الطويل الحافل بالأحداث و التطورات بشقيها الإيجابي و السلبي.
لاكن اهم ما يميز هذه المرحلة هو النمو السريع في كافة القطاعات و المجالات.
هذه السرعة أنتجت الكثير من التطور و التقدم في جميع المجالات مما ادخلت الانسان في تنافس شديد لإنتاج الأحدث و الافضل و بالتالي التنافس للبحث عن السوق لبيعة و تحقيق الربح السريع للاستمرار في هذا التنافس المرعب .
هذه العملية جرٓت البشرية الى صراعات و حروب و تنافس افضت بحياة الملايين من البشر و سببت آلام و كوارث و لا زالت مستمرة .
و الأهم من كل هذا هو انعكاس ذالك على أخلاقيات الانسان و حاجاته و طريقة عيشه و كل تصرفاته في الحياة اليومية العادية .
لكي تواكب هذا التسارع و تعيش أجوائه لابد ان تملك مسلتلزمات العصر كمنزل جيد، سيارة جميلة، هاتف جديد، البسةواحذية جديدة للماركات المشهورة و التلذذ بتناول الطعام في المطاعم ،الذهاب للسياحة،و من ثم اقتناء الأشياء الثمينة كالسيارات الغالية و الفيلات و اليختات و الساعات و الذهب من قبل الطبقات الغنية .
و لكي تحصل على هذا لا بد من توفير المال اللازم لذاك و هذا يتطلب العمل الطويل و الصعب و احيانا الشاق لتسديد ثمن ما يجب ان تملكه و هذا ما جعل الانسان يعيش تحت ظروف عمل قاسية و طويلة وصلت الى سبعة ايام في الأسبوع .
دون ان يشعر الانسان بدأ يبتعد عن المجتمع و تنقطع علاقاته الاجتماعية و يبدا باللانزواء و يصبح اسير العمل فقط و يبدا يعيش التعب و الضيق و القلق و التوتر و الإرهاق و التشنج و يقع في هذا الدوامة و لا يستطيع الخروج منها ويعيش كحال المدمن الذي لا يسطيع التخلص من الإدمان .
في ذل هذه المعمعة و التعب و الإرهاق أتت كورونا كمخلٓص و منقذ للإنسان وقالت له :
انت أيها الانسان لا تستطيع التوقف عن هذه الهرولة و لا تستطيع ترك هذا الإدمان، انت ضائع،أصبحت آلة، ابتعدت عن إنسانيتك، مجبر للاستمرار ، النصائح بالتوقف لا تفيدك، لا بد من قوة تجبرك لترك هذه الهرولة و الجلوس في البيت و التأمل بما جرى لك، لتعود الى حالتك الطبيعية و تعيش بهدوء و طمأنينة بعيدا عن التضحية بنفسك لمواكبة الاستحواذ على مستلزمات الحياة المفروضة عليك .
لذالك اتيت انا، لارعبك و ان لم تلتزم لأمري سأطلق عليك طلقة الرحمة و اريٓحك من هذه الهرولة المميتة .
نعم هذه هي كورونا اجبرت الانسان للتوقف عن هذا السباق المميت و الجلوس في البيت للتأمل بما حدث له و التفكير بحاله و التفرغ لنفسه و استرجاع نفسه كإنسان و التفكير بتنظيم حياته بشكل افضل.
كان لا بد من كورونا لتنبيهنا و استيقاظنا من ما كنّا نعيشه دون ان ندري !
لنستخلص الدروس و العبر من هذه التجربة الجديدة و التي اشببها بتجربة الاعتقال و السجن التي عشتها واستفدت منها كثيرا و ها هي كورونا تذكرني مجددا بان أستفيد اكثر و انظم حياتي بشكل افضل . رسالة كورونا وصلت و العبرة ان نفهمها و نستفيد منها .
29-03-2020

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم كابان تحليل لمعادلات القوة الجديدة في سوريا ما بعد الثورة لم تكن دمشق يوماً ساحة صراع بسيطة أو قابلة للتفسير بخطوط مستقيمة. لكن، بعد الثورة السورية وانهيار البنية المركزية للنظام القديم، بدأت البلاد تتشكل من جديد عبر قوى غير تقليدية تفرض سيطرتها من خلف الكواليس. في هذا السياق، يظهر “أبو دجانة” كرمز للدولة العميقة الجديدة — دولة المجاهدين…

فرحان كلش   سيكون مكرراً، إن قلنا أن الكرد في حاجة ماسة إلى وحدة الكلمة، وحدة الموقف، وحدة الخطاب، وحدة الحوار مع دمشق. في هذا الفضاء المقلق بالنسبة للشعب الكردي، تمر الأحداث سريعة، و الساسة الكرد في وضع قاصر، لا يستطيعون مواكبة التطورات المتلاحقة، لذلك يشعر الإنسان الكردي بأن الحل خارجي صرف، لأنه لا يبصر حملة راية النضال الكردي ينتهزون…

ريزان شيخموس مع صدور “الإعلان الدستوري” في سوريا بتاريخ 13 آذار/مارس 2025، رُوّج له على أنه نقطة انطلاق نحو دولة جديدة، ودستور مؤقت يقود مرحلة انتقالية تُخرج البلاد من أزمتها العميقة. لكنه بالنسبة لي، كمواطن كردي عايش التهميش لعقود، لا يمكن قبوله بهذه البساطة. الإعلان يعيد إنتاج منطق الإقصاء والاحتكار السياسي، ويطرح رؤية أحادية لسوريا المستقبل، تفتقر للاعتراف…

حواس محمود   إقليم كوردستان كتجربة فيدرالية حديثة العهد في العراق وفي المنطقة، ومع النمو المتزايد في مستويات البنى التحتية من عمران وشركات ومؤسسات إقتصادية وثقافية وإجتماعية، هذا الأقليم الآن بحاجة الى الإنفتاح على العوالم المحيطة به، والعوالم الأخرى على مستوى كوكبي عالمي كبير. فبعد المخاضات الصعبة والعسيرة التي خاضها الشعب الكوردي في كوردستان العراق من أنفال وكيمياوات وحلبجة ومقابر…