فِيْ حَقِيقَةِ نَفِيِّ كُوُرْدِسْتَانِ سُورِيةَ – رَدٌ هَاْدِئٌ عَلَىَ اُكْذُوبَةِ سُلَيِمَانْ يُوسُّفً

اكرم حسين

في ملحمة درويشي عفدي
وعدولة، التي تعود احداثها للقرن السابع عشر، تخبرنا الاغنيةعن قصة حب بين درويش
عفدي وعدولة اخت تمر باشا المللي الكوردي الذي حاول الاستقلال بامارته عن الدولة
العثمانية حيث كانت تمتد امارته من ارزروم الى بير جيلك جنوبا ومن جبل عبد العزيز
(جياي كزوان) شرقا الى جبل سنجار في الجنوب الشرقي وشمالا الى جزيرة بوتان وديار
بكر وكانت ويران شهر عاصمة الامارة، الامر الذي يؤكد كوردية الاراضي التي تسمى
اليوم في الادبيات السياسية بكوردستان سورية ، رغم كل عمليات الصهر والتهجير
ومحاولات تغيير التركيب الديمغرافي ، لذلك لن اناقش ولن استعرض الدراسات التي تؤكد
تاريخية كورديتها فقد اورد بعضا منها الصديق حسن اسماعيل في رده على الكاتب الاشوري
سليمان يوسف في اعتباره مقولة كوردستان سوريا مجرد اكذوبة لا وجود لها في الواقع ،
لكن ساناقش الموضوع بطريقة اخرى قد لا تعجب البعض لكنها مجرد محاولة لقول شيء كوردي
يجب ان يقال بعيدا عن كل ماتم الاعتياد عليه من كتابة ،
 واقول لسليمان يوسف كلما احترمت خيارات الكورد وثقافتهم استطعت ان تكون قريبا منهم
وسيسمع صوتك لديهم، وسيحترم الكورد ثقافتك وخياراتك المستقبلية، لان احترام الاخر
والانفتاح عليه هو شرط “للتبادلية” والتفاعل بين الثقافات المختلفة فعبارة كوردستان
سوريا لا ينفي عنها سوريتها بل العكس هو توكيد على سورية الاقليم الكوردي ، لان
الكورد قُسِّمُوا في سايكس بيكو وتوزعوا بين تركيا والعراق وسوريا وما دامت سوريا
قائمة بحدودها ، فان انفصال الكورد سيكون ضربا من الاستحالة، وما يجري اليوم لا يخص
الكورد وحدهم بل يشمل المكونات الاخرى التي يسيطر كل منها على جزء من الاراضي التي
يقيمون عليها، فالكورد يسيطرون على مناطقهم، وتنظيم الدولة ينتشر في مناطق السنة،
والعلويون في جبالهم وساحلهم، والدروز في السويداء وهكذا فلماذا اثارة كل هذه الضجة
حول الكورد وحدهم، ام ان عقلك الشوفيني لا يستطيع رؤية الكورد ممن كانوا حتى الامس
القريب عبيدا وخدما وقد تَسَيَّدُوا وصار مصيرهم يتقرر بايديهم، ورغم ذلك فكل شيء
قابل للمناقشة بصورة مشروعة، لكن ليس من الصواب رفض كل شيء جملة وتفصيلا واعتبار
كوردستان سوريا عبارة عن اكذوبة كبيرة بالرغم من انها حقيقة تاريخية ويمكنك العودة
الى عشرات الكتب والدراسات التاريخية والاثرية التي تؤكد ذلك، فكون الحقيقة غامضة
وملتبسة وغير واضحة لا ينفي عنها وجودها ، بل العكس فهذه الحقيقة لها ما يؤكدها في
الواقع من تاريخ ولغة وثقافة وتشبث بالخصائص القومية، رغم كل الاجراءات ومراسيم
اقتلاع الكوردي وطمس وجوده وتذويبه من قبل حزب البعث العنصري الذي عمل على تعريب كل
شيء على الجغرافيا السورية ؟؟، من حقك انتقاد بعض الممارسات والاخطاء التي يقع فيها
بعض الكورد وان تقدم لهم النصح والمشورة، لكن اظهار العداء او الازدراء او تشويه
الحقائق التاريخية يبعدك عن صداقة الكورد ويجعل من اي نقد او ملاحظة توجهها اليهم
سواء كانت مبررة ام غير مبررة اعتداءً سوف يؤدي الى التشنج والمواجهة، ورغم نعتك
كوردستان بالاكذوبة لن الجأ الى الاستعراض التاريخي وتبيان علامات الكورد الفارقة
وكوردستانية الارض التي يسكنونها لان الواقع هو اصدق تعبير وتأكيد على الحقيقة
الكوردستانية، وما يجري حاليا من ادارة وحماية للمنطقة بيد الكورد تأكيد على قولنا
السابق ، ولا ادري سببا لرفضك وتنكرك لاستخدام هذ المصطلح وانت الفاقد لهويتك
وخصوصيتك القومية ، وقد دفعت ثمنها وعانيت ما عانيت انت وامثالك ممن حرموا من
ممارسة وجودهم وحقهم القومي، ولا ادري من اين تأتي بهذه الافكار السوداء المناهضة
للوجود الكوردي، ومن اين استقيت حكمك النهائي حول هذه الاكذوبة ، التي ستؤدي الى
تأجيج الاحقاد ، وزرع الريبة والشك في النفوس “المؤتلفة” مع العلم ان الكورد
متسامحون و منفتحون على الاخر ويشجعون الحوار، ويناصرون الاخرين ويدعمون حقوقهم؟؟،
فكيف تشكك في ارضهم ووطنهم وانتمائهم !!!، ما الضير اذا كانت كوردستان سوريا حقيقة
وليست اكذوبة كما تدعي ؟!! هل سيختل توازن العالم وتحدث كوارث ونكبات !!! ام سيخرج
القمر من مداره ويدخل الفيل في ثقب ابرة !! ام فعلا الكورد هم ابناء الجن يجب الا
يناصرهم ولا يدعمهم احد في نيل حقوقهم ؟؟!!، لقد خلقتم في اذهانكم صورة سيئة وذليلة
للكوردي واعتبرتموهم دخلاء ومهاجرين على المنطقة ومصدرا لكل الشرور والاثام !!
وعندما خرج المارد الكوردي من قمقمه واستعاد جزءا من حريته وكرامته على دروب الوطن
الكوردي ، اقمتم القيامة ولم تقعدوها ؟!وثارث رياح النخوة العربية في انوفكم
المزكومة !! التي كانت لا تحس ولا تشتم رائحةً حتى الامس القريب!!، هل يبتغي البعض
العروبي ومنهم سليمان يوسف الى “تنميط “خطاب الكوردي ومعادلته بالمواطنة ليلائم
مقاساته ورغباته !! ام يحاول تأكيد “محوريته” الثقافية واصالته القومية كبقايا شعب
سرياني يمتلك “عائدية”بلاد مابين النهرين وكوردستان سوريا ضمنها . 
 ان سليمان
يوسف ينتمي الى حضارة مهزومة من قبل الكورد ، ولذلك يشعر دائما في كتاباته بالمرارة
والمذلة واحيانا بالتنكر للذات ورفض الاخر وفي هذا الشيئ يعكس الازمة العميقة التي
يعيشها في كيانه وهويته .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…