إزاحة نظام بشار وتفكيك بنيته العسكرية والأمنية هو الضمان لأي حق كوردي !

طه الحامد
مهما أرتفع منسوب الأمل عندي
بفضل الإنتصارات العسكرية على العصابات الإرهابية سيبقى وجود بشار الأسد ومنظومته
الأمنية والعسكرية وبنية الدولة البعثية الخطر الأكثر تعقيداً على مستقبل
الديمقراطية و مستقبل الشعب الكوردي بشكل خاص .
هذا النظام الموغل في الخديعة
والإجرام والعقل الإستخباراتي رغم خوضه حربا ضروس منذ خمسة سنوات مازال متماسكاً و
إن خسر بعض المناطق فإنها من وجهة نظري لم تكن خسارة عسكرية بقدر ماهي كانت ضمن
مخطط عالي التقنية نجح من خلاله في تشتيت قوى التغيير الحقيقية وترك المجال لقوى
الإرهاب تتمدد وتمارس عنفاً وهمجية جعلت غالبية الناس يترحمون على أيامه الخوالي ,
و بلعت غالبية المعارضة السورية الطعم لدرجة تبنيها لجبهة النصرة وأشرار الشام
وداعش وغيرها من الجماعات الظلامية كحامل لمشروع التغيير , وهذا كان الهدف الأساسي
منذ اليوم الأول لمنظري ومخططي سياسة النظام …
الهدف كان الوصول إلى القناعة التالية وهي : لا توجد حركة شعبية ديمقراطية مناهضة
للإستبداد إنما مجرد عصابات إرهابية تريد السلطة وإقامة الخلافة الإسلامية !
من
حيث الشكل والممارسة هي أصبحت كذلك على الأرض وإلا كيف نفسر إصطفاف الليبراليين
واليساريين والعلمانيين في المعارضة إلى جانب هؤلاء الإرهابيين ؟
على الصعيد
الكوردي إستطاع النظام إشغالهم بمحاربة داعش وجبهة النصرة وبقية الإذرع الإرهابية
للإعتلاف من خلال الإنسحابات الممنهجة من مناطق وقواعد عسكرية وتركها بما فيها من
ذخيرة ومعدات حربية .
ولأنه كان يدرك إن ترك اليد الكوردية وتمدد قواتهم
العسكرية سيستفز النظام التركي ويدفعه لمحاربة الكورد بدلا عنه , لهذا لم يعيق تمدد
وحدات حماية الشعب وذلك بقصد إخراجهم من دائرة الحرب المباشرة معه , وعلى موازاة
ذلك حافظ بشار الأسد على قواه المتمثلة بالكتلة البشرية العربية الموالية له سواء
ضمناً أو علناً من العشائر والفصائل البعثية إضافة لمربعاته الأمنية في المناطق
الكوردية كخلايا يقظة ومتفرجة حين الطلب , بحيث لم تمس إقتصادياً و سياسياً وأمنياً
وعسكرياً بأي سوء على عكس الكتلة البشرية الكوردية التي خسرت بسبب الهجرة أعداداً
كبيرة ومخيفة وتدمر الإقتصاد الكوردي المحلي .
أما على صعيد الإدارات والمديريات
والوظائف الكبيرة في مؤسسات الدولة الرسمية في مقاطعتي الجزيرة وعفرين بقيت أغلبها
في يد رجالات النظام دون المساس بها , حتى تماثيل والده وصوره في المؤسسات التابعة
للدولة بقيت وكأنه الحاكم الأصلي رغم غياب سلطته الظاهرية .
ودليلي إن النظام
وبقاء مؤسسته الأمنية والعسكرية هو الخطر الماحق على الكورد هو إن النظام وخطابه
ومواقفه رغم كل ماحصل مازال هو كما كان في عهد حافظ اسد لم يتغير ولم يبادر بأي
خطوة دستورية جدية لحل القضية الكوردية وبقيت مواقفه في اطار العلاقات العامة
والكلام العاطفي الذي لم يمس جوهر القضية كقضية قومية وكقضية شعب .
بالتأكيد لن
يستطيع النظام العودة كما كان سابقاً ولكنه لن يكون الداعم المرتقب للكورد في أي
صفقة مرتقبة وإن عاد وتصالح مع المعارضة سيكون الكورد الرقم الأول في جدول أعماله
القمعية والعنفية .
هذا الرأي يبقى صالحاً فقط في حالة واحدة …وهي توقف الحرب
دون ضمانات دولية لحقوق الكورد و خاصة عندما تزيح القوى العظمى يدها عن دعم الكورد
بعد التخلص من الإرهابيين والتخلي عن تغيير حدود سايكس بيكو وإقامة دولة كوردية في
غربي وجنوب كوردستان كما تروّج له مؤسسات دولية !
المراهنة على القوة العسكرية
لوحدات حماية الشعب ليس كافياً مطلقاً عندما يغيب الغطاء الدولي وخطوط الإمداد عنهم
, وخاصة كما أسلفت الخسارة البشرية الرهيبة التي حصلت نتيجة الهجرة سيكون لها دورا
سلبيا في انقلاب موازين القوى عندما يعيد النظام ومعه المعارضة أنفاسهما لا سمح
الله !!

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…