هل بات توحيد الصف الكوردي نوعاً من أحلام اليقظة

محمود الملا

كثرت الأحاديث في السنوات الأخيرة وما تزال
حول دعوة الأحزاب والقوى السياسية الكوردية, الى التآلف والتقارب, ونبذ الخلافات
الجانبية وتوحيد الصفوف, في هذه المرحلة المفصلية والمصيرية, من تاريخ شعبنا
الكوردي.
 بهذا الخصوص, فقد انبثق عن الحوارات واللقاءات المتتالية بين تلك
الأحزاب والقوى السياسية, في ذلك الوقت أطر عدة وبأسماء ومسميات متنوعة, كالتحالف
الديمقراطي الكوردي, والجبهة الديمقراطية الكوردية… الخ. 
هذا وبالنظر إلى عدم تهيئة الأجواء والمناخات المناسبة لقيام هذه الأطر وتشكيلها
على قاعدة الفعل ورد الفعل, فقد شاهدنا أن هذه الأطر المتشكلة قد تعثرت في مسيرتها
ولم تعمر طويلاً وبات رفيق الأمس عدو اليوم, هذا وعلى أثر قيام الثورة السورية,
وخروج الألاف من أبناء شعبنا الكردي, في مسيرات جماهيرية ضخمة, تشق اصواتهم عنان
السماء, هاتفين بإسقاط النظام وجميع مرتكزاته, وبناء سورية اتحادية علمانية
ديمقراطية, ازاء هذه التطورات الدراماتيكية المتسارعة, والتي ظهرت على الساحة
السياسية في سوريا, نادت عدد من الأحزاب الرئيسية الكوردية, الى فتح حوار وطني
كوردي شامل, تمخض عنه ولادة المجلس الوطني الكوردي, والذي تمثل فيه غالبية الاحزاب
الكوردية والقوى السياسية الأخرى من تنسيقيات شبابية ومستقلين ومنظمات المرأة
وبالرغم من الدسائس والانتكاسات التي واجهت المجلس الوطني الكوردي وخروج أطراف
وجماعات من عضويتها ومحاولات البعض الأخر ضرب المجلس من الداخل, إلا ان المجلس, لا
يزال يحتفظ بحيويته, ويعتبر الوجه الناصع للحركة الوطنية الكوردية, ويملك رصيداً
جماهيرياً كبيراً لا يستهان به, هذا ومن جهة اخرى, برزت على الساحة, تكتل أخر باسم
مجلس شعب غربي كوردستان تضم (PYD) وملحقاتها, وقد حمل في الآونة الأخيرة اسم حركة
المجتمع الديمقراطي  (TEV- DEM) وجرت عدة لقاءات بين المجلسين في كوردستان العراق,
وتولدت عنها الهيئة الكوردية العليا وعلى الرغم من مباركة الجماهير لهذه الخطوة,
إلا ان الهيئة ظلت جسداً بلا روح.
عم الشارع الكوردي تحركات جماهيرية كبيرة
تطالب كل من المجلس الوطني الكوردي في سوريا وحركة المجتمع الديمقراطي بعقد لقاءات
للتباحث في كيفية بناء مرجعية كوردية وتكللت النداءات والدعوات الجماهيرية بالنجاح,
وبجهود مباركة من رئاسة اقليم كوردستان, دخل الطرفان في حوار ودي جاد, وظهر هولير1
وهولير2 لكنها لم تترجم الى فعل ملموس على أرض الواقع وبقيت جميع بنود الاتفاقيتين
في ثلاجة بدون حراك, هذا ومن منطلق قومي صادق وحرص تام على مصالح الشعب الكوردي,
وجه الرئيس المناضل مسعود البارزاني دعوة أخرى الى طرفي الحركة للالتقاء في إقليم
كوردستان وتوج هذا اللقاء باتفاقية (دهوك وملحقها) ومن المؤسف أن التعامل مع هذه
الاتفاقية, لم تختلف عن سابقاتها, وكانت الطامة الكبرى, ماجرى في كارثة انفجار
الحسكة, واجراءات دفن الشهداء. هذا وعوداً على بدء فإن توحيد الصف الكوردي, لا يعد
من المستحيلات وذلك إذا تركنا التخندق الحزبي الضيق, وهنا نتوجه الى ( tev dem )
وبشكل أخوي, بعيداً عن الحساسية المفرطة, بأن الكرة أصبحت في مرماها, كونها سلطة
الأمر الواقع, في اغلب المناطق الكوردية, وإن إقدامها على أية خطوة أو بادرة وطنية
إيجابية, من شأنها إعادة الثقة وضع العربة على السكة الصحيحة لايعد تنازلاً أو
استسلاماً, بل تسجيلاً حياً لموقف تاريخي نبيل ستتذكره الأجيال الكوردية, بكل تقدير
واحترام.
 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…