الحركة التحررية الكوردية وتحديات المرحلة

محمود الملا

لانذيع هنا سراً إذا قلنا, أن الحركة
التحررية الكوردية في هذه الأيام تمر بظروف صعبة, بالغة التعقيد والخطورة, ترسم
حولها خطط جهنمية, وتحاك ضدها بكل وضوح المؤامرات الدنيئة, بغية خنقها والقضاء على
التطلعات والطموحات المشروعة لأبناء شعبنا الكوردي.
وتواجه الحركة اليوم, وخلال
مسيرتها النضالية تحديات كبيرة يمكن اختزالها في نوعين من التحديات, تحديات داخلية,
وأخرى خارجية, هذا ولما كانت الحركة التحررية الكوردية في كل جزء من أجزاء كوردستان
الأربعة لها طابعها الخاص, وتملك كل واحدة منها استراتيجية خاصة بها, على المستويين
الوطني والكوردستاني,
 فأن استمرار حالات الانشقاق والتشرزم غير المبرر بأي شكل من الأشكال في الوسط
الكوردستاني, تعود بالدرجة الأولى على مجمل الحركة بالضعف والهزل, وعواقب وخيمة لا
تحمد عقباها, وهنا تُطلب من الحركة الكوردية الوقوف بكل جرأة وحزم, وتشخيص مواطن
القصور الذاتي.
إن بناء مرجعية كوردية أو اي أطر من الإطارات التي تجمع قدرات
وطاقات شعبنا الكوردي في هذه المرحلة المصيرية, تعتبر مهمة عاجلة, لا تقبل التأجيل
والاستمرار في جدالات بيزنطية لا طائل منها, وكما أن عقد مؤتمر قومي كوردستاني,
والذي ترنو إليه أبصار الجماهير الكوردية في كل مكان, وتتطلع الى تحقيقه بكل شغف,
ينبغي أن تسبقه بناء جسور الثقة والاطمئنان, بين الأطراف, والقوى السياسية وتنقية
الأجواء في كل جزء من أجزاء كوردستان, لقد ولى زمن الحزب الواحد, والقبول بهيمنة
الجزء الأكبر, وعلى الأحزاب والقوى الكوردستانية, أن تعي هذه الحقيقة بكل روية
ومسؤولية, كون المرحلة تغلب عليها سمة التوافق والتشارك.
 وإزاء هذه المخاطر
والمعضلات, التي تواجه الحركة الكوردية, على الصعيد الداخلي, فإن الحركة ليست بمنأى
عن تحديات خارجية كبيرة, ويأتي في هذا السياق, تكالب القوى الظلامية والتكفيرية,
متمثلة بالقطعان الغاشية البرابرة, التابعين لمى يسمى بالدولة الإسلامية في الشام
والعراق “داعش” وفتحهم جبهات حرب شديدة في جنوب وغرب كوردستان, بدعم ومساندة
واضحين, من دول إقليمية معروفة, وإزاء هذه الحرب الهمجية الشرسة, والتي تخوضها داعش
ضد أبناء شعبنا الكوردي, فقد تشرد مئات الألاف من القرى والمدن من المناطق
الكوردية, وأصبحوا لاجئين في الشتات, وتم نهب وسرقة جميع ممتلكاتهم من قبل
الداعشيين وأنصارهم, أن أجواء من البؤس والفقر الواضح, بدأت تخيم على أبناء شعبنا
في المناطق الكوردية. وها هي المجاعة تكشر عن أنيابها, وتغزو المناطق بدون رحمة,
هذا اتجاه هذا الواقع, فإن الحركة التحررية والكوردية مدعوة اليوم الى إعادة
حساباتها من جديد والتعامل مع المتغيرات الدولية بكل حذر ومسؤولية, إن تعامل
التحالف الدولي ضد الإرهاب مع الكورد واعتبارهم جزءاً من التحالف لهو انتصار هام
وجديد للقضية الكوردية, ومكسب فريد يجب استثماره والحفاظ عليه, بحنكة سياسية, وهنا
لا يخفى على أحد, أن أولى ثمار هذا التعامل كان وقوف قوى التحالف الدولي, إلى جانب
الكورد في حربهم ضد الدواعش حيث كانت طائرات التحالف, تدك أوكار الغزاة والمرتزقة
جيئة وذهاباً, وهكذا تكللت الجهود المضنية, والتي بذلتها الحركة التحررية الكوردية,
وتحديداً شخص الرئيس مسعود البارزاني, بتحرير كوباني وجبل شنكال من رجس الطغاة
الأوباش.
 وهنا نعود ونكرر من جديد, إن ترتيب البيت الكوردي, وتحسين العلاقات مع
المجتمع الدولي, وخاصة الدول صاحبة القرار, تأتي في رأس قائمة الأولويات للحركة
التحررية الكوردية وهي الضمانة الوحيدة لإيصال سفينة شعبنا وسط الأمواج المتلاطمة
إلى شاطئ الأمن والسلام والحرية.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…