«عامودي» شهيدة مدننا وقرانا

نارين عمر

قبل هذا الوقت بزمن كنّا نشعلُ عشرات الشّموع
على روح شهداء سينما عامودي
اليوم…الآن ومنذ خمسةِ أعوام لم تعد شموع الكون
تكفينا, لم تعد بعدد دموعنا, لم تعد بمقاس مدننا وقرانا, صارت تنافس النّجوم في
العدد والعدّة, أصبحنا ننشدُ:
فُقِدَتْ من الأسواق والمتاجر الشّموعُ
جفّت من
أنهار مآقينا الدّموعُ
 لأنّ عامودا بافي محمد لم تعد الشّهيدة الوحيدة في
دواوين مدننا وقرانا وإن كانت وستظلّ هي “سيّدة الشّهداء”, كلّ بقعةٍ من أرضنا صارت
ترثي مدينة, قرية, ناحية شهيدة.
أمهاتنا كنّ يشاركن أمهات عامودي الرّثاء على أبنائهنّ, اليوم كلّ أمّ, في كلّ
مساحةٍ من الأرض ترثي ابنها وأمّهات عامودا يشاركنها البكاء والنّحيب. كلّ أبٍ صار
يضعُ صور شهداء سينما عامودي في لوحةٍ عريضةٍ, طويلة, يعلّقها على جدار بيته وقلبه,
ولا تنسى بنات عامودا التّغزّل بشباب هذه المدن والقرى كفرسانٍ لأحلامهم التي ما
عادت أحلاماً.
كنّا نأملُ أن يكون لهيب حريق سينما هذه البلدة شعلة تقضي على
الحريق, وتبقي على إشعاعه نوراً يسير حاضرنا على هديه نحو مستقبل أفضل لنا وللوطن,
ما كنّا نعلمُ أن الحريق الذي ينتظرنا سيتجاوز كلّ الأبعاد والجهات, ولكن سنظلّ
نحلمُ بيومٍ تتحوّلُ فيه الأرض المحترقة بنار الحرائق إلى حدائقَ دائمة الاخضرارِ,
كيف لا؟ وهي التي ترتوي من مياهٍ حمراءِ نقيّة كنقاء حليب أمهات الوطن, كعذوبةِ صوت
آباء الوطن في لحظات نشوتهم؟
“عامودا.. عامودي.. عامودا بافي محمد.. سيّدة المدن
الشّهيدة”, لا يهمّ التّسميّة والمسميّات, المهمّ أنّكِ أصبحت مدرسة تعلّمين فيها
أبناء الوطن دروساً في التّضحيّة والفداء, دروساً في الحبّ والعطاء, تماماً مثل
“كوباني, سري كانيه, قامشلو, الحسكة, ديرك…” منك استخلصت “كوباني” العِبَر
والمواعظ في أن تقف على رجليها وهي مكسورة القدمين, ترى الحقّ بعينيها وهي مصعوبة
العينين, تسمع نداء الواجب وقد شقّوا شغاف غشاء الطّبل في أذنيها, وكذلك فعلت “سري
كانيه” وباقي المدن والبلدات.
عامودا كنتِ قصيدة على شفاهِ الشّعراء والمغنّين,
فأصبحت ملحمة يتغنّى بك الشّعبُ, كلّ الشّعب مع أخواتك الأخريات.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

نظام مير محمدي * حوالي ظهر يوم السبت الموافق 26 أبريل (نيسان)، وقع انفجار هائل في ميناء رجائي بمدينة بندر عباس في محافظة هرمزغان، والذي يُعد أحد أهم وأكثر المراكز التجارية حساسية في إيران، مخلفًا أبعادًا واسعة من الخسائر البشرية والمادية. وبينما لم تُنشر حتى الآن، وبعد مرور أكثر من 24 ساعة، معلومات دقيقة وموثوقة حول السبب الرئيسي للانفجار وحجم…

خالد ابراهيم منذ أربعة عشر عامًا، كان الأطفال السوريون يعيشون في مدارسهم، في بيوتهم، في أحلامهم. كان الحلم بالغد أقرب إليهم من أي شيء آخر. وكانوا يطمحون لمستقبل قد يحمل لهم الأمل في بناء وطنهم، سوريا، بكل ما تعنيه هذه الكلمة من عزةٍ وكرامة. كان العلم هو السلاح الوحيد الذي يمكن أن يغير مجرى الحياة. لكن بعد ذلك، غيّرت الحرب…

اكرم حسين لطالما كان الكرد في قلب الجغرافيا الشرق أوسطية أحد أكثر الشعوب تعرضاً للتهميش والاضطهاد القومي، بالرغم من كونهم يشكلون ثاني أكبر قومية في المنطقة بعد العرب، ويملكون تاريخاً عريقاً وثقافة غنية ومطالب سياسية مشروعة في الاعتراف بهويتهم القومية وحقوقهم في الحكم الذاتي أو المشاركة العادلة في السلطة. في تركيا وإيران وسوريا والعراق، تكررت السياسات ذاتها: إنكار…

دلدار بدرخان لم يعد اليوم بالأمر الصعب أن تكشف افتراءات وأضاليل الجهات التي تحاول تزوير التاريخ وتشويه الحقائق كما كان في السابق، فما هي إلا كبسة زر لتحصل على كامل المعلومات حول أي موضوع أو مادة ترغب بمعرفته، ولم يعد الأمر يحتاج إلى مراجع وكتب ضخمة غالبيتها مشبوهة ومغلوطة، بل يكفي الاتصال بالإنترنت، ووجود هاتف بسيط في متناول اليد، وبرنامج…