إدريس خلو
تستعد … احذروها عندما ترعد وتزبد … وتتفوه بكلمات كالصواعق … ومثل أحاجي
السحر تسير بك الكلمات عبر مصيرك الذي تتمنى لو لم تعرفه (بهذه الكلمات وصف الشاعر ثيوكريتوس عرافة معبد دلفي التي من خلالها
كان الأغريق يعتقدون بأنهم يستطيعون معرفة مصائرهم وكانت العرافة تعتلي عرشاً فوق
شق في الأرض كانت تنبعث منه غازات تجعل العرافة شبه غائبة عن الوعي لتجيب السائل
بكلام غير مفهوم وغامض عن مستقبله فيضطر الكهنة الى تفسيره لصاحبه هكذا كانوا الإغريق
يتعرفون على مصائرهم قبل الميلاد عن طريق العرافين والدجالين وبما أن الأطراف
المتداخلة في سوريا قد أصبحت جاهزة لنوع من التسوية وفق المقررات التي خرج بها اجتماعات
فيينا الأخيرة
وبغض النظر عن النقاط
الخلافية بين الأطراف الدولية والتي سيتم حسمها لاحقاً وفق حسابات دقيقة بين القوى
صاحبة كلمة الفصل في هذا الصراع حيث من جملة الملفات التي سيتناولها المجتمع
الدولي كمرحلة أولية أتفق عليها المجتمعون, وقف أطلاق النار مدعوماً بقرار من مجلس
الأمن وبدء المفاوضات بين المعارضة والنظام وتشكيل حكومة مشتركة من مهامها القيام بوضع
دستور جديد للبلاد خلال ستة أشهر والتحضير للانتخابات ,كل ذلك يحيلنا الى التساؤل
المشروع من قبل أبناء شعبنا الكردي عن حقوقه القومية المشروعة في الدولة السورية
القادمة وكلنا على يقين بأن الأسماء التي تطرح من المعارضة لقيادة المرحلة الانتقالية
أغلبهم شيوعيون سابقون أو بعثيون سابقون
أو من الإخوان المسلمين ومعروفة مواقفهم الشخصية من القضية الكردية في سورية
وأصواتهم الرافضة لحقوق الشعب الكردي حتى أن تلك الأصوات تعلو بغلوها الرافض لحقوق
الكرد ضمن الأطر السياسية التي ينتمون أليها من هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير
الديمقراطي الى الائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة لا بل حتى الوثائق
السياسية الصادرة من تلك الاطر مشكك في صدقيتها كون الشريحة العظمى في هذه الأطر
لا تؤمن بوجود شعب كردي أصيل في سوريا يعيش على أرضه التاريخية كردستان التي ألحقت
بالدولة السورية الحديثة, أضف الى أن الوثائق السياسية الصادرة عن الإطارين جاءت للاعتراف
بحقوق الشعب الكردي على استحياء مرة و أخرى جاءت تحت ضغط القوى الدولية المتدخلة
في الملف السوري, كل ما ذكر يزيد من هواجس شعبنا عشية التسوية المرتقبة في سوريا
ويحيلنا جميعاً للتوجه الى الإطارين الكرديين -tev-dem وenkS المنضويين تحت هيئة التنسيق والائتلاف الوطني, للإجابة
على البديهيات النظرية في السياسية كون الجانب العملي قد أهمل لدى الإطارين
الكرديين بحكم المحاور المختلفة التي تقودهم ويقودهم للابتعاد عن أي شكل وحدوي
تضمن لهذا الشعب المغلوب على أمره لينال حقوقه المهضومة منذ ستة عقود في الدولة
السورية الحديثة وبنظرة سريعة الى الديبلوماسية الكردية التي نشطت في الفترة
الأخيرة فان الجانب الدعائي والنشاطاتي يغلب الجانب البراغماتي المنفعي للشعب
الكردي عشية التغيرات الكبرى التي ستعصف بالبنى الهرمية في الدولة السورية فأن
الدعوة مجدداً الى تنسيق المواقف في حده الأدنى بين المجلس الوطني الكردي وحركة
المجتمع الديمقراطي باتت ضرورة تاريخية تفرضها الظروف الاستثنائية التي نمر بها
كون الاستحقاق المرتقب لا تأتي كل مئة سنة فوحدة البندقية ووحدة السياسة هما الكفيلان
بالإجابة أيجاباً على كل تساؤلاتنا أما في حالة التفرد وتغني كل طرف بإطاره
السياسي سوف نطر جميعاً للتوجه الى كهنة السياسة الكردية لقراءة مستقبلنا على
الطريقة الإغريقية حيث العرافة في حالة أغماء تهمهم بكلام غير مفهوم عن مستقبلنا
ليتدخل كهنة المعبد الكردي وساستها للإجابة على مصائرنا حيث لن نقتنع بنبوءاتهم ولن
يفيدنا الندم جميعاً بعد أن تنتهي لعبة الكبار لنبقى كشعب محرومين مرة أخرى من
حقوقنا التي شرعها لنا العهود والمواثيق الدولية كشعب يعيش على أرض أبائه وأجداده
منذ آلاف السنين.
19-11-2015