الانكار

الدكتور عبدالرزاق التمو

 
لم يعد مقبولا التستر على حالة الانكار المتجذرة في الخطاب
السياسي  لدى بعض الاحزاب في المجلس الوطني الكوردي ، التي تقف وراء مجموع كوارث
المجلس  منذ نشأته، حيث ينكر الجميع على الجميع حقه في الوجود وفي التعبير عن نفسه،
حد تهميشه وإلغائه من الوجود نفسه، لتتوارى مفاعيل الاحتكاك والصراع في الأماكن
المعتمة، سواء تحت الأرض أو فوقها..
وتتكاثر الدسائس والمؤامرات وتطغى على
المشهد كله، وتتلون القراءات والتحليلات بألوان أصحابها مبتعدة في كل مرة أكثر عن
حقائق الأشياء ومسمياتها، مشكلة فجوات متزايدة الحجم سرعان ما تتحول إلى حفر عملاقة
كبيرة وعصية على الردم والإحاطة،
 حفر تدفن في جوفها العمل المشترك والقيم السليمة وتحل محلها نوازع الحزبية الضيقة
حجب سوداء سميكة تقضم إمكانية رؤية الأشياء على حقيقتها ومعها إمكانية التواصل
والحوار وإيجاد مخارج وحلول، فاتحة الطريق واسعا أمام تدخلات اقليمية  لم تعد غريبة
على المشهد السياسي الكوردي ، إن لم تكن قد أصبحت عنوانه العريض في متوالية لا
نهاية لها ترتقي إلى مستوى الظاهرة الموضوعية، التي يمكن أن نطلق عليها شعائر
الانكار.
نماذج حالة الإنكار في المجلس الوطني الكوردي كثيرة وتطال كل مكونات
المجتمع الكوردي  من شبابه إلى اطره السياسية، و خاصة في فصله الأخير المتعلق
بمظاهرات كركي لكي وديريك والبيان الصادر باسم الامانة العامة للمجلس . 
ولان
حال الإنكار كحال العنف الذي لا يولد إلا العنف، والتمادي فيه لن يفضي إلا إلى مزيد
من الإنكار، اننا نؤكد ان الانكار لن تجليها إلا لغة العقل والقبول بالتعايش والعمل
المشترك  بين مكونات المجلس من جهة، وبين هذه وما يجاورها من مكونات شعبية من جهة
أخرى، في متوالية إنسانية حدودها كوردستان  ومفرداتها الاعتراف بآخر الذي يرتحل على
متن المركب عينه، والتسليم بمصير مشترك لا مكان فيه للمارقين  والساديين.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…