العرب ….. و فوبيا الكورد.. رد على مقال «الكورد … و مرض عقدة الإضطهاد» لأياد شربجي

حزني كدو
كتب الصحفي السوري المعارض أياد شربجي مقالة إدعى فيها الدفاع عن حقوق الكورد ورد المظالم وضرورة إيجاد حلول لمشاكلهم، وفي نفس الوقت إتهم الكورد بالتهجم على العرب عند كل شاردة و واردة، وبالاستعداء للعرب وتصويرهم بمخلوقات عنصرية وشوفينية لا يمكن التعايش معهم، كما هاجم فيها الكورد وإتهمهم باشياء ومغالطات سياسية واجتماعية لزم الرد عليه في امورا عديدة مهمة .
– إن هذ الكلام لا يستند الى حقائق و مبالغ فيه، والدليل التعايش مع العرب وإنشاء علاقات قوية معهم وحتى تحالفات سياسية ، وشعار الكورد قديما (هربجي كورد عرب رمز النضال الذي غناه الفنان العراقي أحمد خليل ) وشعار كورد سوريا “عاشت الأخوة العربية الكوردية ” (والتي بسببه اعتقل عشرات الكورد السوريين وحكم عليهم بعشرات السنين ) ليس وليد اليوم أو الصدفة ، بل إمتداد لعلاقة تاريخية قديمة وحديثة ، وكذلك وجود الكائنات العربية الدخيلة (الغمر ) وعدم التصادم معهم ، بل التصاهر معهم خير دليل على التعايش السلمي الأخوي . 
أما إتهام العرب بالعنصريين فهو مرده الى الاعمال والتصرفات السيئة من قبل الكثير من مدراء الدوائر العرب تجاه الكورد ، وإنكارهم لحقوق الكورد بكافة أوجهها وعلى الصعيد الإجتماعي والثقافي و حتى المعيشي حيث كانوا يفصلون ا لطلبة والموظفين الكورد من كل شيء ويلصقون بهم التهم جزافا ، ناهيك عن التعامل الحكومي الرسمي معهم.
– يقول شربجي ان ما جرى من مظالم في المناطق العربية اكبر بكثير مما جرى للكورد ، وهو يقارن بين ما جرى في حماة 1982 وفي المناطق الكوردية و هذه مغالطة كبيرة ، فما جرى من ظلم في حماة كان صراعا على السلطة بين الاخوان المسلمين و حزب البعث جناح العراق و بين حافظ الاسد وحزب البعث الجناح السوري، وما جرى من مجازر في حماة لم تكن ضمن سياسة أو منهج مخطط له مسبقا انما كان رد فعل على ما إرتكبه تنظيم الاخوان المسلمين انذاك ، ثم انه لم يحرم ابناء حماة او حلب او ادلب من حقوق المواطنة اواللغة ولم ينتزع النظام أراضيهم ويوزعها على الكورد ، بينما ما جرى للكورد في سوريا كان تغييرا ديموغرافيا ومخططأ سياسيا عنصريا خطط له المقبور محمد طلب هلال وقيادة حزب البعث ومن قبلهم المكتب الثاني وبموجب مراسيم تشريعيةعنصرية و شوفينية ملتوية وتحت مسميات باطلة تم تطبيق الحزام العربي والفصل بين اكراد الشمال والجنوب واستقدام قبائل عربية بحجة الغمر واستيطانها في اراض الكورد وطرد الفلاحين الكورد من اراضيهم ، ثم الإحصاء الاستثنائي والذي بموجبه سحبت الجنسية من اعداد غفيرة من الكورد بالاضافة الى حرمان الالاف من الجنسية السورية ، كذلك حرمان الكورد من لغتهم الأم وتهميشهم وإقصاءهم من الحياة السياسية السورية العامة.
– يتهم شربجي الكورد واحزابهم بالانفصال عن سوريا وهذا يدل عن عدم المامه بالحالة السياسية الكوردية السورية قبل الثورة وبعدها . الخطاب الكوردي قبل الثورة (حقوق ثقافية واجتماعية ، وبعد الثورة المطالبة بالاعتراف الدستوري بوجود القومية الكوردية ضمن الوطن السوري الواحد ) ولا يوجد حزب كوردي واحد يطالب بالانفصال، واكثر المطالب المتطرفة تطالب بالفيدرالية ضمن الوطن السوري الواحد.
– يتهم شربجي الكورد بانهم لم ينددوا بما جرى من مظالم في 1982 في حماة ، وبالرغم من كل ما جرى لحماة من مظالم فإنها لم تطالب بالانفصال ، وهنا لا يوجد وجه للتشابه بين ما حدث في حماة وما حدث في المناطق الكوردية منذ 1963 الى 2004 والى يومنا هذا من حيث القومية والجغرافيا ، وحتى في 2004 بدلا من يقف العرب مع الكورد و مع حقوقهم قام الكثير من العرب بنهب وحرق ممتلكات الكورد واتهمهم معظم العرب، (ثواراليوم ) بالانفصاليين من دون اي دليل يذكر. واما اتهامه بان الكورد فضلوا قوميتهم على سوريتهم فتاريخ الكورد الحديث والقديم خير دليل على ضحالة الاتهام .
– يتهم شربجي الكورد بانهم سبب فشل معظم مؤتمرات المعارضة السورية وهذا ايضا مغالطة وبهتان، فالمعارضة الخارجية تحت سيطرة الاخوان المسلمين لم تتفاهم مع معارضة الداخل من هيئة التنسيق او تيار بناء الدولة السورية وكذلك مع مطالب المجلس الوطني الكوردي السوري الذي اراد ان يعكس المجلس السوري او الإئتلاف نظرته الثورية على الارض ويعترف بحقوق الكورد .
– يطالب شربجي الكورد بتأجيل مطالبهم الى ما بعد سقوط النظام ، وهذا حق يراد به باطل ، فكيف لا تقبل بالأخر وانت في مرحلة الثورة ، وبهذا الضعف و تقبل به بعد نجاح الثورة ، ثم ان للكورد ذاكرة نشطة وتاريخ يشهد بنكث القادة لوعودهم وعهودهم وإتفاقياتهم مع الكورد وخير مثال إتفاقية 1970 بين البارزاني الخالد وصدام حسين وقبله اتفاقية لوزان بين تركيا والكورد وكذلك اتفاقية 1975 بين شاه ايران و صدام ، وهيهات أن يلدغ الكورد من نفس الجحر مرة ثانية. كما يتأسف و يندم شربجي على رفع العلم الكوردي في المناطق العربية ومن ثم يغالط نفسه ثانية عندما يطالب الكورد بوحدة المصير ويتهم شبيحة الكورد بمقتل الشهيد مشعل التمو وهذا بهتان وظلم .
– يتهم شربجي بان مشاركة الكورد في الثورة أنكفأت وبقيت فقط لرفع العلم الكوردي وهذا ايضا مناف للواقع والحقيقة ونسي بان عدم اعتراف المعارضة بمطالب الكورد الواقعية والموضوعية وإنحراف الثورة عن مسارها لغايات اخرى مذهبية ودينية واصولية وتدمير البلد ، ونقل الصراع الى مناطق الكورد بدون مبرر وذبح الناس و قطع الرؤوس جعل السوريين يعيدون حساباتهم، ومع ذلك بقي الكورد مع الثورة السلمية التي خرج من اجلها جل السوريين ولا يزالون .
– يتهم شربجي الكورد بانهم قفزوا فوق دماء السوريين ، واصبح هم الكورد إالغاء كلمة العربية من اسم الجمهورية العربية السورية ، ثم يمضي بان هذا موضوع حساس ولا يمكن ان يتم الا عبر توافق سوري ، ولكن اريد ان يعرف السيد شربجي بان اسم سوريا كانت ( الجمهورية السورية ) قبل مجي القوميين العرب وحزب البعث الشوفيني ، وهذا الاسم (الجمهورية السورية) اكبر واشمل لجميع المكونات السورية العرقية والاثنية ولم يحدث تحت هذا الاسم أية مجازر للشعب السوري والكوردي .
– يحاول شربجي استغلال الجانب العاطفي واللعب على الوتر الحزبي الكوردي عندما يطالب الكورد بالوقوف بوجه ب ي د ليس من اجل اضطهاد العرب فحسب ، بل من اجل الدفاع عن الكورد الذين يضطهدهم ب ي د وهذا ايضا حق يراد به باطل ، وتهمة باطلة و خاصة مع الأخوة العرب ، واهل مكة أدرى بشعابها .
يتهم شربجي بانه حتى المثقفين الكورد لم يألوا جهدا في تأزيم الوضع والأحداث وأتى على بوست علي فرزات وكيف فسرها هو بشكل ، بينما فسرها الكورد بانهم المقصودين ، وشنوا هجوما لاذعا عليه ، ولقد صدق حدس الكورد ، لان فرزات بدلا من ان يعتذر أو يوضح قصده ،هاجم الكورد في احد اهم رمز من رموزهم وبطريقة تخلو من الادب والاخلاق.
– يكشف شربجي عن مزيد ما بداخله عندما يحرم على الكورد حتى احلامهم في إنشاء دولتهم ويشير بان الكورد اصبحوا يعلنون عن حلمهم وبتشجيع ومساعدة من اربيل ( عصبيته لا تقبل ان يقول كردستان العراق، أو هولير ) وايران وسوريا وعرابها صالح مسلم ينفذون مخططا كبيرا .. ثم يسأل هل هذا في مصلحة الكورد ؟ فيا للعجب حتى الحلم أصبح ممنوعا على الكوردي ! أليس من حق اي انسان ان يحلم .؟ الم تحلم بالوحدة العربية ياسيد شربجي ؟ اليس هذا حلم كل عربي ؟
– ويمضي الاستاذ شربجي ويقارن وبطريقة مواربة و مغلوطة بين العلم الكوردي الذي هو علم الملايين من الكورد الذين ضحوا بانهار من الدماء من اجله واعلام ( داعش ) حسب فهمه والفرق كبير، فالكورد قومية ثانية في سوريا ومن حق هذه القومية ان يكون لها علم بجانب العلم السوري الموحد ، بينما اعلام داعش ( الكتائب الظلامية ) فهي أعلام لا اساس لها وانما عبارة عن اعلام عاطفية لجماعات يراد به الفئوية والمذهبية او اجندات معينة وقتية .ثم يمضي شربجي ويقول بان السوريين سيعيدون الى اصلهم في دولة حرة مدنية من دون ان يوضح ماهية هذه الدولة أو وضع الكورد فيها.
– وفي الختام يتحفنا السيد شربجي بتفهمه للتشدد القومي الكوردي ثم يقع في المغالطة عندما يشبهها بالبداوة وبالعشائرية والاسلامية و المناطقية ، فماذا سنسمي تشبثه في أول المقال بقوميته العربية ؟ ومن ثم يسمو بنفسه ويرقى الى ثقافة الطرف المتحضر في القرن الحادي والعشرين الذي يحقق المواطنة لكل شعوبها وقومياتها، ثم يذكرنا بحال الكورد قبل البعث وبرجالات الدولة من الكورد السوريين وبان الكورد وقتها لم يعرفوا انفسهم سوى سوريين ، ثم يضيف لماذا لا نتخذ سويسرا وماليزيا وامريكا مثالا ونجعل من الكل مجتمعات قوية وفعالة. وهنا نقول للسيد شربجي هل طلب الكورد مطالب اكبر من هذه الخاتمة التي اتحفتنا بها ؟ هل الفيدرالية التي يطالب بها بعض المتطرفيين الكورد كما تسميهم اكبر من هذه الخاتمة ؟ هل طلب المجلس الوطني الكوردي “الإعتراف الدستوري بالشعب الكوردي ” اكبر من طلبك ان كنت صادقا ،أما ان تتهمنا باننا تركنا النظام وركضنا وراء الغنائم ، فهذه ايضا تهمة باطلة ، فنحن الكورد لسنا داعش ،ولا أصحاب بيارق سود أو خضر، ولا نركض وراء الغنائم ، إلا اذا كنت تعتبر حقوقنا القومية غنائم تباع وتشترى.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…