التراجيديا السورية يتحمل مسؤوليتها الغرب بعد النظام وحلفائه

اسماعيل حمه

ان الغرب, الذي يذرف دموع التماسيح على
التغريبة السورية واهوالها, وعلى ما يسجل منها على صفحات البحار وشاحنات الموت وعلى
اسوار البلدان الاوربية, يدرك ان ما يحدث على ابوابها ما هو الا الجزء اليسير منها,
وأن قصة الطفل آلان واخيه ووالدته شيئا لا يذكر في القصة الكاملة للتراجيديا
السورية التي امتدت فصولا وفصولا, ويتحمل هو بعد النظام وحلفائه, المسؤولية
عنها.
اذ لا يمكن لعاقل ان يصدق ان هذا الغرب الذي يملك تلك الامكانات الهائلة
المتاحة له اقتصاديا وعسكريا وسياسيا ويقف عاجزا عن وضع حد لهذه التراجيديا, او
نصدق بأن الممانعة الروسية الايرانية هي التي تحول بينه وبين انهائها, وقد شهدنا
بالأمس القريب كيف مرغ هذا الغرب الوديع الانف الروسية بالتراب على الحدود
الاوكرانية ونحن على يقين بأنه يستطيع أن يمرغ الانف الايرانية متى شاء واينما شاء,
وايران هذه التي تستعرض عضلاتها هنا وهناك ا ما انفكت تتوسل الى الغرب بفك الحصار
عنها وتحريرها عزلتها. 
فالغرب (الولايات المتحدة الامريكية ودول اوربا) يتحمل المسؤولية مع النظام وحلفائه
ازاء المأساة السورية اما شراكة او تواطئا, لان كل ما يفعله حتى اللحظة هو مجرد
عملية ادارة ذكية للأزمة, ليصبح حتى الحل السياسي او التسوية السياسية مع الوقت
ضربا من الاستحالة بعدما جعل من الحل العسكري من خلال لعبة توازن القوى امرا
مستحيلا. 
فالذين يتحدثون عن تسوية سياسية للازمة السورية في الافق المنظور بعد
كل الذي جرى ويجري على الارض يكادو يتحدثون عن احلام طالما الغرب لازال يناى بنفسه,
فمن سيجعل مليشيات النظام وامراء الحرب وتجارها والتنظيمات الجهادية المتطرفة بالحل
السياسي بعد ان تغولت وباتت تسيطر على كامل المشهد السوري شراكة, وبعد ان تحولت
سوريا الى مزارع ودويلات وامارات تقاتل بعضها بعضا على النفوذ والسيطرة بينما يدفع
الشعب السوري ثمنه موتا وجوعا ولجوءا وتشردا ودمارا.
وها هي تركيا ايضا التي
يأست من فرض الحلول على طريقتها ويأست كذلك من امكانية تحرك الغرب قريبا تحاول ان
تدير لعبتها بذات الطريقة البشعة لتقول للبلدان الغربية طالما ليس هناك حل قريب
فلتتحمل ايها الغرب جزءا من فاتورة الازمة السورية وبدأت تفتح ابواب شواطئها على
مصراعيها امام افواج الفارين من الجحيم غير مبالية بما يجري مع تلك الافواج على يد
مافيات تهريب البشر التي تعمل في المدن التركية دون حسيب او رقيب, لتتخلص هي على
طريقتها من جزء من اعباء اللاجئين لديها والضغط على الدول الغربية ومساومتها بورقة
اللاجئين وتحقق بذلك هدفا اخر غاليا عليها طالما كان معظم المتهافتين الى (نعيم)
اوربا هم من الكرد السوريين فلا بأس من التخلص منهم ومن تهديدهم المزعوم لها في
شمال سوريا باقل التكاليف.
 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

مسلم شيخ حسن – كوباني يصادف الثامن من كانون الأول لحظة فارقة في التاريخ السوري الحديث. ففي مثل هذا اليوم قبل اثني عشر شهرًا انهار حكم عائلة الأسد بعد أربعة وخمسين عاماً من الدكتاتورية التي أثقلت كاهل البلاد ودفعت الشعب السوري إلى عقود من القمع والحرمان وانتهاك الحقوق الأساسية. كان سقوط النظام حدثاً انتظره السوريون لعقود إذ تحولت سوريا…

زينه عبدي ما يقارب عاماً كاملاً على سقوط النظام، لاتزال سوريا، في ظل مرحلتها الانتقالية الجديدة، تعيش واحدة من أشد المراحل السياسية تعقيداً. فالمشهد الحالي مضطرب بين مساع إعادة بناء سوريا الجديدة كدولة حقيقية من جهة والفراغ المرافق للسلطة الانتقالية من جهة أخرى، في حين، وبذات الوقت، تتصارع بعض القوى المحلية والإقليمية والدولية للمشاركة في تخطيط ورسم ملامح المرحلة المقبلة…

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…